خلافة الإنسان في الأرض تستوجب الإصلاح لا الإفساد
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله: إن من أجلى مظاهر تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان أن قضى بالعدل في التعامل مع أبناء جنسه بل مع الأحياء أجمع، كلفه بأن يتخلق بصفة الحكمة، بأن يتخلق بصفة الرحمة وبصفة الصفح والوداد، هذه صفات من صفات الله سبحانه وتعالى. وقد شرَّف اللهُ الإنسانَ إذ أقامه خليفة عنه ليقيم مجتمع العدالة بل مجتمع الرحمة، مجتمع التآلف والود فوق هذه الأرض. وما الدين الذي شرف الله عز وجل به عباده إذ كلفهم بالدينونة لشرائع الله سبحانه وتعالى وأحكامه إلا أداة وسبيل للنهوض بهذا الاستخلاف الذي شرف الله سبحانه وتعالى به الإنسان. وما أعلم صفة يثني بها الله سبحانه وتعالى على عباده في محكم تبيانه أسمى من صفات التخلق بصفات الله سبحانه وتعالى. ولقد تأملت في الكثير والكثير من آي كتاب الله عز وجل التي تتضمن مصدر الثناء وأسبابه، المدح من الله سبحانه وتعالى لعباده فلم أجد صفات أسمى من هذه الصفات التي حدثتكم عن طائفة منها يثني بها الله سبحانه وتعالى على عباده، تأملوا معي في بعض هذه الآيات، يقول الله عز وجل: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران : 133]. وأقول هنا: من هم المتقون يا مولاي. (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران : 134]. أرأيتم إلى هذه الصفات التي يثني بها الله عز وجل على الخليقة المتميزة من عباده، تأملوا في قوله سبحانه: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : 114]. لم يحدثنا الله عز وجل بصدد الثناء على هذه الثلة من عباده عن أكثر من هذه الصفات (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) ووجوه المعروف كثيرة لا حصر لها تشملها القيم الإنسانية جمعاء (إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ). يقول المصطفى r في الصحيح من حديث أبي أيوب الأنصاري: (ألا أدلك على ما يحبه الله ورسوله، تصلح بين المتفاسدين وتقرب المتباعدين)، ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله، تصلح بين المتفاسدين وتقرب بين المتباعدين، لم يزد رسول الله r على هاتين الخصلتين اللتين هما ضمانة محبة الله ورسوله لمن اتصف بهما. ويقول المصطفى r فيما صح عنه أيضاً: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق). أي أن الأعمال الإنسانية والوظائف الجلة التي أقام الله الإنسان خليفة عنه بها في هذه الحياة الدنيا كثيرة جداً وهي مجتمعة بين ما يشبه الغلافين، أما الغلاف الأول فالمعتقد الذي تنبع منه إمكانية تطبيق القيم الإنسانية جمعاء، هذا هو الغلاف الأول، قول لا إله إلا الله، ثم ينتهي حديث رسول الله r مجملاً مستعرضاً كل الأعمال الإنسانية المبرورة التي تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تحقق الحب ولا تستثير مشاعر البغضاء، يستعرضها كلها إلى أن يصل إلى الغلاف الأخير الذي يتمثل في أبسط عمل إنساني ألا وهو إماطة الأذى عن الطريق. أرأيتم إلى هذه الخلافة التي شرف اللهُ عز وجل الإنسانَ بها والتي بها يثني الله عز وجل على هذه الخليقة المتميزة من عباده. ثم إني أقول لكم: ما حاق غضب الله عز وجل على قومٍ من الناس لسبب من الأسباب إلا لهذه الأسباب التي ستسمعونها من خلال بيان الله عز وجل. لقد استعرضت كتاب الله وحاولت أن ألتقط أخطر ما يثير غضب الله عز وجل على الإنسان فلم أجد إلا هذا الذي أحدثكم عن نموذج منه. اسمعوا الحيثيات التي بموجبها قضى الله عز وجل بإهلاك فرعون وملئه وقومه، يقول: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص : 4]. تلك هي الحيثية التي بموجبها أهلك الله سبحانه وتعالى فرعون وملأه. حدثنا عن قارون وبين لنا السبب ذاته في غضب الله عز وجل عليه الذي اقتضى أن يخسف به وبداره الأرض: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص : 76-77]. ولكن الاستكبار طاف برأسه، ولكن العناد والصلف حجباه عن هويته فحاق به قرار الله القائل: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) [القصص : 81]. عباد الله: إن في الناس كثرة تتوهم أن الدين الذي يقربها إلى الله عز وجل إنما يتمثل في مظاهر وقشور –إن جاز التعبير– يغطون أنفسهم بها، ثم إنهم يبيحون لأنفسهم أن يتحركوا تحت الغطاء كما يشاؤون إيغالاً في الفساد، إمعاناً في الظلم، عكوفاً على الإهلاك والتقتيل، ولكنهم يسترون أنفسهم بماذا؟ بمظاهر الدين، وأنا لا أدري أهم مخدوعون بأنفسهم يتصورون أن الله عز وجل يُخْدَع وأنه يكتفي من انقيادهم لدينه واستجابتهم لحكمه بهذه المظاهر التي ربما يتصورون أنهم يحجبون الله عما وراءها؟! أهكذا يقودهم الغباء؟! أم إنهم يخادعون الله إذ يخادعون الناس؟! يتسابقون في المظاهر، يتسابقون في بناء المساجد الفخمة، يتسابقون في المآذن الباسقة الصاعدة إلى جو السماء، يتسابقون ربما في ذرع الطريق ما بينهم وبين بيت الله الحرام جيئة وذهاباً، يتسابقون فيما بينهم في ركيعات، واخترق هذه الظاهرة لتجد بعد ذلك أن نفسك مع خليفة من خلفاء قارون في الوصف الذي وصفه الله سبحانه وتعالى به، يفسد في الأرض ويمعن في الظلم وينقاد لدوافع أحقاده وضغائنه ومشاعر عدوانه، يستجيب لهذه المشاعر منصرفاً عن الاستجابة لأمر الله عز وجل ولكأنه يقول: إذا سُئِلْتُ أقول: انظر كم بنيت من المساجد، تأمل كم كانت مرتفعة تلك المآذن. ولكن أحب – أيها الإخوة – لنفسي ولكم ولهؤلاء الإخوة أيضاً أن يتأملوا كتاب الله فيتبينوا مثلين لشجرتين إحداهما تمثل الإنسان الذي استجاب لأمر الله ظاهراً وباطناً، غرس عقيدة الإيمان بين جوانحه، غذَّى هذه العقيدة بالاستجابة لأمر الله عز وجل فأثمرت شجرة الإيمان بين جوانحه شتى أنواع الثمار الإنسانية، تحول إلى خادم كما أمر الله لرقابة العدل، تحول إلى خادم لتحقيق الحكمة، تحول إلى خادم لمد مشاعر الألفة والرحمة بينه وبين سائر عباد الله سبحانه وتعالى، سمع رسول الله يقول: (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) فطأطأ الرأس وانقاد لهذا الأمر فكان في سلوكه مظهراً لهذا الذي وصف رسول الله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) [إبراهيم : 24-25]. هذا هو المثل الذي يضربه الله للإنسان لمن تشرف بالخلافة عن الله فاصطبغ بالأخلاق الذي يتصف الله عز وجل بها، ثم يقول: (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ) [إبراهيم : 26]. تأملوا في دقة البلاغة القرآنية، تأملوا في دقة الوصف، إنها كلمة لم تكن في الأصل خبيثة ولكنها استحالت إلى كلمة خبيثة عندما لم يكن لها قرار في القلب، عندما اجتثت من داخل الفؤاد فلم تكن لها جذور خفية تتلقى الغذاء لتتنامى، تحولت من الطهر إلى الخبث، تحولت من الفائدة إلى الضرر، تنامت هذه الشجرة التي اجتثت جذورها من فوق الأرض لكن لتصبح أشواكاً ولتينع بالسموم والحناظل، لتينع بالحناظل المهلكة والسموم المبيدة. يا عجباً لمن يمر بهاتين الصورتين في كتاب الله عز وجل فلا يعيد ثم لا يعيد ولا يسجد لهذا البيان الرباني إذ يصف حال فئتين من الناس، الفئة التي غرست عقيدة الإيمان بين الجوانح ثم غذت هذه الجذور من هذه الشجرة حتى أينعت الشجرة أغصاناً تدلى منها ثمار الإنسانية جمعاء، الرحمة، العدل، الإحسان، الألفة، الود، البناء، الجمع بدلاً من التفريق. ويا عجباً لمن يمر بالصورة الأخرى فيقفز فوقها أو يمر بها مر إنسان غبي أحمق لا يستبين لها أي معنى. بقي أن أقول أيها الإخوة لهؤلاء الإخوة الذين آثروا أن يكونوا من البيان الإلهي كالمثل الثاني، كالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض فأينعت الحناظل وأينعت السموم، عاشوا ليستجيبوا لأحقادهم وضغائنهم لا لشيء آخر، جعلوا رسالتهم التي كُلِّفُوا بها الإفساد بدلاً من الإصلاح وإن كان الله عز وجل يقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، جعلوا رسالتهم التهديم بدلاً من البناء، جعلوا رسالتهم الإحراق والإتلاف بدلاً من مد جسور الألفة والود. أقول لهؤلاء الإخوة: إن هذا الحجاب الذي يحجبكم عن الشرف الذي شرفكم الله به، هذا الحجاب الذي يحجبكم عن هوياتكم عبيداً أذلاء لله عز وجل، هذا الحجاب سيتمزق عما قريب، ولعلكم ترونه بعيداً ولكنه أراه قريباً، أجل، نعم سيتمزق هذا الحجاب عندما يتراجع منكم الخلق، وصدق الله القائل: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) [يس : 68]. سيتراجع منكم الخلق ولسوف تذبل الرعونات ولسوف تتراجع الشهوات والأهواء ولسوف تقفون أمام هويتاكم وقد تمزق الحجاب الذي كان يحجبكم عن الرؤيا، ألم يقل الله عز وجل في محكم تبيانه، وها أنا أقرأ البيان من أول السورة لكي نتبينها كاملة: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [ق : 16-22]. هذا وصف يضعنا الله منه أمام حدث سنلقاه جميعاً يوم القيامة لكني أقول لكم عن مقدماته، مقدماته ستتحقق في دار الدنيا، أجل، أقول لنفسي ولكم ولأولئك الإخوة الذين يسعدون إذ يمعنون في الإتلاف والحرق والظلم بدلاً مما وظفهم الله عز وجل به، أقول لهم هذه الحجب ستتمزق في دار الدنيا قبل أن ترحلوا منها، وهذه الرعونات التي تقودكم وسترة الضغائن والأحقاد التي تهيمن عليكم كل ذلك سينجاب، ستنجاب سحبه ولن يبقى إلا الندم الذي يأكل أفئدتكم ولات ساعة ندم، نعم تلك هي الساعة التي يمتد كل واحد منكم على فراش الموت ويتمنى أنه لو عاد ليصلح ما أفسد، يتمنى لو أنه عاد ليقوِّمَ ما اعوج، يتمنى لو أنه عاد ليستسمح المظلومين ولكن أنى له العود، والمعاصي كلها تغتفر إلا معصية يرحل بها الإنسان إلى الله تحمل الظلم فوق الأعناق، تحمل الظلم الذي مارسه وهو ينتشي به في حياته الدنيا، لن يستطيع أن يرجع مهما قال. (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، [المؤمنون : 99 - 100] لكنه لن يعود. أيها الإخوة ما أكثر ما قضى الله عز وجل أن أحاور ملاحدة وأن أناقشهم وأحاورهم، ولقد أكرمني الله عز وجل بحب الحجاج تحت مظلة المنطق والعلم ليس إلا، قلت في نهاية كل حجاج لهؤلاء الإخوة، قلت لكل واحد منهم: لك أن تستمر على هذا النهج الذي تؤمن وتتمسك به لكن بشرط واحد أن تضمن عدم الندامة، أن تضمن بقاءك مؤمناً سعيداً بهذا المبدأ إلى أن ترحل من هذه الدنيا، إن كنت تضمن أنك ستبقى كذلك فأنا أهنئك من الآن، أما إن كنت تعلم أنك ستندم وأن الحوافز التي تحملك على التمسك بهذا الذي تتصوره كل ذلك سينجاب عنك، كل ذلك سيبتعد ولن يبقى أمامك من صديق، صديقك الذي ينبغي أن تتخذه من الآن تجهالته، تنكرت له، إن كنت تعلم أنك لن تندم فابق على مبدئك هذا كما جئت وأنا أهنئك، لكن موعد ما بيننا سيذكرك بأنك ستندم وبأن هذه المشاعر ستنجاب سحبها ولسوف تستبين هويتك عبداً مملوكاً لله ولكنك لن تستطيع أن تستفيد من ندمك، وصدق الله القائل: (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) [مريم : 93-95]. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

عن موقع نسيم الشام