النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: القرآن و الأساطير

  1. #1 القرآن و الأساطير 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    40
    مقالات المدونة
    13
    معدل تقييم المستوى
    0
    بسم الله الرحمن الرحيم

    القرآن و الأساطير:
    نظرا لأن القرآن ذكر الأمم الماضية وقصص الأنبياء مع أقوامهم كما ذكر ذلك العالم الغيبي (كاليوم الآخر وما فيه و ما بعده من أحداث ووقائع و جنة ونار ...الخ) كما ذكر أموراً و أحداثاً تقع مستقبلا و تعرض خلال ذلك إلى حقائق علمية تتعلق بالكون و الإنسان و الحياة لذلك كله يحاول بعض المستشرقين ومن يدور في فلكهم أن يظهروا القرآن على أنه (أساطير) لأنها خارجة عن حواسهم للتشكيك فيه و إبعاد المسلمين البسطاء عنه وكل من يريد أو يرغب في قرآته و التفكير فيه من الغربيين ممن درسوه و ترجموه وعقلوه من كبار علمائهم وعظماء مفكريهم و تأثروا به و اعتنقوا الإسلام و كتبوا بعد ذلك المؤلفات و دبجوا المقالات في إعجابهم به ثم الدفاع عنه و بيان صدقه في كل ما أخبر عنه القران سواء في إخباره عن الحقائق التاريخية السحيقة في القدم أو العوالم الغيبية أو الوقائع الآتية أو في العلوم النظرية التي تبين صدقها.
    وسأذكر بعضا من هؤلاء الذين تأثروا بالقران بعد دراسته و تدبره(في حينه) من هذا المقال لكن أقول بداية إن إدعاء هؤلاء المستشرقين ومن ينسج على منوالهم في اتهام القران بأنه(أساطير) ليس جديدا وقد أنبأنا القران عن مثل هذا الاتهام عن أهل الجاهلية الأولى حين قالوا ذلك وادعوه,(تشابهت قلوبهمواتحدت مراميهم) فالقران يقول عنهم (ويقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين) الأنعام 26 و يقول جل جلاله( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة و أصيلا) الفرقان25
    أكتفي بهاتين الآيتين عن الآيات الأخرى من كتاب الله عز وجل وهي كثيرة.
    والقرآن في عرضه للأحداث التاريخية السحيقة في القدم(كقصص الأنبياء مع أقوامهم أو إخباره عن أحداث ستقع مستقبلا ووقعت كما أخبر عنها القرآن (كغلبة الروم على الفرس) و (دخول المسلمين مكة فاتحين) أو ما يتعلق بالحقائق العلمية التي لم تكن معروفة لديهم حين نزول القرآن وجاء الزمن وصدق كل ما أخبر عنه بدقة فائقة ولنأت على ذكر هذه الثلاثة بشيء من التفصيل مع الشواهد والأدلة حتى يظهر لكل متدبر للقرآن أنه كلام الله عز وجل الذي يعلم ما غاب وما حضر(عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال), ويتيقن بأن أقوال هؤلاء المستشرقين لا خيال لها من الصحة بل هي أراجيف و أكاذيب اختلقوها ونشروها مستغلين سذاجة البسطاء من المسلمين و جهل الجهلاء من الغربيين في بلادهم عن الإسلام و القرآن.
    وأضيف إلى ما سبق تبياناً لحقيقة القرآن وإظهارا لمراميه وأهدافه أن القرآن ليس كتاب تاريخ أو علوم أو نظريات علمية جاءت أو ستجي ء إنما هو كتاب(هداية) قال تعالى(..ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) البقرة 2 و قال جل ثناؤه(...هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان) البقرة 185
    فالغاية من إنزال القران هداية الناس إلى ربهم و الإيمان بوحدانيته و أن محمدا رسول الله عليه الصلاة و السلام حقا و صدقا و أنه كلامه لا كلام مخلوق (أيا كان هذا المخلوق) لكن القرآن بإسلوبه المعجز و حقائقه التاريخية و العلمية قد تعرض لذلك استطرادا و تبعا لا غاية وهدفا, فهدفه الأصيل و غايته الأسمى

    أن يتدبر الناس هذه الحقائق العلمية(وهم يقرونها ولا ينكرونها) ثم الإيمان بما غاب عنهم مما لا يمكنهم الاطلاع عليه أو معرفته بعقولهم المجردة و علومهم التي تبحث في المادة و قوانينها و الطبيعة و أحوالها فيقيس الغائب على الحاضر أي لما كان القرآن صادقا في كل ما أخبر عنه من الحقائق العلمية المشاهدة التي تأكدوا من صحتها فيما بعد بتجاربهم و أبحاثهم إذاً هو صادق في كل ما أخبر عنه حاضرا كان أو غائبا فالصدق لا يتجزأ و العلم هو البحث في حقائق غير معلومة بوساطة حقائق معلومة.
    و القرآن في إخباره عن التاريخ القديم الذي لم نره ولم نعايشه صادق في كل ما أخبر عنه من قصص الأنبياء مع أقوامهم لأنه وحي من الله تعالى قال تعالى( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن و إن كنت من قبله لمن الغافلين) يوسف 3 أي الجاهلين لهذا القصص لأنه أمي ما قرأ كتابا ولا خطه بيمينه قال تعالى( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) العنكبوت 48وقال تعالى (....النبي الأمي ...) الأعراف 157.
    ولنستعرض من هذا القصص قصصين:
    أولهما: قصة يوسف بن يعقوب عليهما السلام مع ملك مصر وما جرى له مع امرأة العزيز و أنه استعصم حينما راودته التي هو في بيتها لكن الله صرفه عنها و عن مكيدتها ثم دعاه الملك ليتخذه مستشارا بعد سجنه سنوات قال تعالى( وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي) يوسف 54 .
    و ذلك بعد أن رأى الملك رؤيا تتلخص في أنه رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخر يابسات و طلب من حاشيته أن يأتوا له بمن يفسر له رؤاه فلم يجدوا ثم كان يوسف هو الذي فسر ذلك تفسيرا صحيحا ووقعت الأحداث بعدها كما فسر قال تعالى( وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخر يابسات). يوسف 43هذا السرد لوقائع القصة ليس مقصودا لذاته إنما الهدف من ذلك هو ذكر( الملك) بهذا اللفظ دون غيره من الألقاب.ثانيهما: قصة موسى مع فرعون: تقرأ قوله تعالى خطابا لموسى و أخيه هارون ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) لكن فرعون طغى و بغى و قال للملأ ( ما علمت لكم من إله غيري) القصص 38
    والذي يهمنا من سرد حوادث القصصين باختصار هو لماذا جاء ذكر (الملك) مع يوسف و لم يأت ذكر فرعون و لماذا جاء ذكر (فرعون) مع موسى و لم يرد ذكر (الملك)..!؟
    والجواب عنه كما جاء في تاريخ الحضارات بعد الكشوفات العلمية و التنقيب عن الآثار أن مصر القديمة مرت بمراحل هي :
    دور المملكة القديمة (3200 ق م- 2160 ق م)
    1-دور المملكة الوسطى(2160 ق م- 1580ق م)
    2-دور الإمبراطورية الحديثة (1580ق م-1085 ق م) و في هذا الدور توالى على مصر أباطرة عديدون سموا بالفراعنة حيث حصر فرعون مصر الآلهة في إله واحد و ذلك زمن ( أخناتون-أمنحوتب) الرابع و هذا ما فعله فرعون وقال كما قال الله تعالى عنه( ما علمت لكم من إله غيري) و لعله الفرعون الذي

    أغرق في اليم حيث أشار القران إلى لقبه ( فرعون) دون ذكر اسمه كما هو شأنه في سرد الوقائع و الأحداث التاريخية دون تطرق لأسماء الأشخاص و الجهات و الأماكن.
    فأين مكان الأسطورة من هذا الحدث التاريخي السحيق في القدم أهو أسطورة أم كان واقعا معاشا لمصر منذ آلاف السنين...!؟
    فمن علم محمدا عليه الصلاة و السلام هذه الحقيقة التاريخية؟ قومه؟ وقد قال تعالى( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت و لا قومك من قبل هذا) هود49 المعلمون؟ و قد كان أميا لا يقرأ ولا يكتب؟ أبوه؟ و قد مات و أمه حامل به...! بحيرا ... ورقة بن نوفل ....!؟
    كل هذه الأقوال ضروب من الظن و الظن لا يغني من الحق شيئا و أخماس بأسداس لا خيال لها من الصحة, وقس على هذا كل ما جاء في القرآن الكريم عن الأنبياء و المرسلين مع أقوامهم ابتداء من نوح ثم إبراهيم ثم صالح ثم هود ثم موسى ثم عيسى و هكذا.! إنه كلام علام الغيوب.
    هذا في أخبار الأمم و الأقوام مع أنبيائهم في ما مضى من تاريخ البشرية.
    ثم تعالوا نستطلع أخبار القرآن عن الأحداث التي ستقع و التي أخبر عنها فجاء الزمن و صدق ما أخبر بدقة بعد سنوات من نزول الخبر القرآني.
    وأنا هنا أذكر واقعتين اثنتين إحداهما في الجزيرة العربية و ثانيتهما في بلاد فارس.
    أما في الجزيرة العربية و في العهد النبوي و القرآن يتنزل عليه بعد الهجرة فهو فتح مكة قال تعالى:
    ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر و يتم نعمته عليك و يهديك صراطا
    مستقيما) الفتح 1-2
    نزلت لما رجع الرسول من الحديبية في ذي القعدة سنة 6 من الهجرة حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام و حالو بينه و بين العمرة. و الآية الكريمة وعد بفتح مكة و التعبير بالماضي لتحققه كما أطلق القرآن اسم الفتح على صلح الحديبية و ذلك في قوله تعالى( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم و مقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا) الفتح 26 إذ كان رسول الله عليه الصلاة و السلام قد رأى في المنام أنه دخل مكة فطاف في البيت فأخبر أصحابه بذلك و هو بالمدينة فلما ساروا عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام فلما وقع ما وقع من قضية الصلح و رجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل وقع في نفس بعض الصحابة من ذلك شيء حتى سأل عمر بن الخطاب في ذلك فقال له في ما قال : أفلم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت و نطوف به؟ قال: بلى, افأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟ قال: لا, قال النبي عليه الصلاة و السلام: ( فإنك آتيه و مطوف به) و بهذا أجاب الصديق أيضا و لهذا قال تعالى ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إنشاء الله )

    فقوله (إنشاء الله) لتحقيق الخبر و توكيده و ليس هذا من الاستثناء في شيء كما قال بن كثير رحمه الله تعالى.
    والواقعة الثانية ما أخبر به القرآن عن انتصار الروم على الفرس ( خارج الجزيرة العربية) قال تعالى (الم.غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبيهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) الروم1-2
    وقد تحقق هذا الانتصار بعد تسع سنوات من نزول الخبر القرآني.
    ترى هل يستطيع أحد أن يتنبأ بما يقع بعد سويعات؟ فلو كان القرآن أساطير كما يدعيه المغرضون لما تحقق شيء من ذلك كما هو الشأن مع متنبئين و فاتحين خلال التاريخ حيث جاء الزمن فكشف زيف أقوالهم و بطلان تخرصاتهم من أمثال: مسيلمة الكذاب و الأسود العنسي و الراوندي قديما و ما تنبأ به نابليون و هتلر و غيرهما حديثا.
    وأما عن الحقائق العلمية التي ذكرها القرآن ثم جاء الوقت فصدقها و أثبتها العلماء بتجاربهم في أبحاثهم و ميادين علومهم(وهم غير مؤمنين بالقرآن )
    فحدث ولا حرج و المثال الأول في السماء جاء في القرآن قوله تعالى ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ) أي أن الأجرام السماوية قائمة دون عمد في الفضاء بيد أن هناك عمدا غير مرئية تتمثل في قانون (الجاذبية) وهي التي تساعد الأجرام على البقاء في أماكنها المحددة و أذكر بهذه المناسبة أن (ريودو كاكارين) الرائد السوفيتي في الفضاء عندما قام برحلته الفضائية( في خمسينيات) القرن الماضي و عاد كان أول سؤال وجه إليه كيف كان شعورك و أنت تصعد في الفضاء؟ فأجاب: عندما رأيت الكرة الأرضية هكذا معلقة في الفضاء دون أن أرى عمدا من تحتها قلت من الذي يمسكها؟ فصرت أبحث عن الله..! وقد وجده في الأثر العلمي فالأثر يدل على المؤثر .
    والمثال الثاني في الأرض و هو قانون خاص بالماء ذكر القران ذلك في سورتين من سوره هما الفرقان و الرحمن ففي الفرقان نقرأ قوله تعالى( و هو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات و هذا ملح أجاج و جعل بينهما برزخا و حجرا محجورا) 53 و في سورة الرحمن نقرأ قوله تعالى ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ). وهذه الظاهرة التي يذكرها القرآن تم الكشف عنها و عن قانونها و سماه العلماء قانون (المط السطحي) و كان قبل بضع عشرات من السنين و خلاصة هذا القانون أنه إذا التقى نهران في مجرى ماء واحد فإن أحدهما لا يدخل( لا يذوب) في الآخر و يبدو أن خيطا يمر بينهما حدا فاصلا و الماء عذب في جانب و ملح في جانب آخر و هذا المط السطحي يفصل بين السائلين لأن تجاذب السطحيات يختلف من سائل لآخر و لذا يحتفظ كل سائل باستقلاله في مجاله.
    ترى من علم محمدا عليه الصلاة و السلام هذه الحقيقة العلمية التي تم كشف قانونها و استفاد منه العلماء في أبحاثهم فائدة كبرى علما أن محمدا عليه الصلاة و السلام لم يركب بحرا قط...! وفي القرآن آيات كثيرة تتحدث عن الكون و الحياة و الإنسان و كلها صادقة كشفت العلوم الحديثة عن صدقها و صحتها و لم نشأ أن نتطرق إليها لئلا يطول من البحث .

    ومادمنا في الحديث عن الحقائق العلمية في القرآن و كيف أن العلوم الحديثة جاءت فصدقتها و على الخصوص كتاب (دراسة الكتب المقدسة في ضوء العلوم الحديثة) لموريس بوكاي فلننظر إلى الحقائق الغيبية الأخرى و التي لا تخضع للتجربة أو العيان لنعلم أن علوم الدين لا تقل شأنا عن علوم المادة و تجاربها فالعلم و الدين كلاهما يعتمد على الأيمان بالغيب غير أن دائرة الدين الحقيقية هي (دائرة تعيين حقائق الأمور ) نهائيا و أصليا , أما العلم فيقتصر بحثه على المظاهر الأولية و الخارجية و في هذا يقول ( سير آرثن دنجتن)
    (إن عالمنا في العصر الحاضر يعمل على منضدتين في وقت واحد إحداهما (المنضدة العامة ) التي يستعملها الرجل العادي التي يمكن لمسها و رؤيتها و أما الأخرى فهي ( المنضدة العلمية) و أكثرها في الفضاء و تجري فيها الكترونات لا حصر لها و لا تشاهد و يقول: و هكذا نجد لكل شيء صورة ذات وجهين أحدهما (ملحوظ) والآخر ( غير ملحوظ) أي صورة فكرية لا سبيل إلى مشاهدتها بأي (ميكروسكوب أو تليسكوب)
    وعليه فإن العلماء لا يستطيعون أن يقولوا أن الحقائق الملحوظة هي وحدها العلم و أن ما سواها من النظريات لا تدخل في نطاق العلم لأنها (غير ملحوظة) فهو ليس بعقيدة عمياء و إنما هو خير تفسير للحقائق التي يشاهدها العلماء و من هذه الحقائق غير الملحوظة في عصرنا اليوم (الذرة) التي لا سبيل إلى إنكارها رغم أنها لم تشاهد قط بالمعنى المعروف و لكنها تعتبر أكبر حقيقة علمية كشفت في هذا العصر و إن أي عالم من علماء عصرنا لا يستطيع أن يخطو خطوة واحدة دون الاعتماد على ألفاظ مثل(القوة) و (الطاقة) و (الطبيعة) و (قانون الطبيعة) فهو قد صاغ كلمات تعبر عن وقائع معلومة لكي يكشف عن علل غير معلومة, فما الطاقة؟ وما القوة؟ وما الطبيعة؟ وما الجاذبية؟
    فقانون الجاذبية(مثلا) لا يمكن ملاحظته قطعا و كل ما شاهده العلماء لا يمثل في ذاته قانون الجاذبية إنما هي أشياء أخرى اضطروا لأجلها (منطقيا) أن يؤمنوا بوجود هذا القانون.
    واليوم يلقى هذا القانون قبولا علميا عظيما و هو الذي كشف عنه (نيوتن) لأول مرة و لكن ما حقيقة هذا القانون من الناحية التجريبية ها هو (نيوتن) يتحدث في خطاب له (إنه لأمر ما غير مفهوم أن نجد مادة لا حياة فيها و لا إحساس و هي تؤثر على مادة أخرى مع أنه لا توجد أية علاقة بينهما).
    إمكان يوم القيامة أو الآخرة من الوجهة العلمية:
    ورود هذه الأخبار عن الغيبيات ليس إيمانا بالأسطورة أو بالمستحيل, نعم ربما استغربها العقل البشري و إن كانت غير مستحيلة في نفسها
    فالإيمان باليوم الآخر(مثلا) ليس إيمانا بالأسطورة أو بالباطل و تعالوا نبحث فيه بشيء من التفصيل:
    إن الظاهرة الأولى التي تنذرنا بإمكان القيامة هي ( الزلازل) فبطن الأرض يحتوي على مادة شديدة الحرارة نشاهدها عندما ينفجر البركان و هذه المادة تؤثر في الأرض بطرق شتى فمنها ما تصدر عنه أصوات مروعة رهيبة وما نحس به من الهزات الأرضية التي نسميها (الزلازل ) هي جزء صغير منها و الإنسان لا يملك شيئا يقاوم به الزلازل فهي نذير تذكره دائما بأنه يعيش فوق مادة حمراء
    ملتهبة جهنمية لا يفصله عنها سوى قشرة جبلية رقيقة لا يزيد سمكها عن (50) كيلومترا و هذه القشرة ليست بالنسبة للكرة الأرضية إلا بمثابة القشرة من ثمرة التفاح يقول عالم الجغرافية(جورج جاموف): إن هناك جهنم طبيعية تلتهب تحت بحارنا الزرقاء و مدننا الحضارية المكتظة بالسكان فنحن واقفون على ظهر(لغم- ديناميت ) عظيم ومن الممكن أن ينفجر في أي وقت ليدمر النظام الأرضي بأكمله و هذه الزلازل تجتاح جميع نواحي الأرض و لكن يكثر وقوعها في أماكن دون أخرى (لإرادة ربانية) أو اعتبارات جغرافية هذه الزلازل(قيامة) على نطاق ضيق أو قيامة صغرى, و الإنسان يعجز أمام قوى الطبيعة فإن الزلازل لا تقرع أبواب المدن و لا تأتي إلا بغتة دون سابق إنذار أو إذن و البلية كل البلية في أن الإنسان لا يستطيع أن يتنبأ بمكان الزلازل و لا بموعد وقوعها و هي في نفسها تنبئ عن قيامة كبرى سوف تفجئنا غداة يوم على غرة. و صدق الله تعالى إذ يقول (...لا تأتيكم إلا بغتة)
    إن هذه الزلازل دليل ناطق بأن خالق الأرض قادر على تدميرها كما يشاء ومتى شاء قال تعالى( إذا زلزلت الأرض زلزالها و أخرجت الأرض أثقالها و قال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها) و إذا كان يوم القيامة آتيا لا ريب فيه من الوجهة الدينية و الوجهة العلمية فهل هناك حياة بعد الموت أو بعث و نشور؟
    الماديون(أو الوجوديون) ينفون ذلك ولا يقولونه إنما يقول واحد منهم إن الحياة التي أعرفها لا توجد إلا في ظروف معينة من تركيب العناصر المادية و هذا التركيب الكيماوي لا يوجد بعد الموت إذا لا حياة بعد الموت..! تعالوا نناقش هذه الفكرة التي تشغل بال كثيرين من الناس نعرضها (من الوجهة العلمية المحضة)
    يقول أحد العلماء رمز إلى اسمه(ن ر .مايلز) إن البعث بعد الموت حقيقة تمثيلية أي واقعية و ليس بحقيقة لفظية فقط ثم يضيف قائلا : إنها قضية قوية عندي أن الإنسان يبقى حيا بعد الموت و هي قابلة لاختبار صحتها أو بطلانها بالتجربة.
    فإن بعثرة ذرات مادي في الجسم الإنساني لا تقضي على الحياة لأن الحياة شيء آخر مستقلة بذاتها باقية بعد فناء الذرات المادية و تغيرها إذ من المعلوم أن الجسم الإنساني يتألف من أجزاء(ذرات) تسمى الخلايا و هي ذرات صغيرة جدا و معقدة, وهذه الخلايا تتغير في كل دقيقة بل في كل ثانية فالجسم الإنساني يغير نفسه بنفسه بصفة دائمة و هو( كالنهر الجاري) المملوء بالمياه لا يمكن أن تجد به نفس الماء الذي كان يجري فيه منذ برهة لأنه لا يستقر, فالنهر يغير نفسه بنفسه دائما ومع ذلك فهو نفس النهر الذي وجد منذ زمن طويل و لكن الماء لا يبقى بل يتغير و جسمنا مثل النهر الجاري يخضع لعملية مستمرة حتى إنه يأتي وقت لا تبقى فيه أية خلية قديمة في الجسم لأن الخلايا الجديدة أخذت أماكنها,هذه العملية تتكرر في الطفولة و الشباب بسرعة ثم تستمر بهدوء في الشيخوخة
    و هي تتجدد كل عشر سنوات, وهذا معنى قول أحد الحكماء( إن الإنسان لا يعبر جدول ماء مرتين فالماء تغير و خلايا جسمه تغيرت).
    إن عملية فناء الجسم المادي الظاهري تستمر و لكن الإنسان في الداخل لا يتغير بل يبقى كما كان( علمه,عاداته,حافظته, أمانته,أفكاره...الخ) تبقى كما كانت.
    ولو كان الإنسان يفنى بفناء الجسم لكان لازما أن يتأثر(على الأقل) بفناء الخلايا و تغيرها الكامل و لكننا نغرف جيدا أن هذا لا يحدث وهذا الواقع يؤكد أن الإنسان شيء (والحياة الإنسانية ) شيء آخر غير الجسم وهي باقية رغم تغير الجسم و فنائه. ولو كان الموت فناء للإنسان فإن من الممكن أن نقول بعد كل مرحلة من مراحل حدوث هذا التغيير الكيماوي الذي يجري في الجسم(إن الإنسان قد مات) و إنه يعيش حياة جديدة بعد موته و معناه أن الذي أراه (في الخمسين) من عمره و هو يمشي على رجليه في الأرض أنه قد مات خمس مرات في هذه الحياة القصيرة فإذا لم يمت الإنسان بعد فناء أجزاء جسمه المادية خمس مرات فكيف أستطيع أن أقول أو أعتقد بأنه مات في المرة السادسة و تمثيل الجسم الإنساني و خلاياه بالنهر الجاري تمثيل واقعي و علمي و رد على أولئك الذين يدعون بأن سبب الموت هو فقدان الجسم فاعليته أو انتهاء عملية الأجزاء التركيبية أو تجمد الأنسجة العصبية أي كالآلات الحديدية و الأحذية و الأقمشة التي تفقد فاعليتها بعد أجل محدود فأجسامنا أيضا تبلى وتفقد فاعليتها كالجلود التي نلبسها في فصل الشتاء و لكن العلم الحديث لا يؤيدهم في ذلك لأن المشاهدة العلمية للجسم الإنساني تؤكد أنه ليس كالجلود الحيوانية و الآلات الحديدية و أن أقرب شيء يمكن تشبيهه به هو (ذلك النهر) الذي يجري منذ آلاف السنين على ظهر الأرض فمن ذا الذي يستطيع القول بأن النهر الجاري يبلى و يعجز بناء على هذا الأساس يعتقد الدكتور (لينس بالنج) الحائز على جائزة نوبل للعلوم:
    (إن الإنسان أبدي إلى حد كبير – نظريا - فإن خلايا جسمه آلات تقوم بإصلاح ما فيه من الأمراض ومعالجتها تلقائيا و برغم ذلك فإن الإنسان يعجز و يموت و لا تزال علل هذه الظاهرة أسرارا تحير العلماء)
    و بهذا يقول أبو العلاء المعري :
    خـلـــق الإنسان للـبقـــــاء فظن قوم أنهم خلقوا للنفاد
    إنما ينقلون من دار أعمال إلــى شقـــوة أو رشـــــــــــاد
    أقول ولو أن هؤلاء العلماء الحيارى قرؤوا قوله تعالى( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) لو قرؤوا ذلك لما وقعوا في حيرتهم تلك إن جسمنا هذا في تجدد دائم و إن المواد الزلالية التي توجد في خلايا دمائنا تتلف كذلك ثم تتجدد و مثلها جميع خلايا الجسم تموت و تحل محلها خلايا جديدة اللهم إلا (الخلايا العصبية) و تفيد البحوث العلمية أن دم الإنسان يتجدد تجددا كليا خلال ما يقرب من أربع سنوات كما تتغير جميع ذرات الجسم الإنساني في بضع سنين, ونخرج من هذا بأن الجسم الإنساني ليس كهيكل و إنما هو كالنهر الجاري أي أنه عمل مستمر ومن ثم تبطل جميع النظريات القائلة بأن علة الموت هي وهن الجسم و فقده لقوته فإن الأشياء التي فسدت أو تسممت من الجسم منذ زمن طويل أيام الطفولة أو الشباب قد خرجت من الجسم و لا معنى لأن نجعلها سبب الموت فسبب الموت موجود في مكان آخر وليس في الأمعاء و القلب و الأنسجة البدنية.

    ضرورة الآخرة و مسؤولية الإنسان عن أقواله و أعماله:
    إن حقيقة الآخرة تعني أن الإنسان مسئول عن أقواله حسنها و قبيحها خيرها و شرها كل ذلك يحفظ في سجل كامل سوف يعرض أمام محكمة قاضيها(رب العالمين) ليتم الحساب و يتحقق العدل إذ من الظلم البين أن يساوى بين المؤمن و الكافر و بين الطائع و العاصي و بين الظالم و المظلوم و القول بنفي الآخرة يعني أن يتساوى كل تلك الفئات و هذا من الظلم الواضح و الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة (و ما ربك بظلام للعبيد) أي بذي ظلم هذا (عقلا و منطقا ونقلاً ) .
    وقد قرر الله هذه الحقيقة في كتابه حيث يقول( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون).
    وتسجيل الأقوال و الأعمال لا ينافي العلم الحديث فنحن نعرف(قطعا) أن أحدنا عندما يحرك لسانه ليتكلم فإنه يحرك تبعا لذلك موجات في الهواء كالتي توجد في الماء الراكد عندما نرميه بحجر, و لقد ثبت(قطعيا) أن هذه الموجات تبقى كما هي (في الأثير) بعد حدوثها في المرة الأولى و من الممكن سماعها مرة أخرى و لكن علمنا الحديث عاجز حتى الآن عن إعادة هذه الأصوات و عن أن يضبط تلك الموجات مرة أخرى مع أنها لا تزال تتحرك في الفضاء من زمن بعيد و إنه بالإمكان إيجاد آلة لالتقاط أصوات الزمن الغابر كما يلتقط المذياع الأصوات التي تذيعها محطات الإرسال.
    وبناء على ها يثبت إمكان سماع الأصوات القديمة في المستقبل فيما لو نجحنا في اختراع الآلة المطلوبة و من ثم لا تبقى نظرية الآخرة و حقيقتها عنا بعيدة عن القياس و هي القائلة بأن كل ما ينطق به الإنسان يسجل و هو محاسب عليه يوم الحساب قال تعالى(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) فأنت ترى أن العلم الحديث صدق ما جاء في القرآن, و هذا بدوره لا ينفي وجود ملائكة لله تعالى أو بلفظ آخر (مسجلين غير مرئيين).
    أما مسألة تسجيل الأعمال أيضا من الوجهة العلمية المحضة فهلموا بنا ننظر في هذا الأمر كما نظرنا وعلمنا تسجيل الأقوال. يقول علماء هذا الشأن أن العلم الحديث يؤكد إيمانه بأن جميع أعمالنا سواء باشرناها في الضوء أم في الظلام, فرادا أم مع الناس, كل هذه الأعمال موجودة في الفضاء في حالة الصور,ومن الممكن في أية لحظة تجميع هذه الصور حتى نعرف كل ما جاء به إنسان من أعمال الخير أو الشر طيلة حياته, هذه الحقيقة العلمية تؤكد صدق ما جاء في القرآن قال تعالى( و إن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) و قال أيضا( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون)
    لقد أثبتت البحوث العلمية أن كل شيء حدث في الظلام أو في النور جامدا أو متحركا تصدر عنه (حرارة) بصفة دائمة في كل مكان و في كل حال, و هذه الحرارة تعكس الأشكال و أبعادها تماما كالأصوات التي تكون انعكاسا (ارتدادا) كاملا للموجات التي يحركها اللسان, و قد تم اختراع آلات دقيقة لتصوير الموجات الحرارية التي تخرج عن أي كائن حي و بالتالي تعطي هذه الآلة صورة (فوتوغرافية) كاملة للكائن حينما خرجت منه الموجات الحرارية غير أن الآلات التي تم اختراعها حتى الآن لا تستطيع تصوير الموجات الحرارية إلا خلال ساعات قليلة من وقوع الحادث,
    أما الموجات القديمة فلا تستطيع هذه الآلة تصويرها لضعفها, و تستعمل في هذه الآلة أشعة (انفرارد) التي تصور في الظلام و الضوء على حد سواء.
    عَودٌ على بحث الموت
    , لقد أخفقت تماما تلك البحوث التي استهدفت أن تجعل الموت أمرا غير يقيني يمكن أن لا يقع فبقي الاحتمال الذي أكدته الأديان السماوية و هو أن يموت الإنسان في أي عمر و أي زمن و لم نستطع العثور على إمكان يمنع الموت رغم بذل جميع الجهود أقول و لو أنهم قرؤوا قول الله تعالى في القرآن (كل نفس ذائقة الموت) و قوله ( كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام) لأغناهم ذلك عن الجهود المضنية التي بذلوها و ذهبت سدى و لوفروا على أنفسهم و على البشرية في توجيه تلك الجهود إلى ما يمكن أن يبحث فيه الإنسان و يصل إلى نتائج طيبة عظيمة الفائدة و ربما سبقوا الزمن في اختراع ما اخترعوه اليوم منذ وقت طويل.
    لقد بحث الدكتور( اليكسس كارلايل) هذه المشكلة في مقال طويل بعنوان ( الزمن الداخلي) فذكر الجهود المخفقة التي بذلت في هذا الصدد ثم قال ( إن الإنسان لا يسأم أبدا في البحث عن الخلود و السعي وراءه مع أنه لن يظفر به إلى الأبد فتركيبه الجسماني يخضع لقوانين معينة, إنه يستطيع أن يوقف ( الزمن الفسيولوجي) لأعضاء الجسد حتى يؤخر الموت لفترة قصيرة لكنه لن يتغلب على الموت. و قوله هذا يؤخر الموت معناه أنه يخفف عنه المرض و آلامه لأن الأجل لا يؤخر كما قال تعالى( إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) و قال ( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها). و البحث عن الخلود و الرغبة فيه قديم قدم الإنسان فإن (آدم) أغري به من (إبليس) عندما قال له ( هل أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى) فطمع آدم و أكل من الشجرة و لم يتحقق له ما أراد.
    ومن ذلك الحين المحاولات مستمرة و الرغبة في الخلود تراود فكر الإنسان لأن ( الدنيا حلوة خضرة) ومن هذه المحاولات و التفكر في الخلود كانت ملاحم من أهمها ملحمة ( جلجامش) و هي قصة خرافية خيالية بطلها (جلجامش) الشخص الأسطوري المخلوق ثلثاه من إله و ثلثه الباقي بشر و يعود تاريخها إلى العهد البابلي تاريخ السومريين الذي لا يوثق به و جرت أحداثها على أرض الرافدين قبل الميلاد بألفي سنة تقريبا و الحاصل فيها خلط كثير و تخيلات و أباطيل و منها ( الكوميديا الإلهية) لدانتي (والالياذا, والأوديسا) و كلها محاولات لخيالات و أوهام و أحلام دارت في رؤوسهم حتى قضوا نحبهم ولم يحققوا منها شيئا قال تعالى رادا على هذه الأحلام و التخيلات( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) الأنبياء34
    ويقول بعض العلماء
    : إن الأنسجة العصبية هي سبب الموت لأنها تبقى في الجسم إلى آخر الحياة ولا تتجدد ولو صح ذلك أي لو صح هذا التفسير القائل إن النظام العصبي هو نقطة الضعف في الجسم الإنساني لكان من الممكن أن نزعم إن أي جسم خال من (النظام العصبي) لا بد أن يحيا عمرا أطول من الأجسام ذات ( النظام العصبي) ولكن المشاهدة العلمية لا تؤيده فإن هذا النظام (مثلا) لايوجد في الأشجار و بعضها يعيش لأطول مدة و لكن شجرة القمح التي لا يوجد بها هذا النظام العصبي لا تعيش أكثر من سنة. وليس في كائن( الأمبيا) جهاز عصبي و هي مع ذلك لا تبقى على قيد الحياة أكثر من نصف ساعة, و مقتضى هذا التفسير أيضا أن تلك الحيوانات التي تعد من نسل أعلى و التي تتمتع بجهاز عصبي أكمل و أجود لا بد أ تعيش مدة أطول من تلك التي هي أحقر منها نسلا و أضعف نظاما و لكن الحقائق لا تؤيدنا في هذا أيضا فإن السلحفاة و التمساح و سمكة (باتيك) أطول عمرا من أي حيوان آخر و كلها من النوع الثاني حقير النسل ضعيف النظام .
    وحال الآن أن نأتي على ذكر بعض ممن اعتنقوا الإسلام بعد دراسته و تفهمه واقتناعه ثم الدفاع عنه و نشره فإن القرن العشرين المنصرم شهد حركة قوية في الدخول في الإسلام في (إفريقيا و أوروبا و آسيا و أمريكا و أستراليا) بعد فشل الحضارة المادية و عجزها عن حل مشكلات الإنسان المعاصر
    وسيشهد القرن القادم مع تقدم المواصلات (التكنولوجية) تحولات كبيرة في الإقبال على الإسلام لأن الإنسان يجد بغيته فيه بعد ضياعه في متاهات (الإيديولوجيات) التي أشقته و مزقت كيانه, ومن المفيد أن نذكّر بنماذج نوعية من الشخصيات العلمية و السياسية التي وعت الإسلام و تعرفت عليه أو دعت إلى احترامه و تفهمه.
    أول هذه الشخصيات:
    الأول:
    البروفيسور الهندي(محمد عز الدين ناشكانتا بادهيايا)) يتحدث عن قصة إسلامه بعد دراسات معمقة و مقارنات بأديان فيقول( و مع أنني كنت قد أدركت منذ بعض الوقت نبل الدين الإسلامي و عدالته و لكن الظروف لم تسمح لي بادئ الأمر بإشهار إسلامي إلى أن جاء الظرف المناسب فأعلنت إسلامي بصراحة في لقاء عام حيث تحدثت تحت عنوان:( لماذا اعتنقت الإسلام) و حددت الأسباب الثلاثة التي دفعتني إلى الإسلام و رغبتني فيه وهي: 1- صحة و دقة التاريخ إذ أنه الدين الوحيد الذي يمتلك وثيقو دامغة و صحيحة من الوجهة التاريخية و (يشير بذلك إلى القرآن الكريم). 2- الدين الإسلامي دين عملي لا خيالي. 3- هذا بالإضافة إلى أن الإسلام ينسجم مع احتياجات الإنسان في كل العصور و أنه منسجم مع الثقافة و المعرفة ).
    الثاني
    : البروفيسور الأمريكي( ريكفول) يتحدث عن إسلامه فيقول :
    (إن يسر الإسلام و عظمة محمد عليه الصلاة و السلام سبب هدايتي , و ثمة أسباب أخرى كثيرة جذبتني و دفعتني نحو الإسلام فعندما رجعت إلى القرآن و سيرة النبي للإطلاع عليهما أثارت اهتمامي نقاط و أمور معينة منها: 1- بساطة الدين الإسلامي 2- سماحته و يسره 3- وضوحه.)
    الثالث:
    الصحفي الفرنسي الشهير (تيري دوبوق) يروي قصة إسلامه فيقول: ( كان نسبي (الكونت دو) يجسد بالنسبة لي التراث الفرنسي أو بمعنى أدق فرنسا الملكية ببلاطها و جهازها الكهنوتي و ما إلى ذلك و كان يشغل فيما مضى مدير مكتب البابا (بولص السادس) ومعروف بحبه الشديد للعلوم الدينية و الغيبية و يذكر في أحاديثه في الجلسات العائلية(أساطير) و روايات الأزمان الغابرة خاصة ما يتعلق منها بالقديسين و الكهنة و حصلت المفاجأة الكبرى أثناء إحدى الولائم العائلية عندما وقف فجأة و صرخ ( يسوع ابن الله...مريم والدة الله )هذا كلام سخيف لم يعد باستطاعتنا تحمله, دعكم من كل هذا ليس لله أم ولا ولد , ليس من المعقول أن ينزل الله إلى الأرض ... ويعيش في الشوارع يوزع الأعاجيب على سكان القدس)
    وهنا بهت الموجودون و علت الدهشة الوجوه و حاروا في أمرهم فأعلن (الكونت دو ) أنه ترك المسيحية واعتنق الإسلام و هكذا انضم إلى القافلة الكبيرة من الذين أسلموا قبله أمثال ( الكومينان كوستو) و( موريس بيجار) و (روجيه غارودي ) و(دوران سوفلان) و( فانسان مونتيل) و( موريس بوكاي) صاحب كتاب (دراسة الكتب المقدسة في ضوء العلوم الحديثة) واعتناقه الإسلام بعد دراسته تلك.مفكرون و فنانون ومغامرون يتحولون بالعشرات و الشباب بالمئات إلى الإسلام, وهذا الإقبال الشديد من الطبقات المختلفة من الذين يعيشون في عمق الحضارة الغربية يشهدون على تداعي هذه الحضارة المادية المزيفة الساقطة كما قال ( كولن ويلسون) في كتابه ( سقوط الحضارة) و قاله أيضا(جيورجيو) في كتابه( الساعة الخامسة و العشرون) و قاله (رينيه دوفو) في كتابه (إنسانية الإنسان) هؤلاء الذين اعتنقوا الإسلام من الغربيين ومن غيرهم يمثلون أفضل الأدلة و أوضحها على أن الإسلام دين الحضارة الإنسانية و دين
    العقل و العلم و أنه ملجأ الإنسان ومصدر سعادته وهو دين المستقبل كما قال ( روجيه غارودي) إن عاجلا أو آجلا و ليس دين أساطير. وقد يقول قائل أليس في القرآن ( أسطورة الغرانيق) والجواب باختصار: القصة و ما فيها كما جاءت في كتب أهل العلم و أقوالهم المعتمدة من جمهورهم خلفا عن سلف هي ( روى بعض المفسرين أنه قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( و النجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى... فلما بلغ ... أفرأيتم اللات و العزة ومناة الثالثة الأخرى) سمع المشركون: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى فلقيه المشركون و الذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه و فرحوا فقال النبي عيه الصلاة و السلام إن ذلك من الشيطان فأنزل الله (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته و الله عليم حكيم) الحج 52-53
    هذه الرواية باطلة من عدد من الوجوه: سندا, و لغة, متنا, ومعنى ونظرا و عرفا و تاريخا و معنى الآية المذكورة و تفسيرها تتلخص في الآتي:
    ما أرسل الله قبلك رسولا ولا نبيا إلا إذا حدث قومه عن ربه أو تلا وحيا أنزل فيه هدى لهم قام في وجهه مشاغبون يحولون ما يتلوه عليهم عن المراد منه و يلغطون أثناء تلاوته ليصرفوهم عن الاستماع إليه قال تعالى ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون)
    ويتقولون عليه ما لم يقله و ينشرون ذلك بين الناس ليبعدوهم عنه ثم يحق الله الحق و يبطل الباطل.
    وإذاعدنا إلى قراءة الآيات الكريمة نفسها بالترتيب القرآني نجدها هكذا ( أفرأيتم اللات و العزة و مناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر و له الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم و آبائكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلاالظن وماتهوى الأنفس و لقد جاءهم من ربهم الهدى) النجم 20-24
    فكيف تقحم بين هذه الآيات المتتالية المنسجمة آية مناقضة لها في أصول العقيدة الإسلامية و صلب دعوة محمد عليه الصلاة و السلام؟ إن كل متذوق للغة العربية و عذوبتها ينكر ذلك ويمجه.
    فأنت ترى أن قصة(الغرانيق) مختلقة و ذكرها المفسرون على أنها ليست قرآنا إنما هي أسطورة لا حقيقة لها و من مفتريات المشركين و المنافقين لكن الذين في قلوبهم مرض يروونها ويأخذونها من بعض الكتاب و المجلات الرخيصة على أنها وردت في كتب التفسير و لا يذكرون أنها قصة مختلقة ليست من القرآن في شيء كما قال المفسرون كلهم فيلتبس الأمر على البسطاء ومن لاعلم له بالقصة و يصدقونها و يقولون بها و هي باطلة كما قد علمت ولم يرد في القرآن ما يشير إليها من قريب أو بعيد.

    ملاحظة: من أراد المزيد و تفاصيل أكثر عن أسطورة الغرانيق فليراجع الانترنت موقع أسواق المربد فالموضوع فيه مستوفى وسيجد هناك التفاصيل الكاملة لهذه الأسطورة مدعمة بالأدلة و الشواهد.
    ملاحظة ثانية : الحقائق العلمية التي وردت في المقال فيما يتعلق باليوم الآخر و تسجيل الأقوال و الأعمال و الموت مقتبسة من كتاب (القرآن يتحدى لوحيد الدين خان). باختصار مع بعض التصرف.

    في : 16 صفر 10432 هـ
    الموافق لـ : 22 كانون ثاني 2011 م
    خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي





    التعديل الأخير تم بواسطة خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي ; 03/02/2011 الساعة 06:55 PM
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. الأساطير الإغريقية
    بواسطة عشتار في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 12/02/2017, 06:41 AM
  2. من قصص القرآن الطويلة
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09/11/2009, 01:17 PM
  3. قصص القرآن ..
    بواسطة الجمانة في المنتدى إسلام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 29/05/2008, 11:06 AM
  4. الأساطير ..؟!
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 24/11/2006, 07:01 AM
  5. من قاموس الأساطير
    بواسطة سليـمـكم في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16/09/2004, 10:05 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •