هل نصل رحم أمنا أم المؤمنين خديجة
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها كانت في الصعاب جبلاً لا يتزحح ، وشلالاً من إيمان خالص يغشى فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، يترحم ويعطف عليه، كانت سراً كشفه الله لنا فخلدها، و زوجها من خير البرية ,كانت صادقة الوعد ناصرة لدعوة زوجها، وعلى هذا السر تبنى الأسر الناجحة، ولا تبنى على المصالح المادية والبحث عن الغنى أو الجمال أو الجاه، لقد كانت جميلة وغنية وذات جاه، لكن النجاح الأسري كان هدفها، فكانت ناجحة، والحب والمودة والطمأنينة كان ديدنها فكانت حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سعت بكل قوتها لإنجاح هدف زوجها فنجحت الأسرة وبنجاح الأسرة نجح المجتمع بأسره.
حين ارتجف النبي من شدة ثقل الدعوة إذ نزل بها جبريل وما أدراك ما جبريل عليه السلام، فضم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثاً حتى أجهده، أي أن هذه الدعوة ستكون مجهدة ، فكانت له السند فثبتته ونصحته وأخذت ما أخافه فنزعته ورمته عن قلب حبيبها محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا تكون الزوجات الصالحات، وإن الزوجة الصالحة في الشدائد أقوى عزيمة من قبيلة من الرجال، فهي تشد الأزر وتنصح القلب، ولا تخشى ولا تخاف وهكذا كانت أمهات المؤمنين قدوة لكل مسلمة مؤمنة بالله عز وجل مدركة مكانتها ودورها وتأثيرها العميق في قلوب الرجال شقائق النساء.
ولقد ورد عن أمنا عائشة رضى الله عنها أنه بعد أن نزل عليه الوحي بغار حراء رجع إلى خديجة رضي الله عنها يرجف فؤاده ، فقال : زملوني زملوني حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة بعد أن أخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي . قالت خديجة ( كلا والله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ).


لا يكشف الرجل ضعفه إلا لزوجة صالحة، تؤمن به وتتعاطف معه ، فأين النساء اليوم من خديجة، أين الأمهات من هذه الأم القدوة، أم شغلت النساء بالصغائر فصغرت ، يُكبر المجتمع الغربي ومن تبعه من قيمة عمل المرأة وللأسف فهو حولها لسلعة رخيصة وأداة للبيع والشراء، لقد أعلى من شأنها لإعلاء شأن غريزته، فتحولت لسلعة رخيصة في سوق العبيد، المرأة اليوم متعبة ضائعة وسر تعبها أنها لا تعرف مكانتها ولا تعرف قيمتها الحقيقة في إنجاح هذا المجتمع، فالأسرة هي معملها ومصنعها التي تصنع فيه الرجال، وحين فشلت مصانع الرجال فشل المجتمع، وحين أهملت المديرة الناجحة مصنعها فشل وفشلت، الأسرة الناجحة تبدأ من فكرة من هدف فهي تعبر جبال الشدائد وتخوض في وعر المتاعب حتى النجاح، وبذلك تصبح المرأة سراً كالربيع ، تصبح في منزلها كخديجة بنت خويلد الزوجة المخلصة المتحدية للصعاب ، رحمك الله يا أمنا خديجة وجزاك الله عنا كل خير فقد أعنت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكنت له الناصح الأمين والسند العظيم فهنيئاً لك بهذه المكانة فإن الجنان لتشتاق لك وإننا لنشتاق أن نقبل قدميك .
والحمد لله رب العالمين