النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: لفتة نظر للجيل الضائع

  1. #1 لفتة نظر للجيل الضائع 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    40
    مقالات المدونة
    13
    معدل تقييم المستوى
    0
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الموضوع : ( لفتة نظر للجيل الضائع )

    ( أقرأ آية فأنام
    )

    استفتح هذا المقال بهذه الجملة التي قالها أحد الصالحين وأعنونه بها : ( أقرأ آية فأنام ) .
    ففي مدينتنا ( القامشلي ) وبجوارنا رجل صالح ( ولا نزكي على الله أحداً ) والصالحون في أمة محمد صلى الله عليه وسلم – الحمد لله – كثيرون في كل عصر ومصر , مصداق حديث رسول الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ....(1) , فلقد اشتكى هذا الرجل يوماً من مرض بسيط فعرض نفسه على أحد أطباء المدينة فسأله الطبيب مستفسراً : بعد أن عاينه هل تنام ؟ فقال : .... وأكتب ما قاله بالحرف الواحد : (( وي ... شلون ما أنام , أقرأ آية فأنام )) سمعت هذا واستغرقت في دوامة فكرية نقلتني من مكاني إلى بلاد الله الواسعة وساحت بي إلى شرق الأرض وغربها إلى تلك البلاد التي لا يعرف شبابها فضلاً عن شيوخها للنوم طعماً لا يجدون إلى الكرى سبيلاً يبحثون عن قليله ناهيك عن كثيره فلا يجدون قليلاً وكثيراً , ييممون وجوههم نحو كل مكان ينشدون هذه الضالة الغالية والحلقة المفقودة من حياتهم فلا يعثرون عليها ....!
    تذكرت وأنا أسمع هذا الكلام من الرجل ما عليه الغربيون على الرغم من رفاهيتهم وما قرأناه جميعاً عنهم مما تعلنه وسائل الإعلام المختلفة وما يعانيه القوم ولاسيما شبابهم عمد الأمة وركائزها وذخيرة البلاد وحماة ذمارها من قلق وأرق وضياع وحيره بسب الفراغ الروحي الذي يعانونه فيهرعون إلى العيادات النفسية وإلى الأطباء النفسانيين بعد أن سئموا وملوا من تناول الحبوب المهدئة أمثال :( فاليوم وفوستان ) و عياراتهما المختلفة من ((1-5)) فلا ينتفعون فيلجؤون إلى الأشد والأقوى مفعولاً بل فتكاً مثل (( المورفين)) الإبر التي تحطمه وتهدد كيانه فلا يرجعون بطائل ولا تجديهم نفعاً .
    وهذه المشكلة أعني الأرق والقلق والتوتر العصبي تتفاقم يوماً بعد يوم بل ساعة بعد أخرى وضحاياها كثيرون , والمرضى المصابون نسبتهم في ارتفاع , فما الحل ؟ وما البديل ؟ بعد أن عجزت كل تقنيات الغرب ونموه المادي وأدمغة المفكرين لديهم عن إيجاد حل لها وهي تهدد كيانهم وتنذرهم بالمحق والفناء
    وهنا أوجه هذا النداء إلى شبابنا المولعين بكل جديد المفتونين بالغرب وتقنياته المعجبين باختراعاته ( وموضاته ) حتى بهرت أبصارهم وخلبت عقولهم وأسكرت الكثيرين منهم للإعجاب الشديد والرغبة الملحة في السير على منوالهم ومحاكاتهم في عياداتهم وتقاليدهم .
    أوجه إليهم هذا النداء لأقول لهم ما قاله أحد المفكرين المعاصرين والكتاب والألمعيين وهو يبين ما جرّت هذه المنجزات العلمية من خراب في كثير من الأحيان حتى ليتمنى الإنسان الأوربي لو لم تتقدم هذه العلوم هذا التقدم الشديد , يقول هذا المفكر : ((2))

    ((1)) : البخاري والمسلم
    ((2 )): هو الدكتور أحمد في (( العربي الصغير ))

    (( تلك المنجزات الصناعية التي ظهر للإنسان الغربي بعد استخدامها أضراراً لم تكن تخطر له على بال إذ أن التقنية البالغة كفلت للإنسان في البلاد الصناعية حياة استهلاكية مترفة قد ظهرت لها ( أعراض جانبية ) بعضها شديد الفتك كتلوث البيئة والغلاف الجوي والأنهار والمحيطات والمحاصيل الزراعية وازدياد الضجيج والتوتر العصبي وارتفاع نسبة الإشعاعات وانعدام الجمال من البيئة إلى آخر هذه الأعراض , كل ذلك وهو يسعى للحياة الفضلى بعقله المجرد دون هداية السماء فانقلبت عليه فيما بعد حتى أصبحت من أعقد المشكلات وتحتل مكان الصدارة في كثير من الدول المتقدمة .))

    فيا شبابنا ويا شباب الإسلام إياكم وسبيلهم وحذار من الإعجاب بتقاليدهم فشبابهم ضائع وترفهم المادي لا يغني عن شقائهم النفسي , وتقنياتهم واختراعاتهم لا تنشلهم من التمزق الداخلي .
    وتتجلى هذه المآسي لكل حصيف لبلادهم متفحص أحوالهم النفسية والأسرية و الاجتماعية ذي نظرة نافذة إلى نفوسهم وقلوبهم فلا يكاد يفتتح مع أحداهم الحديث و يستنطقه حتى يسمع ما يمزق القلب أسى وحسرة ويفتت الكبد حزناً وكمداً مما يعانيه أصحاب تلك المنجزات من التعاسة والكآبة ويكفي دليلاً على هذا الشقاء أن تجد أمامك لوحات معلقة في مؤخرة سيارات عابرة وقد كتب عليها العبارة التالية : (( لا تتبعني فأنا ضائع )) .
    فهل تريدون أن تضيعوا كما ضاعوا وتمرضوا كما مرضوا وتشقوا كما شقوا ؟

    وتفقدوا النوم كما فقدوا لبحثوا عن الحبوب المنومة والإبر المخدرة كي تحصلوا على قليل من النوم وقسط من الراحة ولا أخالكم تجدونها فضلاً عن الأموال التي تهدر في هذا السبيل ..!
    الحل لدينا موفور والبديل عندنا ميسور (( والحمد لله )) والنوم العميق الهنيء والسعادة النفسية في هذه العبارة الموجزة التي قالها الرجل الصالح (( أقرأ آية وأنام )) وهي تنم بلا شك عن إيمان عميق ويقين راسخ بأن الأمور كلها بيد الله فهو المتصرف وهو الفعال لكل دقيقة وجليلة في هذا الكون فيستمد المؤمن منه القوة والعون على مجابهة مصاعب الحياة وتعقيداتها ومشكلاتها وأزماتها , ويرحم الله من قال : إذا يكن من الله عون وجل (( ألا الله تطمئن القلوب )) (1)
    ذلك الاطمئنان الذي يحاول الإنسان الغربي أن يحده في ظل التقنيات الحديثة و الرهافية المادية والحرية الجنسية فإذا به بعد أن قطع أشواطاً في هذه المجالات يرجع القهقرى ليتلمس الراحة في العيادات النفسية ولدى مسكين هذا الإنسان الغربي هنا وهناك تلمسها بالانتحار البطيء عن طريق تناول المسكرات والمخدرات أو السريع برصاصة قاتلة أو سقوط من علٍ أو تناول سم قاتل بعد أن يئس من الحياة ولا يدري أنه بذلك ينتقل من شقاء مؤقت إلى شقاء أبدي (( وما أدراك ماهية نارٌ حامية )) ((2)) .
    مسكين هذا الإنسان الغربي الذي يدور حول ذاته ويفكر حول ذاته ويفكر بعقله المجرد المكبل سم قاتل بعد أن أجلها كما قال تعالى عن هؤلاء : (( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)) فكان ذلك سبباً في شقائه النفسي وحيرته وقلقه وتأمل معي إعجاز قوله تعالى : (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى , قال لِمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى ))

    أخي المسلم :

    يناديك أن هلم إلى دوحة الأمان في برد وسلام ودعك دعاياتهم وأقوالهم الكاذبة والمغرضة فهم الذين يزينون الملذات المحرمة العاجلة باسم الحرية المطلقة لينطلق الإنسان في هذه الدنيا كالوحش الكاسر والثور الهائج دون وازع من دين أو رقابة من ضمير ويحطم كيانه ولا يعود عليه إلا بالمزيد من السعار المتواصل خلف تلك الشهوات التي لا نهاية لها بل كلما نال منها قسطاً استزادته وقالت هل من مزيد ...؟ وهو مزيد من الشقاء مزيد من البلاء , مزيد من الأمراض المستعصية والعلل الفتاكة .
    وأنت يا أخي المسلم بما حباك الله عز وجل من هذا الدين ومن رصيد ضخم من الإيمان وكنز لا ينفذ من القيم والأخلاق الحسنة التي لا غنى عنها لأية أمة قوية رائدة .
    فما عليك إلا أن تـُقبل على هذا الرصيد فتنميه (( فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا )).((3))
    وتنهل من ذلك النبع الثر من كلام الله عز وجل لتعيش فؤادك وتريح نفسك وتسعد حياتك (( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا )) ((4 )) فإذا وجدت بغيتك في هذا القرآن وأرحت نفسك بذلك الإيمان _ ولا شك أنك واجدهما_ فادع غيرك إليه وابذل كل ما في وسعك وما وهبك الله عز وجل من طاقات في الدعوة إلى السبيل (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) .
    ثم قل لأولئك التائهين ومن تراهم من الغافلين : يا من تعانون الداء ولم تجدوا الدواء دواؤك فيك ، وما تبصرون و دواؤك عندك وما تشعرون , ويا من تبحثون عن العلاج وتريدون الشفاء أذكركم بكتاب الله عز وجل وأدعوكم إليه ففيه الدواء وفيه الشفاء : ( وننزل من القرآن ما هو فيه شفاء ورحمة للمؤمنين ) فإذا أسدل الظلام سدوله وآويت إلى مضجعك بعد قضاء يوم مشجون بالأعمال حافل بالمزعجات وهاجت الهموم في رأسك و ماجت فتذكر قول الرجل الصالح (( أقرأ آية فأنام )) واقرأ أنت أيضاً آية بل آيات لتنام على أن تصعد بإيمانك وترفع من يقينك إلى مستوى إيمان الرجل ويقينه أو الدنو منه فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم, إن التشبه بالكرام فلاح , وكن حاضر القلب صافي الذهن من كل شائبة فإن الله تعالى لا يقبل الدعاء من قلب غافل لاهٍ .
    ثم تعال معي أخي القارئ الكريم نقرأ سوية هذا الكلام الجميل لتلميذ من تلاميذ المدرسة النبوية وهو سيدنا علي بن أي طالب – رضي الله عنه – ونمعن فيه الفكر والنظر , فقد سئل رضي الله عنه أي أي مخلوقات الله أعظم ؟ فقال : (( مخلوقات الله العظمى عشرة , الجبال ويقطعها الحديد , والحديد تذيبه النار, والنار يطفئها الماء , والماء يحمله السحاب , والسحاب تسوقه الرياح , والرياح يتغلب عليها الإنسان والإنسان يغلبه السُكر , والسُكر يغلبه النوم , والنوم يغلبه الهم , والهم يغلبه الإيمان , فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لو نهتدي لولا أن هدانا الله ))
    فما أعظم الإيمان وما أجله ...!؟ أسأل الله عز وجل أن يتولانا جميعاً بهدايته ولأمرٍ ما أمر به الله تعالى المسلم أن يردد هذه الآية في صلواته الخمس سبع عشرة مرة وهي (( أهدنا الصراط المستقيم )) أي ثبتنا لما لهذه الآية من دلالة على خير الدنيا وفلاح الآخرة وصلى الله تعالى على سيدنا محمد المذكر للمؤمنين


    والهادي للتائهين والغافلين وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .

    (1)
    : الرعد 28 , ( 2) : القارعة : 9-10 ( 3) : التوبة 124 الكهف : 104


    خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي











    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 13/12/2010 الساعة 07:53 PM
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. ليلة مثيرة للجدل...........محمد محضار
    بواسطة محمد محضار في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28/11/2011, 06:04 PM
  2. حب في الوقت الضائع
    بواسطة عماد اليونس في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 19/07/2010, 10:10 PM
  3. القرط الضائع والقرآن
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19/02/2008, 10:43 AM
  4. نقل المربد لمخدم جديد
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى الواحة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11/02/2007, 10:33 PM
  5. القرط الضائع والقرآن
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03/12/2006, 07:23 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •