النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: وسطية الإسلام

  1. #1 وسطية الإسلام 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    40
    مقالات المدونة
    13
    معدل تقييم المستوى
    0
    بسم الله الرحمن الرحيم



    ( وسطية الإسلام )


    لما كان الإسلام خاتمة الأديان ورسوله عليه الصلاة والسلام خاتم الرسل اقتضى أن يكون هذا الدين صالحاً لكل زمان ومكان وهذا لا يكون إلا ( بالوسطية ) قال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ... ) البقرة /143
    أي عدولاً روي ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وقيل متوسطين في الدين بين المفرط والمقصر , لم يتخذوا واحداً من الأنبياء إلهاً كما فعلت النصارى ولا قتلوه كما فعل اليهود.
    في عقيدتها وسط بين الذين ينكرون كل ما وراء الطبيعة مما لم تصل إليه حواسهم وبين الذين يقولون للعالم أكثر من إله
    والآية الكريمة ترفض الإنكار الملحد كما ترفض التعديد الجاهل والإشراك الغافل وأثبت للعالم إلهاً واحداً لا إله إلا هو , قال تعالى : ( وإلهكم إلهة واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الله لا إله إلا هو الحي القيوم )
    وهي عقيدة وسط في صفات الإله : فليس فيها الغلو في التجريد الذي يجعل صفات الإلهة مجرد سلوب لا تعطي معنى ولا توحي بخوف أو رجاء كما فعلت الفلسفة اليونانية فكل ما وصفت به الإله أن ليس بكذا ... وليس بكذا ... من غير أن تقول ما صفات هذا الإله الإيجابية ويقابل هذا أنها خلت من التشبيه والتجسيم والتعطيل الذي وقعت فيه عقائد أخرى ( كاليهودية ) جعلت الخالق كأنه أحد المخلوقين من الناس ووصفته بالنوم ( وهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ) ووصفته بالتعب والراحة وقد قال تعالى راداً عليهم هذا الزعم بقوله : ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) أي تعب , كما وصفته بالتحيز والمحاباة والقسوة وغير ذلك من الصفات البشرية التي يتنزه الله عنها .
    فعقيدة الإسلام تقرر تنزيه الله عن مشابهة مخلوقاته كما قال تعالى واصفاً نفسه : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) الشورى /11 وتصفه بصفات إيجابية فعالة قال جل جلاله : ( إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد ) البروج/12-16

