النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ذاكرة ثقافية تنهار مع تفجير دارة جبرا ابراهيم جبرا

  1. #1 ذاكرة ثقافية تنهار مع تفجير دارة جبرا ابراهيم جبرا 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    الخميس, 15 أبريل 2010
    بغداد - ماجد السامرائي
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	1271254547667138400&.jpg 
مشاهدات:	83 
الحجم:	23.2 كيلوبايت 
الهوية:	893

    هل كان الانتحاري الذي قاد سيارة مفخخة مستهدفاً مبنى القنصلية المصرية في بغداد يعرف شيئاً عن الدار المجاورة لها، والتي جعل من مدخل «كراجها» طريقاً له نحو «هدفه»: لمن تعود هذه الدار؟ ومن هو صاحبها؟ وماذا تحوي من كنوز فنية ونفائس أدبية؟ وأي تراث شخصي وتاريخ ثقافي قد دمّر بفعله الإجرامي - لحظة تفجر بما يقود ويحمل ليدمر ويحرق كل شيء في الدار التي من بابها دخل: من البشر، الى الفن، الى الثقافة، وما هنالك من وثائق مهمة تمثل ذاكرة مرحلة من أهم مراحل الثقافة الحديثة؟

    كانت الدار التي حوت هذا كله، والتي جرى لها هذا كله هي دار الأديب والروائي الكبير جبرا إبراهيم جبرا.

    قبل نحو خمس سنوات قصدت دار جبرا إبراهيم جبرا في حي المنصور في بغداد لأطمئن على ما كان تركه من بعد وفاته عام 1994، من أعمال فنية نادرة لكبار فناني العراق، وآلاف الأوراق المخطوط منها والمطبوع، والوثائق التي تمثل ذاكرة مرحلة لعلها من أخصب مراحل الإبداع وأكثرها غنى. يومها استقبلتني السيدة «أم علي» شقيقة زوجة ابنه سدير الذي كان هاجر الى أستراليا في العام التالي لوفاة والده، تاركاً الدار وما فيها في عهدة هذه السيدة الفاضلة التي وجدتها وقد صرفت من العناية ما يستحق لكل شيء يعود الى جبرا: من اللوحات والأعمال الفنية التي علقتها بانتظام، الى الأوراق التي صانتها من كل تلف أو عبث يمكن أن يلحق بها، الى المكتبة الشخصية للراحل الكبير. يومها شكرتها على كل ما قدمت، بوصفي صديقاً قريباً من جبرا، وقلت لها من باب التأكيد على حسن ما فعلت: إن «كنوز جبرا هذه أمانة بين يديك».

    واليوم، إثر ما حصل، أذهب ثانية قاصداً الدار ذاتها لأجد كل شيء فيها/ ومنها قد تغير، بل امحى وتحول ركاماً من الحجارة والتراب والرماد. فالدار تهاوت على ما فيها، ومن فيها، والأعمال الفنية والكتب والورق بصفحاته التي تعد بالآلاف تحولت الى رماد... وأعلى هذا الركام لافتة سوداء تنعى «أم علي» وابنها - وقد أخبرتني جارتها أنها لحظة وقوع الحادث كانت تجلس في تلك الغرفة الصغيرة، على يسار الدار من ناحية الكراج، وهي الغرفة المحببة الى جبرا والتي كان يحب أن يستقبل فيها الخاصة من أصدقائه، فتهاوت عليها، ولم يتمكنوا من انتشال جثمانها من تحت الركام إلاّ في اليوم التالي!

