"الحولي ينط والثليثي ينط" في الإنتخابات!
خاطره كتبها أثناء الحلم/د.ماجد خالد توهان الزبيدي
بعد عشاء متأخر ودسم –كعادة العربان والفلاحين- دخلتُ إلى فراشي دون قدرة على النوم على الرغم من ثلاث ليالي مُجهدة قضيتها في عزاء في منطقة الغور! فما رأيت نفسي إلأ ذاهبة في حلم طويل! أسأل حالي:ماهو الأمر الذي يجعل من رجال لم يكملوا الصف الرابع الإبتدائي(الشعبة واو!)،ولم يتحصل معظمهم إلأ على رتبة شاويش أو عريف أو في مستواهما علما وتعليما! ويقررون الإستلاف من البنوك أو من الناس بهدف خوض إنتخابات برلمانية أو بلدية ،يعلمون كلهم قبل غيرهم أنها "مُسيرة "عن بعد وعن قرب معا؟(إفتح هنا ألف علامة إستفهام وتعجب ثم "سكر" القوس)!!!! وتراني في الحلم ايضا أسأل نفسي:ماهو دافع موظف إداري لم يقرأ يوما كتابا أو حتى كُتيبا(مايقل عدد صفحاته عن 52 صفحة) في الأمور السياسية أو القانونية ولم تحثه نفسه الإنتساب لحزب أو حركة أو تنظيم سياسي أو حتى من خلال المناصرة؟! ولم يعرف تاريخه مروره قرب مظاهرة أو مسيرة أو تجمع شعبي أو إعتصام أو إضراب لابناء شعبه، لاقبل "الربيع العربي" ولابعده ،على الرغم من كفالة الدساتير ،معظم الدساتير،للمواطنين حقوق الإعتراض والإحتجاج والإعتصام والتعبير عن الرأي بعشرات الوسائل والأساليب المشروعة والحضارية؟(إفتح هنا مليون علامة إستفهام وتعجب واترك القوس مفتوحا ياصاحبي!!! والأمر الثالث الذي حيرني في دنيا الإنتخابات في بلاد الأعراب وأقلق نومي ،هو أن معظم من يتصدى لمثل تلك الأمور الجليلة - (الجليل موطن المسيح !وأجمل بقاع الدنيا إحتله الصهاينة بعد قيام دولتهم ببضعة شهور وتحديدا في 31 /10/1948م بفضل حسن تعاون السير جون باغوت غلوب)!) – والكبيرة،أُناس في سوادهم الغالب ،ليسوا من أهل الصنعة، البتة!وغالبيتهم لاتذكر في تاريخها أن حضرت ندوة سياسية أو فكرية مؤثرة يسير حديثها عكس التيار!!،ولم ينتم غالبيتهم لنقابة مهنية،وليس لهم من حضور فكري أو سياسي أو إجتماعي فاعل خارج غرف بيوتهم، ولم تعرف أي منهم "لا بيضُ الصفائح ولاسودُ الصحائف" ،ويغلب على مجرى حياتهم "جلاء الشك والريب"(رحم الله الشاعر العربي: حبيب بن أوس بن الحارث الطائي الملقب بأبي تمام>.أما الأمر الرابع الذي يحتاج لعشرات من مُتخصصي الأحوال النفسانية ،فهو أن معظم أولئك القوم هم من المُفلسين ماديا!على الرغم من وجود دريهمات في جيوبهم لاتتعدى عشرين ألف دينار(من اللون الأخضر أبو وجه سمح... ثمن كيلو الفلفل الحلو في الأسواق الكبرى،بقرية إربد: ثلاثة دنانير ونصف الدينار!..أليست دنانيرهم دريهمات ياصاحبي من حيث القيمة الشرائية؟)وأن تلك الدريهمات تم إدخارها طيلة سنوات من الحرمان!!وبعضهم يستلف من هذا وذاك ،وآخرون من أهل الشك والريب يرهن بيته ،وغير هؤلاء واولئك نفر من المتنطحين لايعرف الفرق ،بعد،بين المقامرة والمغامرة!