القصيدة التي فاز بها
قصيدتي يا خيمتي الأخرى
على لسان شاعر فلسطيني
في حضرة قصيدته بعد
ستين عاماً على النكبة .
مـرّي علـــى شفتي سـؤالاً حـائـراً
يبنــي مـن الأوهــام قصر جنــوني
مـــــا لوعة الحرف الــذي ألهمتني
إلا نزيــف الغيـــم فـــوق جبيني
نامـت ريــاح الصيف تحـت عبــاءتي
وانــدسَّ بـــين خيوطهـــا تخميني
وجعي يســــافر فـــي مرايـــا المستحيل -
ويمتطي مـــا شــــاء ظهر سنيني
إنـــي ســـؤال العـــابرين بأدمعي
والنَّـائمين علـــى ضفـــاف حنيني
صبي عبيرك فـــي دنـــان دفــاتري
واسقـــي العطــاش الظـامئين أنيني
بضفـــائر الكلمــات خبّأت الدجـى
فنجـومــه مــن لـؤلـئي المكنـون
كــم جلْتِ مـــا بين السّــطور تمنُّعاً
تتبخترين ترنُّمــــــاً بشجــوني
أسلمتني للوهــم خلف تخــومِــــهِ
تابــوتَ أحــزانٍ ومحــضَ فتـونِ
وسقيتني مــاء الفـــرات بيـــادراً
للحــزن كنتُ أذيبهــا بعيـونــي
صلِّـي علـى الأهـداب مثل مسـافــرٍٍ
وامشـي علـى الأجفـان مشـيَ حَرُونِ
أنا لا أريـدك مثـــل ليــلاي الَّــتي
في خـدرهــا غـرقت بحــبر ظنـون
"أنا يـا قصيــدة متعــبٌ بعروبـــتي"
هـــل تقبيلن بســـاطــة التبيينِ
ما أشرس الكلمــات عند صـدودهـــا
كــم أجهضتْ حلمــاً بغير كمـينِ
كــوني علــى عتباتهـــا أنشــودةً
للبحــر أو للـراحـلين بـــدوني
كــوني لهــا المعــراج في فردوسهــا
كــي تستفيق علــى ذرى حـطينِ
ألقــي علــى وجهـي قميص طفولــتي
فأنــا هنــا سيفٌ بـــلا تـزيينِ
مــا نـكبـة الكلمــات تشبـه نـكبتي
كــم عربــدت مـن خبثهـا بيقيني
يافا خـرير الحلــم فــوق وســـادتي
تغفـو كـغصنٍ قُــدَّ مــن زيتـوني
كــلُّ المــدائن أفـرعـتْ بأنـامــلي
وتـدثَّـــرتْ في لجَّــتي وسـفيني
في القدس كـم في القدس سـار معي السَّـنا
نحـو الــذُّرى متشـوِّقــاً لعريـني
في القـدس عند البـاب قــبر حكــايتي
وبقيَّــةٌ مــنِّي ورجْــعُ لحــوني
في القـدس مئذنــةٌ تصــارع جفنهــا
كيــلا تنــام بليلهـا المـأفــون
في القـدس تصـرخ طفلــةٌ " مـامـا " -
وتنتفض السُّـــهول .. للمعـــةِ السّــكِّين
في القـدس يعبـق شــارعٌ - بالرغــم -
ممَّــــنْ دنَّســـوه – بفـورتي وسـكوني
بالأمــس صـاحت خيمتي بحبــالهـــا
هــل تــدركــين مـرارة الستين
فظننتهــا تهــذي وكنت أمــامهـــا
شيخــاً هــوى في عامــه التسعين
تـاريــخُ ميــلاد البحــــار ولادتي
ومــلامحــي مـن سَـوْرةِ التكوين
جـرحـي مــدى الآفـاق يسبق ظلَّــه
مجــدافـــه قلــبي ونبـض يميني
يمشي على وجـــع الحـروف تمـــرُّداً
طوفــانَ كــبرٍ شــامـخ العرنين
مـا مـات مـن مثلي يجـرُّ جـراحـــه
هــزِئاً بظلمـة جبِّـــه المسـكين
ستُّـون مـــرَّتْ ولتمــرَّ بمثلهــــا
مــرآة جـرحـي وانكسـار جفوني
فسنابــلي مــلأى سـتنفض عـزَّهــا
يـومــاَ , وتبعـثُ للـورى حطيني
شعر : علي صالح الجاسم