    الناس الذين يمرون بالمشهد ويرون ما آلت إليه الدار من خراب كامل، يمرون حزانى ويترحمون على الضحايا، ولكنهم لا يعلمون شيئاً عما ذهب مع هذا الذي ذهب مما كان في داخل الدار، وفي الممرات والغرف من أعمال فنية تجمع بين جواد سليم وشاكر حسن ومحمد غني ونوري الراوي وضياء العزاوي ورافع الناصري وراكان دبدوب وسعاد العطار، وعشرات الأسماء الأخرى من فناني العراق، من جيله ومن الآتين من بعد ذلك الجيل الرائد، فضلاً عن أعماله هو. وكذلك الأوراق التي تضم ما كتب ولم يضمه في كتاب، والمسودات التي تمثل الكتابة الأولى لرواياته وقصصه، بوجه خاص، فضلاً عن مئات الرسائل المهمة أدبياً من عشرات الأدباء والأصدقاء من عرب وأجانب، وصور عن رسائله التي كتبها لهؤلاء الأصدقاء منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى يوم رحيله (وكانت بمقترح مني لكي نجمعها مع ما يمكن استعادته من رسائله قبل ذلك)، وقد أخبرني غير مرة أنه كتب ما لا يقل عن عشرة آلاف رسالة، ولا بد أن يكون قد تلقى مثلها!... وكان دائماً يقول لي: أوراقي هنا في هذه الخزانة (متعددة الرفوف والأبواب)، وقد رتبتها ضمن ملفات. إلا أنني لم أطلب منه يوماً أن يطلعني على محتوياتها. وكان يريد لهذه الدار، داره التي رسم خريطتها بنفسه وأشرف على تنفيذها، أن تكون «متحفاً» له من بعد وفاته، وأخبرني بذلك، كما أخبر الصديق عطا عبد الوهاب بأنه يريدني «وصياً على أعماله». إلا أن شيئاً من هذا لم يحصل!

    ومن بين ما ذهـــب مع ما ذهـــب صـــور فريدة، وتسجيلات صوتية، وأشرطة فيديو لنـــدوات ولقاءات ومحاضرات كان يلقيها أو يشارك فيها، وهي تمثل جزءاً من تراثه الأدبي والنقدي كان من المؤمل أن تكون المرحلة الثانية من «مشروع نشـــر أعماله الكاملة» الذي تبنته «مؤســـسة عبد الحميد شومان» على عهد مديرها العام أسعد عبد الرحمن... ولكن المشروع أحبط في لحظة التنفيذ. وها هو اليوم كل شيء يتداعى ويحـــترق: الدار بمن فيها وما فيها، والنار التي عصــفت بكل شيء وأتت على كل شيء، مخــلفة الـــرماد، ولا شيء سوى الرماد من دار كانت مركز حيوية ثقافية على مدى نحو نصف قرن من الزمان...

    وكذلك الأمر مع من عرفت أهمية هذا كله فعنيت به وصانته طيلة السنوات الماضية. فالدار اليوم لا باب لنا فنقرعه، ولم يعد في الدار من يرد علينا، ولا شيء في الدار يمكن أن نراه سوى أكوام الحجارة والرماد.. و «أم علي» التي تحولت الى اسم على لافتة سوداء ارتفعت فوق هذا الركام الذي كان قبل أيام: دار جبرا إبراهيم جبرا!







    المصدر


    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    وا أسفاه على ما يجري في العراق اللهم أنزل رحمتك ووحد بينهم
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    كاتب الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    سوريا دمشق
    العمر
    38
    المشاركات
    829
    مقالات المدونة
    3
    معدل تقييم المستوى
    15
    ياللفاجعة.....وياللعقول الخرقاء التي تدمر كل شيء وهي لا تبالي
    ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
    إمام الأدب العربي (الرافعي)
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد يوب مشاهدة المشاركة
    وا أسفاه على ما يجري في العراق اللهم أنزل رحمتك ووحد بينهم
    اللهم آمين،،،

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله نفاخ مشاهدة المشاركة
    ياللفاجعة.....وياللعقول الخرقاء التي تدمر كل شيء وهي لا تبالي
    هي فاجعة وأي فاجعة،،،!

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. يارب حلب تستغيثك
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18/04/2014, 11:00 PM
  2. مصر بلدنا يارب تتحرر ..
    بواسطة سوسنة الكنانة في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01/02/2011, 06:19 AM
  3. دارة ُ الفلـَلـَك ِ السـَّيار
    بواسطة عبدالأمير علوان في المنتدى الشعر
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 26/04/2010, 11:16 PM
  4. حارة في شبرا
    بواسطة د.حيدرآل شامي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29/09/2009, 11:02 PM
  5. من لي سواكَ يارب !!??
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى الشعر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04/03/2007, 12:13 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •