كتبتُ إليكِ في شَــمِّ النسيمِ
وفاضَ الحبرُ بالوجدِ الحميم ِ
فمزَّقتُ الخطابَ وقلتُ حسبي
فقد مَلتْ من النغـم ِ القديم ِ
وقد ضاقت بما دَبَّجتُ ذرعاً
وبالشـعراءِ والشعرِ العقيم ِ
كفاها ما هرَفتُ من القوافي
وما خَرَّفتُ من قولٍ عديم ِ
لقد أفرطتُ -عفوَكِ- سامحيني
وفيكِ أصــالة الطبعِ الحليم ِ
وقلبكِ مثلَ قلبِ الطفلِ طهراً
فما أحلاهُ من قلبٍ رحيم ِ
كم اشتاقتْ اليكِ حروفُ شعري
وأكتُمُ لوعة الشـوقِ الضريم ِ
وأحبـسُ بوحها غصباً وقهراً
مخافة صــرخة الألمِ الكظيم ِ
تَرجُّ بها ســكونَ الليل ِ رجاً
كرَجِّ الأرضِ من قصفِ الهزيم ِ*
حروفي لم تطق سجني فثارت
وها هي خاطبتكِ من الصميم ِ
إذا هَبَّ النسيمُ فلا تريمي**
فأنتِ أرَقُّ من هَبِّ النسيم ِ
وإن كانَ النسيمُ بشيرَ أنس ٍ
فأنتِ بشارةُ الفرحَ العظيم ِ
بثينة! قد وقعتُ برغم أني
أضيقُ بمنطقِ الحُبِّ السقيم ِ
فكم مَرَّتْ بصحرائي ظباءُّ
وكم عاينتُ من كشح هضيم ِ***
فلم يعبثْ بأحــلامي جمالُّ
ولم أطرَبْ إلى صوتٍ رخيم ِ
فما خَطبُ التبدُّل ِ في كياني
وما سرُّ التحول ِ عن تخومي
صـحيحُّ أنَّ في عينيكِ ومضاً
يُذيبُ الصخرَ في قلبِ النجوم ِ
وأنكِ من رفيفِ الروحِ طيفُّ
أحَبُّ إليَّ من عَذَقِ النعيم ِ****
ولكني عفيفُ النفـــسِ شَهمُّ
وأعرف شـرعة الخُلقِ الكريم ِ
فحبي ليـــس مثل هوى جميلٍ
ولا المجنون ِ في حدقاتِ ريم ِ*****
لأني في خريفِ العُمرِ, ماض ٍ
وأنتِ نضــارة ُ الزمنِ المُقيم ِ
أحنُّ إليكِ في صــبحي وليلي
حنينَ الأمِ للطـــفلِ الفطيم ِ
وأغضبُ عنك إن واجهتِ ظلماً
وأبغــضُ طينة الخَترِ اللئيم ِ
سأقدح من حروفِ الضادِ شهباً
وأدحرُ هجمـة َالرذلِ الرجيم ِ
أتى عيدُ الربيعِ عساهُ سَعداً
يفيضُ عليكِ بالخيرِ العميم ِ
لتحيي العمرَ في أنَسٍ ورغدٍ
وطاعةِ خالق ٍ صَمَدٍ حكيم ِ
ـــــــــــــــــ
* الهزيم هو صوت الرعد
** لا تريمي: لا تذهبي
*** الكشح الهضيم هنا بمعنى الخصر الضامر
**** العذق شجر من أشجار الجنة
***** جميل هو عاشق بثينه. أما المجنون
فهو قيس والمقصود بحدقات الريم
عيون ليلى العامريه التي أفقدته صوابه.