النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: قراءة في دويان" قوافل الثلج " للشاعر عبد اللطيف غسري

  1. #1 قراءة في دويان" قوافل الثلج " للشاعر عبد اللطيف غسري 
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    "قراءة في ديوان " قوافل الثلج" لعبد اللطيف غسري"
    عندما نقرأ عملا إبداعيا نشعر به ونتأثر بتيماته يكون هناك ارتباط بين النص /الإبداع و القارئ/ الناقد هذه العلاقة الحميمية تبدأ مباشرة عند الشروع في قراءة عمل من الأعمال الأدبية ، إن الناقد لا يدخل إلى عالم النص بل النص هو الذي يدخل إلى عالم الناقد ، كانت هذه الديباجة مقدمة للعلاقة التي ربطتني مع ديوان الشاعر المغربي عبد اللطيف غسري الموسوم ب" قوافل الثلج" الذي يقع في 96 صفحة من الحجم المتوسط.
    إنني عندما قرأت هذا الديوان دعاني إلى قراءته بحكم أنه مازال جديدا ، أرضا بكرا يحتاج إلى المزيد من القراءات ، لأن الشاعر في هذا الديوان يخوض تجربة شعرية قل نظيرها عند الشعراء المعاصرين وهي المحافظة على القصيدة العمودية الموزونة دون الخروج عن أحداث العصر. وسأعمل على قراءته من زاويتين الأولى من حيث البناء و الثانية من حيث الخارج الذي يفرض نفسه على القارئ دون فصل الداخل عن الخارج .
    إن بنية اللغة الشعرية في ديوان قوافل الثلج مربوطة بحركية غريبة استطاع الشاعر تتبع تفاصيل الكلمات المشكلة لأثاث القصائد ، هذه الحركية التي تمزج بين فضاءات النصوص المكانية و الزمانية وكأنك أمام فضاء واحد يتعايش فيه الزمان مع المكان في نوع من الهدوء الذ ي تفرضه طبيعة الشاعر وطبيعة المكان الذي نسجت فيه أغلب هذه القصائد ، وهو فضاء سيدي رحال المجاور لمدينة مراكش المدينة المغربية القابعة في سفوح جبال الأطلس الذي تتحكم فيه الطبيعة وجمالها وخصوبتها ، وبهذا تجد الشاعر يتناغم مع هذه الطبيعة ومن حين لآخر يجسدها ويحركها وكأنها كائنا حيا يتكلم . ففي قصيدة" تمرين بي" يستخدم الشاعر مفارقات غريبة بين تأثير الدهر في جسده المنهك وبهاء الحبيبة التي مازالت تتدلل وتتغنج هذا الحوار بين الحبيب و الحبيبة جعل الطبيعة تعجب بدلال الحبيبة التي مازالت في كامل رشاقتها مستخدما ثنائيات ضدية ساهمت في هذه الحركية الممتعة التي أضافت للديوان قيمة إلى قيمته .
    وهذه الحركية تتخلل كل مفترقات القصائد وتنوعها فنجد الشاعر يخلق حوارا فيه شئا من السخرية ، هذا الحوار الذي تشهده الغرف التي تضحك و السقف التي تهش جدلا و الكأس الأزرق الذي يرمق هذه الحركية ويزيد من تصاعد حركيتها ، إن الفضاء هنا أصبح من بين الشخوص التي تزين أثاث هذه القصائد ، وهذا التحول في مستوى البناء يزداد تطورا وحركية كلما دخلنا في تفاصيل القصائد ويظهر بشكل جلي من خلال القصيدة المفتاح التي تعنون الديوان وهي قصيدة "قوافل الثلج" التي تزخر بتشبيهات جميلة تضفي رونقا وبهاء على النصوص إلى درجة أن الشاعر صاغ هذه المفارقة باعتبار أن الرذاذ التي يخرج من فم المحبوبة أصبح متمنعا هذه قمة في المفارقة التي تجعل الجامد متحركا يتجول بحرية في فضاء القصيدة تعبيرات مجازية فجرت اللغة وجعلتها تنزاح إلى معان أخرى غير المعنى المعتاد الذي نفهمه من اللفظ.
