بسم الله الرحمن الرحيم
استثمار مال اليتيم وتنميته
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد ( اليتيم ) وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :
مقدمة :
قبل الدخول في الموضوع علينا أن نعرف من هو اليتيم وبالرجوع إلى مصادر اللغة العربية ومعاجمها وأقوال المفسرين نجد أنهم أجمعوا أن اليتيم من فقد أباه قبل البلوغ والصغير من الحيوان أو البهائم ماتت أمه أو انقطع عنها , فإذا بلغ فلا يتم كما جاء في الحديث ( لا يتم بعد البلوغ ) .
وقد جاء الإسلام بشريعته الغراء وأحكامه العادلة الرحيمة بكفالة اليتيم ورعايته ونَصَفته والرحمة به لأن اليتيم في هذه السن لا يؤبه له وقد يضيع وربما يستضعف في أحياناً كثيرة من قبل وليه أو وصيه أو المجتمع بل هذا هو الحاصل اليوم وقبل اليوم فيساء إليه ويستغل ضعفه وصغره من قبل وليه بالمبادرة إلى أكل ماله فجاء الشرع الإسلامي بإنصافه والرحمة به والعدل معه ونزلت الآيات القرآنية الكريمة في الحفاظ على إنسانيته وكرامته واجتناب كل ما يسيئ إلى شخصه أو نفسه أو ماله , وأمر وليه ووصيه بوجوب استثمار ماله إن كان له مال في ما يعود على اليتيم بالخير واستثماره في مشاريع تعود عليه بالفائدة والخير العميم حتى إذا كبر سلم إليه ماله موفوراً غير منقوص بل نامياً مستثمراً من قبل الولي أو الوصي , ولم يكتف بذلك بل أنذر وتوعد كل من يأكل ماله دون حقٍ سواءً كان ولياً أو وصياً أو غيرهما لئلا يستغل ضعفه وصغره فيبادر إلى أكل ماله قبل أن يكبر والآيات القرآنية في هذا الأمر عامة لكل الناس لئلا يفكر أحد في الاعتداء عليه أو على ماله فيتصرف فيه دون أن يكون في ذلك مصلحة ظاهرة لليتيم , ولنستعرض الآيات الواردة في هذا الخصوص .
1- الأمر بالاهتمام باليتيم واصلاح ماله:
قال تعالى : ( ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير ) البقرة / 22 .
قال ابن العباس رضي الله عنهما : لما نزلت ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) وقوله : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا
انطلق من كان عنده يتيمٌ فعزل ماله من ماله وطعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشيئ من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك للرسول عليه الصلاة والسلام فانزل الله ( وسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير ) .
2- لا بأس باختلاط أمول اليتامى بأموالهم شريطة النظر إليهم بعين الأخوة :
فعند ذلك أنزل الله تعالى قوله : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح )
فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابه وبشرابهم – أبو داود والنسائي والحاكم - .
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : ( إني لأكره أن يكون مال اليتيم عندي على حدة حتى أخلط طعامه بطعامي وشرابه وشرابي . )
وقوله تعالى : ( قل اصلاح لهم خير ) أي على حدة , وقوله :( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) أي وإن خلتطم طعامهم بطعامكم وشرابهم بشرابكم فلا بأس عليكم لأنهم إخوانكم في الدين , ولهذا قال : ( والله يعلم المفسد من المصلح ) أي يعلم من قصده ونيته الإفساد أو الاصلاح ( ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ) أي لو شاء الله لضيق عليكم وأحرجكم , ولكنه وسع عليكم وخفف عنكم وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن )
3- جواز أكل مال اليتيم بالمعروف أو بالتي هي أحسن :
قال تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) فَجَوّز الأكل بالمعروف للفقير إما بشرط ضمان البدل لمن أيسرأو مجاناً كما سيأتي بيانه في سورة النساء إن شاء الله تعالى وبه الثقة .
4- أمر الأولياء بدفع أموال اليتامى إليهم إذا بلغوا الحلم :
قال تعالى : (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) وكما في قوله تعالى : ( حتى يبلغ أشده ) .
لقد أمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة الأولياء والأوصياء إذا بلغ اليتامى الحلم أن يدفعوا أموالهم كاملة موفرة إن أنسوا منهم رشداً بعد البلوغ والاختبار , قال تعالى : ( فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ) , وكما في قوله تعالى : ( حتى يبلغ أشده ) , ونهى عن أكلها وضمها إلى أموالهم ولهذا قال : ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب )
قال سفيان الثوري : لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الرزق الحلال الذي قدر لك .
وقال سعيد بن المسيب : لا تعطِ مهزولاً وتأخذ سميناً , وقال السديُّ : كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل مكانها المهزولة . ويقول شاة بشاة .
وقد رتب القرآن على من يفعل ذلك ذنباً كبيراً فقال تعالى : ( إنه كان حوباً كبيرا ) , قال ابن عباس أي أثماً عظيماً وفي الحديث المروي في سنن أبي دواد : ( ... واغفر لنا حوبنا وخطايانا) وروى ابن مردويه باسناده إلى ابن العباس أن أبا أيوب طلق أمرأته فقال النبي – عليه الصلاة والسلام - ( يا أبا أيوب إن طلاق أم أيوب كان حوباً كيبرا , فأمسكها )
ومعنى الآية : أن أكل أموالهم مع أموالكم إثمٌ وخطأ كبير فاجتنبوه ( حتى يبلغ أشده ) حتى يحتلم قاله مالك والشعبي .
5- التنفير من أكل مال اليتيم والوعيد عليه بالنار :
و في التنفير من أكل مال اليتيم والنهي الشديد عنه قال تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا ) النساء / 10
وفي حديث النهي عن السبع الموبقات يقول – عليه الصلاة والسلام : ( اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هن قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربى وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه
فأكل مال اليتيم خامس السبع الموبقات
وفي بيان النار في قوله تعالى : ( إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا ) نزلت الآية كما قال الأكثرون من المفسرين في الأوصياء الذين يأكلون أموال اليتامى ما لم يبح لهم وهي تتناول كل أكلٍ بظلم وإن لم يكن وصياً
وهل أكلهم النار حقيقة أو مجازاً ؟ ظاهره أنهم يأكلون ناراً حقيقةً ففي حديث أبي سعيد ليلة الإسراء قال رسول الله – صلى الله تعالى عليه وسلم – ( رأيت قوماً لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صُحراً من نار يخرج من أسافلهم , فقلت يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً وبأكلهم النار حقيقة قالت طائفة وقيل وهو مجاز : لما كان الأكل من مال اليتيم يجر إلى النار والتعذيب عبر عن ذلك بالأكل في البطن ونبه عن الحامل على أخذ المال وهو البطن الذي هو أحس الأشياء التي ينتفع بالمال لأجلها إذ قال ما يوضع فيه إلا الاضمحلال والذهاب في أقرب زمان ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ( ما ملأ الإنسان وعاء شراً من بطنه ) ( [1])
وأما قوله تعالى : ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدا ) النساء /9
لأن الإنسان حين يحضره الموت ويلقي نظرته الأخيرة على الحياة الدنيا مودعاً لها يجد قلبه معلقاً بفلذات كبده الصغار الذين يتركهم على ضعفٍ فيخشى عليهم الضياع والإسلام يرعى هذه الفراخ الزغب في يتمها حتى تشب عن الطوق وتبلغ رشدها وتقوى على تحمل أعباء الحياة واقتحام مصاعبها وخوض غمارها فعلام الخشية ؟! .
وظاهر هذه الجملة أنه أمرٌ بخشية الله تعالى واتقائه , والقول السديد من ينظر في حال ذرية ضعاف لينبه على ذلك بكونه هو يترك ذريةً ضعافاً فيدخل في ذلك ولاة الأيتام وبه قال ابن عباس , وقال قاضي عياض : الأليق بما تقدم وما تأخر أن يكون من الآيات الواردة في الأيتام فجعل آخر ما دعاهم به إلى حفظ مال اليتيم أن ينبههم على حال أنفسهم وذريتهم إذا تصوروها ولاشك أن هذا من أقوى البواعث في هذا المقصود على الاحتياط فيه .
والتكافل الاجتماعي بين أبناء الإسلام هو حجر الزاوية في بناء مجتمعه وعليه فإنه يفرض لكل يتيم كافلاً يقوم على تربيته و إصلاح شأنه وتقويم سلوكه كما يقوم بتنمية ماله ومخالطته مخالطة إخوة ترعى مصالحه في ظل العقيدة الإسلامية قال تعالى :( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ) البقرة / 279
والمال قوام الحياة والحفاظ على مال اليتيم حفاظ على مال الأمة قال تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم وقولوا لهم قولاً معروفا ) النساء /10
اسند الأموال إلى المجتمع علماً أنها أموال السفهاء لأن الإنسان في الإسلام منهي على الإسراف والتبذير فإذا جاوز حده في التصرف بماله وضع عليه الحَجر أي المنع من تصرفاته المالية لأن المال وإن كان له فللمجتمع فيه حق وهذا من جملة القيود السلبية في النظام الاقتصادي أو المالي في الإسلام ومن ذلك أيضاً يمنع المسلم أن ينفق ماله أو يصرفه في القمار والربا والرشوة والخمر وغير ذلك مما هو منصوص عليه في نظام الإسلام المالي
فإصلاح مال اليتيم والسعي على خيره ومخالطة ماله بماله شريطة النظرة الأخوية هو الذي يأمر به الإسلام ومن هذا المنطلق يتولى كافل اليتيم إثراء ماله وتنميته حتى يعيش منه وتكون نفقته من ربحه فلا ينقص رأس ماله .
وللكافل إذا احتاج أن يأخذ عوضاً عن جهده في تنمية مال اليتيم بالمعروف وإذا استغنى أن يستعفف بماله , قال تعالى : ( من كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فيأكل بالمعروف )
ولفظة ( فليستعفف ) أبلغ من ( فليعف ) لأن فيها طلب الزيادة العف
ويتولى وصي اليتيم تدريب يتيمه على تصريف شؤونه ويختبره بما يناسبه حتى إذا بلغ الحلم وأنس فيه القدرة على حسن التصرف ردّ إليه ماله قال تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ) النساء /6
ولليتيم حقه في صيانة ماله وتنمية ثروته وحسن رعايته ودفع الشر عنه والقيام على تعليمه وتوجيهه والعناية بأموره والعطف عليه بما يعوضه عن عطف والده يقول عليه الصلاة والسلام ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرق بينهما ) , وفي حيث آخر وفي مجال العطف على اليتيم يقول عليه الصلاة والسلام : ( من مسح على رأس يتيمٍ كان له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة ) , وهذه الوصايا من الرحمة والبر باليتيم من الله عز وجل ومن رسوله عليه الصلاة والسلام حتى يكون في حرز حريز من النفس والتكافل الاجتماعي فينشأ عزيز النفس مطمئن القلب ذا شخصية قوية كريمة الأخلاق جميل الصفات , فاليتيم موضع رعاية في المجتمع الإسلامي غير مهمل ولا مضيع حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام فاضل بين بيتين في أحدهما يتيمٌ يحسن إليه وبيت فيه يتيم يساء إليه , فقال خير البيوت بيتٌ فيه يتيمٌ يحسن إليه وشرٌها بيتٌ فيه يتيمٌ يساء إليه . )
وظاهر عموم اليتامى اندراج البنات في هذا الحكم فيكون حكمهن حكم البنين في ذلك
6- الأمر بالإشهاد على اليتيم إذا دفع إليه وليه ماله :
قال تعالى : ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا )
أمر تعالى بالإشهاد لحسم مادة النزاع وسوء الظن بهم والسلامة من الضمان والغرم على تقدير إنكار اليتيم بفك الحجر عنه وانتظامه في مسلك من يعامِل ويعامَل وإذا لم يشهد عليه فادعى عليه صدق مع يمينه ( عند أبي حنيفة وأصحابه ) , وعند مالك والشافعي لا يصدق إلا بالبينة فكان في هذا الإشهاد الاحتراز من توجه الحلف المفضي إلى التهمة أو من وجوب الضمان وكفى بالله حسيبا أي كافياً في الشهادة عليكم .
7- استثمار مال اليتيم في وقتنا المعاصر :
حث الإسلام على استثمار أموال اليتامى ففي الحديث الشريف الذي رواه الطبراني في الأوسط عن أنس ابن مالك – رضي الله عنه- اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة .
فإن الخوف من ضياع هذا المال ظل حائلاً أمام استثمار أولياء اليتامى لهذه الأموال لاسيما أنهم وضعوا نصب أعينهم قوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وقوله تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا )
والمفارقة أن عدم المخاطرة بهذه الأموال مثل أحد أسباب فقدانها لقيمتها لا سيما أن قيمة المدخرات النقدية تتدنى مع تدهور العجلات الوطنية في المنطقة عبر العقود الماضية وهذا لم يكن في العصور الماضية التي عاشها الفقهاء المسلمون إذ كانت العملة تحافظ على قيمتها إذا علمنا أن التعامل كان بالنقدين (الذهب والفضة) كما كانت المشاريع التي تستثمر بها أموال اليتامى محدودة معلومة من مضاربة أو مرابحة أو تجارة وغير ذلك .
أما اليوم فقد تنوعت المشاريع وتكاثرت مع التقدم العلمي والأبحاث الجديدة والمكتشفات وهي تعود على اليتامى بفوائد كثيرة فمنها :
شراء العقارات والاتجار بها ومثلها السيارات وغير ذلك مما هو كثير في عصرنا وكذلك إنشاء البنايات والشقق التجارية وتجربة هذه المشاريع اليوم في فلسطين ناجحة جداً فإن الممتلكات الخاصة لأيتام أنفسهم يديرها ذووهم أو المحاكم الشرعية التي تعد صاحبة الولاية على أموال اليتامى والقصر وقد قامت جمعيات خيرية مؤخراً بإنشاء أول مشروع استثماري لأموال اليتامى ويتمثل في بناء إنشاء مطابع حديثة فمثل هذا المشروع أو غيره من المشاريع وإن كانت من أموال التبرعات الخاصة بالأيتام فإن هناك نوعاً آخر من الاستثمار بدأ فبل عدة سنوات وهو خاص بأموال وممتلكات الأيتام أنفسهم والتي ورثوها عن ذويهم أو حصلوا عليها من شركات التأمين أو أي مصدر آخر ويتم ذلك حسب الشريعة الإسلامية عن طريق وسائل الشركات أو البيوع (كالمرابحة والاستصناع والإجارة المنتهية بالتمليك وشراء الأراضي .
وحبذا اقتدت بهذه الجمعية أو الجمعيات البلاد الإسلامية الأخرى إذ فيها خير كثير ومنفعة عظيمة كما يساعد على تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد .
نشأة المؤسسات: كانت أموال اليتامى قبل نشأة المؤسسات تودع في صناديق خاصة باليتامى في المحاكم الشرعية ويتولى القاضي الإشراف عليها حفظاً وتنمية وقد أنشئت مؤسسة من هذا القبيل في الأردن عام (1972م) تسمى (مؤسسة إدارة وتنمية أموال اليتامى ) ذات شخصية معنوية واستقلال إداري ومالي .
وغاية المؤسسة تنمية أموال اليتامى واستثمارها في كافة وجوه الاستثمار المشروعة التي لاتتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتحقق من خلالها المحافظة على أموال الأيتام وإدارة الإنفاق الشهري على الأيتام من أموالهم إلى أن يبلغ اليتيم سن الرشد فتدفع إليهم أموالهم مع أرباحها .
واستطاعت المؤسسة من خلال استثمارها لودائع الأيتام الموجودة لديها أن تحافظ على هذه الأموال بالإضافة إلى قيمتها بتحقيق نسبة ربح معقولة في الحد من جيوب الفقر والبطالة وذلك من خلال بيوع (المرابحة والاستصناع والمضاربة وغيرها) وإقامة المشاريع التنموية والمشاركة فيها وإنشاء الأبنية وشراء العقارت من أراضي وأبنية لبيعها أو تأجيرها والمساهمة في الحد من البطالة وذلك من خلال تشغيل عدد من المواطنين في مشاريعها من المشاريع الخاصة (بالمرابحة) إلى مساعدة الراغبين في الزواج وذلك من خلال (المرابحات) الخاصة بالعقارات والمفروشات وغيرها .
هواجس ومشاكل: ويظل ثمة اتفاق من الناشطين في حقل الأيتام على عدة هواجس من المهم الانتباه لها حتى يزول حاجز الخوف بين أموال اليتامى والاستثمار ولعل من أبرزها :
1- نوعية الاستثمار ويقصد بها القطاعات الاقتصادية التي توجه لها استثمار أموال اليتامى مأمولة المخاطر ويمكننا تجنب ذلك بالتركيز على العقارات أكثر من المصانع والتجارة .
2- كفاءة البشر :ويقصد بها أن من يديرون داراً للأيتام قد لا يستطيعون استثمار الأموال بشكل كافٍ لذلك فمن الضروري وجود إدارة خاصة للاستثمار داخل مؤسسة الأيتام أو وجود مؤسسة استشارية عامة لاستثمار أموال اليتامى في عدد من الجمعيات .
3- مهام المؤسسة : 1- قبض أموال الأيتام المحولة من المحاكم الشرعية والعمل على استثمارها وتنميتها بالأساليب المشروعة .
2- صرف ودائع الأيتام لمن يبلغ منهم سن الرشد .
3-إدارة الإنفاق الشهري على الأيتام من أموالهم .
4-استثمار ودائع الأيتام الموجودة لدى المؤسسة بشتى وسائل الاستثمار المختلفة التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية (كبيوع المرابحة والمشاركة المتناقصة التي تنتهي بالتمليك وشراء وبيع العقارات والمساهمة مع المؤسسات المالية في بعض المشاريع بعد ثبوت جدواها الاقتصادية) .
خاتمة : هذا باختصار شديد ما يجب أن يكون عليه استثمار أموال اليتامى في وقتنا المعاصر وهو ما يتناسب مع مصلحة اليتامى وتنمية أموالهم دون أن يكون في ذلك مخالفة لأحكام الشرع ويعود عليهم بفوائد كثيرة وخير عميم فعلى المسؤولين عن اليتامى والقائمين على شؤونهم عامة والمالية خاصة أن يسلكوا مسلك هذه الجمعية أو الجمعيات وبذلك يحافظون على أموال اليتامى مع الإنفاق عليهم والربح الوفير لديهم .
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .

خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي
القامشلي في : 26/5/1433هـ
الموافق لـ: 17/4/2012 م

المراجع :1-القرآن الكريم.
2-تفسير القاضي البيضاوي والبحر المحيط للأندلسي وابن كثير.
3-الإنترنيت.
4-معاجم اللغة :1- المختار الصحاح للرازي . 2-المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية .













[1] - البحر المحيط أبو حيان الأندلسي