تفسير أدراك وبعدها وما أدراك للشيخ الشعراوي
محمد متولي الشعراوي

مجددٌ على رأس مئة سنة

يقول في تفسير وما أدراك ما يلي:

ما أدراك يدل على أن هذه الأشياء لها مفهوم في اللغة فإياك أن تفهم هنا في القرآن كما يفهم مدلولها في اللغة, ولكن ليس هناك لفظ لكي يؤدي معناها , لأنها أمور غيبية , ولا مندوحة أن يخاطب الله بلغتنا, وحين يخاطبنا بلغتنا يقول اعزل المدلول اللغوي لأن فيه مدلول غيبي اصطلاحي ثان يجب أن تعرفه.

هنا في مسألة أدراك ويدريك, كنا زمان تعرضنا للزمن وللمكان بالنسبة للإنسان...قلنا أن الحياة تفاعل بين الإنسان وبين الزمان وبين المكان.





قلنا أن الزمن يحجب الإنسان عن الماضي ويحجبه عن المستقبل.

والمكان هو الذي يحجب الإنسان عن الحاضر.

يعني مثلا الآن في مكة أو مكان ما في جدة تحدث أحداث , , ما الذي جعلنا لا نعرفها وهي تحدث الآن في هذا الزمن؟ حاجز المكان...وما الذي جعلني أخمن ما حدث في هذا المكان الذي نجلس فيه من سنة أو من سنتين أو من عشر سنوات ؟ حاجز الزمان





إذن فحاجز الزمان يحجز عني الماضي والمستقبل , وحاجز المكان هو الذي يحجز عني الحاضر...



هذه الحواجز بالنسبة لعلم من؟ لعلم الإنسان المحدود الذي تقوم الحواجز بينه وبين ما يريد ان يعلمه... لكن بالنسبة للحق , الزمان والمكان من خلقه , وعلمه صفة أزلية قديمة له.





إذن هي موجودة قبل أن يوجد الزمان , وقبل أن يوجد المكان فعلمه ذاتي, وما دام علمه ذاتي , والزمان والمكان من خلقه , فلا يمكن أن يتأثر الذات السابق للزمان والمكان , باللاحق وهو الزمان والمكان... يبقى حين يقول الحق سبحانه وتعالى : " وما أدراك" أي ان حاجز الزمن يحول, حاجز الزمن المستقبل لأنها أمور ستنشأ في المستقبل وليس عند الإنسان أشياء تجعله يخطئ للمستقبل .

لكن الذي عنده المستقبل والحاضر مثل بعضهما , يبقى يدريك أو لا يدريك ؟...



إذن قول الله :"وما أدراك" يبقى لا احد يدريك عن هذه أبدا, ولا يدريك إلا من لا يحجبه الزمان عن المدرى. ومن الذي لا يحجبه الزمان عن المدرى؟ الحق سبحانه وتعالى.



إذن هذا حواب لا يمكن إلا أن يوجد عن الحق سبحانه وتعالى , لأنه ما دام غيبا يبقى محجوز بحاجز الزمن المستقبل.





ص 166 ج 1 المكتبة الشرقية

تفسير القران الكريم

للشيخ متولي الشعراوي رحمة الله عليه