    إن الشاعر يصف الثلج القادم من الجبال المجاورة و كأنه قافلة جنود قادمة من هناك حيث لا هناك هناك حيث الثلج قابع في مكانه لايتحرك ولكن الذي يتحرك هو الصورة التي خلق منها الشاعر كائنا حيا يغزو ويقاتل بغير قتال إنها قمة في السريالية و التجريد في رسم جدارية تحت إمضاء الشاعر عبد اللطيف غسري .
    كما أن حركية القصيدة تبدو من خلال الاختيار الدقيق للعناوين إنها لم تأت هكذا اعتباطية بل الغاية منها إضفاء روح الحيوية و الدينامية على الصورة المشكلة لنفسية شعرية و شاعرية اجتمعت في نفسية الشاعر و أعطت هذا الزخم الهائل من المعاني و الصور .
    إن الشاعر عندما يستخدم الخيال لا يستخدمه رغبة وحبا في الخيال بل يلجأ إلى الخيال لنقل صورة راسخة في ذهنه من زمان ويحاول نقلها إلى مستوى التخيل لتبقى لصيقة بالواقع إن التخيل عند الشاعر مرتبط بواقع يغلب عليه الطبيعة بخرير مياها بجمال أشجارها برونق وطيبوبة أهلها.
    إن اعتماد الشاعر في قصائده على الأوزان العمودية يحاول من خلالها عقد صلح بين القديم و الحديث و الرجوع إلى الماضي دون الانغماس في هذا الماضي إنه يحاول استقدام لغة الماضي وتركيبها بشكل جمالي في مواضيع وهموم الحاضر بأن أضفى عليها هذه المسحة الجميلة التي تجمع بين الهزل و الجدية في تناول المواضيع ، إن القارئ و المتمعن في ديوان" قوافل الثلج" يشعر برزانة الشاعر وهزليته المراكشية من خلال توظيف كلمات فيها سخرية لكنها كلمات عفيفة أنيقة لا تخدش الحياء و لا تدفع القارئ إلى النفور و التأفف ، إنها لغة الأستاذ و الشاعر الذي يعرف كيف يوظف الألفاظ في أماكنها طبقا للمبدأ الأخلاقي لتوظيف الكلمة المناسبة في المكان المناسب ، فلكل مقام مقال هذا ما لمسناه في هذا الديوان الشعري.
    كما أن حركية الديوان تظهر من خلال التوظيف السيميائي للغلاف حيث إن الشاعر اختار عن قصد أو دون قصد هذا الغلاف الذي يوحي للقارئ وكأن الثلوج قادمة من أعلى إلى أسفل وكأنها تغزو عالما سفليا لا قدرة له على الحرب ، إنها حرب الصور التي تخدع القارئ من خلال تمثل هذه الحرب وهذا الغو.
    إن قوة الخيال عند الشاعر تبدو من خلال قصائده المتنوعة بتنوع درجات الخيال عنده فنرى في قصيدة "همسات في آذان البحر" كيف يغازل الشاعر البحر ويناجيه بكلمات معبرا فيها عن روح التأمل و الحب الجميل لدرجة أنه يتمنى أن يسافر إليه عشقا وحبا فيه فنرى بأن قوة استخدام الخيال الذي يغوص في أعماق الأشياء قوي جدا مع العلم أن علاقة الشاعر بالبحر ضعيفة جدا بحكم بعد منطقة سيدي رحال المراكشية عن البحر و رغم ذلك تشعر بأن الشاعر يسكن البحر بل قل البحر يسكن الشاعر.
    ديوان قوافل الثلج صرخة أخرى من صرخات الشاعر عبد اللطيف غسري الذي يخوض تجربة الشعر العمودي بنوع من الثقة في النفس وبنوع من الجدية ويشعر القارئ أنه أمام شاعر من العيار الثقيل الذي يخطو طريقه في مجال الشعر العمودي بخطى ثابتة يرقى بالذوق القرائي عن المثقف العربي هدفه في ذلك رسم منهج في الكتابة الشعرية يتحدى بها من يريد المقارعة الشعرية المقارعة بالمعنى المدحي وليس بالمعنى القدحي.
    محمد يوب
    06-06-10
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    كاتب الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    سوريا دمشق
    العمر
    38
    المشاركات
    829
    مقالات المدونة
    3
    معدل تقييم المستوى
    15
    دراسة أكثر من رائعة أستاذي ............ شوقتموني و الأستاذ عبد اللطيف لقراءة الديوان ........... هلا ترسلون لي نسخة منه ...هههههههههه
    ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
    إمام الأدب العربي (الرافعي)
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    شاعر ومترجم مغربي الصورة الرمزية عبد اللطيف غسري
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    100
    مقالات المدونة
    7
    معدل تقييم المستوى
    15
    الله الله الله
    يا لها من مفاجأة رائعة هذه التي أصادفها في هذا اليوم الأغر وعيناي تكتحلان بهذه القراءة الرائعة الرصينة لديواني الشعري من قِبَل أستاذ قدير نكنُّ له جميعا كل حب وتقدير، هو الأستاذ الكريم محمد يوب. أجدُني عاجزًا عن صياغة عبارة شكر وامتنان تليق بقيمة هذا العمل الرائد. أنت، أستاذنا القدير، تضربُ لنا جميعا أمثلة حية في كيفية التعامل مع الإبداعات الجديدة والاحتفاء بما يليق بها من إشادة وتكريم. ووالله نحن أحوج ما نكون إلى مثل هذه القراءات التي تجلو عن القارئ بعضا مما يغيب عنه من دلالات النصوص التي يقرأها فلا يكاد يمسك إلا ببضعة خيوط منها. مثل هذه القراءات من شأنها أن تساعد القارئ على استجلاء مكنونات النصوص الشعرية والأدبية بنوع من الثقة واليقين.
    أخي الكريم، أرجو أن تتفضل بقبول أسمى عبارات الشكر والامتنان والمودة والتقدير.
    دمتَ بخير وسعادة.
    أخوك عبد اللطيف غسري
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    شاعر ومترجم مغربي الصورة الرمزية عبد اللطيف غسري
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    100
    مقالات المدونة
    7
    معدل تقييم المستوى
    15
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله نفاخ مشاهدة المشاركة
    دراسة أكثر من رائعة أستاذي ............ شوقتموني و الأستاذ عبد اللطيف لقراءة الديوان ........... هلا ترسلون لي نسخة منه ...هههههههههه
    أخي العزيز عبد الله:
    أشكرك على حضورك المميز وكلماتك الطيبة. لكم يسعدني ويشرفني أن تتمكن من الحصول على نسخة من ديواني، سوف أرسل إليك نسخة منه إن شاء الله في القريب العاجل.
    تقبل تحياتي العطرة
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    هذه القراءة جاءت متسرعة أنت تستحق أكثر من ذلك لي قراءات أخرى لكتاباتك القادمة لقد قرأت الديوان أكثر من ثلاث مرات فأنت بالفعل شاعر بارع هنيئا لك بهذه الموهبة التي من بها الله عليك أحوك محمد يوب
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6  
    شاعر ومترجم مغربي الصورة الرمزية عبد اللطيف غسري
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    100
    مقالات المدونة
    7
    معدل تقييم المستوى
    15
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد يوب مشاهدة المشاركة
    هذه القراءة جاءت متسرعة أنت تستحق أكثر من ذلك لي قراءات أخرى لكتاباتك القادمة لقد قرأت الديوان أكثر من ثلاث مرات فأنت بالفعل شاعر بارع هنيئا لك بهذه الموهبة التي من بها الله عليك أحوك محمد يوب
    أجدد لك شكري الجزيل وامتناني العميق أخي العزيز الأستاذ محمد يوب. تثمينك لتجربتي الشعرية من شأنه أن يدفع بي إلى الأمام.
    أدعو الله لك باطراد التألق والتميز.
    مودتي وتقديري الكبير

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16/09/2011, 05:37 PM
  2. قوافل الثلج/ عبد اللطيف غسري
    بواسطة محمد يوب في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05/06/2010, 08:10 PM
  3. صدور ديوان (قوافلُ الثلج) للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري
    بواسطة عبد اللطيف غسري في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01/06/2010, 02:07 PM
  4. مقال: صدور ديوان (قوافلُ الثلج) للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري
    بواسطة عبد اللطيف غسري في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30/05/2010, 12:42 AM
  5. قراءة نقدية في "أنين الوتر" للشاعر عبد اللطيف غسري
    بواسطة عبد اللطيف غسري في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17/04/2010, 08:58 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •