أقوم من النوم أو أمسي وأصبح على ذكراك ،لا تفارقني ولا تفارق مخيلتي وفكري وعبثي ،صوتك على مسمعي ،تجدني كل مرة أتخيل أمرا معينا أو فكرة مررنا عليها مر الكرام أو أعطيناها ما تستحق، حين نشملها بأسئلة من كل الجوانب التي تلم بجميع أفكارها ،نطير في أفق خلق مواضيع مترفعين عن كل نقص في تناولنا للأحداث ومتاهاتها ،حين نشد الرحال في عالم بلا حدود وبلا أبعاد وبلا قضبان ولا حبال ،نتجرد سويا من كل القيود التي تكبلنا ،نجعل من أنفسنا أبطالا بلا منازع ولا مكره على شيء ،كأنا هكذا خلقنا، نتكلم بتلقائية حين نمتثل للفطرة المتوجة بالعلم والمعرفة و ذاكرين منها ما يمثل الحقيقة، متشبثين بالسلوكات المقبولة منها ،وداحضين المرفوضة ،حين كنا من بني الإنسان الذي كرمه الله وأعزه ليكون خليفة في الأرض ،هكذا نحن ،نريد أن نبتعد عن الرذيلة ونعطي للطقوس الدينية طابع التسامح المتجدر في أعماق الاعتقاد والإيمان الراسخ المتمثل في فطرة الله التي فطر الناس عليها ،أجد أعز الناس إلي يلوح بمنديل البعد ودلالة الاستسلام والامتثال لرغبات أقوى منه ،منديل أبيض ناصع ،لا ينثر إلا بياضا من مسوق منظف تفوح منه رائحة عطرة حين أكثر صاحبه من تنظيفه لمرات متكررة شكا منه في أن تتلوث أطراف الثوب دون أن ينتبه لذلك ،فعلا يحضرني ذلك الثوب الذي تمسكت بوجوده في يدها تضعه في أماكن كأنه شيء ذو قيمة حين ذاقت رفقته حلاوة التفكير والحنان واللذة الجارفة التي تتقاطر على الكيان عند الإحساس بالوحدة ،يتعاظم الشوق حين نتذكر بعض ما مر من أيام ترددت فيها أشياء ومواقف جميلة على كياننا ،ارتوينا وارتوت نفوسنا حتى كان ذلك في أروع حلة يتحلى بها الأحبة في ليالي الزفاف ،حين تزف العروس إلى فتى أحلامها بعد أن ينزع جسدها النحيل من ملمس صهوة جواد عربي أصيل ،أفقه ممتلئ بأن يكون الإخلاص لصاحبه فوق كل اعتبار ،يتلوه تباه كأنه لم يلبث في حمى الآخر إلا عشية أو ضحاها .