النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قراءة عابرة في سطور خالدة..

  1. #1 قراءة عابرة في سطور خالدة.. 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    93
    معدل تقييم المستوى
    17
    قراءة عابرة في سطور خالدة...
    لديوان الشاعر عبدالله التويس

    بوح من ندى الحروف

    الآن يطالعنا ديوان بوح من ندى الحروف كأولى باكورة أعمال الشاعر التويس عبد الله بكل ما جد من صنوف الانزياح الصارخ تعبيرا و توظيفا للبنى المقعدة المؤصلة للدلالات الصاعقة دهشتها.. الشاهقة ابراجها .. المتعرشة منازلها بفيض الحكمة الشعرية التي تتغيى الجمال موئلا ..وهو الديوان الذي منحه الشاعر من الجهد و العناء ما توليه الأم لابنها من كريم الرعاية هذا حتى يعرف النور أملا في تحرير صرخته المحبلة بمكارم الإنسان و الدين و طهر الوشيجة ..انه حقا الصوت الجهوري المهموس الذي يجسر بنا الرحلة الاستطلاعية إلى أعماق النفس عبر مكوك اليراع و الحبر لإدراك ما تختزن عليه من تجارب عميقة تختزل في قوتها و لطفها: تجربة الحياة ...تجربة الاستاذ عبد الله التويس مشكاة من ابهم عليه الليل سيرا في مفازات اللامعنى..


    و يأتي الديوان مفعما بالحياة التي تمنحنا من خلال الحس المشترك مرآة مجلوه تعكس صدق الانطباعات التي تسم الإنسان باللذة و الألم.. بالرغبة و الحرمان.. بالسفر بحثا عن الأنا في جحيم الآخر في تلاوين النفس و مظاهر السلوك العام المفطوم على الاعتراك تمجيدا لأخلاق هي في منأى عما يعتقده الشاعر من ضوابط تمنحه قيم الاعتصام بما جبل عليه و فطر

    كما يمثل الديوان قراءة مختصرة لاقنوم الحب المتطيف بألوان ممزوجة بالدين و الفلسفة و تعالقات التأويل لا سيما لأبعاد اللغة الفقهية الراجحة سلطة و المتمنعة بتوصيفاتها الدلالية مما يجعله راويا بسرديات شعرية دالة وزنا الشفافة عظة الرنانة جرسا...و هو بذلك ينتصب راقيا ملتزاما بفعل تحليل المحتوى و بذاخة الشكل الملتهبة انساقه حبكة و استرسالا و المقنن أساسا على توابث الإيقاعين الداخلي و الخارجي المتناغمين صيرورة

    فبوح من ندى الحروف/ عنوان الديوان الذي وقع عليه اختياره الراجح دقة إذ يلخص صوتياته و صوامته المتحركة صورا و أفكارا تتناسل من تداعيات الحرف المحفز على الخلق و الإيحاء بعثا للمخزون و إشارة للمعلوم ... و قد أتى على الاختصار جملة اسمية تنتهي بشبه الجملة إفادة للخبر وهي تعني فيما تعنيه : الثبات و الاستمرار ...لأمانته و صدق إحساسه بما قام لأجله كالدفاع عن قيم يريد بعثها فينقا من رمادها و من ثمة أتى البوح ملازما للشجو للأنين المعتصر عمقه ينحث بازميل الشعر بلاغة الفهم لاواليات البحث المستمر عن فتنة الإنسان الضليل غوره... عن سواد الحلم الذي يمتص ألوانه إلا بما اغتسل من ندى الصباح الزمن الآتي الموائم للطهر و التطهير انه ماء الحياة اذ تعتصر من مزنة العقل تباشير الحرف المقدس الذي مجد سطوة الإنسان في الكرامة و الإباء الحب و الاعتراف و نبل الوفاء .... انه نفسه الحرف الناقد لكل المستحدثات التي انبثقت على غير فطرة الله في الأرض لتتمم رسالة التحسيس بجماليات الحكمة الصادقة أثرا ...
    ديوان شعري لا ينشد إلا ترتيلا بالمقدس الذي يغني للإنسان معنى السلم معنى حب الحياة بقبول الأنا الجريحة و تضميدها و تنشئتها على قداسة أخلاق الحرف الذي يوجب بالتأكيد حب الآخر...

    الآخر المنفلت من سياقات التربية الروحية التي تؤصل فيه مبدأ الدين و الأخلاق و الاعتصام بحبل المشترك إشفاقا على المصير المشترك ..فياله من بوح بشهقة الجرح.. بهزيمة الضوء .. برسم الحروف اجنة تدل على الحياة ... بل اطياف تتحرك كخلفية لجداريات مغلقة على اشكالها و التي تمنح الفضاء الشعري مناعة لمستوياتها البعيدة و شغفا للإلمام بدلالات القريبة منها ...انها لوحات تصوف شعري بويهيمي يغني للانا التي تتشظى ذوات من طينة اسمها الإنسان..
    هكذا اذا ورد ديوان بوح من ندى الحروف كاختصار فلسفي للحلول المفترض بين الشاعر و المخاطب بين الأنا و ضمير الغائب بين الاعتزاز بالجذور و ونخوة الماضي الاسنع الذي وقع المجد آذانا صمت اجراس الصلبان.....

    كما يعكس الديوان في جزء عريض فيه عن معنى العروبة التي أهدر دمها بفعل الخيانة.. الخيانة للدين و ما يحث عليه من فضائل الاعتصام و الارتباط و الالتحام .... و لأنه على ثقافة واسعة بعلوم الدين فقد ورد مفعما بصور تناصية مقتبسة من القرآن الكريم يؤازرها المعجم اللغوي الحابل بالمصطلحات الدينية التي تمنح للصورة الموظفة قيمتها على استدراج ما وراء المعنى من دلالات مزلزلة للفهم و بناءة للوعي و من ثمة يمنح المتلقي قوة اخذ الفكرة الشعرية لإعادة صياغتها فلسفة تشاكس من جديد تأويلاته النقدية و الجمالية في المعالجة و التقويم تيسيرا للتوظيف الرمزي لا سيما لشخصيات علمية فلسفية دينية صوفية و هلمجرا..

    و اعترافا بجميل أمه عليه فقد منحها قصيدتين وهاجتين بالحب و الامتنان إذ هي من علمته الحياة بفقه البساطة .. علمته تركيب الجمل انتماء لأهل الضاد... علمته كيف يفهم الزمن من خلال ما اكتسبه من شطحات القلم البلاغية الصادمة لينا و عنفا ..و من ثمة نجد أن الشاعر لم ينفك من حبل سرته بالبثة لان أمه فعلا هي مشيمته في الحياة :جنينا .. رضيعا و شاعرا بارعا في صنع الصور التي بها قد يتحقق الوفاء للدين و اللغة و العروبة و الإنسانية جمعاء

    فلا جنين من رحم التعقيدات إلا صفاء حروف الشعر التي تعكس على المرآة نبض القصيدة الكونية التي تبدأ مع الشاعر رحلته الى النفس المكلومة لتتركه وحيدا في هيكل الابداع المتجدد ينحث من الغياب ثيماته الاشراقية على لحن التصوف و الفلسفة و ايقاع الجرس الشعري ..بينما تتعرج الى حيث احتضان الآخر أينما تخندق شاعرا قارئا مستمعا او متعاطفا .. و مهما تنوعت به قيمه في الانتماء الطبقي لان القصيدة بالق الحروف المعمدة بالندى إنما هي صرخة محررة للحضور

    ولانه مؤمن بمنظار الشعر المنفرجة زواياه تراه من خلال حبل البصر يتوخى بعد كل غروب شروقا كلعبة لحتمية التعاقب / لعبة الطبيعة في التحول و التغيير و طرح البديل/ البديل الذي يمنح للإنسان كرامته حبا في الحياة .....فحياة الجهل بقيم الإنسانية ستغرب لتولد مع الفجر حروف الحياة التي تغتسل بندى الحروف تطهيرا للذة العيش فكرا و روحا صادقة الاعتقاد


    و لأنه الشاعر الذي يجسد إحساس الآخر فانه تفنن في رسم لوحات الاغتراب عن الذات /الاغتراب الذي يمنحه فراسة البحث عن أسئلة وجودية لطالما نجدها مكررة ممن هم مؤمنون بتميزهم و بنبرهم الفلسفي الضاغط على حرفي حب الإنسان المتجسد بقانون القلب لعنة تطاردهم متى تقربوا الى مكامن قهرهم باعا او ذراعا و من ثمة لا يقابل حبهم إلا الرفض و الاكتئاب و ذلك لعمري من شيم العظماء الذين يدفعون لأجل رسالة التنوير ضريبة الانغلاق اللهم الشعر الذي تظل دوما بوابته المشرعة على عوالم الفضيلة و الحكمة البليغة التي تتجوهر على التغذية الراجعة لكل المقاصد التربوية التي من شأنها كان الشاعربحكم الصدح و النبر و التقطيع مقاوما كفءا لهذا الانغلاق ...لذا فالديون طبعا قد أتى ليكرس منظومة الانفتاح على الآخر حبا و قبولا رغم الحصار


    و بمثل وفائه لامه كان وفاؤه للغة الضاد التي هي الوصل و الفصل لاساسيات الحياة العامة التي تمنهج بارادة الاقوى و من ثم كان شعره صوت البلاغة التي لا تفصح إلا بقيم الهوية الكاشفة لمسارات الانتماء التاريخية و الدفاع عن توا بثها الكونية ...
    و مجمل القول ان الديوان انما هو لغة مشبعة بما يجعلها قادرة على احتواء كافة الظواهر الاجتماعية الشائكة تربويا لما لها في نفسه من وقع اخاذ و كأي عربي بار تراه باسلوب الشعر يخدم الوحدة و العروبة و صدق العودة الى نهج السلف الصالح ..

