الأسلوبية علاقات واتصال
عرض: هدى محمد قزع

من كتاب (مدخل إلى علم الأسلوب )
شكري محمد عياد
ط4 /أصدقاء الكتاب _القاهرة 1998م



_علم اللغة وعلم الأسلوب

أما وقد قررنا أن ندرس الأسلوب من جهة اللغة حتى نخلص هذه الكلمة من فوضى النقد المعاصر ،فيجب أن نسأل أنفسنا أولا :كيف ننظر إلى اللغة ؟فثمة نظرتان إلى اللغة :
1_نظرة القدماء للغة (الثبات) فالاستعمالات اللغوية التي يعتد بها عندهم هي تلك التي ترجع إلى عصور الاحتجاج قبل أن يختلط العرب بالأعاجم فتفسد ألسنتهم.(تقعيد_تصنيف).والفئات المنبوذة درجات :فمنها المعرب والدخيل والمصحف والمحرف والملحون.
وكان لهذه الفلسفة اللغوية أثرها في فلسفة النقد ،فكانت عصور الاحتجاج في اللغة هي نفسها عصور الاحتجاج في الأدب (الآمدي)/وتطورت من هذه النظرة فكرة عمود الشعر كما تطورت منها فكرة الأسلوب التي لخصها (ابن خلدون (808ه)
(الأسلوب عبارة عندهم عن المنوال الذي ينسج فيه التراكيب أو القالب الذي يفرغ فيه /المراد بالمنوال والقالب:صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص ،تلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويصيرها في الخيال كالقالب أو المنوال،ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان فيرصها فيه رصا كما يفعل البناء في القالب أو النساج في المنوال ).
هذا ملحظ مهم بعملية الخلق اللغوي __تقترب من نظرية تشومسكي :ثمة أبنية عميقة في ذهن كل مستعمل للغة يستطيع بمراعاتها أن يخلق عددا لا يحصى من الجمل التي لم يسبق سماعها.
*ابن خلدون __تصور البنية العميقة أو الهيئة الذهنية ،التي يصدر عنها الشعر أو النثر تصورا لا يكاد يختلف عن تصور النحويين لقواعدهم إلا في شيء واحد :وهو أن البنية الذهنية في الأسلوب بنية معنوية.

حازم القرطاجني:الأسلوب هيئة تحصل عن التأليفات المعنوية ،والنظم هيئة تحصل عن التأليفات اللفظية.
ابن خلدون يأتي بالشواهد من كلام الشعراء المتقدمين على طريقة علماء اللغة ،ويوافق كثيرا من النقاد قبله على أن المتنبي والمعري لم يكونا شاعرين ،لأنهما خرجا على هذه الأساليب .

اضطراب هؤلاء أمام كلمة الأسلوب راجع إلى أنهم لم يقبلوا الفلسفة اللغوية التي قامت عليها نظرية الأسلوب عند الأقدمين/ لكننا نستبدل من علم لغوي صلب ينكر الواقع إلى علم لغوي يستمد قوانينه من الواقع ليعود أقدر على التأثير فيه.
*علم اللغة الحديث:لا نقصد به علم اللغة في العصر الحديث ولا علم اللغة عند الأوروبيين بإطلاق ،دراسة اللغة في القرن 19 سائرين على نهج في دراسة لغاتهم لاغ يختلف من حيث مبادئه عن نهج لغويينا القدماء وإن اختلفت طبيعة المشكلات التي واجهوها .(تأثروا باللغة الأم في صياغة قواعدهم كما تأثروا بها في إنشاء أبهم ولكنهم بعد أن أمسكوا بمعيار الصحة والخطأ وأهملوا ما عداه ،ثم كان التغير المهم في علم اللغة لما أخذوا بالنظرة التاريخية المقارنة وراحوا يحاولون اكتشاف خطوات التطور في اللغة .
1_أوجست كونت :فلسفة وضعية التي ترد كل القيم الفكرية إلى الإنسان وتؤمن بالعلم التجريبي كمرحلة أخيرة في تطور البشرية ،غلبت دراسة المجتمعات الإنسانية من حيث هي نظم متكاملة على دراسة المظاهر المختلفة لحياة الإنسان بصورة منفردة في تطورها التاريخي .

