النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: القرآن والتحديات خلال التاريخ وإلى وقتنا المعاصر

  1. #1 القرآن والتحديات خلال التاريخ وإلى وقتنا المعاصر 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    40
    مقالات المدونة
    13
    معدل تقييم المستوى
    0
    بسم الله الرحمن الرحيم

    القرآن والتحديات خلال التاريخ وإلى وقتنا المعاصر


    قد تحفز الفرص المواتية والظروف المساعدة والكفاءات العالية وكثرة الأعوان والأنصار والنجاح الخارق في البداية الكثيرين أن يتـنبئوا بنتيجة معينة لكل يقين , ولكن الزمن يبطل هذه الدعاوي ويكذبها دائماً .
    إن عدداً من أذكياء ومن العباقرة قد جرؤوا على أن يتــنبئوا عن أنفسهم وعن غيرهم ولكن الزمن لم يصدق هذه التنبؤات مطلقاً بل جاء يكذبها وبقوة .
    أما ( القرآن الكريم ) فإن الزمن نفسه والقرون المتطاولة أثبت صحة ما جاء فيه من أخبار غيبية وقد جاءت في ظروف لا تكاد تصدق في حينها ثم ظهرت تلك الحقائق كما أخبر .
    وهذا ما جعل العلوم المادية عاجزة عن تفسيرها ما دام النظر إليها من منظور مادي بحت ولن نستطيع على ضوء هذه إدراك حقيقتها بل لا بدّ من ربطها بمصدر غير بشري غيبي أو وحي أو ( الخبر الصادق ) وأنا هنا أورد تنبؤات ثلاثة من بين تنبؤات كثيرة كاذبة جاءت خلال التاريخ سواء في عهد نزول القرآن من مثل ( مسيلمة بن حبيب الكذاب أو طلحة الأسدي أو سجاح ) أو العهود التي تلته من مثل ( ابن المقفع والكندي و الراندي والمتنبي والمعري ) .
    أو في العصر الحديث ممن تنبؤا بمستقبلهم أو مستقبل بعض الدول المعاصرة ( كألمانيا وفرنسا ) لكن الزمن جاء وكشف عن كذبهم فباؤوا بالخيبة والخسران .
    وقد اخترت من هؤلاء المتنبئين ثلاثة , هم في نظر معاصرهم ومؤرخي الأحداث والوقائع أهم شخصيات وأعظمها , لما من صولة وجولة في الحروب وعبقرية في الأفكار , وأول هذه الشخصيات :
    1-
    ( نابليون بونابرت ) القائد الفرنسي , من أعظم قواد الجيوش في عصره وقد دلت فتوحاته الأولى على أنه سوف يكون نداً ( لقيصر والإسكندر المكدوني ) لما ركبه من الغرور وجنون العَظمة حيث وجد الغرور منفذه إلى ( نابليون ) فأصبح يتوهم أنّه ( مالك القدر ) وازداد هذا الشعور لديه ونفخ جنون العظمة في رأسه حتى ترك ( مستشاريه ) وادعى إنّه لم يكتب في قدره غير الغلبة على من في الأرض ثم جاء الزمن وعرف الجميع النهاية التي كتبت له في ( لوح القدر ) .
    ولنستعرض بعضاً من هذه الأحداث :

    سار ( نابليون ) من ( باريس ) في /12/ يونيو عام /1815م/ مع جحفله العظيم ليقضي على أعدائه يسوقه الغرور ويدفعه جنون العَظمة لكن حدث له ما لم يكن في حسبانه إذ لم تكد تمضي ستة أيام على مسيره حتى ألق ( دوق ولنجتون ) شر هزيمه بجيشه الجبار في معركة ( واترلو الشهيرة ) في بلجيكا

    وكان (الدوق) يقود جنود ( انكلترا وألمانيا وهولندا ) ولما يئس ( نابليون ) وأيقن بمصيره المحتوم فرّ هارباً من القيادة الفرنسية متوجهاً إلى (أمريكا) ولم يكد يصل إلى الشاطئ حتى ألقت عليه شرطة السواحل القبض وأرغمته على ركوب سفينة تابعة للبحرية البريطانية وانتهى به القدر إلى أن أرسل إلى جزيرة غير معمورة في جنوب ( الأطلنطي ) وهي جزيرة ( سانت هيلينا ) ومات القائد العسكري في هذه الجزيرة بعد سنوات طويلة من البؤس والشقاء والوحدة في مايو عام /1812م/ هذا واحد ممن ركبهم الغرور وسيطر على تفكيرهم جنون العَظمة .
    2-
    وأما الثاني فهو ( أدولف هتلر ) : القائد الألمانيوحاكمها المطلق والذي كان يخطب خطابات نارية وفي خطابه الشهير الذي ألقاه في الجموع المحتشدة في ( ميونخ ) في /14/ مارس عام / 1931م/قال : ( إنني سائر في طريقي واثقاً تمام الثقة بأن الغلبة والنصر قد كتبا لي ) , والعالم أجمع يعرف اليوم ما كتب في قدر الجنرال العظيم , إنه الهزيمة والانتحار .
    3-
    المتنبئ الثالث ( كارول ماركس ):


    الذي كتب في مايو عام /1849م/ قائلاً : (( الجمهورية الحمراء تبزغ في سماء( باريس) ورغم أنه قد مرّ على هذه النبوءة أكثر من قرن فإن شمس الجمهورية الحمراء البازغة لم تشرق على أهالي ( باريس ) بل حدث ما لم يكن في الحسبان في أواخر القرن الماضي وفي الثمانيات منه عندما قاد ( غوربا شوف ) حركة (البر و سيتوريكا )وقلبتهذه الحركة أوضاع الدول الاشتراكية رأساً على عقب وفي مقدمتها ( الاتحاد السوفيتي ) الذي انهار وتبعه ( ألمانيا ) الاتحادية الشرقية الاشتراكية واتحدت مع ألمانيا الغربية وكسر جدار برلين الفاصل بين الألمانيتين وأودع جذاذه في متحف باريس
    ترى هل لرئيس الولايات المتحدة اليوم ( بوش ) أن يعتبر بهذه الأحداث ويكف عن دعواه الكاذبة بأن الله قد أرسله نبياً وكلمه مشافهة وكلفه بتغيير العالم وأن أمريكا ستصبح زعيمته وتسود العالم أجمع ...! لقد بدت بوادر كذبه ومقدمات تخرصاته إذ بدأ يلملم أوراقه وستعد للرحيل من ( البيت الأبيض) قريباً جداً حين تنتهي ولايته الثانية ولم تتحقق نبوءته بل أطماعه الأشعبية التي كان يحلم بها حيث ينفخ في رأسه الغرور وجنون العَظمة كسابقيه ( نابليون وهتلر ) .
    يكفي هذا الواقع التاريخي الذي استعرضنا دليلاً على تخرصات المتنبئين وكذبهم , وإذا كان ذلك واقع المتنبئين وواقع الأحداث التي جاءت تكذبهم فما موقفنا بمن يقابلهم من الصادقين الذين جاؤوا خلال التاريخ وصدّقهم الزمن والأحداث التي وقعت بعدهم حرفاً حرفاً أعني ( مواكب الأنبياء) الذين أرسلهم الله للهداية وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم فيما أوحي إليه من الخبر الصادق من الذي يعلم الغيب ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) بيده مقاليد السموات والأرض يعلم ما يلج فيها وما يخرج منها ويملك زمام الأحوال والحوادث فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وهو بكل شيء عليم يعلم ما يكون وما كان وما تحدث عنها هو كائن ( ماضياً ومستقبلاً وحاضراً ) وأنا هنا أورد خبرين من الأخبار الغيبة الكثيرة التي تحدث عنها القرآن وأخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تحدث به.

    أما القرآن ( الذي هو الوحي أو الخبر الصادق )
    فقد أخبر عن أحداث كثيرة تقع مستقبلاً فوقعت كما أخبر منها ( فتح مكة ) قبل أن تفتح بخمس سنوات قال تعالى :( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ً) ومنها عمرة القضاءبعد صلح الحديبيةقال تعالى : ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء آمين محلقين رؤوسكن ومقصرين لا تخالفون فعلم ما تعلموا فجعل منددون فتحاً قريباً ) ومنها غلبة الروم على الفرس قال تعالى : ( الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غَلبهم سَيَغَلبون في بِضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) الروم 1-2
    ولنستعرض الأحداث المتعلقة بهذا الخبر الأخير وهو
    ( غلبة الروم على الفرس ) وبين ( الخبر وحدوثه تسع سنوات ) .
    واقع الدولتين الفارسية والرومانية قبل الآيات الكريمة :



    كانت الإمبراطورية الفارسية شرقي الجزيرة العربية على الساحل الآخر للخليج العربي , على حين كانت الإمبراطورية الرومانية تمتد من غرب الجزيرة على ساحل البحر الأحمر إلى ما فوق البحر الأسود .
    وقد سميت الأولى ( الإمبراطورية الساسانية ) والأخرى ( الإمبراطورية البيزنطية ) وكانت حدود الإمبراطوريتين تصل إلى الفرات ودجلة في شمال الجزيرة وكانت أقوى حكومتين شهدهما ذلك العصر .
    وكانت الإمبراطورية ( الرومانية ) حينئذ تتمتع بمكانتها الحضارية كأرقى دولة في العالم وقد شغل المؤرخين تاريخ زوال الروم لم يشغلهم زوال أية حضارة أخرى .
    إذ من العلوم أن ( الملك قسطنطين) اعتنق المسيحية عام ( 325م ) وجعله ديانة البلاد الرسمية فآمنت به أكثر رعايا الدولة الرومانية بينما عُبّادُ النار هذه الدعوة وكان ملك الذي تولى زمام الإمبراطورية في أواخر القرن السابع الميلادي هو ( موريس ) وكان ملكاً غافلاً عن شؤون البلاد السياسية , ولذلك قاد جيشه الثورة ضده بقيادة ( فوكاس ) وأصبح هذا ملك الروم بعد نجاح الثورة والقضاء على العائلة المالكة بطريقة وحشية وأرسل سفيراً إلى إمبراطورية إيران التي يحكمها ( كسرى ابرويز الثاني ) وهو ( ابن أنوشيروان) العادل .
    وكان ( كسرى ) هذا مخلصاً للملك موريس إذا كان لجأ إليه عام ( 952- 591 م ) بسبس مؤامرة في الإمبراطورية الفارسية , وقد عاونه ( موريس ) لاستعادة العرش .
    ولما عرف بأخبار انقلاب الروم عليه غضب غضباً شديداً وأمر بسجن ( السفير الرومي ) وأعلن عدم اعترافه بشرعية حكومة الروم الجديدة , وأغار ( كسرى ابرويز ) على بلاد الروم وزحفت جحافله عابرة نهر الفرات إلى الشام ولم يتمكن ( فوكاس ) من مقاومة جيوش التي استولت على مدينتي ( انطاكية والقدس) فاتسعت حدود الإمبراطورية الفارسية فجأة إلى وادي النيل وكانت بعض الفرق المسيحية (النسطورية و اليعقوبية) حاقدة على النظام الجديد في روما فناصرت الفاتحين الجدد وتبعتها ( اليهود ) ما جعل غلبة الفرس سهلة , ففقد الروم كل ما ملكوا من البلاد في الشرق ( العاصمة وجنوبها ولم يعد العلم الصليبي يرفرف على العراق والشام وفلسطين ومصر وآسيا الصغرى ) بل علتها راية الفرس وتقلصت


    الإمبراطورية الرومانية وبدأ عبّاد النار يستبدون بالرعايا الروم للقضاء على المسيحية فبدؤوا يسخرون علانية من العشائر المسيحية المقدسة ودمروا الكنائس وأرقوا دماء ما يقرب من ( 100.000) من المسحيين والمسلمين وأقاموا بيوت عبّادة النار في كل مكان وأرغموا الناس على عبادة ( الشمس والنار ) واغتصبوا الصليب المقدس وأرسلوا إلى ( المدائن ) وبإمكاننا أن نتصور الهوة الكبرى التي حدثت بين الروم والفرس من خطاب وجهه ( كسرى ) إلى الهرقل من بيت المقدس قائلاً : (( من لدن الإله كسرى الذي هو أكبر الآلهة وملك الأرض كلها إلى عبده اللئيم الغافل ( هرقل ) إنك تثق في إلهك , فلماذا لا ينقذك إلهك القدس من يدي .....!؟)), واستبد اليأس والقنوط بهرقل من هذه الأحوال السيئة وقرر العودة في ( قرطاجة ) من الساحل الأفريقي فلم يعد يهمه أن يدافع الإمبراطورية بل كان شغله الشاغل إنقاذ نفسه وأرسلت السفن الملكية إلى البحر وخرج ( هرقل ) وبينما هو في طريقه ليستقل إحدى هذه السفن إلى منفاه الاختياري تدخل كبير أساقفة الروم واستطاع باسم الدين والمسيح أن يقنع ( هرقل ) بالعدول عن سفره والبقاء في مدينته فذهب مع الأسقف إلى قربان ( سانت صوفيا ) يعاهد الله على أنه لن يعيش أو يموت إلا مع الشعب الذي اختاره الله له وفي هذه الأثناء حدثت وقائع وحروب وأخيراً مصالحة بين الإمبراطورية الإيراني وهرقل وقد صرفنا النظر عن هذه التفاصيل لأنها تستغرق وقتاً طويلاً وكتابة ً كثيرة ونترك الإمبراطوريتين بعد هذه المصالحة و نيمم وجهنا شطر الجزيرة العربية .
    فلم تكد أنباء هذا الصراع بين الفرس والروم وغلبة الفرس تصل إلى الجزيرة العربية حتى بدأ صراع قوي بين أهل الإيمان وأهل الشرك في ( مكة ) لأن الفرس كانوا ( مجوساً ) يعبدون ( الشمس والنار ) , ويشتركون في هذا الجانب يشتركون مع الفرس في عبادة بعض مظاهر الطبيعة المادية ( عبادة الأصنام ) بينما المسلمون يشتركون مع أهل الكتاب في الإيمان بالله وباليوم الآخر والوحي وهذه قواسم مشتركة , ففرح أهل الشرك بهذا الانتصار بينما استاء أهل الإيمان وانتهزها المشركون فرصة للسخرية من المسلمين قائلين : هاهم إخواننا انتصروا على إخوانكم وكذلك سوف ننتصر عليكم ونغلبكم ونقضي عليكم إن لم تصطلحوا معنا وتتركوا ما أنتم عليه من الدين الجديد .
    وكان المسلمون في ( مكة ) يومئذ في وضع مأساوي لا يحسدون عليه من الضعف وسوء الأحوال المادية والمعيشية حتى اضطروا أن يأكلوا أوراق الشجر .
    وبينما هم في تلك الحالة البائسة والليل الحالك والشدة في المعيشة تنزل البشرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية الكريمة :
    (( الم غُـلبت الروم
    في أدنى الأرض وهم من بعد غَلبهم سَيَغَلبون في بِضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء ))
    وقد كتب أحد المستشرقين وهو ( أدوار جيبون ) تعليقاً على هذا النبأ والبشرى السارة من السماء يقول :
    (( لم تكن أية نبوءة أبعد منها وقوعاً لأن السنين الأثني عشرة الأولى من حكومة ( هرقل ) كانت تؤذن
    بانتهاء الإمبراطورية الرومانية )), لكن الحروب التي وقعت بين الروم والفرس فيما بعد انتصار الروم على الفرس للظروف السيئة التي أحاطت بالفرس رجحت جانب الروم وجعلت ( كسرى ابرويز ) غير قادر على مقاومة سيل الروم فحاول الفرار من قصره , وساعد ذلك ثورة داخل القصر الملكي نشبت في

    الإمبراطورية اعتقله ابنه ( شيرويه ) وزج بأبيه في السجن داخل القصر حتى لقي حتفه وفي اليوم الخامس من اعتقاله , وقد قتل ابنه ( شيرويه ) ثمانية عشر من أبناء أبيه ( كسرى ) أمام عينيه لكن (شيرويه ) هو الآخر لم يستطع أن يجلس على العرش أكثر من ثمانية أشهر حتى قتله أحد أشقائه , وهكذا بدأ الصراع والقتال داخل البيت الملكي ولم يكن من الممكن في ظل هذه الأحوال السيئة أن يواصل الفرس حربهم ضد الروم فأرسل ( قباذ الثاني ) ابن ( كسرى ابرويز الثاني ) إلى ( هرقل ) يطلب الصلح وأعلن تنازله عن الأراضي الرومانية كما أعاد الصليب المقدس , ورجع ( هرقل ) إلى عاصمته ( القسطنطينة ) في مارس /628م/ في احتفال مهيب , كان يجر مركبته أربعة أفيال واستقبله آلاف مؤلفة من الجماهير خارج العاصمة وفي أيديهم المشاعل وأغصان الزيتون
    وهكذا صدق خبر القرآن عن غلبة الروم في مدته المقررة أي مضي عشر سنين من نزول وبعد هذه السياحة التاريخية والفكرية فيما جاء القرآن الكريم من صدق في أخباره نُعرِّج قليلاً على السنة النبوية والسيرة التاريخية لهذا النبي العظيم الذي اختارته العناية الإلهية ليكون رسولا ً إلى العالمين الذي صدق ما أخبر به وكيف أن الأحداث جاءت كما أخبر .
    عندما بدأ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ينشر دعوته بأمر من اله إذ أنزل عليه قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) وفقت الجزيرة العربية بقضها وقضيضها تصده عن السبيل وتمنعه من التبليغ .
    وكان على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مواجهة ثلاث جبهات :

    أولاها :
    القبائل المشركة بعد أن أضحوا أعداء دعوته وحياته ( في المرحلة المكية )
    ثانيهما :
    اليهود الذين يملكون القوة الاقتصادية والمال الكثير ( في المرحلة المدنية ) بعد الهجرة .
    ثالثهما :
    المنافقون الذين تسربوا داخل المسلمين للقضاء على حركتهم في معاقلهم .
    فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يُجاهد في سبيل دعوته ونشر رسالته على كل الأصعدة قوة المشركين ( الرأسمالية واليهودية ) الطابور الخامس ( المنافقون ) غير عابئ بما يلقاه من صد وعنت وإيذاء صابراً محتسباً واثقاً من النصر .
    وقف أمام هذا الطوفان العارم والسيل الجارف بعزيمة لا تلين وكانت وقفات رائعة لا مثيل لها ولم يسانده في مواقفه هذه إلا ثلة من أصحابه الأوفياء من المهاجرين و الأنصار . وكانوا في شدة من الخوف والعوز والفاقة والحاجة الشديدة إلى الأنصار ينزل القرآن يبشرهم بالنصر والغلبة ( كتب الله لغلبن أنا ورسولي ) و ( إن جندنا لهم الغالبون ) و ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متمم نوره ولو كره الكافرون وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كره المشركون ) الصف 8/9
    وفي ضوء هذه الآيات والمسلمون في مكة يعانون الأمرين من قتل وتعذيب وتجويع يبشرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالغلبة والنصر ونستشهد بحديثين أراهما كافيين للاستدلال على ما نقول :
    أوليهما :
    ((عن خباب بن الأرب قال : شكونا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له : ألا تستغفر لنا , ألا تدعوا الله لنا , قال : كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه , والله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه , ولكنكم تستعجلون )) البخاري .
    وثانيهما : ((عن عدي بن حاتم قال : بينا أنا عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال : يا عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت لم أرها وفد انبئت عنها , قال :لئن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله , ولئن طالت بك حياة لَْتـَـفـَتـَحَنَّ كنوز كسرى , قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال نعم , ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يَـخرِج ملءَ كفه ذهب أو فلا يجد من يقبله , قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله وكنت ممن افتتح كنوز كسرى ,ولئن طالت بكم حياة لترون ما قاله أبو القاسم )) البخاري .
    فكل ما أخبر به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقع وشاهده عدي بن حاتم في حياته إلا كثرة الأموال إلى هذا الحد فإنها ستأتي في زمن عيسى عليه السلام ( من علامات الساعة ) وتحقق من هذا شيء كثير في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه حيث عم بعدله وصلاحه الرخاء البلاد الإسلامية ليس أن نفسر هذه الأخبار من منظورنا البشري وفي ضوء المصطلحات المادية ولا بد من التسليم بأن صاحب هذه الأخبار عن الغيب لم يأتِ بها من عنده وإنما هو خليفة ورسول ٌ من رب العالمين (( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال )) .
    إذ لو كان إنساناً عادياً غير مؤيد بالوحي لاستحال كل الاستحالة أن يتحقق ما قاله : أو يأتي القدر فيصدق قوله ألم يكذب القدر تنبؤات نابليون وأدولف هتلر وكارل ماركس .....!؟ وهم من هم في عبقريتهم وأوج قوتهم كما قال البروفيسور ( ستوبارت ) (( أنه لا يوجد مثال واحد في التاريخ الإنساني بأكمله يقارب شخصية محمد عليه الصلاة والسلام ! ولو أننا درسنا التاريخ من هذه الجهة فلن نجد فيه أسماً منيراً هذا النور واضحاً هذا الوضوح غير النبي العربي .))
    إن هذا الأمر أعظم دليل على كونه صلى الله عليه وسلم مرسل من لدن الحق تبارك وتعالى وكما اعترف السير ( وليم موير ) رغم عدائه للإسلام بهذا الأمر بطريقة غير مباشرة حين قال :
    (( لقد دفن محمد مؤامرات أعدائه في التراب وكان يثق بانتصاره ليل نهار مع قلة الأنصار والأعوان رغم انه كان مكشوفاً عسكرياً من كل ناحية , وبعبارة أخرى : كان يعيش في ( عرين الأسد ) ولكنه أظهر عزيمة لا نجد لها نظيراً غير ما ذكر في الإنجيل من أن نبياً قال لله تعالى : ( لم يبق من قومي إلا أنا ) ولعله يشير بذلك نبي الله موسى عليه السلام كما جاء في القرآن : ( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي )
    وأخيراً فقد جاء الزمن وصدَّق كل ما تنبأ به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وانتشر الإسلام في الأرض غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً , وها به أهل الأرض كلهم وكانت كلمته هي العليا حتى تفرق أهله فذهبت ريحهم .
    نسأل الله تعالى التوفيق واتحاد الكلمة وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .


    هذه المعلومات التاريخية مأخوذة من كتاب ( الإسلام يتحدى ) للمؤرخ وحيد الدين خان الهندي الباكستاني تعريب ظفر الإسلام خان الصفحات /123- 137/


    خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي





    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 10/12/2010 الساعة 06:37 PM
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    278
    معدل تقييم المستوى
    15
    بسم الله الرحمن الرحيم وبعد :
    أشكرك هلى حُسن اختيارك للمواضيع المُنتقاة . وكتاب وحيد الدين خان قرأته وهو في مكتبتي وفي الحقيقة هو كاتب لا يُشق له غبار ، وقد نسيت أنا الكتاب وها أنت تذكرني فيه .
    أما إذا أردنا أن نتحدث عن القرآن الكريم والكتب السماوية الأخرى فقد كتب الجابري رحمة الله عليه في المدخل إلى القرآن ( فهم القرآن الحكيم )
    أن أول سفر للكتاب المٌقدس يُدعى ( التكوين ) وقد كُنب من قبل أربعين كاتباً ( على الشاك مراجعة المصدر ) من جميع طبقات البشر . واستغرقت كتابته ( 1600 ) سنة .
    أما الإنجيل فهو أربعة كُتب تُروي ما حصله أصحابها من كلام السيد المسيح وسيرته .
    فيقول مؤرخو الدين المسيحي في الغرب : ( أن المسيح لم يترك كتاباً منزلاً يضم كلام الله على غرار القرآن الكريم ، وإنما بقيت تعاليمه الشفوية متداولة بين صحابته الذين آمنوا به ، فقام بعضهم بروايتها في نصوص تُسمى ( الأناجيل ) وهو جمع كلمة ( إنجيل ) : أي البشرى .
    وهي أربعة تُنسب إلى الذين جمعوها وسجلوها ( متى ، مرقص ، لوقا ، يوحنا ) .
    أما القرآن الكريم فمُختلفٌ تماماً ، فتلقاهُ محمد صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفُ الكتابة ، ولقنه لسامعيه والذين كتبوه وهم قُراؤه الذين حفظوه عن ظهر قلب .
    وبكونه نزلَ مُنجّماً بين عشرين وثلاث وعشرين سنة ، فإن هذه المُدة هي جزء فقط من عمر جيل واحد ، وبالتالي فقد بقي على قيد الحياة مُعظم الذين باشروا بكتابته منذ البداية ، وكثير من الذين حفظوه في صدورهم .
    نستخلص أن هناك فرقٌ شاسع بين وضع ( الكتاب المُقدس ) , ( التوراة والإنجيل ) وتاريخ تكوينه وبين وضع القرآن ومساره التكويني .
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    سلام الله عليكم
    موضوع قيم ومعلومات هامة جداً

    من الذين أعلنوا النبوة كذلك ماني الذي قال أنه الفارقليط الذي بشر به يسوع
    والفارقليط هو محمد صلى الله عليه وسلم كما بشر به المسيح عليه السلام

    ممن ادعى حديثا النبوة شبتاي تزيفي الذي أعلن أنه المسيح الدجال المنتظر عودته لبيت المقدس
    وسافر من تركيا أيام العثمانيين و\اف بالخيل حول بي المقدس
    ثم أراد أن يقتله الخليفة العثماني لطلب الحاخامات
    لولا دهاء مستشار والده فأخبره أن يعلن اسلامه وحينها لن يقتله الخليفة العثماني

    إعلان الإسلام الظاهري دعاء اتبعه كثير من المجرمين اليهود
    ففي قصة قرأتها مؤخراً عن مجرم يهودي قتل طفلا في اليمن
    فحين أراد القاضي تنفيذ حكم الاعدام بحقه أعلن إسلامه ليهرب من الاعدام
    وحين طلب رأي حاخام منصف قال إن جريمة القتل واحدة لدى كل الأديان وعقبوتها واحدة
    لذا فليعدم القاتل حتى ولو أسلم

    وهناك أسماء كثيرة أعلنت النبوة في العصر الحديث

    كل الشكر للشيخ الفاضل خاشع حقي

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. فهم التاريخ من خلال فكرة " المعنى الحاضر والمعنى الغائب"
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01/08/2014, 11:26 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29/08/2011, 11:02 AM
  3. الرقيق خلال التاريخ و في الإسلام إلى وقتنا الحاضر
    بواسطة خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11/12/2010, 07:49 PM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28/12/2009, 03:30 PM
  5. أحداث التاريخ الإسلامي خلال خمسة عشر قرناً .. للتحميـــــل ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26/01/2007, 10:17 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •