الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف
(الجزء العاشر)
بينما أنا نائم في الحجر.. جاءني جبريل فهزني بقدمه، فجلست، فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه، فجلست، فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة فهزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج إلى باب المسجد.
حملت على دابة بيضاء بين الحمار وبين البغلة، في فخذيها جناحان تحفر بهما رجليها، فلما دنوت لأركبها شمست، فوضع جبريل يده على معرفتها، ثم قال: ألا تستحيين يا براق مما تصنعين؟ والله ما ركب عليك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه، فاسحيت حتى ارفضت عرقا، ثم قرت حتى ركبتها، فعملت بأذنيها، وقبضت الأرض حتى كان منتهى وقع حافرها طرفها، وكانت طويلة الظهر طويلة الأذنيين.
وخرج معي جبريل لا يفوتني ولا أفوته، فسرت، فقال: إنزل فصل، ففعلت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة، وإليها المهاجر، ثم قال: إنزل فصل، فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء، حيث كلم الله عز وجل موسى عليه السلام، ثم قال: إنزل فصل، فنزلت فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم، حيث ولد عيسى عليه السلام، فسار بي حتى أتيت بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء.
ثم دخلت بيت المقدس، ورأيت الأنبياء عليهم السلام جمعوا لي، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم، فحانت الصلاة، فظننت أنه لا بد من أن يكون لهم إمام، فقدمني جبريل حتى صليت بين أيديهم ركعتين، وسألتهم، فقالوا:بعثنا بالتوحيد.
فلما فرغت من الصلاة، قال لي قائل: يا محمد هذا مالك صاحب النار، فسلم عليه، فالتفت إليه، فبدأني بالسلام، ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، قال جبريل: أصيت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.
أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره. ليلة أسري بي، ما مررت بملإ من الملائكة إلا قالوا: يا محمد مر أمتك بالحجامة.