2_تأثير علم الاجتماع في علم اللغة على يد سوسير الذي دعا إلى دراسة اللغة كبناء متكامل في فترة زمنية محددة ،قبل دراسة التطورات الجزئية التي تطرأ على نطق حرف من الحروف مثلا فتؤدي إلى التغير في بعض القواعد أو بعض المفردات وقد كان لعلماء الأنثروبولوجيا الذين قاموا بدراسات ميدانية لكثير من المجتمعات البدائية في تدعين الاتجاه الجديد.
هذا الاتجاه لم ينسخ البحث التاريخي (الرأسي )في اللغة ولم ينف الحاجة إليه وإن كان قد جعله تاليا في الأهمية للبحث الأفقي الذي يدرس اللغة على نظام واحد نفترض ثباته حتى نستطيع أن نلاحظ العلاقات بين أجزائه وهذا هو الفرق الجوهري بين علم اللغة المعاصر وعلم اللغة القديم .
فعلم اللغة المعاصر يفترض ثبات اللغة على أنه ضرورة منهجية /أما علم اللغة لقديم :الثبات حقيقة.
ومن ثم لم يستطع البحث الأفقي في اللغة أن يزيح البحث التاريخي من الميدان .
والواقع أن البحثين متكاملان من حيث إنهما يعترفان بأن اللغة (تخضع لشتى أنواع التغير وأن متن اللغة وقواعدها يستخلصان من استعمال أصحاب اللغة ،في شتى العصور والبيئات .

*علم النحو: يقتصر بحثه على اللغة بوصفها نظاما اجتماعيا شاملا خارجا عن خصوصيات الفرد والموقف.
وهكذا نشأ علم الأسلوب في دوائر اللغويين قبل أن يعنى به نقاد الأدب .

*الفروق بين علم اللغة الحديث والمعاصر وعلم اللغة القديم:
_إذا أردت أن تكشف عن معنى كلمة في معجم مؤلف طبقا لمبادىء العلوم اللغوية القديمة فسنجد هذه المعاني مسرودة سردا دون تمييز بينها،فهم ما يزالون سائرين على المبادىء القديمة في علم اللغة ،وكل ما أحدثوه هو نوع من التنظيم الخارجي في عرض المادة .
_أما المعجم المؤلف على أسس علم اللغة الحديث لا يهتم فقط بتاريخ الكلمة من حيث نطقها ومعناها بل يهتم أيضا بصورها المختلفة واستعمالاتها المختلفة في العصر الواحد ،لم يكتف علم اللغة الحديث بملاحظة الفروق اللغوية وإنما راح يسجل الاختلافات الفردية في استعمال اللغة .