أو بين التقتير والتقدير في الأمور المعيشية والإقتصادية! حالهم حال طلبة الجامعات العربية،من لابسي السراويل الساحلة وأصحاب الشعر كشعر "النيص"(حيوان يأكل الحشائش ،لحمه لذيذ كلحم الغنم أو الطير ،وشعر رأسه "منفوش" للأعلى!!)،ذلك أن طلبة الجامعات لايعترفون بالخطأ إن كتبوا كلمة او جملة بالعربية أو الإنجليزية وفيها حرف بدل حرف!!والأمر الخامس أن كثيرا من أولئك الذين "ينطون"(الصحيح:يقفزون)في ساحة الإنتخابات لم يتعظوا من تجارب مريرة لرفاقهم الخُلص والملازمين لهم أو من أقربائهم أو من الذين جنوا الشوك والعلقم من الإنتخابات ذاتها ،فمنهم من باع بيته وهاجر!ومنهم من طلق زوجه!ومنهم من هرب وولى الأدبار او إختبأ عن الأنظار في وقت تترصده منافذ الحدود وسيارات الشرطة المزودة بأسماء المطلوبين للتنفيذ القضائي بسبب الشيكات التي كتبوها أثناء سير عملية الإنتخابات ولم يستطيعوا الوفاء بدفع قيمتها! وعلى ذكر "الذين ينطون في الإنتخابات"فقد أعجبني تعليق للصديق الشيخ علي فلاح الملاحي ،نشر في متن مُدونته،مُعلقا على تنطح الكثيرين للإنتخابات ،قوله:"الحولي ينط ُ والثليثي ينط ُ"!!وهو تعبير إستعاره الشيخ من "مكنز" التراث العربي في الأمثال المُعبرة والدالة على الأشياء،إنطلاقا من بيئة الشيخ - التي هي بيئتي وبيئتك أيضا –المملوءة بالمواشي والحيوانات الأليفة وغير الأليفة!ولا أرى مايمنع الشيخ الملاحي من الإستعارة لتوصيل المعنى للعامة والخاصة ،فهو حق مشروع لكل صاحب قلم وفكر!ولا يُمكن تصور أن أحداً قد يحتج على كاتب المقالة لإستعارته ذلك المثل عنوانا لها!ويبدو أن الشيخ الجليل الملاحي قد أحس بالمرارة ومايزال يحس بها بعد هزيمته النكراء في إنتخابات نيابية سابقة بسبب غدر عشرات من "أهل الشك والريب"وكذبهم وتخليهم عن وعودهم بمؤازرته،وغيرهم ممن وعده بسهولة الحصول على خمسة آلاف صوت،(لكن الحق كان على الصفرين الأخيرين!!) بعد أن لمع "الأصفر الرنان" و"رن"في حجورهم من أيادي مرشحين آخرين باعوا "دونمات"الأرض التي خلفها لهم أجدادهم وآبائهم الذين ماتوا عُريانيين وجوعى!!(إفتح هنا مليار قوس!)وفي حياتنا مئات الأمثلة التى تُثبت بطلان المقارنة بين الأجداد والأحفاد!!فأنت لايمكن أن تقارن العميل بالوطني!ولا يمكنك مقارنة ضابط الإستخبارات البريطاني ،مُنفذ وعد بلفور السير "جون باغوت غلوب المولود عام 1897م(صديق شيوخ وأمراء القبائل العرية في أكثر من ثلاثة أقطار،ومنهم بعض شيوخ قبيلتنا الذين كانوا يتباهون بصداقتهم مع المقبور وتصدره صدر دواوينهم وإستجدائه بتسجيل بعض أبنائهم في العسكرية عنده!! (إفتح هنا ألف مليار علامة إستفهام وتعجب وقوس!! فالحقيقة يجب ان تقال ولو لامس حد الرقبة، السيف)..لايمكن مقارنة ذلك المقبور بولده الوحيد "جونفري"المولود بالقدس عام 1939م،أو الأصح: صديقي وزميلي في إعلام منظمة التحرير الفلسطينية في أوروبا :فارس جون باغوت غلوب!!الذي صدمني موته في حادث دهس فظيع في حد شوارع الكويت من قبل ولد كويتي تافه وطائش عام 2005 عندما تركنا معا العمل في أوروبا وتوجه فارس لبيروت فالكويت خبيرا في وكالة الأنباء الكويتية!! ففارس كان فارسا بحق وحقيق، دخل الإسلام باكرا وقبل سن الرشد، إلى أن بلغ الثامنة عشرة فأسلم على يد شيخ الأزهر بشهادة مُعتمدة واتقن العربية أفضل مليار مرة من معظم مُتنطحي الإنتخابات في ربوع اقطار العرب والأعراب! وكان مطلوبا للعدو لأسباب تتعلق بدوره في مساندة تنظيمات فلسطينية في عمليات خاصة!!وهو مايفسر عدم موافقة أجهزة العدو الأمنية بتنفيذ وصيته أن ي ُدفن في القدس! وألف عدة كتب أكاديمية رصينة عن حقيقة العدو الصهيوني وعلاقته مع النازية وتآمر قادته المؤسسين مع "أدولف هتلر"في ذبح وقتل حوالي ستمائة من اليهود العاجزين من عديمي الفائدة ،وخاصة تآمر الإرهابيان بيغن ويتسحاق شامير الذي أقام دعوى قضائية ضد صديقي وزميلي فارس لمنع نشر كتابه بالإنجليزية:نجمة داود والصليب المعقوف"،وربح الإرهابي القضية! ولئلا تُسول لأحد نفسه بإتهام الكاتب بالإستطراط أوالإسهاب أو غير ذلك ،نعود لموضوعنا الخاص بما رايته في حلمي نتيجة إمتلاء معدتي بطبائخ البدو والفلاحين في وقت متأخر من الليل!! فإذا كانت "الدوائر الوهمية"في قانون الإنتخابات الماضية قد فرخت لنا "نواب وهميين أو إفتراضيين"،(وهم كذلك بحق وحقيق،وكان للماء مذاق ورائحة ولون أفضل منهم)،فليس معنى ذلك أن يتصدى في الإنتخابات القادمة - التي قد تحدث وقد لاتحدث-! أُناس يبنون معركتهم الخاسرة مسبقا على تلك التجربة! فتلك كانت تدخلا سافرا من شخص يقبع الآن وراء الأسوار قيل أنه وراء إنجاح عشرات من أولئك الوهميين وأمثالهم وليس صناديق الإنتخابات!! وتبقى العهدة على الراوي الأول وليس على من يستعير الكلام!تماما كما إستعار الشيخ الملاحي تعبير :"الحولي ينط ُ والثليثي ينط ُ"في الإنتخابات! وكما إستعار الكاتب المثل ذاته عنوانا لمقالته!إن من يتصدى للإنتخابات البرلمانية في غير قطر عربي ،ليس أولئك الرجال من القادرين والأكفاء الوطنيين واهل الدراية الممزوجة بالجرأة وعدم التبعية، بل هم في معظمهم عكس ذلك تماما !ذلك أن الرجال الحقيقيين يدركون عدم عدالة قوانين الإنتخابات في غير قطر عربي وأنها مُصممة لمقاسات مُعينة ولفئات مُحددة ،فضلا عن الدور المُريب لأجهزة ومؤسسات وأفراد ،يصعُب رؤيتهم وضبطهم في عمليات الرشى والشراء للأصوات،لكن الأهم من كل ذلك قد يكون أن الرجال الحقيقيين يعزفون عن السباق كعزوف الخيل الأصيلة عن خوض مباريات السباق الميداني في ضوء تنافسها مع خيول عرجاء مهمتها الأولى عرقلة أرجل الجياد الأصيلة فضلا عن دخول عدد كبير من الجراذين ممرات السباق كي تحفر الأرض من تحت أرجل تلك الجياد العربية الأصيلة!!فتدبر الأمر يارعاك الله وأفتح عينيك واذنيك وكل حواسك وأنت ترقب ُ إحتفالات "السيرك البهلوانية "التي بدأت فصولها باكرا في ربوعنا!!! (المقال القادم :الفاعل والمفعول به في الإنتخابات القادمة،أو مرتزقة الإنتخابات:أطروحة دكتوراة للمرة الثالثة!!) 3/10/