النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: "تطويع الثقافة" العربية أم تثويرها!

  1. #1 "تطويع الثقافة" العربية أم تثويرها! 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    736
    معدل تقييم المستوى
    19
    "تطويع الثقافة" العربية أم تثويرها!



    محمد أبو رمان


    06/07/1427

    الإسلام اليوم



    أحد الأهداف الرئيسة التي تسعى إليها إسرائيل - بضرب البنية التحتية، وتشريد الملايين وقتل الناس وترويعهم، وضرب كل معاني الحياة الإنسانية- في عدوانها الحالي على لبنان، يتمثل بترسيخ قاعدة جديدة في العلاقة بينها وبين المحيط العربي، مضمونها أنها قوة إقليمية كبرى مرهوبة الجانب، وأن كلفة أي عملية ضد مصالحها وأمنها ستكون كبيرة ليس على الجهة المنفّذة فحسب، بل على المجتمع الذي يحتضن هذه الجهة، ويوفر لها العمق الإستراتيجي أو الملاذ الآمن.

    ما تريد إسرائيل، وأميركا، ترسيخه أنّ قواعد اللعبة الإقليمية قد تغيّرت، بعد الأحداث المفصلية التي شهدتها المنطقة منذ احتلال بغداد، وانهيار ما تبقّى من هياكل النظام الرسمي العربي- وعلى العرب أن يقتنعوا بذلك، وألاّ يقفوا في مواجهة أهداف إسرائيل الإستراتيجية.

    هذه "القناعة الإستراتيجية"، التي تريد إسرائيل ترسيخها، لها بعد ثقافي ونفسي لا يمكن تجاهله، بل ثمة دراسات وتوصيات من بعض مراكز الدراسات الصهيونية، في واشنطن، تؤكد على أهمية تكييف الثقافة العربية مع المعطيات الإستراتيجية الجديدة وقمع ثقافة "التمرد" لدى الشعوب العربية. وفقاً لهذا المنطق؛ ليس مهماً أن يقتنع العرب أن الولايات المتحدة أو إسرائيل "قوة محبوبة"، وليس مطلوباً أن تعمل أمريكا على استرضاء الشعوب العربية، بل المهم ترسيخ قناعة عربيّة مجتمعية بأنّ أميركا "قوة مدمّرة" لا يمكن الوقوف في وجهها.

    نظرية"تطويع الثقافة العربية" نخبوياً وشعبياً تتبناها بعض روافد مدرسة الاستشراق الجديد في الغرب، ذات الروابط الصهيونية، وقد نادوا بتطبيقها على العراق، ما انعكس على سلوك الجيش الأميركي، وعملية التعبئة النفسية لجنوده، وتعاملهم مع المجتمع العراقي، سواء في معتقل أبو غريب أو العمليات العسكرية والفظائع التي تستهدف المدنيين وانتهاك حرمات الناس و كرامتهم.

    مشكلة نظرية "تطويع الثقافة" أنها تتصادم، بامتياز، مع طبيعة "النفسية العربية" وموقفها الحاسم من الاحتلال والهيمنة. فعلى النقيض من دعاوى أصحاب هذه النظرية فإنّ السياسات الأميركية والإسرائيلية تساهم، باطراد مستمر، بتنمية مناخ خيبة الأمل والسخط والغضب الشعبي العارم، الذي يمثل القوة الرئيسة الرافضة للهيمنة الأمريكية اليوم.

    في المقابل فإنّ أحد المخرجات الرئيسة لسياسات الهيمنة والاحتلال، والحروب التي تُشنّ في هذا السياق، يتمثل بإضعاف النظم الحليفة للولايات المتحدة، واستنزاف ما تبقّى من مشروعيتها أمام مجتمعاتها، بل والتأكيد على قناعة شعبية أخرى وهي انتهاء صلاحية النظام الرسمي العربي، الذي لا يبدو أن له بديلاً اليوم إلا حركات الإسلام السياسي، سواء استطاعت هذه الحركات الوصول عن طريق العملية الديموقراطية أم العمل المسلح، أو حتى في حالات الفوضى والانقسام كما هو الحال اليوم في العراق.