*من هنا نشأت فكرتان بالغتا الأهمية بالنسبة لعلم الأسلوب :
1_التمييز بين اللغة والقول (سوسير ) :فاللغة:نظام متعارف عليه من الرموز التي يتفاهم بها الناس .
القول: صورة اللغة المتحققة في الواقع في استعمال فرد معين في حالة معينة وهذا الاستعمال يطابق النظام العام (اللغة) في صفاته الأساسية ولكنه يختلف في تفصيلاته من فرد إلى فرد .
هذه هي الفكرة الأولى التي أدت إلى نشوء علم الأسلوب وقيمتها إلى هذا العلم واضحة فهي تعنى بالسمات المميزة التي تتخذها اللغة في الاستعمال وهذه السمات هي التي تكون ما سماه أهل الأدب بالأسلوب ،وهي ترجع اختلاف هذه السمات إلى استعمال الأفراد للغة وبذلك يمكن أن تؤدي إلى قيام (علم أسلوب)حديث يناسب هذا العصر الذي يعترف بقيمة الفرد في كل شيء ولا سيما الإنتاج الفني.
2_الاختلافات اللغوية ترجع غالبا إلى اختلاف المواقف_فاللغة باعتبارها نظاما اجتماعيا تأخذ أشكالا متعددة فلكل فئة من الناس طريقتها الخاصة في استعمال اللغة ،وهناك الاختلافات اللغوية بين البيئات،هناك اختلافات تنشأ عن اختلاف المناسبات الاجتماعية (قديما لاحظ الجاحظ أن الخطب تختلف باختلاف المناسبات).
هذه الاختلافات تشترك في تكوين الموقف الذي يحاول القائل أن يراعيه فيما يختاره من طرق التعبير .ولهذا فهو يتخير طريقة التعبير المناسبة للموقف (يدخل في اعتباره دلالات كثيرة فوق الدلالة المباشرة أو الأصلية للعبارة (دلالات تتمثل بطريقة النطق،واختيار الكلمات والتراكيب دلالات يأنس إليها السامعون ويفتقدونها إذا سيق لهم القول مغسولا منها مقتصرا على أداء المعنى المجرد أو محملا بدلالات أخرى مناقضة للموقف .
إن القائل يعتمد غالبا على فطنته وسليقته اللغوية وخبرته الاجتماعية بما ينبغي أن يقال وما لا ينبغي أن يقال في المواقف المختلفة ، لكن علماء الأسلوب :يحددون الخصائص المميزة لكل نوع من أنواع الاستعمالات اللغوية ،ويربطوا بين هذه الخصائص أو السمات اللغوية ودلالاتها التي المعنى المجرد.
*اللغويون الخلص: القسم الأكبر من الدلالات السابقة الذكر ذات طابع وجداني /أي ان القول بجانب أدائه للمعنى ،ينقل إلى متلقيه اتجاها شعوريا معينا (رضا ،تعظيم..)ولكن فريق منهم يفضل إبعاد الأدب عن مجال علم الأسلوب بحجة أن الشاعر أو الكاتب يستخدم هذه الدلالات الوجدانية استخداما مقصودا لإحداث تأثير جمالي أي أن التأثير الجمالي الذي يتوخاه الشاعر أو الكاتب يضاف إلى الدلالة الوجدانية ويخرجها عن طبيعتها التعبيرية الصرف.
*شارل بالي (مؤسس علم الأسلوب الفرنسي )إن علم الأسلوب يجب ألا يبحث في كيفية استخدام الأدباء لهذه التأثيرات الوجدانية فلا يسأل عن مدى مناسبتها للموقف الوجداني الذي يصوره الشاعر ،أو للشخصية التي يقدمها الروائي أو الكاتب المسرحي /فمثل هذه الأسئلة خارجة عن عمل الدارس الأسلوبي وينبغي أن تظل من اختصاص الناقد .
الدارس الأسلوبي من وجهة نظره: دارس لغوي محض ،يدرس الخامات اللغوية من حيث دلالاتها الإضافية مهما تكن طبيعة النص والمسألة عنده مسألة منهج :فالعالم اللغوي يبحث عن قوانين لغوية تحكم عملية (الاختيار)التي يقوم بها أي شخص يستعمل اللغة ولا يبحث عن القوانين الجمالية التي تخص الأدب دون غيره من الأغراض التي تستخدم فيها اللغة .
كرّسو : لا يقبل التفرقة الحاسمة بين التعبيرية والتلقائية من ناحية والجمالية والقصد من ناحية أخرى ،منبها إلى أن التأثير الجمالي كثيرا ما يراعى في الاستعمالات العادية للغة مادام الغرض من هذه الاستعمالات دائما هو استمالة السامع إلى ما يقوله المتكلم وأن القصد ينبغي أن يكون سببا لتفضيل النصوص الأدبية على غيرها وليس العكس من حيث إن الاختيار وهو موضوع علم الأسلوب يكون مع القصد أظهر ولكن الاختلاف بين كرسو وأستاذه أو بين المدارس المختلفة من الأسلوبيين اللغويين لا يعدو درجة الاعتماد على النصوص الأدبية في استخلاص القوانين الأسلوبية .
_فريق يفضل الابتعاد عن النصوص الأدبية لأنها لاتقدم إلا مواد بسيطة.
_فريق كرسو وأخرون يكادون يقتصرون عليها :لأنها (ميسورة ،غنية ) وكرسو يفرق بين الأسلوب وعلم الأسلوب فالأسلوب عنده :شيء يتجاوز واقعة التعبير ،في الأسلوب لا نستبعد الحياة الباطنية للعمل .

