قال حسان بن ثابت – رضي الله عنه – يهجو أبا سفيان بن الحارث قبل فتح مكة :
عفت ذات الأصابع فالجواء # إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحسحاس قفر # تعفيها الروامس والسماء
وكانت لا يزال بها أنيس # خلال مروجها نعم وشاء
فدع هذا ولكن ما لطيف # يؤرقني إذا ذهب العشاء
لشعثاء التي قد تيمته # فليس لقلبه منها شفاء
كأن خبيئة من بيت رأس # يكون مزاجها عسل وماء
على أنيابها أو طعم غض # من التفاح هصَّره الجناء
إذا ما الأشربات ذكرن يوما # فهن لطيب الراح الفداء
نوليها الملامة إن ألمنا # إذا ما كان مغث أو لحاء
ونشربها فتتركنا ملوكا # وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
عدمنا خيلنا إن لم تروها # تثير النقع موعدها كداء
يبارين الأسنة مصغيات # على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات # تلطمهن بالخُمُر النساء
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا # وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا اجلاد يوم # يعين الله فيه من يشاء
وقال الله قد يسرت جندا # هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد # قتال أو سباب أو هجاء
فنُحْكِم بالقوافي من هجانا # ونضرب حيث تختلط الدماء
وقال الله قد أرسلت عبدا # يقول الحق إن نقع البلاء
شهدت به فقوموا صدقوه # فقلتم لا نجيب ولا نشاء
وجبريل أمين الله فينا # وروح القدس ليس له كفاء
ألا أبلغ أبا سفيان عني # فأنت مجوف نخب هواء
فمن يهجو رسول الله منكم # ويمدحه وينصره سواء
أتهجوه ولست له بكفو # فشركما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالده وعرضي # لعرض محمد منكم وقاء
فإما تثقفن بنو لؤي # جذيمة إن قتلهم شفاء
أولئك معشر نصروا علينا # ففي أظفارنا منهم دماء
وحلف الحارث بن أبي ضرار # وحلف قريظة منا براء
لساني صارم لا عيب فيه # وبحري ما تكدره الدلاء