لا تلمنني- أنا الحسناء -



على هجر الرجال!!





قصة منقولة عدّلها: فيصل الملّوحيّ







ويجد المعلّمون لأنفسهم فسحة ليتسامروا، ويشكوا همومهم في الحياة، ويتعمّقوا دواخـــل نفوسهم.



والتفّت اليوم حلقة المعلّمات حول زميلتهم المهذّبة جميلـــــــــة الجميلة العزباء التي ليس لم يسبق أن كان لها بعل يؤنسها في الحياة، ولم يلحظ عليها رغبة في الاقتران بابن الحلال.

وعزمن حينها ألا يتركنها حتى يعرفن السرّ، ويكشفن المستور.



قالت السيّدة الأولى _ أو قل المعلّمة الأولى كبيرة المعلّمات - :



اليوم قررنا أن نتفرّغ لك، وتبوحي بدواخل صدرك، وتنفّسي عن الهموم التي ترهق روحك.



يا من تتمتّعت بهذا الجمال، ونُشّئت على هذه التربية والتهذيب،ألم يتقدّم لخطبتك كبــــــار أو صغار، وأغنياء أو فقراء؟



أشاحت جميلة الجميلة بوجهها، ثمّ بعدلأي قالت قبل أن تعرفن الدواعيَ، وتتصيّدن الأخطاء، أرجوكنّ أن تسمعن حكاية حملتها الأيام في رحمها لتلد لكُنّ عبرة الدهر وحكمة الزمان.



تشوّقت الأوانس والسيّدات لسماع قصّة الأيّام الخوالي، وقلن لها سنسمع القصّة، وأمــــــرنا لله، على أن تعقّبيها بقصّة عزوفك عن الزوج والحبيب!!



فقالت: كان يا ما كان في قديم الزمان امرأة رزقها الله بالبنات خمسا،



فهددها زوجها إن ولدت بنتا فسيتخلص منها.



وفعلا ولدت بنتاً أبدع الله خلقها،



فقام الرجل ووضع البنت عند باب المسجد بعد صلاة العشاء،



وعند صلاة الفجر وجدها في مكانها لم تُحرّك، فأحضرها إلى المنزل،



كان هذا ديدنه كلّ يوم: يضعها عند باب المسجد وبعد الفجر يجدها !



سبعة أيام مضت على هذه الحال، وكانت والدتها تقرأ لها القرآن الكريم..



المهم ملّ الرجل فأحضرها، و ما كان أشدّ فرحة الأم بها.



كانت إرادة الله أن تحمل الأم مرة أخرى، وعاد الخوف يظلل على البيت بشبحه.



لكنّ المفاجأة أن الله رزقها هذه المرة بولد ذكر أسعد به أباه وأمّه،



ولكن البنت الكبرى ماتت ، فأحسّ الأب بالراحة،



و تتابع الخير للرجل فكان ولد ثانٍ، ومات البنت التالية في العمر ثمّ تكررت الولادة إلى أن صاروا خمسة،



كانت الحكمة والمشيئة – ولا رادّ لمشيئته تعالى – أن يولد الذكر، فيقبض الله إليه روح بنت. تقابله في الترتيب، حتى تمام الخامسة، وأبقى الله لها السادسة التي كانت أصغرهنّ، وعبرة لمن يريد الاعتبار.





تتابع الأيّام، فقبض الله إليه روح الأمّ،



وتتابعت الأعمار في نموّ لا يتوقّف،



الأولاد يكبرون، وتنمو أجسامهم وتتزايد طلباتهم، والبنت الوحيدة تكبر ويزداد حُسنها على حسن، وتقلّ طلباتها من أبيها،



والأب يشيخ، يضعف جسمه، وتصيبه الأمراض، لا تساعده قدماه على السير، ولا يداه على خدمة نفسه.



ومضت سنّة الله – جلّ جلاله، ويتزوّج الأولاد واحداً وراء واحد.



ويبتعدون عن الأب شيئاً فشيئا،



إلى أن تركوا الأب وحيدا إلا من تلك البنت التي كتب الله لها الحياة إلى السنّ التي ترى فيها أباها عاجزاً يبحث عمّن يأخذ بيده، ويسعفه في حاجاته المتزايدة.



وكان القدر بالمرصاد، و الحنان ممن كانت مهدّدة بالحرمان من رعاية الأب الخائف من عار البنات.



لم يجد الأب غير ابنة قسا عليها في الشباب والعنفوان تسعفــــــــه أيّام ارتدّ إلى أرذل العمر، وصار بحاجة إلى من يحنّ عليه.



قالت المعلمة:



فأيّان لهذه البائسة أن تنعم بالزوج والولد، وأمامها والدها يستغيث يطلب العون والنجدة؟!







أتعرفون البنت التي أراد والدها التخلّص منها، وبقيت لخدمة أب كان منكراً لها ؟



إنّها أمامكم تلُمْنها على التعفّف والابتعاد عن الرجال!!





شيء واحد يعزّيني، ويملؤني فرحة أن أبي أحسّ بخطيئته، بل ربّما بجريمته التي كاد أن يرتكبها بحقّ نفسه وحقّ روح خلقها الله.





أبي دائم البكاء ندماً على ما قدّمت يداه!!



يدعو الله له بالمغفرة،



ولي بالسعادة في الدارين.