*النقاد الأسلوبيين : يرون أن الذي ذكره كرسو عن الرؤيا لا سبيل لنا لمعرفته إلا من خلال النص المكتوب وكل معلومة يأتي بها الناقدمن خارجهذا النص لتوضيحه لا تؤدي إلى اكتشاف الرؤيا إن لم تكن هذه الرؤيا هي النص نفسه.
_علماء اللغة وقفوا عند حدود الوصف اللغوي البحت وقد كانت مشكلة النقد الأدبي ولا تزال وراء هذه الحدود.

علم الأسلوب
والنقد الأدبي /تاريخ الأدب

*اللغويون الخلص من علماء الأسلوب يسجلون الخصائص التعبيرية (أسلوبية بالي)لنوع من الاستعمالات اللغوية مفصلين السمات الأسلوبية المميزة للنص من حيث نطق الحروف ،صيغ المفردات وأنواعها ،أشكال الجمل وطرق الربط بينها غير متجاوزين ظاهر اللغة/أو استخدام منهج(تحليل المحتوى)المعروف عند علماء الاجتماع،فصنفوا أنواع الدلالات في مجموعة من النصوص(دلالات المفردات ،الصيغ،التراكيب)ليجيبوا عن أسئلة تتعلق بالوظائف العملية الظاهرة التي تؤديها النصوص/يوضحون أسس الاختيار في مجال معين الذي تستخدم فيه اللغة /الانتفاع منه عمليا.
*يأتي بعدهم متخصص بعلم الاجتماع اللغوي (استنتاج الدلالات الاجتماعية للخصائص التي سجلوها عن اللغة المستعملة (يقف المحلل عند ظاهر اللغة.

*الناقد الأدبي: يستخدم التحليل اللغوي ،يتعامل مع نص لا يمكنه الوقوف عند ظاهره فلو ظل واقفا عند الظاهر لا يصل لشيء مهم/الناقد يستنتج دلالات فنية من النتائج التي توصل إليها العالم اللغوي بالتصنيف والإحصاء.
*العالم اللغوي يهتم بكل شيء في لغة من يدرسه لأنه يريد أن يجمع صورة كاملة للغة /مجموع الخصائص المميزة استخلاصها أمر عسير يتطلب المقارنة باللغة القياسية المستخدمة وقتذاك (دراسة لغوية أسلوبية).
*الناقد يستطيع القيام بدراسة أسلوبية :يميز النص الأدبي من نص لغوي آخر أو نص أدبي آخر (إن الاختيارات التي يجمعها الناقد الأسلوبي لا يمكن أن تظهر إلا مرتبطة بوظيفتها في أداء موقف شعوري معين صدر عنه النص الأدبي وكثيرا ما يظهر اجتراء على علم اللغة في هذه الاختيارات /قديما قال النقاد:
(الشعراء ملوك الكلام / الفرزدق: علينا أن نقول وعليكم أن تعربوا/قالها لأحد النحويين .
يولي الناقد الأسلوبي هذه الاختيارات عنايته وقد سماها النقاد الأسلوبيون (انحرافات)/حتى قال بعضهم علم الأسلوب :علم الانحرافات (ستيفن أولمان).
/إن الانحراف ليس له حد يقف عنده إلا المخالفة الصريحة لقوانين اللغة ،بحيث تتحطم العلاقات بين الأصوات اللغوية فتستحيل لغطا غير مفهوم .

أمثلة على الاختيارات اللغوية:
يقول مهيار الديلمي:
يانسيم الصبح من كاظمة شد ما هجت الجوى والبرحا !
الصبا،إن كان لا بد الصبا! إنها كانت لقلبي أروحا !
ليس في البيتين معنى طريف لكن فيهما حنين غامض يصدر في أغلب الظن عن جرس الحروف.
يقول امرؤ القيس بوصف فرسه:
على الذبل جياش كأن اهتزامه إذا جاش فيه حميه غلى مرجل
فيه كلمتين تحكيان صوتين (جياش) وقد كررت في الفعل جاش واهتزام وقد وضعت هذه الكلمات الثلاث في إطار من الكلمات يحكي بمجموعه تردد أنفاس الفرس فيشعرك بروعة الإعجاب ،ولاسيما إذا تمثلت بخيالك قدرا ضخما يغلي فيه الماء فينبعث منه نشيش وبخار.
وقول أبو ذؤيب الهذلي:
أمن المنون وريبها تتوجع ؟ والدهر ليس بمعتب من يجزع !
الاستفهام حفل بمشاعر متناقضة/هل ينكر توجعه من الموت/ولكنه يذكر نفسه أن الجزع لا يجدي /تقديم الجار والمجرور(من المنون /(القصر(عند البلاغيين)/الاستفهام خرج عن معناه (التقرير،الانكار،التعجب)هذا لا يفي بوصف الحالة الوجدانية المعقدة التي عبرت عنها الجملة الاستفهامية بالبيت.
الناقد الأسلوبي: يبين الارتباط بين التعبير والشعور فيجب أن يكون قادرا على الاستجابة للقطعة الأدبية التي يدرسها فهو لا يمكن أن يدرس عملا لا يتذوقه(عمق،صدق).
*كل نقد جاد ينطوي على حكم ضمني بأن العمل المنقود يستحق القراءة والفرق بين الناقد الأسلوبي والانطباعي:
الناقد الأسلوبي: أكثر موضوعية (ينطلق من تحليل للنص المكتوب قائم على مبادىء علمية)
الناقد الانطباعي:ينطلق من مشاعره الخاصة إزاء العمل وقد تعكس هذه المشاعر صورة صادقة للعمل ولكنها في كثير من الأحيان تكون بعيدة عنه.

*الاتجاهات الموضوعية الحديثة بالنقد غير الأسلوبية لم تستطع أن تحدد مفاهيم خاصة أو لغة علمية اصطلاحية خاصة بالنقد (عناصر لم يتم نضجعها معا /علم نفس ، علم اجتماع ،الانثروبولوجيا .
رومان ياكسبون: يتحدث عن النقد الأدبي كما لو كان شيئا من مخلفات الماضي.
إن النقد الأسلوبي لا يمكنه أن يستوفي كل جوانب العمل الأدبي إلا إذا هشم أطرافه حتى تتسع له طاقة الدرس الأسلوبي أومط الدرس الأسلوبي فوق طاقته ليتسع للعمل الأدبي بكافة جونبه .
كرسّو :دراسة العمل الأدبي لا يمكن أن تقتصر على دراسة عبارته اللغوية.
/لا نقبل التمييز بين الدراسة الأسلوبية ودراسة الأسلوب/اللغة لاتنظم بقوانين تفرضها سلطة غير سلطة المتعاملين بها /كلمة الأسلوب إذا تجاوزت معنى(الاستعمال الأدبي الخاص للغة)لم تعد لها قيمة كاصطلاح علمي مفيد.
الجوانب التي ذكرها كرّسو (المسائل التي تتعلق بالأنواع الأدبية موضوعات مشروعة للنقد إلا أن اعتبارها دراسات في الأسلوب ضرب من خلط المفاهيم.

*هناك عناصر بالأدب تتجاوز الدلالات اللغوية المباشرة وغير المباشرة ويمكن عرضها بصور مختلفة (كالشخصية الروائية،وهناك علاقات تربط العمل الأدبي بموقف إنساني له جذوره في الشخصية أو في المجتمع وكل ذلك لا يبحث في المنهج الأسلوبي.
*التمييز لا يعني الفصل فعلم الأسلوب والنقد الأدبي يتعاونان ويتكاملان وإن كان علم الأسلوب اليوم أقرب للموضوعية فإن النقد في طريقه إلى أن يصبح علما وهو قادر على أن يستعين بعلم الأسلوب دون أن يتنازل عن حقه في الوجود.

_علم الأسلوب وتاريخ الأدب

تاريخ الأدب: تاريخ لكل شيء وأي شيء إلا الأدب/هذا لا يعني أن منهج علم الأسلوب في تحليل النصوص الأدبية يمكن أن يوصلنا وحده إلى كتابة تاريخ الأدب بطريقة أمثل /فعندما نحلل نصا أدبيا ما تحليلا أسلوبيا لا نستطيع أن نقفز إلى أحكام عامة عن عصره فلا بد للوصول إلى هذه الأحكام من إضافة حقائق أخرى بعضها مستمد من نصوص أدبية ذات صلة بالنص الأول وبعضها حقائق لا توصف بأنها أدبية.
إن الثقافة الموسوعية للناقد(شبتسر)يمكن أن تغطي على هذا النقص لكن الخطأ يترصد دائما من يحاولون الوصول إلى أحكام عامة دون أن يبالوا بسلامة المنهج ومهما تكن ثقافتهم.

علم الأسلوب وعلم البلاغة
لعل أشهر تعريف للبلاغة عند القدماء هو أنها : مطابقة الكلام لمقتضى الحال وكذلك عرفوا علم المعاني بأنه: العلم الذي تعرف به أحوال اللفظ العربي التي يكون بها مطابقا لمقتضى الحال .
مقتضى الحال(البلاغة) /الموقف (علم الأسلوب ).
*القائل يراعي الموقف بأبعاده المختلفة ليوصل المعنى بطريقة مقنعة ومؤثرة للمتلقي.
*علم (الأسلوب ،البلاغة)يفترض أن هناك طرق متعددة للتعبير عن المعنى والقائل يختار الطريقة الأكثر مناسبة للموقف .
*الهدف النهائي لعلم الأسلوب:أن يقدم صورة شاملة لأنواع المفردات والتراكيب وما يختص به كل منها من دلالات وهذا نفسه ما يصفه علم البلاغة فهو يتناول طرق معينة في استعمال المفردات (الاستعارة ،المجاز ..)
ويبحث قيمة كل طريق من هذه الطرق،ويتناول أنواع معينة من الجمل الخبرية ،الاستفهامية ،تركيب الجملة (الحذف ،التقديم والتأخير )ويبحث قيمة كل ذلك/ملاحظات تفيد الدارس الأسلوبي ويستفيد الدارس الأسلوبي من بعض المفاهيم البلاغية.
الفروق بين علم الأسلوب والبلاغة
علم البلاغة : علم لغوي قديم فالعلوم اللغوية تنظر إلى اللغة على أنها شيء ثابت ومع أن علم البلاغة يلاحظ اختلاف طرق التعبير تبعا لاختلاف مقتضى الحال إلا أن هذا الاختلاف لا يخرج عن الامكانات الثابتة للغة/تتناول البلاغة التقديم والتأخير والسجع وغيرها منفصلة عن الزمن والبيئة/قوانين البلاغة مطلقة لا يلحقها التغيير من (عصر،بيئة ،شخص) فمن الضروري مراعاتها ومع ان البلاغة تقوم على الاختيار بين عدة تراكيب نحوية صحيحة ولكن هذا الاختيار نفسه محكوم بقوانين تجعل العدول عن التركيب المناسب خطأً بلاغياً/لذلك قالوا بتعريف علم المعاني بأنه: علم يحترز به عن الخطأ في أداء المعنى المراد ،وعلم البيان :علم يحترز به عن التعقيد المعنوي والتعقيد المعنوي يقابل التعقيد اللفظي الذي هو خطأ في ترتيب الألفاظ /علم البلاغة علم معياري /البلاغيون أنشئوا علمهم في ظل سيادة المنطق على التفكير العلمي ولخدمة الخطابة أكثر من الشعر لذلك فإن أهم عنصر في ظروف القول(مقتضى الحال) هو الحالة العقلية للمخاطَب وإن كانت المادة الأدبية قد فرضت عليهم الاهتمام بالحالة الوجدانية للمخاطَب والمتكلم جميعاً/ تتجلى سيطرة المنطق على علم البلاغة في تبويب هذا العلم فإنه لم يكد يخرج في هذ التبويب عن موضوعين اثنين :التصور: دلالة اللفظ المجرد (المجاز ،الاستعارة الكناية)/التصديق: دلالة الجملة (الخبر ،الانشاء ،الحذف،التقديم والتأخير ،القصر )ولم تتحرر البلاغة من هذا التبويب المنطقي إلا حين أضافت موضوع الربط بين الجمل (الفصل والوصل)وموضوع الإيجاز والإطناب ولكنها تركت ظواهر لغوية مهمة يعنى بها علم الأسلوب (الإيقاع،التأثير الصوتي)/ضيق آفاق علم البلاغة قياسا لعلم الأسلوب /البلاغة في دراستها للظواهر اللغوية تكتفي بعصر واحد أو تمزج بين العصور.

علم الأسلوب:علم لغوي حديث ،يسجل ما يطرأ على اللغة من تغير وتطور ،يدرس الظواهر اللغوية (الجانب الذي يخصه منها بطريقتين (أفقية:تصور علاقة هذه الظواهر بعضها ببعض في زمن واحد /رأسية :تمثل تطور كل ظاهرة من هذه الظواهر على مر العصور /يسجل الظواهر ويعترف بما يصيبها من تغير ويحرص فقط على بيان دلالاتها في نظر قائليها ومستمعيها وقارئيها فطبيعي ألا يتحدث عن صحة وخطا/علم وصفي/مادته:التأثيرات الوجدانية للظواهر اللغوية (وجدان الدارس نفسه،الذاتية)/نظرية الأسلوب تعتمد على فكرة الاختيار والانحراف (مفاتيح تمكننا من الولوج إلى العالم الشعوري الكامن وراء القطعة الأدبية/إن القراءة الأسلوبية ليست إلا تدريبا للقدرة الطبيعية على القراءة(الاختيار والانحراف)توضيح لأسباب القلق التي يشعر بها القارىء حين يجابه بطريق خاصة في استعمال اللغة /نشأ هذا العلم في العصر الذي دخل فيه علم النفس شتى مجالات الحياة ،الجانب الوجداني /الموقف أشد تعقيدا من مقتضى الحال (عوامل خارجية(المرسل،المتلقي،المنشأ،الجنس ،العمر ،المركز الاجتماعي)/(عوامل فردية ترجع للقائل وحده(الشخصية والمزاج )/(عوامل وجدانية :موقف القائل من مخاطبه في لحظة القول بالذات/العلاقة بين المرسل والمستقبل (المبدع والمتلقي )تختلف من فن إلى فن وتبعا لنوع العلاقة النفسية في كل حالة أثره في اللغة المستعملة هذه نقطة التقاء (مع الدراسة النقدية)/يدرس ظواهر لغوية هامة فقبل دراسة الدلالة المعنوية للكلمة يدرس تأثيرها الصوتي الذي يرجع إلى طولها ووزنها وطبيعة حروفها،ظاهرة الإيقاع التي تسيطر على القطعة كلها (تطبع شعر الشاعر ،الكاتب )بطابع خاص/اتساع آفاقه:يدرس الظواهر اللغوية جميعها من أدنى مستوياتها (الصوت المجرد)إلى أعلاها (المعنى)/البساطة_التركيب/يتتبع تطور الظاهرة اللغوية/يدرس الصفات الخاصة التي تميز الدلالات الوجدانية في أسلوب مدرسة أو فن أدبي معين،أوعند كاتب ،عمل بعينه.