    و لأنه الأب الرؤوم فقد خصص قصيدة لابنته فيروز هي القصيدة التي جعلت من هذا الاسم ملتقى لكل الثقافات الحضارية التي يحملها عربيا أصيلا يرتكح التاريخ و الشعر و اصالة الوصف ... و من ثمة كان لفيروز ما يجب عليه ان تتربى لحفظ الرسالة ذودا عن استحقاقات الأجداد في في المدنية و الحضارة و الالتزام بما يجعل مثل هذه المكتسبات محط رعاية و اهتمام ....إنها الحجج الدامغة لأصالة العروبة و التي تجري دماؤها في عروقها مجرى المعنى في قداسة اللفظ المسؤول غاية


    والديوان في مطلق قصائده حجاجي منتفح بلغة صوفية تؤازرها الصور الدينية التي تزكي طرحه الفكري المعتدل بنقاء الفطرة السليمة و التي فسرت بمنهج التقويم الديني ضبطا لجنوح الإنسان عن جادة الحق تفسيرات لها ارتباطات بثقافة الاصيل و النبيل و المقدس و من ثمة كان للشاعر أن ينتصب واعظا ممتلئ الوفاض بما شاء من سلطان المعرفة الدينية التي تمنحه بلاغة الحجة و متانة الاستدلال


    و هو الوطني الغيور الجسور الذي يؤمن بثقافة الانتماء و الاختلاف.. إذ يتبدى ذلك فيما يبوثقه الديوان من معاني الوحدة الاجتماعية التي هي عصب السؤدد لوطن لطالما هدد الغرب في أمنه و استقراره محتجا بمواقع تاريخية كالزلاقة ..الارك..واد لكة...

    فالروح الشاعرة هي مؤمنة بتسامياتها التي عند المنتهى هناك خلف تخوم لذة الاستكناه .. تدبج خاتمة الطهارة لحروف أصبحت أكثر نضارة و جمالا .. هيبة ووقارا مادامت قد تشكلت واقعا متنوعا كفسيفساء تنطع فيها الشعر حبا للإنسان المغتصب كرامته في الحضارة و التاريخ و تشاركية صناعة ما يجود منظومة التعايش و التسامح في ارض بين امة كان لها امر القيادة و التدبير تقيدا برسالة التبليغ و الدعوة الى الفضيلة ...لهذا كان التطهير المقدس بندى الحروف يجسر لفلسفة المصالحة بين الاصالة و المعاصرة .. بين خطاب الشعر النهضوي و فجوة الحداثة التي لا تعترف إلا بالمشاعية الآلية التي صنمت الإنسان و كلست فيه مشاعر الإخاء و الانتماء


    فلا غرو إن وجدنا الشاعر يجعل من أناه المسيح المصلوب تكفيرا عن أخطاء الملأ كما يدعى و من ثمة يستحضر المتلقي بعنف التساؤل و حس الاستكشاف افتراض تعويض الأنا الشاعرة بأناه المؤولة لتباريح الكلام عندئذ يصادر المعنى في شرنقته حورية لا يكتمل نماؤها إلا بعد أن تصير فراشة تحلق به في عوالم غير ما كان يتحسسها كقضايا الذات و الصفات و الأفعال و إنما هي أسئلة مرتبكة الوضع لاختلال سياقات المعنى الذي يظل متمنعا على الاحتواء و الاختراق ... مما يجعل بقوة القراءة التحليلية القصائد تستشكل عمن لم يتسلح بثقافة موسوعية تعينه على ترميم جداريات المعنى المهشمة بفعل التفكيك نشدانا عبر الأيقونة و الإشارة و الرمز الى تمثل دلالات يقينية قاطعة التبوث حبا و فعلا لمعنى الشعر حينما يعمدن بالحروف جراح الأنا المتعالية المتعالقة و متاهات الآخر المسافر في نشاز اخرق عصي على الاستيعاب و التمثل...
    كلمة الختام / الديوان أتي رسالة الأنا الشاعرة إلى الأنا الشاغرة من كل حس بقيم الانسنة ..

    محمد القصبي
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 26/05/2014 الساعة 10:50 AM سبب آخر: حجم الخط
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    كاتب مسجل الصورة الرمزية ليل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    34
    معدل تقييم المستوى
    0
    من هو الشاعر عبد الله التويس ؟

    لم أسمع به من قبل
    شهر رمضان شهر البركة
    كل عام وأنتم بخير
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. صلاح الدين الأيوبي محرر القدس في سطور
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25/05/2011, 10:48 PM
  2. ( سطور من كتاب الأمس ) للدكتور محمد غنيم
    بواسطة عبد المنعم جبر عيسي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02/05/2009, 08:42 PM
  3. حكمة في سطور لاتوفي
    بواسطة عمار صالح الحسين في المنتدى حوارات
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 06/01/2008, 12:07 PM
  4. عابرة سبيــل ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 21/09/2007, 02:52 PM
  5. سطور من دفتر معلم عتيق..........
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11/06/2006, 11:09 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •