محمد الجبالي مرفوع الرأس

كلمات/ د. ماجد توهان الزبيدي

لا
لم يعط ظهره للريح
لا
لم يسد الشبا بيك
ولا كسر الباب
ولا الطاقة
التي تدخل الريح
وعيون الناس!
وقف متحديا
جبروت الريح
ورمى وراء ظهره
ماإعتاد عليه عامة الناس!
قاوم مد البحر
صمد وانتصر
قهر الوسواس الخناس
وقضى عمره في خدمة وطن
وعيون الناس!
كان يوزع دخله بين أهله

وفقراء الحي
ومساكين الناس!

محمد الجبالي
فقيرا مات
عنيدا مات
شهيدا مات
لم يمت كالملايين
مطاطأً الرأس!
غادرنا للعلا
شهيدا
مثخنا بالجراح
ممتلئاً بالشظايا

ممزقاَ بالرصاص
ومحملاَ بثنايا الناس!

تسلل ليلا للمستعمرة
زرع ألغامه
في دروب الدبابات
وجيش الأنجاس
ثم غادر على مهل
لكنه في رحلة الإياب
إصطدم بكمين غادر
أطلق عليه كيس
من رصاص
وأفرغ هو "باغة"رشاشه
في صدور الأنجاس!
أصيب محمد الجبالي
بطلقة في الراس
ثم غادرنا مسرعا للمجد
مرفوع الراس!
منذ عقد من الزمان
مايزال أهلي في جباليا
يقرأوون الفاتحة
في كل صلاة
وكل جمعة وعيد
على روحه
ويفتخر ربعه وأهله
ومخيمه
في كل مظاهرة ومسيرة
بسيرته أمام كل الناس!


محمد الجبالي
سقط واقفا..
مات واقفا..
والدم شلال هادر من جبينه..
عشرون فتحة في جبينه
وخمس حفر في زوايا الرأس..
أضاء دمه الدرب الممتد
من حدود "نتسريم"
حتى شارع الزيتون ..
سهر اهله وربعه على ضوء دمه ،
مشى في جنازته الصغير والكبير
من بيت حانون وجباليا والرمال
والشجاعية وحي الدرج
وناس آخرون من كل الأجناس ..
هتفت حناجر الآلاف:
الموت لإسرائيل ..
الموت لجيش الأنجاس
وودعته عذارى العرب
بالزغاريد
والأهازيج والزهور والأرز
من رفح حتى حدود بانياس
ومن قلندية والبقاع لتكريت
حتى بلاد شنقيط وفاس!!

محمد الجبالي
شاب عربي فلسطيني
في عمر الزهور..
مضى على عقد قرانه عشرة شهور..
عندما قرر إقتحام المستعمرة
برشاش وخنجر وفاس!
ودع والديه
قبلٌ كفيهما
ومن والدته الجبين والرأس!
ثم مر في طريقه على بيت خطيبته
عند تقاطع شارع الرمال
مع مخيم الشاطىء
قرب سوق الخضار
والفاكهة والسمك!
وقف على باب خطيبته..
قص عليها قصة حنظلة الغسيل..
نظر في عينيها..قبلً جبينها..
وترك في يدها رسالة كلها حب
ولطف وإحساس!
قال في رسالته:
"فاطمة:عرفتك صبية طاهرة
من اكارم الناس!
أهلك طيبون من علية الحسب والنسب..
وصيتي لك:
إجمعي صبايا الحي بعد ساعة
ثم إصعدي معهن أعلى السطوح
وركزن النظر صوب المستعمرة،
فإذا ما دوى اللغم الأول
أو لعلع صهيل الرشاش
وأضاء ليل المستعمرة،
فإني أتوق لصلية متواترة
من زغاريد حناجركن
تشق سكون الليل
ترعب كلاب المستعمرة
وتشحذ عزيمتي ورشاشي
والفأس!

في مساء اليوم الأول
من عرس الشهيد في بيت التهاني
في شارع" المسمية"
في مخيم جباليا
وقفت فاطمة بين مئات المهنئات
تحض على الصبر
والدعاء للشهيد!
ختمت خطبتها :
يابنات شعبي:
دم شبابنا وأزواجنا وحده
النبراس

هومن يضيء ليلنا الدامس..
وحده من يغيًر زرعنا اليابس
وحده من يضيء
ليل الناس!
لله در شعبي
وشم درب العروبة
بدم الشهداء
من رفح لغزة للقدس
لبيروت للضاحية للمية ومية
لبغداد لكردفان لتونس
لمكناس!26/9/2011