    الحضارات والثقافات تختلف. وإذا كان الصرب استسلموا لمخططات أمريكا وحلف الناتو، بعد ضربات جوية مكثفة(إذ يدعو أمريكيون وإسرائيليون إلى تطبيق سيناريو كوسوفا على الحرب الحالية في لبنان)، وإذا كانت اليابان استسلمت بعد الحرب العالمية الثانية، وحوّلت جهدها ونشاطها إلى الاقتصاد، وكذلك الحال في ألمانيا الغربية؛ فإنّ الميراث الثقافي والحضاري والتكوين النفسي للمجتمعات والشعوب العربية مختلف تماماَ، فهي عصية على التطويع السياسي والتاريخي، وترفض منطق الاحتلال والهيمنة، بل يتصاعد تمردها بتصاعد سياسات الإكراه الخارجي.

    الأمثلة على ما نقوله كثيرة ومتعددة، ولعل العراق نموذج مثالي على ذلك. فبعد حرب أمريكا على أفغانستان كان تنظيم القاعدة يعاني من أحوال متردية في مصادر التأييد والدعم، ولم يكن له وجود فاعل وحقيقي يُذكر، وكان أبو مصعب الزرقاوي هارباً من نار أفغانستان مع عدد قليل من الأنصار. لكن الحرب العراقية الأخيرة منحت القاعدة "فرصة ذهبية" للتجنيد والتعبئة والحركة، ووفد آلاف الشباب العربي إلى بغداد، الذين شاغلوا المشروع الأمريكي إلى أن اكتسبت القاعدة جسداً عراقياً كاملاً. بل يجمع الباحثون والخبراء المتخصصون في تنظيمات القاعدة أنّها أصبحت بمثابة"الماركة المسجلة" لكل من يقاوم ويعارض السياسة الأمريكية، في الوقت الذي تصل فيه نزعة معاداة هذه السياسة في المجتمعات العربية أقصى درجاتها اليوم.

    صحيح أنّ نفوذ الحركات الإسلامية الذي يتجذّر اليوم في المجتمعات العربية والإسلامية، لم يستطع إنجاز تغيير سياسي نوعي، ولم يتمكن من الوصول إلى الحكم في أيٍّ من الدول العربية المعتبرة، إلاّ أنّ مؤشرات المستقبل توحي بإمكانية حقيقية في إحداث هذه الحركات انقلاباً سياسياً تاريخياً، فهي الحركات الوحيدة الصاعدة شعبياً.

    في العراق لا يمكن قراءة العلاقة السلمية بين الأمريكيين والإسلام السياسي الشيعي والحزب الإسلامي السني إلاّ في سياق الهدنة الهشة المؤقتة، وفي أفغانستان عادت طالبان تسيطر على كثير من الأراضي الأفغانية بالتحالف مع حكمتيار وابن لادن، وفي الصومال تسيطر المحاكم الإسلامية. لكن ما هو أخطر من هذا وذاك أن تتراكم حالة الغضب والإحباط المتصاعد، التي ترفد الإسلاميين بالدعم المجتمعي، لتحدث تحوّلاً سياسياً نوعياً في بعض الدول، سواء من خلال انقلابات أو ثورات.

    إذ يبدو أنّ الإنجاز الحقيقي لسياسات التدمير والإرهاب والقتل الأمريكية والإسرائيلية ليس تطويع الثقافة العربية وإخضاعها لمنطق القوة وسياساتها، كما يرى المستشرقون الجدد ومراكز الخبرة الصهيونية، بل على النقيض من ذلك فإن هذه السياسات تدفع إلى"تثوير الثقافة العربية" ودفعها إلى أقصى درجات المواجهة مع المشروع الأمريكي والإسرائيلي.

    في المحصلة؛ لن تؤدي الحرب الإسرائيلية- الأمريكية اليوم على لبنان إلى عزل حزب الله وإسقاط حماس، وإن نجحت تكتيكياً في تحقيق أهدافها، فعلى المدى البعيد ستؤدي إلى تقوية هذه المنظمات. وإلاّ فإن البديل موجود لكنه ليس أمريكيا أو ليبرالياً إنما هو نموذج آخر من"الصدريين" و"جيش الإسلام" (في غزة).

    بكلمة: ما يحدث اليوم هو سيادة وانتشار "الروح الكربلائية" في المجتمعات العربية!
    __________________
    التعديل الأخير تم بواسطة رزاق الجزائري ; 26/05/2011 الساعة 06:53 PM
    قد تهزم الجيوش لكن لن تهزم الأفكار إذا آن أوانها
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 169 فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 170 يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ 171 الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ 172 آلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ 173 فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ 174 إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 175






    ترتفع اليوم زغردة فلسطينية تصل لأذن الجميع ولو كانت بلون أحمر

    الجريمة جريمة كبرى لا يمكن وصفها بكل اللغات المحكية

    هذه الجريمة تدل بقوى على دخول الكيان الصهيوني مرحلة جديدة

    لقد بات الكيان يشكل عبئا عالمياً كما كان الكيان في جنوب أفريقيا

    لقد دخلت تركيا مرحلة جديدة وستأخذ دوراً كبيرا في القضايا الإسلامية

    هذه الجريمة قد فتحت امتزاج الدم التركي في مسيرة تحرير القدس وتعني الكثير للأتراك

    هذه الدماء ستكون صرخة الحرية العطشى فيما كان ممنوعاً تداوله في تركيا إعلامياً لكنه اليوم صار واقعاً أحمر

    امتزاج الدم التركي بالدم العربي في مسيرة تحرير القدس تدل بقوة أن لا قضية القدس ليست قضية عربية فقط
    ولا قدرة للعرب على أخذ دور فاعل
    فكما يقف الغرب كله خلف الصهاينة
    يجب أن يقف كل المسلمون خلف المقدسيين

    القدس قضية كل مسلم
    قضية كل المسلمين

    فكرة امتزاج الدم المسلم في مسيرة تحرير القدس عبر قافلة الحرية تعني رمزية فاعلة كبيرة في العالم الإسلامي

    ولا بد من تفعيلها



    لا بد من الإشارة إلى أن بطولة واستبسال الركاب على السفينة التركية أربك الصهاينة و أوقعهم في أزمة جعلت العالم بأسره ضدهم


    وهذا الاستبسال يؤكد تعطش المسلمين لتحرير القدس ، وتعطش الأتراك للعودة للحضن العربي المسلم ولو كان الجسر هو الدماء







    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    736
    معدل تقييم المستوى
    19
    اخي طارق
    في خطاب اردوغان بالامس قرات ثلاث جمل لها دلالات كبيرة.
    تركيا ليست دولة بلا دور او دولة عديمة الجذور او دولة قبيلة.
    والرسائل الثلاث واحدة لاسرائيل، واثنتين للنظام العربي
    فدولة بلا دور رسالة الى دول عربية كان لها دور وتخلت عن دورها.
    دولة بلا جذور رسالة لاسرائيل الكيان المصطنع والذي يتصرف كذلك.
    دولة قبيلة رسالة الى النظام الرسمي العربي وشكله.
    تحياتي
    قد تهزم الجيوش لكن لن تهزم الأفكار إذا آن أوانها
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزاق الجزائري مشاهدة المشاركة
    اخي طارق
    في خطاب اردوغان بالامس قرات ثلاث جمل لها دلالات كبيرة.
    تركيا ليست دولة بلا دور او دولة عديمة الجذور او دولة قبيلة.
    والرسائل الثلاث واحدة لاسرائيل، واثنتين للنظام العربي
    فدولة بلا دور رسالة الى دول عربية كان لها دور وتخلت عن دورها.
    دولة بلا جذور رسالة لاسرائيل الكيان المصطنع والذي يتصرف كذلك.
    دولة قبيلة رسالة الى النظام الرسمي العربي وشكله.
    تحياتي

    حين يتكلم أردوغان فإنه يعني الأمة التركية ولا يقول الدولة التركية

    مقارنة مع الدول العربية المتفرقة المشتتة والتي لم نسمع من بعضها كلمة واحدة بحق الاعتداء على سفينة الحرية

    والمثال المحزن هو السعودية ، فلم نسمع تصريحاً واحداً يندد بما حصل وحين استضافت الجزيرة الشيخ سلمان العودة السعودي للرد على ما جرى قال :
    "نحن نفتخر بدور قطر المشرف في هذا الموضوع"

    ؟!!!!

    طبعاً على عكس الحراك الشعبي السعودي وخاصة في الشابكة

    فالشعب العربي جسد واحد وله تاريخ واحد ومستقبل واحد

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31/05/2012, 01:09 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04/05/2011, 10:38 PM
  3. مقال: الجزيرة".. الراعي الرسمي لـ "بعض" الثورات العربية؟
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22/04/2011, 11:59 PM
  4. الجزيرة".. الراعي الرسمي لـ "بعض" الثورات العربية؟
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 16/03/2011, 07:47 AM
  5. مكتبة الإسكندرية تصدر الترجمة العربية لـ"اللغات المفقودة"
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29/11/2006, 10:42 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •