النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: رسالة من أب مكلوم إلى ولده في الغرب

  1. #1 رسالة من أب مكلوم إلى ولده في الغرب 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    40
    مقالات المدونة
    13
    معدل تقييم المستوى
    0

    بسم الله الرحمن الرحيم

    رسالة من أب مكلوم إلى ولده في الغرب

    ولدي الحبيب : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ... وبعد :


    لا داعي لكتابة مقدمات عاطفية أستدر بها عطفك وشفقتك لأنك تجردت منهما .
    ولأدخل معك في الموضوع رأساً ... إننا متألمون أنا ووالدتك وأخوتك وزوجتك المسكينة المبتلاة بك و باستخفافك بالقيم الإنسانية والرابطة الزوجية التي قال الله عنه : (( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً )) . لأبدأ معك الموضوع مفصلاً فقد طف الصاع وبلغ السيل الزبى حتى كدنا نيأس منك ولكن .
    تعلم يقيناً أننا (( أنا وأمك وأخوتك )) كنا نبني عليك الآمال الجسام والأماني العراض بعد أن بذلنا لك الكثير وتعبنا عليك طويلاً وأنفقنا أمولاً طائلة حتى غدوت كما أنت الآن بفصل الله عز وجل أولاً ثم بفضل تلكما اليدين الحانيتين من أمك الرؤوم والنفقة السخية من أبيك العطوف الذي يكتب لك الآن هذه الكلمات من قلب مكلوم والذي لم يأل جهداً في إسعادك وإدخال السرور على نفسك وتلبية طالبتك مهما كلفت , ولولا ذلك لكنت الآن تزرع الشوارع حيئة وذهاباً تبحث عن عمل ولا تجده كغيرك من هؤلاء الذين يملأون العين والبصر ,ولكن لا أخفيك يا ولدي أنني الآن أقول بيني وبين نفسي الثكلى ليته كان كذلك , ليته لم يتعلم حرفاً واحداً ولم يحصل على شهادة علمية ... أهذا هو الهدف من الحصول على الشهادات العلمية ؟ إذ بؤسنا وتواسي بعضاً من جراحنا .
    أما وأنت في تلك ( جنة الدنيا ) – في الغرب – حسب زعمك وزعم السطحيين أمثالك تغدو وتروح وترتع بلذاتها ووالداك يعانيان مرّ العذاب , والعائلة بأسرها منكوبة بك, الأمراض والأسقام تفتك بجسم والدك المشفق عليك , وأمك الحانية عليك وأنت الدكتور المحترم صاحب المبادئ الإنسائية في بلاد الإنسانية ( على حد قولك ) والمهنة الإنسانية ( مهنة الطب ) ...!
    ألا تدري حين أقسمت بما يسمى بقسم ( أبقراط ) عند تخرجك ماذا يعني هذا القسم ..
    إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ....!
    لقد حل بنا لأنانيتك يا ولدي وإيثارك لهواك على كل حتى والديك , وتحكم صرت أنت وأمثالك شقاءً على الإنسانية جمعاء ولاسيما نحن الذين نعيش في هذه العائلة التعيسة والبائسة التي قاطعتها ولو حتى بسؤال عابر ...!
    عد بذاكرتك ياولدي قليلاً إلى الوراء وأدر ذلك الشريط من ذكريات الماضي حيث كان والداك في نصب دائم وشغل وتعب وعناء وأنت في سنيك الأولى تدرج مع الدارجين وتعلب وتسرح وتمرح ولا شيء يشغل بالك أو يعكر صفاءك في حين كان والداك يسعيان جاهدين في سيبل إسعادك ليرياك شاباً يافعاً ورجلاً كاملاً , وكان هذا أمنيتهما الوحيدة وغايتهما اليتيمة , أفبعد هذا يكون جزاؤهما منك الجفاء والصدود ...!
    انظر أولاك الذين يملأون عليك حياتك كيف هي محبتك لهموعطفك عليهم وسهر أمهم وإحاطتها لهم بالرعاية والحنان والرحمة والوئام ...!؟.
    لقد كنا ووالداك أكثر من هذا بكثير تعيشون كيف من هذا بكثير تعيشون في بلاد فقدت الأم حنان الأمومة أو قل أفقدوها حنانها , وفقد الأب عاطفة الأبوه أو أفقدوه إياها .
    بينما نحن ( والحمد لله ) لا تزال في بلادنا ( المختلفة في زعمكم ) تربطنا روابط إنسانية من عاطفة وحنان وحب وعلاقات اجتماعية إنسانية رفيعة فقدتموها أنتم والبلاد التي تعيشون فيها لأسباب كثيرة لامجال الآن لذكرها ووالله , إن ما نحن عليه من المبادئ لهو القيم الإنسانية الحضارية للأمم الراقية حقاً والمتقدم صدقاً . وليش الرقي المادي والشوارع العريضة وناطحات السحاب والإنسان الآلي وأمراض القلق والتوتر العصبي والجنون وحالات الانتحارالتي وتزخر بها صحافة بلادكم ووسائل إعلامها كل يوم ولدي الغزيز :
    عليك أن تعلم مسبقاً بأن أولادك سيعاملونك المعاملة نفسها التي تعاملنا بها اليوم , بل أسوأ مدة قربية جداً إذ الجزاء من جنس العمل (( وكما تدين تدان )) وعندئذ تعض على أصابع الندم بعد أن خط الشيب فوديك وتبكي بكاءً مرّاً على الإنسانية المعذبة والحقوق الضائعة ولكن هنا ( لات ساعة مندم ) أي لا ينفعك ندمك شيئاً فقد مضى العمر زسار أشواطاً بعيدة وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء .
    ولدي الحبيب :

    عُدّ إلى رشدك وإصح من غفلتك واستيقظ من سباتك وراجع حساباتك وحاسب نفسك محاسبة العاقل البصير الذي ينظر إلى البعيد البعيد لا الغافل الأحمق الذي لا يرى من أرنبة أنفه .
    وتذكر جيداً أننا أحسنا إليك (( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان )) فهل أسديت إلينا شيئاً من جلمينا إليك وهل قدمت كثيراً أو قيلاً من الإحسان إلى والديك بلهَ الآخرين ...!؟ أترك الجواب لك ...!
    ثم ما ذنب هذه المسكينة ( زوجتك ) التي تزوجتك وفية صادقية وقد تخلت عن أبيها وأمها وأقرب الناس إليها والتصقت بها لتسعد وتهنأ , واختارك من بين الكثيرين ثقة بك لترزق أطفالاً يملأون حياتها سروراً وعش الزوجية فرحاً وحبوراً وراحة وسعادة ً فتركتها وتلقت بأخرى في بلاد الغرب حتى ملت عليك لبك ووضعت الأغلال في عنقك ويديك ورجليك فلا حراك لك وقادتك تابعاً ذليلاً وخادماً مطيعاً , حيث تشاء..! أما هذه التي هجرتها فكل ذنبها أنها رضيت بك زوجاً فأذقتها الأمرين وأشقيت حياتها وقد أمضت شطر عمرها وأذبلت زهرة شبابها في العنوسة , أهذه إنسانية أم وحي ضمير والوجدان ؟ حسب عرفكم يا معشر الأوروبيين الحضاريين الذين تسرحون في نعيم الجنة ...!؟
    أين أنت من مفهوم الآية الكريمة (( فامساك بمعروف أو تسريح بإحسان )) ومن قوله صلى عليه وسلم معلم المبادئ الإنسانية بحق (( لا ضرر ولا ضرار )) أمن الإنسانية روحي الضمير وخطاب الوجدان أن تترك أبويك يعانيان آلام الأمراض وأوجاع الأشقام وأنت الطبيب الماهر والدكتور الألمعي الذي يشار إليه بالبيان ...!
    فلذة كبدي :

    تذكرت وأنا أكتب لك هذه الأسطر ما قاله أحد الآباء منذ زمن بعيد (( وكأن التاريخ يعيد نفسه في كثير من فترات الزمن )) في ولد له مثلك وقد قاله شعراً وأنشده بين يدي الرسول الأعظم صلى الله عليه به الرسول الكريم أيما إعجاب وقال لولده : (( اذهب أنت وملك لأبيك )) فأحببت أن أكتب ما أنشده هذا الأب في صدق عاطفته لعلك تثوب إلى رشدك ودونك ودونك الأبيات :
    غـذوتك مولـوداً ومنتك يافعـاً تعل بما أجني عليك وتنهل
    إذ ليلة ضاقت بالسقم لـم أبـت لسقمـك إلا ساهــراً أتمـلمـل
    كأني أنا المطـرُق دونك بالـذي طرقت به دوني فعيني تمهـل
    تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعـلـم أن المـوت وقـد مؤجـل
    فلمـا بلغـت السن والغاية التـي إليها مدى ما كنت فيـك أؤمــل
    جعلت جزائي غلطة وفظاظـة كـأنـك أنـت المـنعـم المـتفضــل
    تـــراه مـعـداً للـخلاف كــأنـــه بـرد علـى أهل الصواب موكــّل

    أجل يا ولدي إن قلوبنا مكلومة وعيوننا دامعة وخسارتنا جسيمة ولكن ديننا الحنيف علمنا أن نقول في مثل هذه المصائب ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) فإن في الله خير عوض .... وإلى اللقاء يا ولدي إن لم يكن في الدنيا ففي عرصات يوم القيامة وفي محكمة قاضيها رب العالمين , وما ذلك ببعيد ......................!

    (( والدك))






    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 15/12/2010 الساعة 09:20 PM
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    نحن في هذه الرسالة نتعرف على جانب مختلف للشيخ الفاضل
    وهو الأديب خاشع حقي
    وهذه الرسالة توجه لكل من خدعه بهرج المدنية الزائف
    خيركم خيركم لأهله
    صدق رسول الله
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    2,180
    معدل تقييم المستوى
    20
    بالرغم من ألم وقسوة حروف هذه الرسالة ؛ لكنني أحسست بأنها تزدان بالمحبة والوفاء ...
    محبة الوالد لابنه الذي يأبى إلا أن يسدي بالنصائح والدرر الثمينة لابنه لعلّه يتذّكر أوتنفعه الذكرى قبل أن تأخذه زخارف الدنيا ومباهجها بعيدا عن الحبّ والإيثار والوفاء والتضحية .....
    لك منّا كل الشكر والتقدير أيها الأب الرؤوم، والأستاذ الفاضل ، والمربي الحكيم لما قدمتّه لنا من نصائح غالية وثمينة لكل مغترب باع وطنه وأهله .....
    أمينة أحمد خشفة
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مقال: الغرب والربيع العربي.. وميل الى التسامح مع القمع
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13/11/2011, 11:02 PM
  2. رسالة أب الى ولده
    بواسطة أسيرالصمت في المنتدى الشعر
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 11/05/2010, 09:00 AM
  3. «صورة الغرب في الرواية السعودية »: رسالة دكتوراه
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الواحة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29/09/2007, 06:14 PM
  4. رسالة من يهود العالم الى شباب العرب
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10/11/2006, 02:36 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •