قالت صاحبة الكتاب السعدية باحدة القاصة المغربية في كتابها '' وقع امتداده .. ورحل '' الصادر ضمن منشورات الصالون الأدبي والصادر عن دار القرويين بالمغرب متضما 77صفحة من القطع المتوسط و33قصة قصيرة جدا : ورد في كتابي هذا مجموعة من النماذج البشرية ، متعددة الإتجاهات والميولات والمفاهيم المتناقضة ، وكذا يحمل بين دفتيه شتى التلميحات والإشارات الضمنية المسترسلة والموحية إلى استشراء لغة العنف والتعصب والتقليد والميل عن الفطرة السليمة وعن رحيل الأرواح المغتربة المبحرة في البحث عن مأوى والمتوعدة بالنداء في تغيير الواقع وإضفاء جماليات الروح المشرقة أملا في عودة صوت بلابل العشق عذبا وينبوع القلب صافيا خفاقا حتى يعود الإنسان إنسانا ، يعيش في عالم لا يعرف الفجيعة والحرب الجهل و... متأملة في زمن متآكل ورغم ذلك مازالت لم تبرح شقتها رقم 151، حيث الصداع ينتابها ويهاجمها ويرغمها على البكاء حين تتذكر قصة '' حبلى وحبل ''المرأة التي سقطت من البلكونة وهي تنشر غسيلها على حبل ظل مثبثا في مكانه دون جدوى منه ، وحده الغراب كان شاهدا على المأساة ومن ذلك اليوم وهو في نحيب وسواد أبدي حيث مرارة الخوف والهلع من ضياع حياة أفضل جراء خيبة وانتكاس لحضة غير منتهية ، تحتاج إلى وصفة طبية تنقذه من شبح موت مازال مخيما على الذاكرة التي تحاول التملص من انتحار/ اندحار ، وشيك في عالم نسيان عقارب زمن مترهل مسموم كثرت فيه وساخة أهله مترجمة في عقم الحكامة الج.. حيث انتشار وباء الإمتساخ البشري والطبيعي المثمثل في نزعة قردية جعلت الخلف / النشء الذي سيحمل لواء المستقبل يحاكي كل صورة يلتقطها ، قاطعا بها آواصر القرابة ، ومندفعا بكل طاقاته إلى التمرد على هذا الإنتماء بتغيير اللهجة والحركة والمشية والنظرات والإهتمام ، ساعيا بذلك إلى إجهاض كل المبادئ والأخلاق السوية والتي أدت إلى غصة نفس كل متقاعد ينظر بعين البصيرة إلى ما آل إليه الوضع الراهن الذي يدعو ويحتم الولوج في/إلى عراك نزيه ومستمر للحفاظ على الإرث الحضاري وأمانة الأجداد اللذين أصيبا بداء تعتيم شمل كل برامج الحياة ، مما جعله يصيح بأعلى صوته ''احذروا '' كل انكسار/ انتصارظاهره فيه رحمة وباطنه فيه عذاب أليم ، فلا تضغطوا على أزراره فهي شبيهة بسلة الذنوب التي يجب رميها من نافذة الواقع قبل أن تشيخ العقول وتتهم النفوس بتهمة صاحب الطاحونة الذي غذا طوعها تديره أنى شاءت وبمزاجها ، حيث أصبح لا يعرف أين المفر من جمالها وابتسامتها التي لا تفارق محياها وهي تدور به في كل اتجاهاتها تمارس لعبتها المفضلة ، يخشى على نفسه من انخداع يجهض على فرح أحلامه حين لا يتحول إلى نيولوك زمانه ، وهو سابح في أوهامه وحيرته وذهوله سمع وقع جاره ، إنه معلم جديد ، حيث تصادمت النظرات بينهما فهرع إليه يسلم عليه بحفاوة مستطردا خلال حديثه معه جرد سنوات حياته المليئة بالمغامرات اللامتناهية والتي تعلم منها أن في الحركة ..دمار وليست بركة محذرا إياه أن إنسان هذا الزمان أصبح كقارض يهرش وينهش ويقرض و.. ويفرغ حمولته في مراحض الإذاعات والشاشات ويتقيأ على موائد الجماعات والجمعيات والتجمعات ، يردد بصوته الجهوري في الساحات العمومية أنا '' لست قابيل '' وإنما أحب أن أوقع امتدادي وأرحل .
إن السعدية باحدة من خلال كتابها هذا تصور لنا واقعا يعاني ويكابد ومحاصر بالهموم والمشاكل حيث التعتيم يفرض قانونه على هذه الأوضاع الملغمة ، محدثا فيه خللا اجتماعيا وفراغا روحيا وتنكرا لكل ماهو أخلاقي محض و..معبرة عن كل هذا بأسلوب يهمين عليه السرد على الحوار والتلميح والتكرار للمونيمات المتداخلة واقتناص الصورمن أماكنها بتصوير بلاغي إبداعي متجانس وإن المتأمل في هذه القصص التي شكلت لوحة فنية ذات جمالية وإشراقة تجعل النفس تنجذب إليها من سحرها وروعتها .. يندهش من بلاغة التعبير ذي الإيحاءات العميقة والإشارات الضمنية التي تعبرعن صرخة وانفجار ذات الكاتبة ضد تيارات العنف الداخلي والسعي إلى تحريرها من هذه الكآبة والإكتئاب والطامة الكبرى.
محمد محقق
ماكتب بالأزرق هو عناوين الكتاب