    ولا يعني هذا إغلاق باب التفكر في الكون وما فيه والنظر إلى مخلوقاته قال تعالى : ( قل انظروا ماذا في السموات والأرض ) يونس /101
    وقال جل جلاله : ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر ) الغاشية / 17-22
    فالإسلام بعقيدته يفتح الباب واسعاً للفكر الإنساني والعقل البشري , ويقول عليه الصلاة والسلام : ( تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فإنكم لن تقدروه قدره ) .
    وهي وسط في علاقتها بالعقائد الاخرى فلا تقبل الذوبان في غيرها بل تدعو في قوةٍ إلى الثبات عليها والاستمساك بها قال تعالى : ( فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم ) الزخرف /43
    ولكنها لا تتعصب ضد غيرها من العقائد السماوية قال تعالى : ( الله ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) الشورى/ 5, بل يتسع صدرها لما يخالفها قال تعالى : ( لكم دينكم ولي دين ) الكافرون/6 وقال : ( لي عملي ولكم عملكم انتم بريئون مما اعمل وأنا بريء مما تعملون ) يونس /41
    تهيب بأصحابها أن يدعوا إليها , قال تعالى : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً ) فصلت/ 33
    ولكنها لا ترضى بإكراه أحد على إعتناقها قال تعالى : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) البقرة /156
    وهي وسط في أمر ( النبوة ) فلم ترفع الأنبياء إلى مقام الألوهية فيتجه الناس إليهم بالعبادة أو الاستعانة مع الله كما اعتقد أهل الملل في أنبيائهم ولم تنزل بهم إلى مستوى السفلة من الناس فتنسب إليهم ارتكاب الفواحش والموبقات وفعل المنكرات من شرب للمسكرات و اتباع للشهوات بل قتل للنفوس في سبيلها كما في وصف ( أسفار العهد القديم للأنبياء ) عند اليهود , وإنما الأنبياء في عقيدة الإسلام بشر اصطفاهم الله عَلِم طيب معادنهم وحُسن استعدادهم فأنزل وحيه عليهم قال تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) الأنعام /124 , وجعلهم أسوة لإتباعهم وعصمهم من الذنوب قال تعالى : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) الأنعام /90
    وقال عن خاتم رسوله محمد عليه الصلاة والسلام : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) الأحزاب /21
    وهي وسط في قضية الإرادة الإنسانية ( قضية الجبر والاختيار ) تلك القضية التي حار فيها العقل البشري في الوصول إلى رأي فيها وتنازع فيها الفلاسفة وعلماء الأخلاق والنفس والتربية وغيرهم منذ تفلسف الإنسان وإلى اليوم عقيدة الإسلام في هذا هي العقيدة الوسط المطابقة للفطرة السليمة والواقع المشاهد فالإنسان في دائرة أعماله الاختيارية حر مسؤول عن نفسه وعن عمله له أن يفعل وان يترك كما تشهد بذلك بديهته وإحساسه فإن الواحد منا يشعر بحريته في اختيار أفعاله في نفسه دون ضغط عليه فيعمل على ما تمليه عليه إرادته الحرة كما تشهد نصوص القرآن قال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف / 29 , وقال : ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ) المزمل /4 , إلى غير ذلك من آيات تبلغ المئات كلها تقرر حرية الإنسان مسؤوليته عن عمله .
    ولم يكتف بهذا التقرير الإيماني بل حمل بقوةٍ على الجبريين الذين يلقون بشركهم و أوزارهم على كاهل القدر محتجين بمشيئة الله تعالى فرد الله على زعمهم بقوله جل ثناؤه : ( سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ) الأنعام /148
    وهي وسط في الأخلاق والفضائل فإذا اتخذنا الحكمة التي تقول ( الفضيلة وسط بين رذيلتين ) مثال ذلك الشجاعة فضيلة وهي وسط بين رذيلتي التهور والجبن والكرم فضيلة وسط بين رذيلتي الإسراف والبخل وقد حث الإسلام على الشجاعة والكرم ونهى عن الجبن والتهور والإسراف والبخل
    وهي وسط بين المغالاة في الحب والتطرف في البغض فالنصارى الذين غالوا في حب المسيح وقعوا في الشرك واليهود الذين أو قعوا في بغض أم المسيح وولدها خرجوا من دين موسى عليه السلام حين اتهموا السيدة مريم أم المسيح بالزنى في حين أن عقيدة الإسلام تتوسط في هذا الامر الخطير فلم ترفع المسيح نبي الله واحد خلقه إلى مصاف الإلوهية فتجعله شريكاً مع الله وأحد الأقانيم الثلاثة ( الأب و الابن وروح القدس ) ولم تتهم أم المسيح بالزنى إنما وقفت وسطاً بين هذا وذلك وطهرت أم المسيح مما الصق بها فقال تعالى : ( يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) آل عمران /43 فالمسيح أو عيسى بن مريم رسول من الله كغيره من الرسول قال تعالى : ( إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) آل عمران /59 فهو أي المسيح ليس واحداً من اثنين من الآلهة ولا واحداً من ثلاثة بل هو بشر ممن خلق أرسله الله لهداية الناس ولاسيما بني إسرائيل , كما قال تعالى عن عيسى نبييه ( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم .. ) الصف /6 ولما نطق قال : ( إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) مريم /31
    هذا باختصار شديد ما تعنيه وسطية الإسلام والله يقول الحق وهو يهدي إلى سواء السبيل
    وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    والحمد لله رب العالمين

    القامشلي في : 17/04/ 1433ه
    الموافق لـ : 10/03/2012م خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي

    ملاحظة : هذه المعلومات مستقاة من تفسير البحر المحيط لابي حيان الأندلسي و( كتاب الإيمان والحياة ) للدكتور يوسف القرضاوي وكتاب العقيدة للصف الثاني الثانوي في السعودية لمحمد قطب بتصرف في العبارات بحذف وزيادات .
    التعديل الأخير تم بواسطة خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي ; 11/03/2012 الساعة 06:07 PM
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. شبهات حول الإسلام
    بواسطة عبد المنعم جبر عيسي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 01/06/2010, 05:58 PM
  2. كنت سأبيع الإسلام
    بواسطة عماد ابو رياض في المنتدى إسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19/05/2008, 03:35 PM
  3. تلك هي معجزة الإسلام !!!...
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27/12/2006, 07:36 AM
  4. أنا سلمان بن الإسلام ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29/06/2006, 10:26 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •