الغلاء المشهور

قال المؤرخ: كان ابتداء هذا الغلاء من استقبال شوال - وقيل ذي القعدة - سنة ست

وتسعين وخمسمائة، إلى ذي القعدة سنة تسع وتسعين، فكانت مدته ثلاث سنين وشهراً.

وذلك أن قرار النيل في سنة ست وتسعين كان مقداره ذراعان، وبلغ غايته إلى اثني عشر

ذراعاً وإحدى وعشرين إصبعاً. فصام الناس ثلاثة أيام، قبل يوم التروية، واستسقوا ثلاثة

أيام، آخرها يوم العيد. ثم أخذ الماء في النقص، فاشتد الغلاء وامتد البلاء، وهلك القوى،

فكيف الضعيف !. قال العماد الأصفهاني: وبلغ سعر القمح عن كل إردب الكيل المصري

خمسة دنانير. واستقر القاع في سنة سبع وتسعين على ذراعين، وبلغ غايته خمسة عشر

ذراعاً ونصف ذراع. فعدم الناس القوت، وأكل بعضهم بعضاً، وأكلوا أولادهم والميتة.

وخرج خلقٌ كثير من الديار المصرية إلى الشام والسواحل.

وحكى ابن جلب راغبٍ في تاريخ مصر: أنه نودي على دجاجة، تزويد فيها إلى أن بلغت

ألف درهم ورقاً. وبيعت بطيخة بفرس. قال: وكانت الدجاجة تباع بالأوقية. وحكى -

أيضاً - أن بعض الناس سمع صياح امرأة، تفتر ثم تعاود الأنين والصراخ ! فتتبع الصوت،

حتى انتهى به إلى منزل وفيه امرأة سمينة ملقاة، وشاب يقطع من لحم فخذها. فلما رأتهم

قالت: لا تعارضوه فإنه ابني، وأنا قلت له يقطع من لحمي، ويأكل ويطعمني، مما آلمنا من الجوع

ولم يسمع بمثل هذا.

وفاة القاضي الفاضل

وشيء من أخباره

هو القاضي الفاضل الأسعد محي الدين، أبو علي عبد الرحيم، بن القاضي الأشرف أبي

الحسين علي بن الحسن، بن الحسين بن أحمد، بن الفرج بن أحمد، اللخمي - الكاتب.

كانت وفاته فجأة في ليلة الأربعاء، السابع من شهر ربيع الآخر، سنة ست وتسعين

وخمسمائة. ومولده بعسقلان في خامس عشر جمادى الآخرة، سنة تسع وعشرين

وخمسمائة.

وكان أبوه قاضي عسقلان، وصاحب ديوانها. ونسبته إلى بيسان نسبة انتقال. وذلك أن

قاضي عسقلان كان قاضي البلاد الشمالية من ساحل الشام، وبيسان في ولايته. وكان إذا

خرج إليها قاضٍ لحقه من الوخم ما يوجب مرضه، ومنهم من يموت. فقرر قاضي عسقلان

على الشهود أن يخرج كل واحد منهم إلى بيسان ثلاثة أشهر، ويعود، ويخرج غيره. فجاءت

النوبة لحد القاضي الفاضل، فمضى إليها وصح بها جسمه. فاختار الإقامة بها. فأجيب

إلى ذلك وعمر بها أملاكاً، فعرف بالبيساني.

ثم تقلبت بوالد القاضي الأحوال إلى أن ولي القضاء بعسقلان، والنظر في أموالها. وبقي

إلى زمن الظافر، فدخل إلى مصر لمحاققة واليها بسبب كندٍ كبيرٍ، من الفرنج كان الوالي

داجى عليه وأطلقه. فانتصر بعض الأمراء للوالي ونصروه، فخانق الأسعد. وصودر، ووقع

التحامل عيه، إلى أن لم يبق له شيء.

وخرج ولده الفاضل إلى ثغر الإسكندرية، واجتمع بابن حديد - القاضي والناظر بها -

وعرفه بوالده فعرفه بالسمعة، فاستكتبه ابن حديد، وأطلق له معلوماً. وبقيت كتبه ترد إلى

مجلس الخلافة بخط الفاضل وهي مشحونةٌ بالبلاغة. فكشف عن ذلك ابن الخلال

والجليس بن الحباب - وكانا في ديوان المكاتبات - فحسداه على فضيلته، وعلما أنه يتقدم،

فقالا للظافر عنه: انه قصر في المكاتبة.

وكان صاحب ديوان المجلس - الأثير بن بنان - يحكى أنه دخل على الظافر، فأمره أن

يكتب لابن حديد بقطع يد كاتبه، بسبب أنه جعل بين السطرين الأولين مقدار شبر، وهذا

سوء أدب، فقال الأثير للظافر: يا أمير المؤمنين، تأمر بإحضار الكتب، فأحضرت. فلما

قرأها الأثير علم فضل الفاضل، فقال له: هذا الكاتب لم يحصل منه سوء أدب، وانما حسد

على بلاغته، فعمل على أذاه. فقال: اكتب لابن حديد يسيره إلينا، لنستخدمه. فصار من

كتاب الدرج، في أواخر الدولة العبيدية.

وأما اتصاله بملوك الدولة الأيوبية فحكى عن الأثير بن بنان أنه قال: لما ولي أسد الدين

شيركوه اختص به ابن الصقيل البلنسي. وكنت بالقصر أنا والفاضل، فدخل علينا ابن

الصقيل وقال: كنت البارحة عند السلطان، وذكركما وتوعدكما بالقتل. ثم خرج من

عندنا. فلم يكن بأسرع من أن طلبنا أسد الدين من العاضد، فأرسلنا إليه.

قال الأثير: فلما دخلنا عليه وجدنا الأمراء عنده. فسلمت سلاماً سمعه من حضر، فلم

يرد علينا! فقلت له: ولم لا ترد السلام ؟ فالتفت إلي، وقال: لستما عندي من أهل السلام

! لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: السلام تحيةٌ لملتنا، وأمانٌ لذمتنا. ولا تحية لكما

عندي ! فوقفنا، فقلت: لا قدرة لي على القيام، فقال أجث، فجثوت. ثم قلت ولم لا أتربع

؟ ففسح لي في ذلك. قلت: وصاحبي. قال: وصاحبك.

ثم التفت إليه دوني، وقال له: تكتب للفرنج على لسان شاور، وتقول في حقنا ما قلت،

وتحثهم على قتالنا ! والله لأقتلنك شر قتلة، ولأسلن لسانك، ولأقطعن يدك ورجلك، من

خلاف !! فقلت: أدام الله سلطان مولانا. هذا القاضي إذا عدم، لا يوجد مثله في جميع

البلاد. فالتفت إلي، وقال: نجرب قولك. وقال له: أكتب كتابين: أحدهما للمولى نور الدين بن

زنكي، يقرأ على منبر دمشق يهنيه بالفتوح، وكتاب يقرأ على منبر القاهرة. واشتغل في

الحديث. فسارع الفاضل في انجاز الكتابين، وجعل أسد الدين يسارقه النظر، والفاضل

يكتب كأنه يكتب من حفظه. وفرغ منهما إلى أسرع وقت. فقال أسد الدين: أقرأهما،

فقرأهما. قال الأثير: والله لو حسن الرقص في ذلك المكان، لرقصت !.

فعند ذلك التفت إلى أسد الدين، وقال: يا قاضي، جزاك الله خيراً في حقه. عندنا كتبةٌ

بالشام نأمرهم بالشيء، فيمضون ويقيمون اليوم واليومين، ولا يأتون به على الغرض. وهذا

قلنا له كلمتين، كتب هذه الكتب التي لا نظير لها. وأقمنا عنده إلى صلاة المغرب، فقام

للصلاة. فقال لي: تقدم. فقلت: هذا أفضل مني، لأني توليت المكوس، وهذا لم يل شيئاً

منها. فتقدم الفاضل وصلى. واتصل به. هذا ما نقل عن الأثير بن بنان.

وقيل: إنه لما اتصل بخدمة الملك الناصر صلاح الدين، وأن الأثير كان يكتب بين يديه قبله،

فاشتكى من بطئه في المكاتبات، فقيل له: إن الأسعد البيساني لم يكن في الكتاب أرشق

منه. فاستدعاه وأمره بكتاب، فكتب بين يديه وبالغ فيه، وأسرع في انجازه وقرأه عليه.

فعظم عند الملك الناصر، ونعته بالقاضي الفاضل. وكان له شعر حسن.

وقيل: إن أول اتصال الفاضل بالدولة العبيدية في أيام العادل بن الصالح ابن رزيك. وأنه

استخدم في ديوان الجيوش، فأقام فيه مدة. فلما كانت دولة شاور الثانية، نقله إلى ديوان

المكاتبات شريكاً للموفق بن الخلال. فلم يزل إلى أيام أسد الدين، فاتفق له ما ذكرناه.

ولما استقر الملك الناصر في الملك، علت منزلته عنده، واختص به وقرب منه، وتمكن في

دولته. قال: ومن سعادة الفاضل أنه مات قبل ملك العادل، لأنه كان بينهما شحناء باطنة.

ولما مات، صلى عليه الملك الأفضل. ودفن بسفح المقطم - رحمه الله. وقد ذكرنا من

كلامه في باب كتابة الإنشاء ما يدل على تمكنه وفضله.

واستهلت سنة سبع وتسعين وخمسمائة

الأمراء الصلاحية والملك العادل

قال المؤرخ: كان ابتداء فساد الحال بينهم في سنة سبع وتسعين وخمسمائة.

وسبب ذلك أن الملك العادل لما ملك الديار المصرية أقطع الإقطاعات المحلولة عن الأمراء

المنصرفين عن الخدمة، وحاسب المستمرين حساباً شديداً، فساءت ظنونهم وتغيرت

قلوبهم، وفسدت نياتهم.

وكان فارس الدين ميمون القصري مقيماً بنابلس، فلما بلغه إسقاط خطبة الملك المنصور

بن العزيز، واستقلال الملك العادل بالملك - عظم ذلك عليه ونفر منه، وأنكره. وكتب إلى

الملك العادل يقول: إنا إنما دخلنا في طاعتك، ونصرناك على موالينا: أولاد الملك الناصر،

مراعاةً للملك العزيز، وخوفاً أن يتطرق إلى ولده ضرر ويزول عنه ملكه، ولا بد أنه تعيده إلى

حاله. وإن لم ترجع عما فعلت، كان ذلك سبب فساد قلوب الجند، ودخول الوهن على

الدولة. فغالطه العادل في الجواب.

فراسله ميمون ثانياً يقول إنا كنا حلفنا على قاعدة، فإن كانت تغيرت فلا يسعنا المقام بعد

ذلك بهذه الدار، وأنا أسال أن أعطى دستوراً ليقوم عند الله وعند الناس عذرى، فأرسل

إليه الملك العادل، يقول: لم أدخل في هذا الأمر إلا بعد أن رضي به الجماعة. فإن كرهت

مجاورتي فصر إلى أرزن الروم، وتزوج بصاحبتها ماما خاتون، فإنها أرسلت إلي وطلبت

مني من أنفذه إليها.

وكان ميمون قد كاتب الأمراء الصلاحية، فأجابوه: إنا قد افتضحنا بين الناس بأننا نقيم في

كل يوم ملكاً، ونعزل آخر. ثم إلى من نسلم هذا الأمر ؟ أما الملك الأفضل فغير أهل،

وغيره من إخوته فغير عظيم في الأنفس. والملك الظاهر بعيد عنا، ولا يمكنه أن يترك بلاده

ويصير إلينا.

قال: واتفق ورود رسل الملك الظاهر - صاحب حلب - إلى عمه العادل، في شهر ربيع

الآخر من السنة، وهما: نظام الدين كاتبه، وعلم الدين قيصر الصلاحي. فلما وصلا إلى

بلبيس، أرسل العادل إليهما أن لا يدخلا القاهرة. وأن يذكرا رسالتهما لقاضي بلبيس يبلغها

عنهما، وإن لم يفعلا فيرجعا إلى صاحبهما.

فعادا إلى الملك الظاهر، واجتمعا بميمون القصري في عودهما، ورغباه في الخدمة

الظاهرية. فمضى إلى صرخد وبها الملك الظافر أخو الأفضل. ولحق بميمون جماعة من

الصلاحية.

واعتزل عنه فخر الدين جهاركس في قلاعه - وكان معه بانياس وتبنين وشقيف أرنون

ووافقه على الاعتزال زين الدين قراجا، وأظهر الاعتزال عن الفريقين. وباطنهما مع الملك

العادل.

قال: ولما وصل ميمون إلى صرخد، كاتب الأفضل والظاهر ودعاهما إليه. وأنفذ إلى الملك

الظاهر فخر الدين الطنبا الجحاف فلما وصل إليه، قوى عزم الملك الظاهر على الخروج.

فراسل ميمون، وأخذ عليه وعلى من معه من الأمراء العهود والأيمان.

ثم قدم عليه أخوه الأفضل في تاسع جمادى الأولى، وسارا إلى أفاميه، وبها قراقوش -

مملوك شمس الدين بن المقدم - فأغلق الأبواب دونهما، وامتنع من تسليمها. فضرب الظاهر

ابن المقدم تحت القلعة ضرباً موجعاً، بحيث يراه مملوكه قراقوش، فلم يكترث لذلك. وراسله

ابن المقدم في تسليمها، فامتنع كل الامتناع. فلما أيس الظاهر منه أرسل ابن المقدم إلى

حلب، وأمر باعتقاله بها.

وسارا بعد ذلك إلى بعلبك لقصد دمشق، وسار إليهما ميمون القصري ومن معه والملك

الظافر، واجتمعوا بمكان يعرف بالزراعة. وتشاوروا على قصد دمشق، وبها يومئذ الملك

المعظم عيسى بن العادل وهو صغير، والقيم بأمره فلك الدين سليمان بن شروة بن جلدك

- وهو أخو العادل لأمه - ومن الأمراء الأكابر عز الدين أسامة. فساروا بأجمعهم إلى

دمشق، وحاصروها في رابع عشر ذي القعدة، سنة سبع وتسعين، واشتد الحصار.

قال: ولما اتصل بالملك العادل خروج الظاهر من حلب، خرج من القاهرة في شهر رمضان

من السنة. وجد السير إلى أن نزل على نابلس، وجعل يعمل الحيل والمكايد بين الظاهر

والأفضل، وإفساد قلوب الأمراء الذين مع الظاهر. وأرغب الملك الظاهر أنه إن فارق أخاه

الأفضل يملكه قطعة من بلاد المشرق، التي بيد العادل.

وكاتب الظاهر فخر الدين جهاركس، وزين الدين قراجا، وأرغبهما في الانضمام إليه. فوقع

الاتفاق معهما - بعد مراجعة - أن الأفضل يسلم لزين الدين قراجا صرخد وعشرة آلاف

دينار، وللأمير فخر الدين جهاركس عشرين ألف دينار. واستقرت القاعدة على ذلك. فلما

تسلما ذلك وصلا إلى الخدمة الظاهرية، واجتمعا بالأفضل والظاهر.

ثم شرعا يستوقفان الأمراء عن حصار دمشق. فاتصل ذلك بالملكين فهرب جهاركس

وقراجا وصار إلى بانياس، فراسلهما الظاهر وقبح فعلهما. فأعادا الجواب: إنا قد

استشعرنا الخوف بسبب ما نسب الينا. ونحن على الطاعة ومتى فتحت دمشق كنا في

خدمتكما. وجد الظاهر في حصار دمشق إلى أن نزل وقاتل بنفسه، وجرح في رجله

بسهم. ثم هرب الطنبا الهيجاوي من عسكر الظاهر وتلاه علاء الدين شقير، ودخلا

دمشق. ودخل معهما جماعة من المفاردة فانحل لذلك عزم الظاهر، ورجع عن دمشق إلى

بلاده وصحبه الملك الأفضل.

وقيل: بل كان سبب الرجوع عن دمشق أن الاتفاق كان قد حصل بين الأخوين: الأفضل

والظاهر، على أنه إذا فتحت دمشق كانت للأفضل. فإذا استقر بها، سار هو والظاهر إلى

مصر، وقاتلا العادل، فإذا حصلت مصر لهما تكون حينئذ للأفضل، ودمشق للظاهر. فلما

قوى الحصار على دمشق ولم يبق إلا فتحها، حسد الظاهر أخاه الأفضل عليها، وقال

آخذها لنفسي. فلاطفه الأفضل وسأل أن ينعم بها عليه، فامتنع، وقال: إن فتحت تكون

لي دونك. فلما أيس منه الأفضل، خرج من ساعته واجتمع بالأمراء، وقال: إن كنتم

خرجتم إلى فقد أذنت لكم في الرجوع إلى العادل، وإن كنتم خرجتم إلى أخي الظاهر

فشأنكم وإياه. وكتب في الوقت إلى عمه الملك العادل، وهو يطلب منه سميساط وسروج

ورأس العين، فأعطاه ذلك، وحلف عليه. فلما اتصل ذلك بالظاهر كتب أيضاً إلى عمه

العادل، يطلب منه منبج وأفامية وكفر طاب، فأعطاه ذلك. وارتحلا عن دمشق.

فبقى الأفضل بسميساط، إلى أن مات.

وعاد الظاهر إلى حلب. وصحبه ميمون القصري. فأقطعه الظاهر إقطاعات عظيمة.

وهي: أعزاز وقلعتها، والخوار وبلدها، ونهر الجوز وبلده، وجسر الحديد وبلدها، وأماكن

متفرقة، وأكرمه إكراماً تاماً. وبقي في خدمته، إلى أن مات في سنة عشر وستمائة. وسار

معه أيضاً سرا سنقر والفارس البكي، وجماعة الصلاحية، وأقطعهم الإقطاعات الحسنة.

وكان رحيلهم عن دمشق في ذي الحجة، سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وسار الملك

العادل ودخل دمشق. واصطلح مع الملك المنصور صاحب حماه. وتزوج العادل ابنته.

اتفاق الملوك الأيوبية

وما استقر لكل منهم من الممالك

قال المؤرخ: ثم استقرت القاعدة بين الملوك، في سنة تسع وتسعين وخمسمائة على أن يكون

للملك العادل الديار المصرية، ودمشق والسواحل وبيت المقدس، وجميع ما هو في يده ويد

أولاده ببلاد الشرق.

وأن يكون للملك الظاهر حلب وما معها. وأن يكون للملك المنصور - ناصر الدين محمد

بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب - حماه وأعمالها، والمعرة وسلمية وبارين.

وأن يكون للملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه حمص، والرحبة، تدمر.

وأن يكون للملك الأمجد، بن فرخشاه ابن شاهنشاه بن أيوب، بعلبك وأعمالها.

وأن يكون للملك الأفضل، بن الملك الناصر، سميساط وبلادها، لا غير.

وأن يقطع الملك الظاهر خبز عماد الدين المشطوب ولا يستخدمه. فقطع خبزه، فصار إلى

الملك العادل فلم يستخدمه، وقال له: تخدم بعض أولادي. فقصد الملك الأوحد، فلم

يستخدمه. فاستخدمه الملك الأشرف، وندبه لحصار ماردين، وحلف له على أربعمائة

فارس، إذا فتحت. فسار ابن المشطوب إليها وحاصرها، فأرسل صاحبها إلى الملك

الأشرف خمسة آلاف دينار، فتركها.

نعود إلى أخبار الملك العادل، في أثناء هذه المدة التي قدمنا ذكرها، والحوادث التي وقعت

في خلالها.

وفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة، في ذي القعدة، اعتقل الملك العادل، الملك المؤيد والملك

العزيز وهما: ابنا أخيه صلاح الدين يوسف. رحمه الله تعالى.

عن فنون الأدب