معلقة عرب الصقر في حضرة غياب
الشيخ مشرف عارف المروج
حروف نحتها قلم د. ماجد توهان الزبيدي

أبا رافع لا ارثيك
فمثلك لايُرثى!
وأنت الحاضر بيننا
أبداً لم تغب!
في عزائك أبكي
السياسيين والدكاترة والوجهاء
والأئمة ونواب الأمة
وكل المعلمين
ورجال المال العرب
الحاضر منهم
ومن لم يغب!
أبكى في ديوانك
حكومات وأجهزة
وجامعات ومدارس
وأندية
صمتت وغابت عن الوعي
اكلت وتناسلت وشربت
ثم سكرت
ورافقت النعامة
في التراب
لم تعِ أو تتب!
أبكي في حضرتك
عيون المها بين الرصافة
والكرخ
يحتلها الغبيد والأزلام
والوشاة والزنادقة
والذباب!
أبكي في ديوانك
الحرة العربية
من بنات الأسر والنخب
في فلسطين والعراق وطرابلس
يطحن معدتها الرمل
والتراب
وتقاوم الغزاة بالحجر
وبالشجر
لم تساوم
ولم ترتض العار والغبن!
أبكي عذارى بني قومي
من العرب
بات يتحرش بشرفهن
ثم ينتهكه:صهيون و"ناتو"
والحلفاء الجدد
وكل ذئب وعميل وكلب!
أبا رافع:
في رحيلك ابكي
جبن اولي الأمر
من الأعراب
والعرب!
اضاعونا وأضاعوا الوطن
في معارك النصب والنهب!
وباتوا من احفاد "شيلوك"
يتاجرون بالعباد والبلاد
بالربا والمضاربة
ورهن الوطن والشعب!
وما حصدوا سوى الجبن
والعار والركوع على الركب!
ومثلهم الخانعات من الجُبب
والعمائم التي باعت
المآذن والتكبير
بحفنة من الذهب!
أبا رافع:
امانة في طريقك
سلم لي على حاتم الصقر
شقيق حاتم طي
على كبيرنا حمد
كريمنا وشيخنا
والد الليثين العقاب والصقر!
وانقل له ياعمي عن لساني
سلام شباب الفتح والثورة
في فلسطين والجزائر
وديار الجنوب
وريف حلب!
أبا رافع:
سلم لي على الفضيلين:ملاك وغرير
وإبن الشامخ رجل المروءة والحزب
وحافظ القرآن شيخنا الجليل خضر
والماجدين :ملاك ومجلي
والنمرين: عرسان و درويش
وفارس الخيل:أبا نمر!
وعملاق الديرة:أبي مثقال سعود
وأبي ذيبان
وأبي فرحان المتفائل: "من علمً إمام الجامع
كيف يكون الأدب"!
وأبي مثقال الدعوم صاحب الوجه المنير
وإبن هزاع المروج وإبن ورور:قاضي
القبائل والعشائر في غور بيسان
وأسد الثورة الكبرى:أبا علي:من علمً
الإنجليز و"يهود"! كيف يستقرُ الرصاص
في الراس!
ولاتسى التحايا للحر الحبيب أبي!
سلم لي عليهم عدد حبات التراب
من دير البلح حتى جبال الألب!

أبا رافع يافارس الوحدة والجيرة
سلم لي على الأعمام والجيران
من تذكرتُ ومن نسيتُ
وفي مقدمهم:عمي اسير الكرامة
صاحب العيون الحمر
أبي الفريد
وصاحبي الفقيه أبي إبراهيم
كبير العقل
لطيف المعشر
طويل الجسد!
ولاتنسى سلامي وأعمامي
لجارنا أبي غازي
صاحب العيون الزرق!
أبلغهم ياابا رافع:
غدا جحافل الفدائيين والمجاهدين
ستلغي المنطقة الحرام
بين طوباس وبيسان
وغدا نحن من فاز ومن غلب!
غدا في مواكب النصر
سنزرع الزيتون والليمون
والخضرة والزرع
والحبً
في الساكوت والأشرفية
وبردله وعين البيضاء
وجبريس والمالح
وتياسيروغور الشريعة وضفة النهر!
غدا سيحرث الأرض ويزرعها عجولها
من أبناء درغام وصوفاط وفقيه وقصرى
وزبيد وملاك وقروط ومروج
وبدندي وبشكمي وغرير
وهميًل وعُبيد ورشايدة وكحًوش
ومن جاورهم في المصاهرة
والقرب والنسب!
وعندها أبا رافع
سيهاجر الجراد والذباب والغراب
كل عائد لدياره
وتحط من جديد فراشات الوطن!
غدا سيغادر العابرون
وكل من ولد من نسل
من تسلل أو عبر
من أرض الكنانة
في غفلة من الزمن!
وغداَ سيرى كل واحد
من خسر ومن كسب!
عندها سيبني شعبي
في وطني
مجلدات الفخر
تتحدث عنها لملايين السنين
كل الصحائف والكتب!
وعندها أبا رافع
سنستعيد ذكرياتك
في شارع الملوك في عروس البحر
وقمة الكرمل
يوم كنت طاؤوسا تتختل
بين العذارى والزهر
يحيط بك ورد وعوسج وعطر
ولحم طير وضأن وإبل!
سنمشي في الدروب التي مشيتها
في عاصمة التماثيل والفاتيكان
ونهري"الراين"و"السين"و"فينيسيا"
وتونس الخضراء ومدينة الإسكندر الأعظم
وفاس والقسطنطينية والشهباء
وما ماثلها من جنائن الأرض
دون تمييز أو عتب!
أبا رافع نم قرير العين
تقاطر على ديوانك
قوافل الرجال والنساء
من الريف والحضر والبدو
من كل صوب وحدب!
وكل الحضور كانوا في عداد
الغياب
وانت الوحيد بيننا حاضر
لم تغب!
أضاءت قناديل ذكرك
عتمة المخيم
وكل عين وقلب!
أبا رافع
جفت عيون صبايا الصقر
من البكاء والنواح
واللطم والندب!

وقصًت عجائزُ الصقر
على الصبايا في ديوانك
زغاريدهن فوق رأسك في شبابك
في السامر والقصيد والدحية والحاشي
ولعلعت الرصاص من بنادق الصقر
في بيسان
وسمو اللهب!
أبا رافع
مايزال وجهك الناصع
ينير الدرب
ويضيىء كياني
ولم يزل النظر الرفيع
يسرح في الفضاء
أمامي
يصول ويجول ويحلق
كصقر أو نسر
له فعل وصهيل خيل
العرب!
أبا رافع
ذاكرة تأبى النسيان
بقيت سنديانة واقفة
من المهد حتى ساعة الإحتضار
والغياب
لاتحدها مسافات
أو حدود أو فيافي
أو زرع أو ترب!
أبا رافع
تبكيك الأشرفية وام سدرة
وسيرين
ودنة وسيل العاصي
واسواق بيسان!
ولم تزل بساتينها
تحن لوقع خطواتك
وربيع الأغوار!
وتشتاق لك فراشات
النهر الخالد
وعصافير الصباح !
وأشجار النخيل والرطب!
أبا رافع
ايا عمي العزيز:
سناتقي هناك
في جنات الخدل
عند مليك مقتدر
يعطف علينا
ويتجاوز الخطأ والذنب!
من حولنا حور العين
لك منهن مائة
ولي ضعف العدد!
من حولنا عيون وأنهار
من لبن وعسل
وبحار خمر من عنب!11-17/10/2011