تنصيب
جمع أوراقه ومستنداته.شحذ قلمه ثم هم بكتابة مقال ناري مزلزل.تبدت له خطوط حمراء تلوح في الأفق وتهاطلت عليه رسائل ومكالمات.مرعليها كمن به عمى وبأذنيه صمم.غير مبال مضى قدما وأقسم ألا يجبن ويستسلم مهما كانت النتائج والعواقب. مسلحا بالحجج الدامغة والبراهين القاطعة,وجد نفسه في اخر المطاف وحده يحارب طواحين الهواء على جناح من جناحي الوهم,وعلى الآخر طواحين الهواء تصارعه وتصرعه.أخرس وما هو بأخرس ..! انقطع عن الكلام ولم يكف.عوقب بجريرة لسانه فعاقبه بالصمت ..! فقررالانزواء في بيته.بعيدا عن عالمه وأحبائه. أحس بالصياع والضجر,حاول أن يتأقلم مع هذا الوضع الطارئ,فوهب وقته كله للقراءة والمعرفة,احيى كتبا ورسالات عتيقة بعدما أزال عنها الغبار وانتزعها من رفوف النسيان.
بعد طول انزواء.اشتاق فجأة للكتابة ثانية.استدعى كل حروف الهجاء.جاءت مجتمعة,المبطوحة منها والمعقوفة.تم اللقاء بمن حضر.حرك الخلطة على هواه.وجلس بباحتها يعزف سمفونية الشموخ والتحدي,تطايرت الحروف رقصا,تشكلت جملا بألوان الطيف.لم يكد ينتهي من المقطع الأول حتى اعتلى سطحها على إيقاع نوتة منخفضة.ما إن فرغ من اللحن كاملا ,أطرق رأسه وتكوم على نفسه.غاب الألف فلم تستقم له كتابة ولم يسمع لقلمه صريرا.فكر مليا في الأمرفيما مضي وفيما هو أت,وحتى لا يفسد على عقله جنان الجمال وسحر الشعر والشاعرية.نفث دخان غليونه,أزاح التي عدلت مزاجه جانبا,وأطلق العنان لبنات أفكاره.هرطق وسفسط,خال وأبدع.ومن يومها شرع يحكي حكاياته الصغيرة والكبيرة بواقعية وأكثر دفءا وحميمية.استطاع من خلالها أن يبني عالما خاصا به وبزواره.عالم افتراضي أثر فيه بقدر ما تاثر به وزيادة. انتشرمداده ورائحة العشق والجمال تتضوع منه.أصبح كاتبا معروفا وغدا نجما لامعا في سماء الأدب.
صارت تتقاطر عليه رسائل الإعجاب بعدد نصوصه المتناسلة.في الغد لما استفاق من غمرة نشوته,لم يصدق نفسه,وما حصل معه. في لحظة انتشاء,عدل ربطة العنق وحضر نفسه للتنصيب تحت وابل من التصفيق والتهليل.والكتاب ما زال قيد الطبع.