نهـــــج البـــــــردة
لأمير الشعراء أحمد شوقي
أحل سفك دمي في الأشهـــر الحُــرُم
يا ســـاكن القاع ،أدرك سـاكن الأجم
يا ويح جنبك ، بالسهم المصيب رُمِي
جُرحُ الأحبـــة عنديغيـــرُ ذي ألــم
إذا رُزقت التمــاس العذر في الشيـــم
لو شفك الوجــــد لمتعـــذل ولم تلـــم
ريمٌ على القـــاع بين البـان والعلــــم
رمى القضــــاء بعيني جــؤذر أســداً
لمـــا رنــــــا حدثتني النفــــس قائلــة
جحدتها ، وكتمت السهــم في كبـــدي
رزقت أسمح ما في النـاس من خُلــق
يا لائمي في هــواه - والهـــوى قدر-
ورُب منتصــــتٍ والقلبُ في صمــــم
أسهرت مضناك في حفظالهوى، فنم
أغراك بالبخــل من أغـــراه بالكـــرم
ورُبَّ فضــــــلٍ علىالعشاق للحلـــم
اللعباتُ برُوحي ، السافحــات دمي ؟
يُغرن شمس الضحى بالحليوالعصم
لقـد أنلتــك أذنــاً غيــــر واعيــــــــةٍ
يا ناعس الطرف ، لاذقت الهوى أبداً
أفديك إلفــــاً ، ولا آلو الخيــــال فدًى
سرى فصادف جُــرحاً دامياً ، فأســـا
من الموائـسُ بانــاُ بالرُّبــى وقنــــــاً
السافراتُ كأمثــال البــــدور ضُحى
وللمنيــــــة أسبــــابٌ مـــن السقــــــم
أُقلـن منعثـــرات الـدَّل في الرســـم
عن فتنــةٍ ، تُسلـــم الأكبـــادللضــرم
أشكالــه ، وهو فـــرد غيـــر منقســـم
للعين ، والحُسنُ في الآرامكالعُصُــم
إذا أَشَرن أســـرن الليــــــث بالعنـــم
القاتلاتُ بأجفـــــانٍ بهـــــا سقـــــــمٌ
العاثـراتُ بألبــــاب الرجـــال ، ومــا
المضرماتُ خدوداً، أسفرت ، وجلت
الحاملات لـــواء الحســـن مختلفــــاً
من كل بيضـــاء أو سمـــراءزُينتــا
يُرعن للبصر السامي ، ومن عجـــب
يرتعـــن في كُنُـــس منـــه وفي أكـــم
ألقاك في الغاب، أم ألقاك في الأطُم؟
أن المُنى والمنايــا مضـــربُ الخيـــم
وأخرج الريــممن ضرغامـــة قـــرم
ومثلهـــا عفــــة عُذريــــةُ العصـــــم
مغناكأبعــــــدُ للمشتــــاق مـــن إرم
وضعت خدّي ، وقسمت الفــؤاد ربي
يا بنت ذي اللبــــد المحمـــي جانبـُــه
ما كنــتُ أعلـــم حتى عـــن مسكنُـــه
من أنبت الغصـــن من صَمامة ذكــر؟
بيني وبينك من سمـر القنـــا حُجُـــب
لم أغش مغناك إلا في غصـون كِرَّى
وإن بــــــدا لك منهـــا حُسنُ مُبتســـم
كما يُفــضُّأذى الرقشـــــاءِ بالثَّــــرم
من أول الدهر لم تُرمـــل ، ولمتئـــم
جـــرحٌ بـــآدم يبكــي منــــه في الأدم
المــوتُ بالزَّهر مثلُالمــوت بالفَحَــم
لـولا الأمـــانيُّ والأحــــــلامُ لمينـــم
يا نفسُ ، دنياك تُخفـــي كــل مبكيـــةٍ
فُضِّي بتقواكِ فاهـــاً كلمــا ضحكـــت
مخطوبةٌ - منذ كان الناسُ - خاطبـــةٌ
يفنى الزمــــانُ ، ويبقى من إساءتهــا
لا تحفلـــي بجنـــاها ، أو جنـــايتهـــا
كم نائــــمٍ لا يـــراها وهي ساهــــرةٌ
وتارةً في قـــرار البـــؤس والوصـــم
إن يلق صاباً يرد، أو علقمـــاً يسُـــم
مُسودَّةُ الصُّحـــفِ في مُبيضَّـــةِ اللّمم
أخذتُمن حميـــة الطاعـــات للتخــم
والنفـــس إن يدعها داعي الصبـاتهم
فقــــوِّم النفـــس بالأخـــلاق تستقــــم
طــــوراً تمــدك في نُعمى وعافيــــــةٍ
كم ضلَّلتكَ ، ومن تُحجـب بصيرتــــه
يا ويلتــــاهُ لنفسي ! راعَــــها ودَهــــا
ركضتها في مريع المعصياتِ ، ومــا
هامــــت على أثــــر اللذات تطلبهـــا
صلاح أمــــرك للأخــلاق مرجعــــه
والنفـــسُ من شـرها في مرتعٍ وَخِـــم
طَغىَالجيـــادِ إذا عضَّـت على الشُّكُم
في الله يجعلني في خيـــــرمُعتصـــم
مُفرِّج الكرب في الداريــــن والغمـــم
عِزَّ الشفاعـــةِ ؛ لمأســــأل سوى أَمـَم
قـــدّمـــتُ بين يديـــه عبـــرَةَالنــــدم
والنفسُ من خيـرها في خير عافيـةٍ
تطغى إذا مُكِّنَتمن لذَّةٍ وهــــــوىً
إن جَلَّ ذنبي عن الغفران لي أمــلٌ
أُلقي رجائيإذا عزَّ المُجيـــرُ على
إذا خفضـــــتُ جنــاح الذُّلَّ أسألــه
وإنتقـــدم ذو تقـــــوى بصالحــــةٍ
يُمســـــــك بمفتـــاح باب الله يغتنــــم
مـــابيـــــــن مستلــــم منه ومُلتــــزم
في يـــوم لا عز بالأنسابواللُّحَــــــمِ
ولا يقـــاسُ إلى جـــودي لدى هَــــرِم
وبغيــــــةُ اللهمن خلـــقٍ ومن نَسَــــم
متى الورود ؟ وجبريــلُ الأمين ظمى
لزمتُ باب أمير الأنبيـــاءِ ، ومـــن
فكلُّ فضلٍ ، وإحســانٍ ، وعارفــــةٍ
علقتُ من مدحه حبـــلاً أعــزُّ بـــــه
يُزري قريضي زُهيراً حين أمدحُــه