النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: طفولتي ( 2 )

  1. #1 طفولتي ( 2 ) 
    كاتب الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    سوريا دمشق
    العمر
    38
    المشاركات
    829
    مقالات المدونة
    3
    معدل تقييم المستوى
    15
    طفولتي ( 2 )


    أثناء طفولتي الأولى كانت الشخصية التي أستلهم منها القوة و أحوم في فلكها هي والدي ، لكنَّ المحبة و الحنان كانا يجذبانني دوماً إلى أمي ، الهادئة الوادعة الرقيقة .
    كانت هي الملاذ الآمن الوحيد حين يغضب والدي أو ينفعل ، أتمرغ في أحضانها ، فألقى دفئاً عجيباً ينسيني ما عداه .
    عشت آنئذ و قوتان تتنازعانني ، قوة القسوة و القوة في والدي ، و قوة العطف و الحنان في والدتي ، و لأنني في هذا الشتات ، تولدت قوى متضاربة في داخلي اشتجرت أمداً ليس بالقصير .
    تعلمت التوازن من أمي ، من طيبتها و خلقها ، من محبتها إياي ، من آيات القرآن التي كانت تعلمنيها ، من كلماتها الرقيقة الشغوفة .
    أما والدي فقد كان حرصه الأكبر أن يجعل فيَّ ما يستطيع حفظه قبل أن يغادر الحياة ، إذ كان يستشعر قرب المنية ، فاهتم أيما اهتمام بتقويم لساني ، و تلقيني أبيات الشعر العربي .
    و ما أنس لا أنس بيت الشعر الذي علمنيه فألهب خيالي مبكراً
    ورد إذا ورد البحيرة شارباً
    ورد الفرات زئيره و النيلا
    كان ذاك عالمي الصغير الذي دفن فيَّ كثيراً من رغبات الطفولة ، عالمي الذي ليس فيه من المغريات شيء ، و ليس فيه رفاق من سني يلهون معي أو يلعبون ، عالمي الذي عودني أن يكون رفيقي ذاتي وحدها ، و أحلامها المرتبطة بواقعها الفريد .
    لما استشعرت والدتي ذلك كله ، و أحست ما يعتور نفسي ، أرسلتني إلى روضة تابعة لقريناتها الداعيات الدينيات ، و هناك رأيت الأطفال و جلست إليهم ، لكنني ظللت دوماً غريباً عنهم .
    بقيت مشدوداً إلى عالمي المميز و أجوائه ، فيه وحده كنت أحس بالراحة العميقة ، حيث لا تفاهة الأطفال الآخرين ، و لا صخبهم ، و لا عقولهم السخيفة الصغيرة .
    و يبقى المشهد الخالد في ذهني لا يبرحه صلاة الجماعة التي يصطف لها الحضور في غرفة زوارنا الضيقة ، و كانت غالباً صلاة مغرب ، يربو المصلون فيها على الخمسة من طلاب العلم و الزوار الموجودين حين موعد الصلاة ، يقف والدي متقدماً عليهم ، و يبدأ في ترتيل الآيات التي دخلت مسمعي مبكراً ، فهزتني من الأعماق ، دون أن أعلم أنها ليست كلام بشر ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ..........)
    و لكم كان يكررها ، كأنما يرى أن الصلاة لا تصح إلا بها
    و للحديث تتمة
    ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
    إمام الأدب العربي (الرافعي)
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    قاص مربدي الصورة الرمزية خليد خريبش
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,114
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    20
    تابع أخي أتابع ما تكتب باهتمام،وللكلام بقية.تحياتي.
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    أعتقد أن هدا العمل الأدبي يدخل في إطار السيرة الذاتية وكنت بارعا في التقاط المشاهد الدقيقة في تفاصيل حياتك .
    أدام الله الصحة و العافية للوالدة
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    أما والدي فقد كان حرصه الأكبر أن يجعل فيَّ ما يستطيع حفظه قبل أن يغادر الحياة ، إذ كان يستشعر قرب المنية
    تكررت هذه الإشارة وربما استطاع الطفل الصغير عبر أكثر من موقف أن يلتقط هذه التصريحات.
    أما الوقوف عند الآية التي كررها الوالد أكثر من مرة فيه محاولة لاسقاط تحليل عام على موقف محدد
    وفي ذلك تحليل نفسي و شكل فني للتعبير ، فيصبح الموقف الواحد مصغرة تعكس كامل حياة البطل

    و قد ينعكس الزمان في روح المبدع
    تلك الروح الصافية التي تشف وتنظر لما وراء الحدث فينعكس الزمان في الإنسان وتغدو مشكلة الفرد تعني تماما مشكلة المجتمع والعصر
    وهذا ما أراد الكاتب التحدث عنه عبر شخصية والده الشخصية المبدعة التي تفرف بكلامها بين قسمين من الأدباء أو لنقل من الكتاب وحتى من الناس العاديين

    وفق هذه الإشارات هل سيحاول الكاتب عبر هذه السيرة التطرق لشخصيات عاصرت والده والتحدث وفق الأحداث عما يحاول الإشارة إليه
    نتابع لنرى
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    كاتب الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    سوريا دمشق
    العمر
    38
    المشاركات
    829
    مقالات المدونة
    3
    معدل تقييم المستوى
    15
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليد خريبش مشاهدة المشاركة
    تابع أخي أتابع ما تكتب باهتمام،وللكلام بقية.تحياتي.
    بارك الله بك أيها الكريم العزيز
    مودتي
    ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
    إمام الأدب العربي (الرافعي)
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6  
    كاتب الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    سوريا دمشق
    العمر
    38
    المشاركات
    829
    مقالات المدونة
    3
    معدل تقييم المستوى
    15
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد يوب مشاهدة المشاركة
    أعتقد أن هدا العمل الأدبي يدخل في إطار السيرة الذاتية وكنت بارعا في التقاط المشاهد الدقيقة في تفاصيل حياتك .
    أدام الله الصحة و العافية للوالدة
    سلمك الله و بارك بك أستاذي الكريم ...
    دمتم بألف خير
    ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
    إمام الأدب العربي (الرافعي)
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. طفولتي ( 3 )
    بواسطة عبد الله نفاخ في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 19/03/2011, 07:46 AM
  2. طفولتي 4
    بواسطة عبد الله نفاخ في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10/03/2011, 11:26 AM
  3. طفولتي ( 1 )
    بواسطة عبد الله نفاخ في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 19/01/2011, 07:10 PM
  4. مرسولة الحب تخون مرسلته/ من ايام طفولتي
    بواسطة بنت الريف في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08/10/2007, 10:14 PM
  5. طفولتي
    بواسطة د.أسد محمد في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07/02/2006, 02:25 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •