أجود ألفاظ لغات العالم ستصبح عربية
==========
الموقف الذي يقول بتوقيفية اللغة موقف مطابق للواقع، وهو شأن كل الواضعين من جميع اللغات، ولكن اللغات جميعها باستثناء اللغة العربية تسلك مسلكا يتم فيه تجاوز الوضع لتنشأ عنه لغة أخرى تكون أول أمرها عامية أو لهجة محلية بعيدة عن اللغة الرسمية لغة الدولة والأدب والفكر والسياسة.. ولا يعني ذلك التمرد على الأصل، فاللغة اللاتينية مثلا وإن كانت قابعة في الرفوف إلا أنها لا تزال محترمة، ولا يتم تفسيرها بالخروج عنها، لأن لها سلطان لا يمكن نزعه عن أربابها، ولذلك حين نشأت الفرنسية والإسبانية وغيرهما عنها نشأت لغات جديدة بواضعين جدد، وهم أيضا سيظلون محترمين بوضعهم، فإذا جاء من يتمرد عليهم فسيخلق أول الأمر عامية أو لهجة أخرى، ثم يترك الأم إلى غيرها فيكون هو أيضا واضعها، وعليه فالتوقيفية مسألة محسومة إلا لمن يتنكر لها، ولا علاقة لها بالتطوير ولا التفجير ولا التأويل ولا غير ذلك من التعابير الخاوية..
أمر اللغة أمر ذاتي فيها قد بصمه واضعوها، ومن يقفز عنها إلى غيرها يقفز وفق حق من حقوقه، ولكن ليأتي بلغة أخرى، لا أن يتعسف على اللغة الأم ويزعم التطوير والتفجير وهو يقصد تدميرها والإساءة إليها، لا، لا يكون ذلك، ولمن أراد أن يقفز عن اللغة العربية فليفعل، ولكنه لن يأتي إلا بلغة أخرى تكون لغته، ويكون قد وضعها واصطلح مع آخرين على ذلك الوضع، ولكن النتيجة هي أن اللغة العربية تظل هي هي، ولن تدخل المتاحف، ولن تقتعد الرفوف وذلك شأن يجب أن يلفت نظر المنصفين إليها، فالعربي القديم الذي وضع اللغة كان يتمتع بعقل شفاف، وقد كاد يضع لكل لفظ مجازا واستعارة وكناية، أضف إلى ذلك عبقريته في وضع الأسماء والاشتقاقات وملاءمة ذلك للواقع، وعليه وبكل شفافية لم يظهر بعد عقل شفاف مثل العرب الذين وضعوا اللغة العربية وبزهم في وضعهم أحد بأن أتى بلغة تفوقها جمالا وبهاء وقدرة على التعبير عن كل شيء.
وأما الفريق الثاني الذي بقول بتفجير اللغة وتأويلها فهو فريق ضعيف لا يستطيع التكيف مع لغة متوجة تمكنه من اقتلاع قلبه واستخراج مخه، ثم إعادتهما دون أن يلحقه عيب أو أذى، اللغة العربية ذات حمولة لا يقدر عليها السطحيون ممن يتمردون عليها في صبيانية. من الذي منعهم من حق استعمال اللغة والإبداع بها وفيها؟ من الذي ضيق عليهم حتى باتوا ينعقون بما لا يعرفون؟
يستطيع المبدع شرط أن يكون عبقريا أن يأتي بالروائع نظرا لكون اللغة مطواعة في يده، ولكن شرط أن يكون أمينا عليها، وكونه أمينا يعني أنه في مستوى فهمها والإبداع فيها وبها.
ثم إن اللغة العربية ستكون لغة العالم ليس لكونها لغة مثل سائر اللغات ولو أنها وضعية مثلهم، لا، بل لكونها لغة قادرة على احتواء جميع لغات العالم، فاللغات في العالم يمكن أن تكون عربية بشرط إخضاعها للتعريب، وشرط اختيار أجود الألفاظ وأجملها حتى تصير اللغة العربية بألفاظ في أصلها غير عربية، وتكون لغة العالم، لغة الفكر والثقافة والحضارة والعلوم التجريبية والمعارف حين يكون لها كيان سياسي في الموقف الدولي، ولدي مثال على ذلك لفظ إسباني يعني الحلو أضفته إلى اللغة العربية فصار مرادفا جديدا بإذن منها وهو لفظ: دُلْسي Dulce.
إنه بعملية التعريب تصير الألفاظ الأجنبية عربية، وبه نتجاوز دعوات خبيثة لجعلنا انفصاليين بسبب لغاتنا ولهجاتنا، ماذا يضير الأمازيغي في المغرب مثلا أن يتجند لاختيار أجود الألفاظ الأمازيغية ويخضعها للتعريب فتصير عربية، بل ماذا يضير غيره إن سلك سلوكه، وبذلك يجد فيها الأمازيغي لغته، والطوراني لغته، والكردي لغته، والسكسوني لغته، والفرانكفوني لغته، والفلاماني لغته وهكذا.
سبب هذا المقال محمد يوب من موقع المربد الإلكتروني، فشكرا لك محمد يوب، لقد جعلتني أخرج ما بجعبتي من أفكار لا تزال مخطوطة في بعض كتبي، ولكن لا بأس فالفائدة مرجوة، والذي يملكها لا يصح أن يبخل بها.
=======
محمد محمد البقاش
طنجة في يوم: الجمعة 14ماي 2010 الساعة: 03 بعد الزوال بتوقيت غرينتش