* المقامة الأعرابيّــــــــــــــــــة.
بقلم : البشير بوكثير / الجزائر

إلى كلّ الأعراب الأشرار، أهدي هذه المقامة وصمة عار وشنار ، تطاردهم ليل نهار .

حدّثنا مجنون الدّشرة قال:
زرتُ ممالك البهتان ، وإمارات العُربان العريان، فوقفتُ مشدوها حيران، ممّا رأيتُ و سمعتُ من أنباء لاتسرّ حتى الشّيطان .
إماراتُ النّفط والغاز ، حوّلها الأعرابُ مواخيرَ عهرٍ وهمبورغر وجاز، واسطبلات لتحريك الأرداف وكلّ بطنٍ هزّاز. وممالك حرّمها الإمام مالك، صيّرها العضاريط الرعاديدُ سجونا ومهالك، لكلّ حرٍّ شريفٍ داستهُ بِغالُهم تحت السّنابك.
شرَفُهم الدّولار والسّبائك، ورسالتُهم في الحياة مضاجعةُ الحِسان على الطنافس وفوق الأرائك .
شيوخٌ عُرفوا بالجمود والجحود، فهم عتاةٌ عُصاةٌ قُساةٌ مثل الجلمود، سقط ماء الحياء ومروءةُ نشامى الجدود،من الوجوه والخدود، وضيّعوا معهما مكارم الجُود ، إلاّ مع اليهود. لبسوا عباءة الزّهد-ظاهرا- وشماغ القعود ، وكفروا بأنعم الله -باطنا- مثل عادٍ وثمود،وأخذتهم العزّة بالإثم فظنّوا قصف الرّعود تتْرى معسول وُعود، وحسبوا نحسَ شررهم سُعود، فركنوا إلى الدّنيا وجعلوها دار خلود، ولكن هيهات فقد لاح لهم من غيّهم عمود، وغلى المرجلُ والسّفود ،فبئس الرّفد المرفود.
هم الأعراب... يسيلُ للواحد منهم لُعاب ، للكواعب الأتراب ، يبيعون من أجل مفاعلهم "المنوي" ناطحات السحاب، بل يبيعون الأرض والعرض والتّراب، وينبطحون جهارا نهارا للأغراب ، بينما يسومون الرّعيّة سوء العذاب، ولايهمّهم بعدها خراب البصرة أو هتك كلّ حجاب .
يمّمتُ شطرَ الحجاز ، مهد الرّسالة والإعجاز ، فلم تقع عيني إلاّ على أعجاز ، ولُكنةٍ في اللّسان أعيتْ "الكسائيّ" و"الأخفش" و" البزّاز". هنالك أبصرتُ رهطا تنكّروا لإخوةٍ لهم بالأهواز ، منعوا عنهم الرّفد وزكاة الرّكاز، فكانوا شرّ قومٍ حقيقةً لا مجاز.
أمّا عن القواعد، (العسكرية) فقد شرعها القواعد ( من النساء) ، وتركوا الشّواهد عليها مثل الجواهر والقلائد، يُعضّدون بها - زورا- البنيان، ويُوطّدون الأركان، في "العديد" و "السّيلية" و"الظهران"، حتّى يستقرّ الملك العضوض لسموّ السّلطان .
بعدها عرّجتُ على قَطر ، مَن عقّها- في عُرفهم- فقد كفر، بل هو الكذّاب الأشِر ، تملّكها نفر مثل الغجر ، رفعوا للبعير العقال ، فجعلوه لرؤوسهم عقال ، فتمكّن منهم الجنون والخَبال .
وياويحهم جعلوا من "الخنزيرة" منبرا عبدا لسفك الدّماء الغزيرة، وكفروا بحسن الجوار والجيرة، ونشروا كلّ جريرة .
وإنْ جُبتَ الأمصار ، وساقتك الأقدار، فضع عصا التّرحال في الحال ، في مرابع "دُبَيّ" عاصمة الشَّعْر -لا الشِّعر - والقمار، لقد شُغلوا بالغيد الغواني، وكرّموا بائعات الهوى وكلّ زاني، وأهانوا كلّ شريف جٌرهميّ قحطاني ، يلمع مثل صمصام يماني . لقد سكنوا القصور ، وتطاولوا في البناء والدّور، وقنّنوا في "بُرجهم" المشهور ، للعهر والفجور ، ورقصوا في حبور، ونسوا بأنّ الدّنيا تدور .
فكم من غنيّ مسرف قبلهم بنى وشاد، وار تقى وساد، ثمّ هوى وماد، وانحرف وحاد !
فهم أتباع ثمود وعاد ، إرم ذات العماد، ممّن طغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد ...إنّ ربّك لهم بالمرصاد.
هم الأعراب البهائم ، هم مَن رقصوا على الجماجم ، ورهنوا النّفط والمناجم، وحالفوا الصّهاينة والأعاجم، كي يدخلوا التاريخ والمعاجم، وتُخصّص لهم سِيَرُ وتراجم .
هؤلاء يا ولدي من دكّوا العروش، لتبقى لهم وحدهم الممالك والعروش ، وزيّنوا للدّهماء النّقوش- حريّة -ديمقراطية- وبعض القروش- ، سوّقوها لهم في التوابيت والنعوش ، وما تحرّكتْ لهؤلاء الأجلاف رموش .
هم ياولدي من خرّبوا بغداد الرّشيد، ووأدوا كلّ فكر سديد، ولم يكن فيهم رجل رشيد.
هم من باعوا ليبيا الأمجاد ، للناتو والأوغاد ، وعاثوا في الشام فساد ، فقتلوا الطفل والشيخ والعالِم والزُّهّاد .
هم مَن قسّموا السّودان ، وقلبوا ظهر المجنّ للبنان ، وعينهم اليوم على الجزائر ووهران ، فهل بقي لهؤلاء أمان ؟
هم ياولدي من شوّهوا صورة الإسلام، ونشروا الفكر الهدّام، ونثروا الحِمام ونحروا حمامة السلام .
هم ياولدي من يوزّعون صكوك الغفران، ويُدخلون من شاؤوا جنّة الرّضوان، ولكلّ مخالفٍ لمذهبهم الجحيم والنيران .
وبعد أن زالت عن مجنون الدّشرة نوبات الصّرع والجنون، بسملَ وحوْقلَ من كلّ حديث ذي شجون وسجون ، وسأل الله تعالى أجرا غير ممنون .