النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قراءة نقدية لقصة انكسار

  1. #1 قراءة نقدية لقصة انكسار 
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    بسم الله الرحمن الرحيم

    قراءة نقدية لقصة انكسار للكاتبة أم أولادها
    داهمه خريف العمر ...لم يستسغ صورة وجهه المترهل فيالمرآة...هو من كانت الريم ترنو للظفر بقربه وتوحمت النساء للحمل بشبيهه ...
    لم تعد صبغة الشعر تفي بالغرض ولا الابتسامة الجانبية التي سحرت و اسقطت فيفخه الكثيرات فطاقم الاسنان البلاستيكي سد مسد حبيبات البرد المصطفة....
    استجمع ما تبقى من قوة ساعده المنهوك ثم وجه لكمة لمن زينت له واملت لهطوال هذه السنين وهاهي ذي تعكس بلا رحمة صورة ادمت قلبه
    تناثرت اشلاؤها على ارضية بيته وتناثرت معها الذكريات والاوهام


    التحليل
    يمكن مقاربة قصة الانكسار للأديبة أم أولادها من خلال أربع تيمات :
    1-تيمة البنية
    2-تيمة الدلالة
    3-تيمة الوظيفة
    4-القراءة السياقية
    وقد راق لي أن أختار هذه الدراسة لأن العنوان يفرض علي نفسه لأن عنوان القصة الانكسار يعكس بشكل آلي بنية النص الداخلية و الخارجية ، السطحية و العميقة ، و القارئ / الناقد يستنتج بأن العنوان هو النص و النص هو العنوان ، بحيث تجمع بينهما علاقة جدلية تفاعلية كل واحد يؤثر في الثاني ، بل إن عنوان الانكسار هو التيمة الكبرى التي تتمحور حولها القصة ، كما يمكن أن نقول بأن القصة ما هي إلا امتداد للعنوان بل تمطيط له بل قد يرى القارئ بأن القصة تتلخص في العنوان . وبهذا اعتمدت الكاتبة على إثارة انتباه القارئ إلى موضوع القصة من خلال هذا العنوان المثير.
    وبعد العنوان الذي يشير إلى الانكسار تأتي الألفاظ التي تعبر على نفس المضمون فالكاتبة استخدمت كلمة داهمه للدلالة على المباغتة وكأن خريف العمر إنسان شرير أقدم عليه مهددا إياه بالغدر و التنكيل به فصورة المداهمة هنا فيها هذا النوع من الحدة و القسوة البشرية زادت من تأزيم الوضع في القصة ، وتعطينا تصورا آخر هو أن البطل لم يكن مستعدا لمواجهة خريف العمر فقد باغته على حين غفلة من حيث يدري أو لا يدري .
    إذن فعنصر المفاجأة أحدث أثرا نفسيا في حياة البطل مما جعله يستنكر حالة وجهه المترهلة التي تفاجأ بها وكأنه لم ينظر للمرآة أبدا كأنه نظر إليها لأول مرة ، إن البطل يعيش تجربة بؤس داخلي رهيب نتيجة صراع النفس الحية في ظل بحثها عن حالة دائمة ومستقرة وكأنه يمني النفس بشباب دائم ، بمعنى أنه لم يكن يعتقد بأن العمر سيباغته ويترك فيه أثرا بالغا في شكله مما انعكس على نفسيته فترى بأن البطل إثرها سيصاب بعدوى الحزن و الألم بعدما كان ينظر إلى نفسه بأنه الشاب المدلل الذي تنظر إليه كل الفتيات نظرة حب إعجاب ،إنها نظرة نرجسية حادة نظرة تماه بين ذات البطل ونفسيته ، فكان محظوظا بنظرات بنات الحي اللواتي يشبهن الريم تنظرن إليه بعشق وحب ، بافتتانهن به . فكان ذلك الرجل الدونخواني الذي يعشق كل النساء يحبهن بشكل جنوني لكن حبه كان يصل إلى مرحلة التملك .
    إن الفتيات يعشقنه لدرجة الهيام ، بشكل هيامي لا مثيل له ، فمن لم تظفر به وبحبه فإنها تمني نفسها بأن تلد طفلا شبيها به تعلق نفسها بحبل من الأمل في رؤية ابتسامة من ابتساماته العريضة و الجميلة أو تخطف لنفسها لحظة من لحظات التأمل و الافتتان .
    إن الظاهرة الطبيعية قد اختفت وجاءت محلها الحالة المصطنعة بعدما فاته قطار العمر و أراد أن يتعلق بحباله الواهية الكاذبة لقد اعتمد في تجديد شبابه على المساحيق و الأصباغ الاصطناعية التي توحي للناس في اعتقاده أنه مازال شابا لكن الناس يعرفون الحقيقة من خلال قسمات وجهه المترهلة التي علتها التجاعيد و الشقوق الغائرة في الوجه وفي النفس . إن صباغة الشعر باللون الأسود لم تغير ولم تضف جديدا لما أحدثه الزمن ، كما أن طاقم الأسنان البلاستيكي كان بارزا للعيان أنه لم يكن طبيعيا بل كان اصطناعيا ، إن المعجبات لم تعدن ترى هذه الأسنان البلورية الطبيعية التي كانت تغرق الليل بياضا بلمعانها وبياضها .
    إن هذا الوهم الذي عيش فيه البطل نفسه هذه المدة من الزمن سيتعرى عندما سيرى وجهه أمام المرآة إنها فضحته وكشفت حقيقته للناس ، إن المرآة هي كذلك أخذت حقها كاملا من البطل ، لقد كان طيلة فترات عمره الزاهي لا يهتم بها لا يتوجه إليها لا يتأمل فيها وجهه الآن هي كذلك تعري حقيقته المزيفة ، حقيقته الطبيعية التي أثر عليها الزمن وغيرت فيها ما يمكن تغييره .
    إن المرآة هي نفسها تجسدت وأخذت دورها الآدمي وانتقمت لنفسها ولعذريتها التي انتهكت كم مرة فكان البطل لايأبه ولا يهتم بها فهاهي اليوم تأخذ الثأر القابع في نفسها الثأر الذي طالما انتظرت اليوم الذي ترد له فيه الصاع صاعين ، لكن البطل لم يرد الخضوع لغضب المرآة ولم يرد التنازل عن كبريائه فاستجمع كل قواه ووجه ضربة أخيرة للمرآة وكسرها لكن عندما تكسرت المرآة تكسرت الصورة وتكسرت معها النفسية ، فاشتد الصراع في القصة وازدادت دينامية وحيوية فأصبحت الصورة الواحدة صورة منكسرة مهشمة تعكس الكثير من الوجوه المنكسرة تعكس الكثير من النفوس المنكسرة، إنها لعبة اللعب على النفس على المشاعر الجياشة التي تتغير و تتجدد بتجدد المواقف التراجيدية التي يعيش فيها البطل بألوان وصور مختلفة.
    إن البطل وصل إلى نقطة اللارجوع التي لم يكن ينتظرها ، لم يكن يحسب لها حسابا ، إنها مرحلة متأخرة من عمر الإنسان ، مرحلة أبى العمر إلا أن يخوض غمارها ويجربها بحلمها بهمها بحلاوتها بمرارتها فلابد من تجريبها و الغوص فيها ، هنا يقف البطل مشدوها حائرا لابد له من تقبل هذا الوضع الجديد وأن يصبح الماضي ذكرى يعيش عليها ، ألبوم صور يفتحه من حين لآخر كلما حن واشتاق لهذا الماضي ، إن الماضي أصبح شظايا متناثرة على الأرض لابد من جمعه وإعادة ترتيبه للحفاظ عليه كذكرى أليمة حزينة داهمها الدهر وكسرها مثلما تكسرت الصورة وأصبحت متناثرة ومتفرقة .
    إن بنية النص توحي للقارئ بان الكاتبة تريد من خلال اللغة الشعر/ نثرية التي تجمع بين جمال لغة الشعر وفنية لغة النثر ، إنها تريد أن تعكس هذه الحالة من النرجسية التي عاشها البطل إن اللغة بدورها تتماها في هذا البهاء وهذا الجمال في اختيار و انتقاء الألفاظ التي تسبح بالقارئ في فضاء رومانسي جميل تتجاذبه صراعات البطل بين حب النفس وضغوطات الواقع الذي يفرض نفسه على البطل أحب أم كره كذلك جاءت اللغة تتناغم مع هذا الواقع الجديد إنها ألفته و ألفها وتعايشا جميعا في جو من التمازج الروحي و الرومانسي .
    كما أن اللغة بهذا التماهي كانت تأخذ القارئ إلى عوالم أخرى فيصنع لنفسه من ألفاظها دلالات خاصة وقاموسا خاصا يليق بموقف البطل وتدرج حياته حسب الظروف و المناسبات.فكانت الدلالات تختلف وكانت التصورات تتنوع بتنوع نفسية البطل ولهذا فالصورة الفنية التي طغت على القصة هي صورة ذلك الرجل الذي هده الزمن وأخذ منه الشئ الكثير ، إنها صورة حية حركية تتحرك بتحرك البطل وتتجدد بتجدده ، إن دلالة اللغة مأخوذة من واقع مر اختلطت فيه المشاهد الحقيقية بالمشاهد الخيالية غير أن الكاتبة رفعت هذا الواقع إلى الخيال وخلقت منه عالما متخيلا جميلا لا يشعر فيه القارئ بملل التقرير الأدبي بل كانت تتنقل بالقارئ بين فضاءات النص المختلفة و المتباينة .كما أن تطريز النص من حيث التسلسل المنطقي كان جميلا بحيث إن القصة تجذبك إليها دون أن تدري فتنقلك بين ردهاتها المتنوعة و المختلفة فلا تشعر فيها بالملل رغم قصرها تشعر بأنك تقرأ عملا دراميا كبيرا .
    محمد يوب
    17-04-10

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    شاعر ومترجم مغربي الصورة الرمزية عبد اللطيف غسري
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    100
    مقالات المدونة
    7
    معدل تقييم المستوى
    15
    قراءة رائعة تدل على تمكن عال من أدوات النقد عند الأخ الفاضل الأستاذ محمد يوب. استمتعت بالنص وبالقراءة الجميلة.
    تحياتي للأستاذ محمد وللأخت الكاتبة
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    سعدت بمرورك أخي عبد اللطيف بارك الله فيك
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    الدولة
    سوريا - الرقة
    المشاركات
    62
    معدل تقييم المستوى
    15
    قراءة رائعة وتحليل جميل لهذه القصة المعبرة ,
    سلمت يداك أستاذ محمد وإلى المزيد
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    أنت تسعدني دائما بردودك
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20/07/2010, 09:22 PM
  2. سيزيف.com/قراءة نقدية
    بواسطة محمد يوب في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06/07/2010, 10:31 AM
  3. قراءة نقدية في "أنين الوتر" للشاعر عبد اللطيف غسري
    بواسطة عبد اللطيف غسري في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17/04/2010, 08:58 PM
  4. انكسار ...
    بواسطة مصطفى طاهري في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23/06/2009, 12:12 AM
  5. قراءة نقدية لمجموعة ( سرداب التاجوري )
    بواسطة مريم خليل الضاني في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20/01/2009, 09:45 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •