صفحة 1 من 4 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 12 من 38

الموضوع: مشاركات قسم القصة

  1. #1 مشاركات قسم القصة 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    مسابقة المربد الأدبية الرابعة

    من1/2/2010 حتى 1/3/2010



    مشاركات قسم القصة


    ملاحظة هامة:

    على كل مشارك قبل أن يضع مشاركته هنا, الإطلاع على إعلان المسابقة
    اضغط هنا للاطلاع


    يحذف كل رد لا علاقة له بمشاركات
    القصة
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 05/02/2010 الساعة 02:45 PM
     

  2. #2 رد: مشاركات قسم القصة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    سوريا ـ سلمية / بلدة تلدرة
    العمر
    77
    المشاركات
    14
    معدل تقييم المستوى
    0
    قــصـص



    ( 1 )
    شــــجاعـة
    رآه يهبط درج مبنى المجمع الحكومي ؛ أخذته رعشة . صورته ما زالت محفورة في ذاكرته . تسللت قدمه اليمنى إلى كعب اليسرى ، ضغطت قليلاً ، أجابت أصابع القدم اليسرى بحركة مشابهة ؛ تعرت قدماه من النعلين ، انحنى ، خطف فردتي الحذاء ، وقف جاحظ العينين ، توترت أعصابه ، اهتزت يداه ، تقدم بحذر . لم ينس يوم بادره بصفعة ، أعقبها بصقعة ، ثم صرخ : " ضعوه بالدولاب " . تقدم ... تقدم ، قَدَّرَ أن المسافة بينهما أصبحت تسمح له بالحركة ، رفع يده اليمنى قليلاً حين أمسى قريباً من زاوية طريق فرعية ، انطلق مولياً الأدبار غير مُتَحَرِّفٍ لِلقاء آخر .
    الأحد 27 أيلول 2009


    ( 2 )
    شــــفافيـة


    في اليوم الثاني لتكليفه مديراً لفرع المؤسسة دعا إلى اجتماع عاجل ، حيث أكد على ضرورة التقيد بالتعليمات وتلبية طلبات المواطنين دون تأخير، واستقبالهم بوجه بشوش ، وهو ـ من جانبه ـ سيعمل بشفافية ، و ... نظر بطرف خفي إلى هدى ، رئيس الديوان ، التي سبق له أن التقى بها أكثر من مرة ، فأوضح بصريح العبارة أن العاملات كلهن مثل أخواته ، وهذا موقفه الذي لن يتخلى عنه أبداً .
    بُعيد منتصف اليوم كان أحد العاملين بالمؤسسة عائداً إلى بيته بحي التعاون السكني الغربي ، فلفتت نظره سيارة المدير المخصصة مركونة في إحدى الزوايا ؛ حينئذٍ لم يخامره شك بما يدور في شقة هدى ! مدَّ يده إلى جيبه ، سحب سلسلة المفاتيح ، اختار مفتاحاً منها ، تقدم من السيارة ، انحنى بحذر ، لم يستقم حتى رأى الدولاب ينام متهالكاً .
    انتَبَذَ مَكَاناً يَرى منه ولا يُرى ، لم يَطُلْ مكوثه كثيراً ، رأى مديره بشحمه ولحمه وعظمه يتسلل من باب البناية ذاتها .
    الأحد 27 أيلول 2009
    ( 3 )
    وفـــــاة
    في اليوم الأول لافتتاح الدكان تناول قطعة من الورق المقوى ، وكتب بخط عريض العبارة الشهيرة : ( الدين ممنوع والزعل مرفوع ) ، لكن هذا الشعار لم يطبق في قرية تل الزهور كالعادة . ثَمّ شيء لا يختلف عليه اثنان : دكان وعدم مسك دفتر للديون يعني انعدام البيع ، ثم الإغلاق !
    دفتر الديون ينتفخ يوماً بعد يوم ، هذا شيء لا يثير القلق ما دام هناك مَنْ يوفي ذمته في أوقات محددة ، أما أن يتهرب أحدهم ، أو ( يطمس) في مكان بعيد مثل حال ابن حارته خضر موسى ، المكنى بأبي فايز ، فالوضع لا يحتمل ! ومما زاد الطين بلة موقف زوجه ، وتريديها بمناسبة وغير مناسبة : " ظافر ذمته عاطلة ، يحتاج إلى دواء يكوي كياً " .
    ماذا يفعل ليحصل حقه ؟ فكر طويلاً ، رأى أن أسلوب بعض أصحاب المحلات بنشر أسماء المدينين والتشهير بهم أسلوب قديم ، يريد وسيلة شديدة التأثير وأنجع ..... ركب شاحنته الصغيرة ، وأمسك بيده مكبراً للصوت ، ثم انطلق وصوته يتماوج : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . توفيت إلى رحمة الله تعالى ذمة خضر موسى ( أبو فايز ) ... لا صلاة عليها " . أعاد النداء ثلاث مرات ، ختمتها بصوت هادئ : " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " .
    بعد ساعة كان فايز يقف قبالته في الدكان وهالة من الغضب تهز كيانه ، وإن حاول التخفي وراء ستارة الهدوء . سمعه يقول :
    ـ هيك يا جار تفضحنا بالضيعة !
    ـ أبوك هو السبب، لا تنسَ أن مَنْ يبَظ ( يفرك المؤشرة بالإبهام ) يبز* .
    ـ وأنت لا تنسَ أنك ....
    ـ كل شيء قابل للتصحيح بعد التسديد .... جرب وسترى .
    فتح دفتر الديون ، وأشار إلى صفحة ظافر ، ثم ركز سبابته في أسفل الصفحة قائلاً :
    ـ هنا الحل .
    ما كاد يتسلم المبلغ من فايز حتى قفز إلى السيارة ، وأمسك بمكبر الصوت ، وفتح فمه : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. سُبحانَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ... أدخلت ذمة ( أبو فايز) غرفة الإنعاش ، والوضع في تحسن ... ادعوا لها بالشفاء العاجل " .
    الجمعة 9 تشرين الأول 2009
    ــــــــــــــــــ
    * ( يبظ ) : باللهجة الدارجة بمعنى يدفع . وقد جاء في معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس : " يقولون بَظّ أوتارَه للضَّرْب ، إذا هيّأها " . وفي مختار الصحاح : " في المثل : مَنْ عَزَّ بَزَّ ، أي مَنْ غَلَب سَلَب " . و( المؤشرة ) : السبابة .

    ( 4 )
    محاضـــــرة
    ضجرت القرية من كثرة الدراجات النارية ، وقَلِقت من ارتفاع وتيرة الحوادث ، ناهيك عن صخبها وهي تسابق الريح بين الشوارع والأزقة !
    يكاد لا يخلو بيت من دراجة أو أكثر ، وكلها مهربة ، فما الحل ؟ ارتأت أطراف عدة أن نقص الوعي بأصول السياقة هو السبب ؛ لذلك اتُفِقَ على ضرورة الشروع بحملة توعية ، تكون بدايتها بدعوة المحامي أشرف لإلقاء محاضرة حول الوعي المروري ، وأثر ظاهرة تهريب الدراجات .
    في قاعة المركز الثقافي ما كاد الأستاذ أشرف ينهي محاضرته حتى استرعى انتباهه شاب يشير بسبابته إلى فمه ، ثم يرسلها نحوه بحركة لولبية ؛ فأومأ برأسه أَنْ : اقترب . أقترب الشاب على عجل ، وهمس في أذنه بضع كلمات جعلت الأستاذ أشرف يهب واقفاً ، ثم يغادر القاعة وهو يلوح بيده معتذراً . حين وجد نفسه في الطريق أسرع إلى دراجته غير المهربة ، ركبها وهو يحدث نفسه : " يا بني ! قلت لك : لا شيء يدعو إلى شراء دراجة ثانية . أجبتني : واحدة مهربة بربع الثمن ... تفضل شف نتيجة السياقة برعونة ! " .
    الثلاثاء 13 تشرين الأول 2009

    ( 5 )
    تصفيــــق
    دخل قاعة المركز الثقافي مع الداخلين ، سار حتى غدا بمحاذاة الصف الثالث ، اتجه إلى الجهة اليمنى كالعادة ، اختار المقعد الأول ، التفت خلفه قبل أن يهبط بسلام وسط ضجيج الأصوات والمقاعد . ارتفع صوت عريف الحفل ؛ فعم الهدوء . قبل أن يصعد المتكلم الأول المنصة صفق له مع المصفقين ، وودعه بمثل ذلك . ظل التصفيق يعلو ؛ نشل الجريدة المطوية من جيبه ، نظر إلى العنوان الرئيس ، أحس بشعاليل الخدر يسري في يديه ، ورمل النعاس يفترش عينيه ؛ دَنَا رأسه من صدره فَتَدَلَّى .
    أفاق على صفقة قوية ؛ فصفق بشدة وهو ينظر إلى الأمام والخلف . كانت القاعة خالية تماماً ، وضوء خافت يعم المكان ، وثَمَّ شعاع قادم من البهو يخاتل الباب المتأرجح . داخله خوف ورهبه ، نهض ، بحث بعينيه عن موطئ قدم بين المقاعد ، سار وهو يمكو ويصدي* .
    الأربعاء 14 تشرين الأول 2009


    ـــــــــــــــــــــــ

    * يصفر ويصفق

    ( 6 )
    مـــــــازوت
    في إحدى ليالي الصيف استلقى على فراشه فوق المصطبة كالعادة ، وكان قلقاً ؛ أفكار شتى طرقت باب مخيلته ، برزت أمامه صورة الشيخ علي وهو يردد : " إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ... " ، لكنه لم يفلح في تذكر ما قبلها وما بعدها ؛ فحدث نفسه : " كيف لواحد مثلي أن يلعب أو يلهو ؟ " . تأمل النجوم المضيئة في صفحة السماء الصافية : واحد ، اثنان ، ثلاثة ... ضرب فمه بباطن يده أَنْ : أسكت . فجأة لمعت في ذهنه حكاية جده مع النجوم ؛ أشرق وجهه بابتسامة عريضة ، حدث نفسه : " الله يرحمك يا جدي ! فكرتك الغريبة غدت مضرب الأمثال ، كيف خطر لك أن تسأل جدتي : لو كانت النجوم تعمل على زيت الكاز ، فكم بلورة * تحتاج في كل ليلة ؟ "
    التفت إلى زوجه الغارقة في نوم عميق إلى جانبه ، فوخزها أكثر من مرة حتى جعلتها تلتف حول نفسها مذعورة وهي تقول :
    ـ اللهم ! اجعله خيراً ... مالك يا رجل !
    ـ خطر على بالي خاطر .
    ـ خاطر !
    ـ عصر زيت الكاز ولى ، اليوم نحن في عصر المازوت .. يا ترى ! لو كانت النجوم تعمل على المازوت ، فكم برميل أمريكي تحتاج كل ليلة ؟
    ـ رح اسأل جدك .
    الأربعاء 21 تشرين الأول 2009

    ـــــــــــــــــــــــ
    * وعاء مخروطي سعته / 5 / ليترات
    ( 7 )
    ســــــارق
    تأفف صاحب الرفعة والعظمة ، واشتكى رأسه وظَهْرَهُ من الزمن الذي سرق الهدوء والسكينة من حياته ، وجعل الرعاع من الرعية يتمردون ؛ فتوترت أعصاب صاحب العسس ، وجحظت عينا كبير البصاصين ، ثم تحركا بسرعة البرق ، حيث أصدرا تعليمات مشددة لأتباعهم بإلقاء القبض على المسبب فوراً ، وإحضاره موجوداً .
    الأحـــد 25 تشرين الأول 2009

    -------------------------------------





    تواصل

    وصل أنْمار إلى سور محطة القطار . ما كاد يقترب من ردهة الانتظار حتى سك سمعه ضجيجٌ غريب الإيقاع ! عبر الباب العريض ، رأى حشداً من الناس . لأول مرة يسمع أصوات وقع أحذية المسافرين والمودعين تعلو أحاديثهم مَرَّةً وتسفُل أخْرى . ربما تكون نعالهم غليظة ، شديدة الوطء ! هنا خطر على باله قول الشاعر :
    رِقاقُ النِّعال طيِّبٌ حُجُزَاتُهُمْيُحَيَّوْنَ بالرِّيحانِ يومَ السباسبِ
    لم يكن هناك وجه للشبه بين أصحاب النعال الرقيقة والذين ( تعجق ) بهم الردهة الآن . لقد تغيرت المفاهيم بتبدل الأزمان ، أولئك كان أحدهم يخصف نعله ، ويُثْنَي طَرَف الأزِار، أما هؤلاء فلا يجدون راحة إلا إذا كانت أحذيتهم ثقيلة ، وصدورهم شبه عارية ، ولا بأس بارتداء نصف قميص .
    أيام (القبقاب الشبراوي أو العادي) ذهبت إلى غير رجعة ، صارت معامل الأحذية (تتفنن) بطريقة تصنيعها،لا فرق بين (الحقير) منها و(المحترم) ، وأسماؤها كثيرة ، متنوعة تبدأ بأقلها مكانة (شحاط)، وتنتهي بأشدها قوة وصرامة (البوط أو البسطار) .
    أمسك أنمار نفسه عن الضحك حين تذكر أحد زملاء الدراسة ! كان لذلك الشخص مِعْيَارٌ غريب في تحديد الشخصية ، فهو لا ينظر إلى قدرة المرء على تعليل تصرفاته والتحكم بها ، ولا إلى خبراته في امتلاك النفس ، وتكون العقيدة ..... إنه ينظر إلى حذائه ... نعم ..... إلى حذائه ، ومن ثم يحدد شخصيته . ذات يوم بوغت به أنمار يسأله عدة أسئلة ، بعضها لم يخلُ من الطرافة :
    ـ أنت شايف مثلي ؟
    ـ ما فهمت قصدك !
    ـ الأستاذ أنور .
    ـ مثله مثل بقية المعلمين بالمدرسة .
    ردَّ بسرعة :
    ـ أقصد شخصيته .
    ـ ما لها ؟
    ـ شخصية محترمة ، عليها القيمة ؟
    استفسر أنمار :
    ـ هل يمكن لك أن تقول لي كيف عرفت ؟
    أجابه بهدوء وهو يحدق في الأرض :
    ـ إنه ينتعل حذاء جميلاً ، لا بُدَّ أن يكون غالي الثمن .
    كظم أنمار صرخة كادت تفلت منه :
    ـ هكذا تقوِّم الرجال ؟
    ـ إي نعم ... الحذاء هو الأساس . انظر إلى هذه .
    أبرز أمام أنمار مجموعة من الصور المطوية ، بحيث لا يظهر منها إلا القسم السفلي ، وطلب أن يمعنَ النظر ، ويعطي رأيه بشكل الأحذية .
    جاراه ليعرف نهاية الحكاية . أشار إلى حذاء أحدهم ؛ فزَّ أنمار رأسه بشكل آلي قائلاً بهدوء :
    ـ جميل المنظر ، يبدو أنه ...
    لم يدعه يكمل ، قلب الصورة ؛ فظهر وجه صاحبها ؛ عندئذٍ ضحك ، وقبل أن يسمع رأي أنمار راح يعرض الصور كشريط . كانت كلها لشخصيات تملأ الصحف أخبارها ، وينقل الرائي صورها .
    ابتسم أنمار قائلاً :
    ـ طريقة جديدة في القويم ! لو سمعتْ بك ( فاليريا موخينا )* لماتت غيظاً .
    تساءل :
    ـ ومن هي موخينا ؟
    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    * كاتبة روسية مؤلفة كتاب ( نشأة الشخصية ) يتحدث عن ولادة شخصية الطفل ، صدر بالعربية عن دار التقدم عام 1988
    لم يجبه على سؤاله ، نظر إليه ملياً ، فكر : " ربما يكون معه بعض الحق ! لكن ... " . تمتم : " تضرب هيك شخصية " .
    الآن ها هو أنمار ينظر إلى مواقع الأقدام ، يرتفع نظره قليلاً قليلاً ، يتوقف على مسافة ثلاثة أشبار ... السياقان غابة مختلفة الأشكال والألوان ، تضج بالحيوية . الأقدام متنوعة الأحجام ، مشدودة إلى نوابض مرنة . أطال التحديق ؛ امتزجتْ الألوان والأشكال . تعالت أصوات النعال بإيقاع شبه موزون ؛ تعانقت أيدي طائفة من الحضور ، رسموا حلقة كبيرة ، في الوسط انتصب عازف (الأرغول) وقارع الطبل. راعي الأول يقفز ويدور .... فكر : " يا للروعة ! كم تجذبكِ تلك الحركة الصاخبة ، النشطة التي لا يمكن لكِ أن تشاهديها إلا في محطات السفر ، أتمنى أن تأتي الآن وتشاركيني متابعة هذا المشهد ! " .
    لم يمطل بأنمار الوقت ، رآها مقبلة عليَّه وهي تبتسم ابتسامة ذات مغزى ؛ جعلته يدور في دوامة من الأسئلة ، لكنها سرعان ما أشارت بيدها أنْ : اصبرْ، سأخبركَ .
    انتبذا زاوية الردهة الشمالية الغربية بانتظار القطار القادم من الشمال . ما كادت يديه اليمنى ترتفع بهدوء حتى أبرزتْ المؤشرة *، ثم بدأتْ تُرِقِّصها في الفضاء ؛ فكر أنمار : " لا بُدَّ أن تلك الحركة تخفي وراءها شيئاً ما ! ". صنعتْ من يديها كلتيهما شبه بوق ، واقتربتْ من أذنه ، قالت بصوت يمزج بين الهمس والصراخ :
    ـ سأقول لك لماذا كنتُ أبتسم . شو نسيت ؟ ألم أخبرك ... فن الإصغاء والتواصل موهبة تحتاج إلى صقل ، مَنْ يمتلكها يستطيع أن يسمع دبيب النمل ، ويفرز الأصوات السابحة في الفضاء . أصغِ إلى الأصوات التي تصدرها الأشياء المحيطة بنا ، ثم اجهر بِقِرَاءَةِ تفسيرها .
    ـ والله ! أمركِ غريب ! كأني أحلم ... تطلبين مني أن أقرأ ما ... أقرأ ــــــــــــــــــــــــــــــ
    * السبابة
    شو ؟ نعرف أن لكل حي صوت مميز ، أما الأشياء الجامدة .... ثم ما حكاية أصواتها ؟
    شعر أنمار كأن ذلك الضجيج خَفَت فجأة ؛ فسمعتها تقول بصوت واضح النبرات :
    ـ كل شيء في الطبيعة له صوت .
    ـ حتى الجماد !
    ـ نعم ... نعم .
    لم يجد نفسه إلا وهو يصرخ دونما انتباه :
    ـ اللهم ! احفظنا ، وأبعدنا عن العمارة الصفرا .
    ضحكتْ :
    ـ هل تحسبني مجنونة ؟
    ـ لا ... لكن ..
    ـ بلا لكن ... دعني من هذا الآن . انظر إلى حذاء ذلك الرجل .
    نظر إلى حيث أشارتْ . كان رجلاً ثقيل اللحم يتمايل بمشيته مثل البطة . تابعتْ :
    ـ له صوت خُوار .
    صاح متعجباً :
    ـ خوار ! هل هو ثور ؟
    ـ لا ... يصدر صوت خُوَارٌ.
    ـ لم أفهم .
    ـ حذاؤه مصنوع من جلد البقر ؛ لذا تراه يخور .
    ـ ما هذا الكلام ؟
    ـ والواقف خلفكَ له صوت رُغاء .
    ـ تعني أن حذاءه مصنوع من جلد الجمال ؟
    ـ أو الضَّبُع .
    دخل دوامة الحيرة ! قال باستسلام :
    ـ وماذا بعد ؟
    تابعت كلامها على الوتيرة نفسها :
    ـ أنتَ تعلم أن فم كل كائن حي يمتلك خاصية إصدار أصوات مميزة ، وكذلك الأنف ، و...
    ـ ما الجديد في الأمر ؟
    ـ الجديد هو دعوة إلى التواصل لمعرفة أصوات الأشياء الأخرى .
    قال متبرماً :
    ـ بتُ لا أعرف مَنْ هو المجنون منا !
    ـ صبراً ... تدريب النفس وتهذيبها يكشف لك أن الأصوات التي يحملها الكائن تندمج بحيث يغدو الصوت جزءاً من حامله .
    ـ هل أنا فهمت الأولى حتى أفهم الثانية ؟
    ـ قلت لك : صبراً .... انظر إلى تلك الفتاة ، إنها تصدر فحيحاً
    ـ حسب رأيكِ لا بدَّ أنها تحمل شيئاً ما مصنوع من جلود الأفاعي .
    ـ جيد جداً ، بدأت تتواصل .
    ـ وهذه الفتاة التي تخفف الوطء في مشيتها ؟
    ـ لها صوت كأطيط الإبل .
    ـ ماذا يعني هذا ؟
    ـ حذاؤها من مواد مطاطية .
    كادت تفلت منه ضحكة مجلجلة ، لكنه أدركها في آخر لحظة ؛ فأطبق عليها مع قليل من التسامح .
    سمعتها تقول :
    ـ لا تنسَ، اكتب إلي، سأرسل لك عنواني فور وصولي .
    التفتَ إليها فاغر الفم هنيهة ، ثم سألتها :
    ـ عن أي شيء تريدين أن ....
    لم يكملْ الجملة ، تردد ؛ فقد رأى شاباً يقف على مسافة قريبة ، يدير لهما ظهره . كان يحمل دفتراً بيده اليسرى ، وثَمَّ شيء ما يبرز من تحت نطاق بنطاله ، هذا ليس كل شيء ...... كان يميل بعنقه ، وينظر بطرف عينه . بدا لأنمار أنه يسترق السمع ..... هنا يكون الصمت أفضل حالة يمكن أن يلجأ إليها الإنسان . انتظر حتى ابتعد ، ثم أعاد السؤال :
    ـ عن أي شيء تريدين أن أكتب ؟
    قالتْ بعجلة :
    ـ اكتب لي عن كل شيء بالتفصيل ... كل شاردة وواردة .
    ثم أضافتْ وهي تمسح نظرها بالمكان :
    ـ لا تنسَ ... سنبقى على تواصل .
    ـ من جانبي أنا مستعد .
    ـ حسناً ، لكن لا تنسَ أن تبقى على تواصل مع الناس أيضاً .
    ـ الناس ! أية فئة من الناس ؟
    ـ الفئات كلها ، خاصة في ساعة الحزن والضيق ... مشاركة الناس بأحزانهم لا تحتاج إلى بطاقة دعوة ، بل أفراحهم هي التي تحتاج
    ـ وأنا ... حتى لو ....
    في هذه اللحظة رنَّ جرس المحطة ، أعقبه صَّفّارةُ القطار القادم قبل أن يتوقف ، بينما كانت عجلاته تصدر صوتاً أشبه بجرش الحصى؛ فأسرعتْ وهي تلوح بيديها .
    لم يغادر المحطة إلا بعد أن توارى القطار عن ناظريه ، خرج من القاعة ، وقبل أن يهبطَ الدرج وقف هنيهة يتأملُ المدينة وهي تستقبل طلائع المساء ، على الرغم من ذلك شعر بالضيق قليلاً . لم يعدْ إلى البيت مباشرة ، سار على رصيف شارع المحطة على غير هدى ، وصل إلى مفرق طرق غارق بالأضواء الكاشفة ، اتجه إلى ساحة المدينة ، لم يتوقفْ عند محل معين ، لسبب بسيط ، فاليوم هو يوم جمعة .
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 20/03/2010 الساعة 08:42 PM
     

  3. #3 رد: مشاركات قسم القصة 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية بنور عائشة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    239
    معدل تقييم المستوى
    18
    تحية طيبة ..........

    أتمنى من الاخوة المشاركة بأعمالهم القصصية والفصل بين كل قصة وأخرى حتى يتسنى لنا القراءة الجيدة للأعمال ، مع مراعاة حذف القصص غير المناسبة من المكان أستاذي طارق شفيق حقي ...مع تحياتي لك.

    بالتوفيق للجميع ........

    دمت / عائشة
     

  4. #4  
    كاتب مسجل الصورة الرمزية احمد رجب شلتوت
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    3
    مقالات المدونة
    1
    معدل تقييم المستوى
    0
    الثابت والمتحول

    قصة : أحمد رجب شلتوت

    1
    لم يكن قد مر شهر على استلامى العمل . حينما اقتحمت مكتب المدير غاضبا , وشاكيا زميلا ضبطه يأخذ رشوة .
    2
    ولم يكن اليوم نفسه قد انتهى حينما حكيت فى البيت عما حدث وانا مفعم بالسعادة
    ( امتدحت امى حسن تربية الاب , وألاب امتدح تدينى وحسن اخلاقى . قرأت : القناعة كنز لا يفنى , كانت على الجدار معلقة )
    3
    فى اليوم الذى يليه فضحت الزميل المرتشى . وحكيت عن فعلته لكل العاملين فى المصلحة .
    4
    ولم يكن الشهر الثانى قد انتصف حينما عدت للبيت حزينا لان المدير نقلنى الى مكان اخر بعيد
    ( خلعت الام طرحتها ودعت – بشعر راسها العارى – على المدير . ربت الاب مواسيا – على كتفى بحنان – وقرأت : الصبر مفتاح الفرج . ايضا كانت معلقة على الجدار )
    5
    شكا زميلى الجديد عن مرتبه الذى ينفد بعد اسبوع وعن أمه المريضه والزوجة الولود ومطالب العيال التى لا تنتهى . لذا لم اخبر أحدا بانى رايته ياخذ رشوة .

    6
    وذات يوم عدت للبيت حاملا اكياسا ملؤها أرطال لحم وفاكهة .
    ( فتح الاب كيسا وقضم تفاحه . ودعت الام بان يوسع الله فى رزقى . بينما تحاشيت النظر الى الجدار )
     

  5. #5  
    كاتب مسجل الصورة الرمزية احمد رجب شلتوت
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    3
    مقالات المدونة
    1
    معدل تقييم المستوى
    0
    المخبوء

    قصة قصيرة

    أحمد رجب شلتوت


    يوقن الرجل الوحيد بأن ثمة كنزاً مخبوءاً أسفل الجدار، خبأه الجد لأجله، والجد ما يفتأ يزور حفيده فى المنام ليلة بعد أخرى، يطالبه باستخراج الكنز، أراه مكانه لسبع ليلات متعاقبات، أيقن الحفيد من صدق الرؤيا، فلا يجب أن ينكص أو يتقاعس .حفر فى المكان الذى حدده الجد، لم يجد شيئاً أترى شيطانا تقمص صورة الجد ليضله أم أن الجد هو من أضل حفيده ؟ قيل عن الجد إنه ولى صالح ذو كرامات، هو إذن لايكذب أو يدع الشيطان يتمثل بصورته.
    واصل الحفر، وقبل أن يتمكن منه اليأس ارتطمت حافة الفأس بجسم معدنى .
    أخيراً وجد الكنز .
    صندوق من الحديد الصدئ، عالجه بالفأس حتى فتحه، تناثرت محتويات الصندوق على الأرض. ثمة أشياء بدت له بلا قيمة: زجاجات فارغة، رضاعات أطفال، عدد كبير من المفاتيح مختلفة الأشكال والأحجام، حطام لعب أطفال، وكيس ملىء بالمسامير، وقناع كبير من الورق المقوى .
    أترى المفاتيح هى مفاتيح الكنز، والأشياء الأخرى للتعمية أو التمويه أم أن الخبل قد أصاب الجد الحكيم فى أخريات أيامه ؟
    راح يطوف بالحجرات. يجيل النظر فى الأسقف والجدران. الندوب تملأ أوجه الحوائط تأملها فاكتشف أنها ترسم صورة للجد. يبدو إنه كان آثماً فاستحق أن يصلب على الجدران إلى الأبد .
    قرر أن يدق المسامير فى الجسد المصلوب، ولما نفدت علق فيها محتويات الصندوق.
    تخطت كل ملامح الجد، ولما فرغ تأمل الجدار فهتف: الكنز .. الكنز.
    قفز وخبط رأسه بيديه والأرض بقدميه. فقد صنع من محتويات صندوق الجد لوحة رائعة، سيحول البيت إلى مزار، يدفع الزائر جنيها ليرى اللوحة، وخمسة إن أراد التقاط صورة لها.
    أعاد التأمل فاكتشف فراغاً فى منتصف اللوحة، أيعلق فيه الصندوق ؟
    لا ، فالصندوق صدئ وقمىء،.. علق مرآة، ليملآ كل مشاهد بوجهه فراغ اللوحة .
    نظر فى المرآة، اكتشف شبها بينه وبين الجد. له نفس الملامح المصلوبة على الجدار. أغمض عينيه، فرأى نفسه يتأرجح فى المساحة الخالية عاودته النشوة لاكتمال اللوحة، أحضر حبلا. يثبت أحد طرفيه فى أعلى الجدار، يلف الطرف الآخر حول رقبته قبل أن يقفز فى الهواء .
     

  6. #6  
    كاتب مسجل الصورة الرمزية احمد رجب شلتوت
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    3
    مقالات المدونة
    1
    معدل تقييم المستوى
    0
    طائر وحيد ...
    قصة : أحمد رجب شلتوت
    _ 1 _

    خبطت على صدرها بكفها لما أتاها النبأ . اتهمت زوجها :
    - أنت المسئول . فلينتقم الله منك يا بن بهانة .
    صامتًا تابعها وهي تسب وتلعن . تملأ وعاء بالماء . تزفر بضيق وهي تتعجل الماء المتدفق من فوهة الطلمبة . تصب الماء على رأسها . يخرج عن صمته :
    - لم تجف الحناء بعد .
    تواصل غسل الحناء عن شعرها ، وتعيد اتهام الرجل :
    - أنت المسئول . محمود بن الغلبانة سيموت بسبب طيارتك يا بوطيارة .
    لا يحب رائحة الحناء . هي تحبها وتلجأ إليها كثيرًا . تتحدث دائمًا عن فائدة الحناء لعلاج أوجاع الرأس كما أنها سنة عن الرسول ( ص ) . يرغب في إغاظتها :
    - ليسا الصداع والسنة يا وطفة .
    - أفتنا أفادك الله .
    - الشعر الأبيض يا وطفة تريدين إخفائه خلف لون الحناء .
    يدرك أنه أفلح في إغاظتها فيواصل :
    - عجينة الحناء فوق رأسك تذكرني بأمك حينما وضعت الطين فوق رأسها يوم استشهاد أخيك .
    - عقبال ما أشيل الطين عليك يا سعيد يا بن بهانة .
    تنطقها وهي تسدل الثوب الأسود . تغطى رأسها بشال أسود أيضًا . يسألها :
    - إلى أين ؟
    - إلى المستشفى لأكون بجوار هنية . ابنها الوحيد فوق ثلاث بنات سيموت بسببك . ليته ينجو وترحل أنت .
    - وهل تحلو لك الحياة بدوني .
    - لا تحلو إلا بدونك .
    - تكذبين .
    - أتعرف لن ألبس الأسود عليك إلا يومين فقط .
    يضحك فيزداد غيظها :
    - أتعرف يا سعيد ؟ . بماذا تذكرني ؟ أنت مثل الساقية التي لا تدور . أتذكر بتوع السيما حينما صوروا فيلمًا في أرضنا . لم يجدوا الساقية التي يريدونها فأرضنا الآن نرويها بالمكن . يومها صنعوا ساقية من الخشب والكرتون . ساقية كده وكده لا تدور ولا تجلب الماء . أنت يا سعيد تذكرني بهذه الساقية .
    * * *
    كالعادة تغلبه فيلزم الصمت .
    ولما تنتهي تصفق الباب خلفها بشدة ويحبو سعيد صاعدًا إلى السطح ..

    - 2 -



    سعيد الكسيح لا عمل له .
    في طفولته أصابه المرض فأتلف ساقيه . لم يذهب إلى المدرسة . إستعاض الأب بشيخ الكتاب .
    يأتي الشيخ كل يوم قبل المغرب بساعة . يكن سعيد قد عاد من الحقل . ينزله الأب من فوق الكارو . يحبو داخلاً البيت . تغسل له الأم يديه ووجهه . تغير جلبابه ويجلس منتظرًا قدوم الشيخ .
    * * *
    حفظ سعيد سبعة أجزاء من القرآن في زمن قياسي لكن غلظة صوته قضت على حلمه بأن يصير مقرئًا للقرآن . فقد حماسه لما أدركه اليأس فلم يكمل حفظ الجزء الثامن ، فأضاع على البيت فرحة حفل ختم القرآن ، وأضاع على الشيخ الجبة الصوفية التي وعده الأب بها .
    * * *
    أقلع الشيخ عن عادته في الحضور لكن سعيدًا واصل الرجوع من الحقل قبل المغرب بساعة أو يزيد . لم يعد ينتظر الشيخ . يحبو صاعدًا الدرج الحجري . لا يدخل الحجرات إلا عند النوم . يقضي الوقت منذ الغروب وحتى إنتصاف الليل في ذلك المربع بين السور الخشبي للسلم والحجرات . مربع طول ضلعه أربعة أمتار . بيسمونه " الحصير " .. مساحته هي مساحة عالم سعيد .
    يرقد سعيد فوق الحصير شاخصًا في الحقل فمن أين تأتي ؟ خاصة تلك التي تسميها أمه " وز عراقي " تظل في طيرانها صامتة حتى تصبح فوق البيت . ترى سعيدًا فتناديه . يمد ذراعيه كما لوكنا جناحين . يحاول تقليد الصوت لكن الوز العراقي يواصل رحلته ولا يأبه لرد سعيد .
    يفكر أن يقلل المسافة بينه والطيور . فليصعد إلى السطح . يحبو باتجاه السلم الخشبي . يمسك بأولى الدرجات محاولاً الاستناد عليها ليقوم ، لكنه لا يستطيع . لا يصل أبدًا للدرجة التالية مهما حاول . يرمق السطح بأسى . ينادي الطيور التي لم تعد في سمائه . يحبو مبتعدًا عن السلم . يعود لرقاده فوق الحصير شاخصًا نحو السماء .
    * * *
    يسأله الأب ساخرًا عن عدد النجوم فيرد بتقليد صياح الوز العراقي . تندب الأم حظها فالابن الذي رجته من الدنيا فقد عقله بعد ساقيه . تبخره وترقيه فلايكف . تهمس في أذنها جارة باسم جارة أخرى لم يفلح ابنها في حفظ أية من القرآن . تأتي الأم بقطعة كبيرة من شيء تدعوه " شبة " وتأتي بورقة ومقص . تقص الورقة على شكل عروسة . من صدر جلبابها تنزع إبرة وتثقب الورقة ثقوبًا بعدد الجارات اللائي رأين سعيدًا ولم يصلين على النبي . تمتليء الورقة بالثقوب . فتوقد الأم النار . تحرق الشبة . يتسلى سعيد بمتابعة الشبة المحترقة في تحولاتها . تتخذ أشكالاً عدة ، وترى الأم في كل شكل صورة لحاسدة محتملة . تكمل الأم علاجها ، فتحرق العروس الملأى بالثقوب ثم تمسك برمادها تعجنه مع بقايا الشبة المحترقة ، وترسم بها على جبهة سعيد صلبانًا بينما شفتاها تتمتمان بـ " قل أعوذ برب الفلق .. "



    -
    – 3



    اقترح الأب أن يزوج سعيدًا ، فاختارت الأم " وطفة " . إعترض الأب :
    - ألم تجدي إلا بنت الكلاف .
    - ما لها ؟
    - أصلها مثل وشها .
    ردت بحسرة :
    - الجميلة بنت الأصول لن تقبل بسعيد زوجًا.
    * * *
    رفض سعيد الزواج . بكى ورفض العودة من الحقل . سألته الأم عن السبب فطلب بيتًا في الخلاء . رضخ الأب بنى حجرة واحدة بجوار الحقل .
    الدرج الحجري يقود سعيدًا مباشرة إلى السطح ، فلا يغادر إلا حينما تلهبه شمش الظهيرة بينما وطفة تعمل في الحقل أو ترعى دجاجاتها في البيت .
    لا عمل لسعيد إلا مراقبة الطيور ومناداتها . حتى تلك الطيور الورقية يناديها . أحبها وصاحب صناعها . علموه فصنع لنفسه واحدة . أعجبته فصنع غيرها . أتقن صنع طائرات الورق فأشتهر بها . أشارت عليه وطفة :
    - ما دمت قد أفلحت في شيء فلماذا لا تكسب منه ؟

    - 4 –
    يتعجب سعيد لأمرها . شجعته على صنع الطائرات بغرض بيعها وهاهي تلومه الآن . ما ذنبه لو مات محمود بن هنية .
    يحبو سعيد صاعدًا الدرج . لم يزل الجو ساخنًا لكنه لا يهتم . في الركن أدوات صناعته . يشرع على التو في صنع طائرة كبيرة ، بطول البوصة كلها .
    يتخيل الشكل فيفرح . ستكون طائرة ليس كمثلها طائرة . سيفاجيء بها وطفة . سيمد الطائرة بكل مالديه من خيط ويطيرها حتى مستشفى البندر لتراها وطفة وهنية ومحمود .
    الهواء يحمل الطائرة وسعيد يرخي لها الخيط . تعلو الطائرة وتبتعد . ينتشي سعيد ويصيح كالوز العراقي .
    تبعد الطائرة وتصغر . تبعد وتشد الخيط بقوة . يرقب سعيد طائره ويتمنى لو كان هو الطائر .
    آه لو ينظر – ولو لمرة واحدة – إلى البيوت والحقول من فوق . يرى السطح صغيرًا ووطفة لا تبين .
    يصيح مقلدًا كل الطيور . بينما طائره يبتعد ويشده ، يناديه .. يحرك ذراعيه كما لوكانا جناحين . يحبو باتجاه حافة السطح . طائره يشده .. يناديه . يناديه .. ولا يملك سعيد إلا أن يلبي النداء ...




    أحمد رجب شلتوت
     

  7. #7  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    9
    معدل تقييم المستوى
    0
    بداية

    غريبة هي دقات الساعة تارة كئيبة مملة تارة أخرى صاخبة سريعة.. الروح السقيمة تهدهدها الدقات..تتناغم مع دقات قلبها الشيء الوحيد الذي ينبئها بأنها على قيد الحياة ..فعلا قيد الحياة..متى بدأت تحس أن الحياة قيد حقيقيا يربطها بعالم لا تنتمي إليه بأي حال من الأحوال..يوم أخر يمر ولا شيء يتغير الكرة الأرضية تدور حول نفسها فتنسخ اليوم من الأمس والغد من اليوم..حزن عجيب يتسلل إلى روحها..لا تعرف من أين أتى وكيف ينمو بداخلها يتغذى على سعادتها التي تذبل يوما بعد يوم..اعتادت أن تنسى أحزانها بالاندماج وسط الآخرين..واليوم ذهب الجميع هي فقط هنا ظل جماد مهمل على الحائط...حتى الهاتف حرمها دفء رنينه...قلبت في أوراقها القديمة... قصاصات الورق التي احتفظت بها..كلمات كتبتها ثم نسيتها..سقطت في يدها ورقة.. مخلفات من روحها الثورية القديمة تقول فيها لابد أن تنبع سعادة الإنسان من داخله..تعيسا هو من يترك سعادته في أيدي الآخرين..هزتها عبارتها نفضت عنها غبار أيام عاصفة..توكأت عليها لتنهض وتبدأ حياة جديدة.
     

  8. #8  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    9
    معدل تقييم المستوى
    0
    أشياء غريبة تحدث
    لا أعرف لمَ ألحت ذكراه على خاطري فجأة،وقررت أن أزوره؛صديقي القديم(على الجندي).أطل عجوز من فتحة الباب ونظر إلىّ للحظات نظرة غريبة؛لم أستطع أن أفهمها.سحب رأسه للداخل ثم أخبرني وهو يغلق الباب في وجهي؛ بأن (علي الجندي) ترك الشقة منذ عشرين عاما.غريب هذا!!،العالم يتغير بسرعة مذهلة.ظللت في حيرة حتى صعدت إلى شقتي..عشرون عاما!!!،لا بد وأن الرجل قد جنّ أو أنني قد جننت.عشرون عاما!!!،من المستحيل أن أصدق.قد أكون طرقت الباب الخطأ؛هذا يحدث كثيرا،وقد عنّ للرجل أن يسخر مني بتلك الطريقة القاسية . عشرون عاما!!! ،هذه أسخف دعابة سمعتها في حياتي.
    دققت باب شقتي ولم يفتح أحد..دقات أخرى وأجابني الصمت.اضطررت إلى اللجوء إلى المفتاح الذي في جيبي..الشقة باردة وخاوية..انتابتني رعشة غريبة وأنا أخطو فوق الظلام المكدس بالداخل..يبدو أن زوجتي والأولاد لم يعودوا بعد..متى سيعد الغداء إذن؟..أشعر بجوع حقيقي يهز حواسي النائمة..ولكن..لا بأس..سأنتظر..ألقيت بالمفاتيح على الطاولة،وطوحت بجوعي وحيرتي وراء ظهري،وأنا اتجه إلى الشرفة..العادة الغريبة التي بدأت أمارسها هذه الأيام هي الاهتمام بالنباتات المزروعة في الشرفة..لم أكن أهتم بالأمر لكنني فجأة أصبحت مغرما به..التقطت رشاش المياه النصف ممتلئ واتجهت نحو النبات الذابل..رأيت ابنة الجيران جالسة،تقرأ كتابا،ولسبب ما بدت لي في تلك اللحظة بارعة الجمال..ما هذا الذي أقوله؟..إنه لا يليق بسني إطلاقا..لكنني- ولدهشتي-آتي بحركات صبيانية لأجذب انتباهها.تبا ،ما هذا الذي أفعله؟..لكن الفتاة رائعة بالفعل.لو جاءت زوجتي الآن لحطمت رأسي ورأسها، ولكن ليس هذا هاما على الإطلاق فإن الفتاة......تبتسم. نعم،إنها تبتسم لي؛ لي أنا.كدت أطير من الفرح.اقتربت لأجاذبها أطراف الحديث لكنها لم تلتف لي.لقد كانت تبتسم للفتى الرقيع في الشرفة المقابلة.كدت أقذفها بالرشاش الذي في يدي،لكنني ألقيته على الأرض في عنف،ودخلت محبطا إلى الداخل.ارتميت على الأريكة،وبعينين لا تريان شيئا ظللت أحدق في السقف.انتبهت على دقات الساعة؛إنها الثالثة،الثالثة فقط. ألا تتحرك هذه العقارب أبدا كأنها تسير إلى الوراء.اليوم طويل؛ طويل وخاو؛كشقتي الخاوية،ومعدتي الخاوية؛ الجوع يلتهم أحشائي من جديد.تذكرت فجأة أنني لم أتناول أقراص دوائي بعد.نهضت بجسد مثقل،وذهن مشوش،وابتلعتها مع لقمة خبز جافة تهدئة لمعدتي الخاوية.عدت إلى الأريكة من جديد،محدقا في اللاشيء..خيل إلىّ أنني أرى الأشياء باهتة؛ كأنّ ضبابا خفيفا يغلفها..لعله تأثير الدواء فحسب،لكنني ولأول مرة لاحظت الغبار الذي يغطي الطاولة،وخيوط العنكبوت المدلاة في الزوايا المظلمة.يبدو أن زوجتي لا تقوم بأعمال التنظيف كما يجب،زوجــــــــتي!!،ولكن زوجتي ماتت منذ زمن.أولادي رحلوا كذلك؛لم أعد أذكر إلى أين..(على الجندي) مات منذ عشرين عاما.ليس هو فقط بل كل معارفي تقريبا.أنا فقط بقيت.تجاوز عمري المئة و يأبى أن ينتهي.الآن أعرف من أنا جيدا.مجرد عجوز تعيس تمسك بتلابيبه الحياة،وتأبى أن تفلته..يرغب في الموت ويخشاه و.........ها هي الأشياء تتأرجح أمام عيني؛ تترنح وتتلاشي في العدم..أخيرا..ستجيء الإغماءة المباركة وتنسيني الحقيقة إلى حين،آه،ليتني لا أتذكر أبدا.
    هبة الله محمد حسن.



    .
     

  9. #9  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    9
    معدل تقييم المستوى
    0
    ازدواج
    -"عرفيني بنفسك أكثر..من أنتِ؟"
    اكتسبت كلماتها لمسة سخرية كئيبة:
    -"أنا!!.. أنا مجرد فتاة عادية إلى درجة أكبر مما يمكن أن تتصور.."
    -"أنا أيضا مجرد شاب عادي..ماذا يمكن أن أقول لك.؟.اسمي بالكامل هو شريف محمد وهبة، والدي رجل أعمال معروف، يملك العديد من الشركات، وبالتبعية طبعا سأعمل في إحداها بعد تخرجي من كلية الهندسة هذا العام..هذا كل شيء.."
    -"وهذا ما تعتبره أنت عادي!!!"
    -"على الأقل هو كذلك بالنسبة لي.."
    سألته فجأة:
    -"ألم تفكر في العمل بالتمثيل؟"
    رد بلا مبالاة تحمل سعادة خفية:
    -"لماذا؟"
    ارتبكت أحرفها:
    -"أقصد أن مظهرك طبقا لما أراه مناسبا، كما أنا مكانة والدك يمكن أن تساعدك على الدخول في الوسط.."
    -"ولد يا سيد..!!"
    اخترق الصوت الحلم:
    -- "أمك تنادي عليك.."
    كتب على الشاشة بسرعة:
    -"لدي عمل هام..أراك لا حقا.."
    ثم أغلق المربع الحواري الذي يحوي بقايا محادثته وصورته الزائفة..
    دس قدميه في خفه المهترئ ونهض..
    نظر إليه الرجل في سخرية:
    -"ألا تنوي أن تجد عملا بالدبلوم، بدلا من التسكع طوال النهار؟"
    وضع سيد الجنيه في يده، وأحنى رأسه وهو يغادر دون أن ينطق بكلمة واحدة..

    تمت بحمد الله



     

  10. #10  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    9
    معدل تقييم المستوى
    0
    القصة التي أريد الأشتراك بها في المسابقة هي
    "أشياء غريبة تحدث"
     

  11. #11  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    1
    معدل تقييم المستوى
    0
    الخروج
    كنت واقفا أمام سيارتي الجديدة، انظر إليها بإعجاب وتباه؛ فلا يوجد في الحي من يملك مثلها، سواء من ناحية ثمنها أو لكونها أحدث طراز في فئتها.لاحت مني التفاتة إلى مرآة السيارة الكهربائية، التي تظل شامخة من جانب سيارتي.نظرت إلى وجهي في المرآة، هالني ما رأيت؛ أ هذا أنا ، ما هذا السواد، حتى الكريمات الحديثة عجزت عن أن تعيد لوجهي ما كان عليه من ضياء.سرحت بخاطري وأنا أنظر في عيني في المرآة..لم تمض سوى سنوات قليلة على حياتي في حي الأغنياء المغلق علينا، حتى أصدقائي لا يستطيعون الوصول إلى بيتي إلا بعد أن يتصل بي الأمن لأحضر لاستلامهم على البوابة ليزورني؛ فالحي تحيط به أسوار عالية، حتى لا يرى الفقراء الحاسدون ما نحن فيه من نعمة.شعرت أن عينيّ تكلماني في المرآة، تقول: أنت لم تتجاوز الأربعين، وكأن وجهك في الثمانين..ألا تعرف لماذا؟..كنت تؤدي الصلاة ساعة الآذان، وكنت تصوم رمضان، وكان قلبك يرق لأي فقير، ومسكين، وتتمنى لو كان مرتبك ضعفين حتى تساعدهم فيه..اليوم لا صلاة، ولا صيام، حتى رمضان اكتفيت بمائدة الرحمن التي تقيمها أمام مصانعك وتقول لنفسك أنك تفوق الصائمين لأنك تطعم أكثر من مسكين في اليوم الواحد. شعرت بقشعريرة في جسدي..ما هذا؟، ماذا جرى لي؟...أهي الحياة الأوروبية الأمريكية التي أحياها وأراها أمامي أم بدايتي؟..كنت موظفا جامعيا أيام كانت الحكومة تعطف على خريجي الجامعة وتعينهم، وكان مرتبي يكفي بالكاد ولم أكن أملك ترف التفكير في شقة وزوجة، وكنت أعيش راضيا في بيت والدتي رحمها الله أنا وباقي أخوتي..ومن خلال وظيفتي تعرفت على تاجر خردة أعجبه في شخصي أني رفضت رشوة عرضها عليّ، وصارت صداقة وثيقة، كل ليلة لابد من السهر معه.في البداية كان السهر بريئا ثم تعلمت شرب المكيفات..أمضيت معه قرابة العامين صداقة متينة فلولا أنه علمني شرب المحرمات والممنوعات لكانت أجمل صداقة..لم أسمعه يوما يتكلم عن زوجته إلا باسم الحريم.. محرم على أي من كان الاقتراب أو الحديث.في يوم من أيام الصيف التي يطول فيها السهر ويغدو الاستيقاظ مبكرا بمثابة عقوبة..أيقظني رنين هاتفي المحمول الذي يصر على أن استيقظ.قمت متكاسلا، أجابني الصوت من الناحية الأخرى..صوت يبكي، صوت لم أسمع أجمل منه، يخبرني بوفاة صديقي المعلم عزوز، وعندما وصلت إلى فيلا المعلم عزوز والتي أدخلها لأول مرة حيث كانت لفاءاتنا تتم في مبنى لزوم السهر، وسط شونة الخردة.طالعتي وجهها الباكي..يا الهي ما هذا الجمال؟..أهي ابنته؟..لقد أذهلتني عندما أخبرتني أنها زوجته..خرجت من لساني كلمات تقال في مثل تلك المناسبات..تناولت القهوة واستأذنت في الانصراف، وفي داخلي شيء يتمنى عدم الانصراف من أمامها رغم كآبة الموقف، وتحقق غرضي، فقد نظرت إليّ نظرة كلها رجاء:
    - "أرجوك..لا تنصرف..فأنت الوحيد الذي كان يثق فيه المعلم عزوز، فقد رفضت الرشوة منه في زمن صارت الغالبية تعتبرها إكرامية أو عمولة مقابل أداء الخدمة.."
    ظللت صامتا، وكنت أشعر بداخلي بالفخر والإعزاز، فالطيب لا يضيع مع الزمن مهما طال..لم تضيع وقتها فهي سيدة أعمال كزوجها رحمه الله..عرضت علي الموقف بكامله، وطلبت مني تولي الأمور كلها، وأن التوكيل باسمي سيكون جاهزا في الغد..خمسة أشهر أتردد عليها وكنت أمينا بطبعي فحققت لها ماليا ما لم يكن يحققه المعلم نفسه..عرفت منها أنها تملك كل شيء، فلقد كان هذا هو شرطها لموافقة على الزواج من المعلم عزوز، كما عرفت أنه لم ينجب منها.صار اليوم الذي لا أراها فيه يوما مملا ثقيلا..ما هذا؟..هل تعودت عليها أم أحببتها؟..وأين أنا منها؟..فلا أملك غير راتبي..فلأصرف هذا الخاطر عني فإنني لا أتلقى منها مرتبا أو حتى عمولة..
    ***
    رنت إليّ بعينيها وقالت:
    - "لمَ لم تتزوج حتى الآن؟"
    اندهشت للسؤال لكني فهمت عرضها، فعرضت عليها الزواج..وافقت على الفور..لابد أنها كانت تشعر بنفس الميل..خمس سنوات مرت، أنجبنا فيها ولدين وبنت..ثم صارت الفيلا بمكانها لا تصلح لنا..لماذا؟..لأن رجال المال يعيشون في أحياء خاصة بهم..وأنا صرت منهم..وها أنا اليوم أعيش في حي الأغنياء..ضحكت في داخلي، عندما تذكرت حادثة المهندس الذي يحاكم لأنه أسس جمعية تبادل الزوجات..هنا في هذا الحي، نحن متقدمون جدا ومتحضرون، تبادل الزوجات هنا ليس بحاجة إلى جمعية..سرت الغيرة في صدري، وصحت في داخلي، ولكن زوجتي..ثم اطمئن بالي محدثا نفسي..طالما أنني لم أفعل فزوجتي لم تفعل..تذكرت قصة تاجر السقا وتاجر الذهب؛ دقة بدقة، ولو زدنا لزاد السقا.من جديد نظرت في عيني في المرآة، هل أعود كما كنت إلى سابق عهدي؟..وشعرت بنفور غريب من سيارتي التي أتباهى بها أمام سكان الحي..أريد الالتجاء إلى غرفتي؛ إنها مكاني الذي أعيش فيه داخل نفسي.في طريقي حمام السباحة..ها هي زوجتي ترتدي المايوه وكذلك صديقاتها، رفعن أيديهن لتحيتي ، لم أجد في نفسي الرغبة في رد التحية؛ وفي النظر إليهن..أهذه حقا زوجتي؟..قبل سنوات خارج هذا المستنقع عفوا أقصد الحي الذي أعيش فيه..كانت زوجتي تبكي لو سقطت الطرحة منسابة من على شعرها الناعم؛ فهي تبكي لأن غيري رأى شعرها، اليوم ترتدي المايوه وكأنها ترتدي عباءة فلا حياء ولا خشية..في حجرتي دار صراع، نفسي تصارع نفسي..هل أستطيع الخروج من ذلك الوحل؟..ما موقف زوجتي؟..ما موقف أولادي؟..سيقولون فقري ومتخلف، وغير متحضر..وماذا عن حسد الفقراء؟..هذا أمر سهل يمكنني التغلب عليه بمساعدة المحتاجين، ولكني لا يمكنني التغلب على نفسي وزوجتي وأولادي..يا رب ساعدني، اهدني إلى الطريق المستقيم..أنت الهادي..أمد يدي إليك..ادعوا لي جميعا بالهداية ،فمازلت أعيش في هذا الحي إلى اليوم وحتى متى لا اعلم..الله وحده عليم..





    من قتل أبو سويلم؟

    من عادتي كلما ذهبت إلى قريتي أن أختلي ونفسي على جسر الترعة المارة بقريتنا، وأختار وقت الظهيرة حيث الكل تقريبا في قيلولة فلن يزعجني أحد.أتطلع إلى مياه النيل الصافية بعد أن خلت من الطمي الذي حجزه أمامه السد العالي وارقب الأسماك الصغيرة وهي تعوم على سطح الماء غير عابئة بما يحيطها من أخطار. إنها تذكرني بطفولتي المرحة؛ فقد كنا صغارا لا نقيم للمخاطر وزنا كتلك الأسماك الصغيرة لتفاجئها سمكة كبيرة تلتهم ما تمسك به من تلك الأسماك الصغيرة. إنها موازين القوى الغاشمة؛ القوي يأكل الضعيف بلا رحمة كما نفعل نحن البشر الآن.هل تدلي مستوانا فصرنا في أدنى سلسلة الفقاريات[1] ولماذا؟..ومن أجل من يفعل ذلك البشر يلتهم قويهم ضعيفهم.إن العملاء يقرون لنا بحقيقة أن الدنيا كلها، الكرة الأرضية، تعادل حجم حبة رمل في الصحراء إذا ما قورنت بالكون المعروف، وهذه حقيقة علمية وليست نظرية.إن الكون المعروف، هو الذي نراه بالتلسكوبات، أما الكون الغير معروف فهو كل ما هو خارج عن قدرة التلسكوبات على الرؤية. حبة رمل نعيش عليها ونتقاتل عليها؛ سرقة، ظلم ، احتلال، غش، كل الموبقات.شعرت بضآلتي ، إنني إلكترون صغير يعيش في ذرة من ذرات حبة الرمل المسماة بالدنيا. ماذا لو قارنا الكرة الأرضية أي الدنيا بالكون الغير معروف الخارج عن حدود رؤيتنا بالتلسكوبات، لابد أنها ستؤول إلى لاصفر، فأين أنا من هذا الصفر، رحماك يا خالقي..
    قمت من مكاني منتفضا فقد راعني صوت صراخ عال، وحين التفت كان هناك دخان كثيف يعلو في السماء.أسرع على القرية مهرولا وجاءني الخبر اليقين من أول شخص قابلته:
    - "أحرقوا نخيل أبو سويلم فمات لحظة موت نخيله.."كان أبو سويلم، رجلا متوسط الطول قوي البنية ، لا يجيد القراءة ولا الكتابة وكل ما يتميز به أنه يجيد تلقيح لنخيل ويملك عددا منه حيث يعيش هو وأولاده على إيراد ذلك النخيل.عندما حل المساء تجمع الرجال أهل القرية في مبنى الدوار؛ لأداء واجب العزاء وللتشاور في كيفية مساعدة ومساندة أرملة أبو سويلم وصغارها.إنها عادة كريمة أن يتكاتف أهل القرية في الشدائد أو عند المحن.جلست كعاتي في تلك المواقف، لساني صامتا ، وبداخلي حوار لا يجري أبدا على لساني.إن نفسي تحادث نفسي، لقد صارت نفسين يتحاوران ويتناقشان في صمت بلا كلام وأنا عاجز عن اسكاتهما، وحتى لو طلبت ذلك؛ فأمري لهما غير مطاع.إنهما يتناقشان في هدوء ودون صخب ودون أن يسب أحداهما الأخرى حتى يتفقان على رأي واحد، عندها تعود لي نفسي تارة أخرى وقد كساها الصفاء والهدوء قالت الأولى للثانية من قتل أبو سويلم قالت الثانية لجنة وزارة الزراعة التي أخرقت النخيل، ردت الأولى بالنفي لجنة وزارة الزراعة كانت تؤدي عملها وتمنع انتقال الآفة التي أصابت نخيل أبو سويلم من الانتقال إلى باقي نخيل القرية وربما القرى المجاورة، قالت الثانية إذن تلك الآفة التي أصابت أخي أبو سويلم هي التي قتلته وأحرقت نخيله، ردت الأولى بالنفي فتلك الآفة لا تعرف من هو أبو سويلم ولم تكن حتى تعرف الطريق إلى قريتنا.كنت أستمع إلى ذلك الحوار بداخلي ولا يشعر به أحد من الجالسين حولي.إنني لا أصرح بما يدور في عقلي إلا إلى القلم والأوراق فقط، مخافة أن تذهب ظنون الناس بي إلى أشياء أخرى.
    هل هي ميزة موجودة عند كل البشر.إنني أراها نعمة من الله، وإن كانت أحيانا تسبب لي توترا شديدا، فكما تعلمون أن ميكانيزم النوم يحدث حين يرد الدم إلى المخ بصورة طبيعية وعادية، فلا يمتلئ الهايبوثلامس بالدم ولنطلق عليه مجازا الجس الصنبوري بدلا من هذا الاسم الاتي.غن هذا الجسم الصنوبري إذا امتلأ بالدم فلا سبيل إلى النوم وفي بعض الليالي تنقسم نفسي على نفسين ليدور بينهما حوار يجعل الدم يتوارد بمعدل أعلى إلى المخ، نتيجة التفكير فيمتلأ الجسم الصنوبري بالدم فيهرب النوم؛ فأعلم أنني مستيقظ لا محالا إما إلى أن ينتهي النقاش بداخلي أو أن يطلع النهار فأذهب إلى عملي مهدودا من عدم النوم، ومع هذا فأنا راض بذلك؛ فهذا النقاش الذي يدور بداخلي غالبا ما يدلني على الخير؛ فمنذ عدة سنوات.أساء لي أحد أقربائي إساءة آلمتني فقررت أن أنتقم منه لقدرتي على ذلك، ولكن حين دار النقاش بداخلي راحت النفس الثانية تعدد مساوئ هذا الشخص، والأولى ترد عليها بمحاسنه حتى أقنعت الأولى الثانية بأن محاسنه تفوق مساوئه فعدلت عن الانتقام.ألم أقل أنها نعمة من الله.
    أفقت من هذا الحوار الداخلي على كلمات الشكر والترحيب. لقد حضرت لجنة وزارة الزراعة التي أحرقت نخي أبو سويلم لأداء واجب العزاء في أبو سويلم ورجال القرية يرحبون بهم.
    انتقلت من مكاني لأجلس بجوار كنيرهم مرحبا بهم وسائلا إياه:
    - "لمَ أحرقتم بخيل أبو سويلم..لقد أحرقتم معه قلبه؛ فمات الرجل مع نخيله."
    ظهر الأسى على وجه الرج إلا أنه أستدرك قائلا:
    - "ما البيد حيلة فنخيل أبو سويلم كان مصابا بالإيدز وفي مرحلة متأخرة.."
    بدت الدهشة على وجهي فأستمر شارحا:
    - "إن حشرة تسمى سوسة النخيل تدخل في قلب النخلة وتظل تأكل فيها من الداخل حتى تصبح مجوفة فتسقط النخلة من تلقاء نفسها لهذا يطلق عليها إيدز النخيل لعدم وجود علاج ناجح لها إلا عند بداية الإصابة..ولسوء حظ أبو سويلم أنه لم يلغنا في القوت المناسب
    قلت :- "ولمَ فلقد كان يسمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه.."
    قال:- "إنها الأهمية التي أدت إلى الجهل..كان أبو سويلم رحمه الله يسمع صوت السوسة تأكل في داخل النخلة؛ فكان يظن أن نخله يسكنه الشيطان فيأتي بأعواد البخور ليحرقها بجوار نخيله لطرد الشيطان.."
    رغم كآبة الموقف قال ذلك وهو يبتسم وابتسمت معه مجامله له..قلت:
    - "هذه حشرة عجيبة لم نسمع بها من قبل..هل جاءت مع الريح أم من باطن الأرض.."
    قال- "بل جاءت مع التطبيع مع العدو الذي يحتل أرضنا ويجثم على حدودنا.."
    قلت:- "ألا يكفيه نقل الإيدز للبشر وانتشار مخدر البانجو بين الشباب.."
    قال- "لعنة الله على التطبيع مع العدو.."
    ثم استأذن هو ومن معه وانصرفوا..
    خشيت أن يعود الحوار مرة ثانية بداخلي فقلت بصوت مسموع:
    - "الآن عرفنا من قتل أبو سويلم؟"
    تمت بحمد الله
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 10/03/2010 الساعة 10:07 PM
     

  12. #12  
    كاتب مسجل الصورة الرمزية فطيمة عزوني
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    الجزائر
    العمر
    52
    المشاركات
    179
    معدل تقييم المستوى
    15
    1-اليتم المركب (القصة المختارة للمسابق)
    أذكر آخر يوم رأيتها فيه خارج حدود بيتها ....كان يوما ربيعيا ،فهي كانت تتجنب الخروج عندما يكون الجو شديد البرودة.فهي كانت المرأة الضعيفة التى أخذ المرض منها جزءا لا يستهان به من عافيتها.كما لمحت يومها طفلها حديث الولادة الذي طالما كان يزعجني صراخه المتواصل ليلا ،عندما يشكوا شيئا ما..فبيتها كان مقابلا لبيتنا مباشرة ونور غرفتها طالما أضاء وحشة غرفتي بعد أن تركتني والدتي وحيدا في هذه الحياة .رغم صغر سني لكني طالما كنت أسأل نفسي من أين تأتي تلك المرأة بالطاقة لنهوضها المتكرر كلما صرخ رضيعها وهي التي تعاني مرضا خطيرا كما كان والدي وجدتي يرددان أما مي؟؟؟؟؟؟؟.كثيرا ما كان والدي يضايقه اهتمامي المفرط بها ، وكان يعتبر متابعتي لما تفعل من خلال شباك نافذتي تجسسا،...والتجسس كما كان يقول دائما خلق ذميم ما يجب أن يتحلى به طفل قارب أن يدخل مرحلة الشباب.ولكني لم أكن أهتم كثيرا لما يقول ، ففرط حبي لجارتنا التى لا تختلف ملامحها عن ملامح والدتي كان يغريني دائما بمراقبتها حتى مع وعيد والدي....ففي قرارة نفسي كنت موقنا أن ذاك لم يكن تجسسا بل هو فرط اهتمام ليس إلا...عفوا فالفرق بينهما لما كنت صغيرا لم أكن أكاد أدركه.....
    أو لأنني في قرارة نفسي كنت لا أزال أتذكر ملامح وجه أمي...وتلك المرأة كانت تساعدني على الإحتفاظ بما لم تكن لدي الرغبة في نسيانه...أو حتى تناسيه.
    أذكر أن أكثر شئ كان يجذبني إليها طريقة تعاملها مع صغيرها....ذلك الحنو المفرط الذي كثيرا ما كان يقودني للبكاء ليلا بعيدا عن أنظار والدي وجدتي .فكل حركاتها معه كانت تجعلني أستشعر لحظات سعادتي مع والدتي. تلك اللحظات التى لا أزال أفتقدها لغاية الأن.أذكر كم كان يغيضني حملها له بين ذراعيها ،لأنه في قرارة نفسي كنت أتمنى أن أكون أنا المحمول لا هو......
    لو كان بالإمكان تغيير الأقدار تراه كان يقبل أن أتنازل له عن كل ما أملك مقابل التنازل لي عن يوم أقضيه أنا وهي أما وإبن؟ تمني سخيف، ولكني لحظتها فكرت فيه بقوة .كنت أرغب في الحصول على لحظات رعاية منها مهما كلفني الأمر.
    ما أقسى سنوات الحرمان......فهي تجعلك تفقد كل طعم.ولا يبقى في حلقك إلا المرارة حتى ولو كنت طفلا لا تدرك كثيرا مما يدور حولك.
    لاحظت تركيز نظري عليها وعلى صغيرها ،فاقتربت مني فهي تعرف أنني إبن جارتها .غمرتني بنظرة حب فوالدتي كانت الجارة الأقرب لقلبها.سألتني عن أحوالي ،فأشرت برأسي أن كل شئ على ما يرام .فكيف عساها تفهم ما يجول في الخاطر والبال...فرق شاسع بين الوصف والواقع .فلم أخبرها عن سوء حالي فهي لن تقدر حتى مشاركتي حرقتي على من رحلت وتركتني كسير الخاطر محروما حتى من لمسات عطف كبقية الأطفال..
    وهي تحدثني لاحظت ساعتها تسارع أنفاسها مع نوبات السعال.كنت قد سمعت جدتي قبل هذا تتحدث عن مرضها لم يكن خطيرا كما ذكرت جدتي ولكنها كانت لا تحتمل الرطوبة العالية .ولكن كما لاح لي تلك المرة ،جدتي لم تكن تدرك فعلا درجة مرضها فوجهها كان شاحب حتى إعتلاه إصفرار.لاحظت صمتي لكنها لم تكن تدرك أن ذلك الصمت ما هو إلا حوار داخلي بيني وبين النفس ...إستأذنت في الإنصراف ،فهي لم تكن تقوى على الوقوف كما لاحظت .ودون شعور مني مددت يدي لأمسك بذراعها.وكأنني أرجوها في صمت أن تهبني بعض اللحظات.ابتسمت وكأنها أحست بما يجول في خاطري،فبادرت بالقول أنه يمكنني زيارتها مساءا لو إستطعت أن أنتزع موافقة والدي فهي كانت تعلم صعوبة طبعه.فوالدتي كانت صديقتها.وعادة ما يكون موضوع حديثهما الأزواج وطباع الأزواج.
    رجوت والدي ساعتها أن يتركني أزورها وكم كانت دهشتي كبيرة لما وافق دون شروط.فهو عادة متى طلبت منه شئ لا يلبي لي طلبي إلا بعد أخذ عهد بفعل شئ ما...أه الأباء كم هم مستغلون....
    وذهبت لزيارتها دون أن يفوتني قطف باقة ورد خصيصا لها...فوالدتي كانت تفعل الشئ ذاته كلما ذهبت لزيارتها.استقبلتني بحرارة وكأنها تستقبل شخصا ناضجا لا طفل لا يتعدى الثالثة عشرمن عمره...لا أزال أذكر تلك الإبتسامة الناعمة التى رسمتها بمجرد فتحها للباب.ولا أزال أذكر صغيرها الذي مد ذراعيه نحوي بمجرد أن رآني أدخل البيت .لم أستطع حمله خشية أن لا ترغب هي في ذلك ولكني مسحت على رأسه.فأطلق ضحكات ساحرة ملأت المكان بهجة .فحملته هي بين ذراعيها.
    كانت لا تزال نوبات السعال تنتابها كما كانت صباح ذلك اليوم...لا بل ساء الأمر. فقد أصبحت أكثر حدة من ذي قبل...
    أحست أن سعالها أقلقني بشكل ما، فأمسكت يدي وهي تقول بابتسامتها المعهودة:"لا تخف فأنا بخير مجرد نزلة برد لا غير"....ولكن شيئا ما حدثني من داخلي أن الأمر أكبر من أن يكون مجرد نزلة برد...بل الأمر مرتبط أكيد بمرضها المزمن . رغم أنني لم أكن أعي ما هو بالضبط. ولكن كما كنت أسمع من حولي يتحدث عنها أن مرضها له علاقة برئتيها....
    استأذنت لتأخذ دواءها .فأشرت برأسي أنني لا أمانع في ذلك طالما الدواء يريحها.لكنها لما غابت عني تمنيت أن تعود بسرعة فوجهها لم يكن يختلف كثيرا عن ملامح أمي.
    كم كنت مذهولا ليلتها من طريقة تعاملها معي وكأني ابنها ....هي كانت تعلم من أمي شدة حبي لكعكة الفراولة ...التى أسعدني منظرها وهي تلوح فوق طاولة الشاي التى حضرتها خصيصا من أجلي.فأنا ضيفها الصغير.كانت تحدثني وكأني في سنها ....ربما كانت الوحيدة التى أدركت أن جسمي جسم أطفال ولكن عقلي يجاوز سن الأطفال بعهود ومراحل.
    كانت تمازحني مرة وتحدثني عن صغيرها مرة أخرى.والأروع من ذلك كله كلامها ليلتها عن والدتي .
    لا أذكر تفاصيل أخرى عن جلوسي معها ومحادثتها سوى أنها كانت تبذل قصارى جهدها لتجعل مني سعيدا بتلك الزيارة لأقصى الحدود.ولا أزال أذكر أنها نجحت في ذلك إلى أبعد الحدود أكثر مما كانت تتصور.
    تأخر الوقت فاستأذنت في الإنصراف ..فأوامر والدي كانت صارمة فيما يتعلق بوقت عودتي للبيت .فتحت لي الباب كي أنصرف .ولكن قدماي كانتا ترفضان السير للأمام فالتفت اليها مرة أخرى.ودون شعور مني ارتميت بين أحضانها وقبلت يديها ودون أن أشعرسمعت صوتي يناديها بأمي.ورفضت ليلتها مفارقة حضنها وكأني أنتقم من سنين الحرمان التى أحدثها ظلام الموت الذي غزى عالمي وأن في سن مثل سني.
    لأول مرة رأيت ذلك الوجه المبتسم دائما تنزل على خديه دموع كأنها حبات لؤلؤ تناثرت هنا وهناك.
    فهي قد لامست حزني على من غاب وجهها عني.
    أذكر أنني لم أستطع مفارقة حضنها إلا بعد زمن طويل .كان صوت والدي من ورائي يناديني بأنه قد حان الرجوع للبيت..ولأول مرة لم يؤنبني والدي على عدم تلبيتي طلبه في عدم التأخر .فالموقف كان محزن حتى له . فلم يكن يصعب على من حوله معرفة أنه لم يستطع نسيانها ومن ذلك الإنطلاق من جديد..........أمسكني من يدي وأخذني بعيدا عنها، بعد أن تمنى لها ليلة سعيدة. فبادلته هي بنفس الكلمات.......لا أزال أذكرأني ليلتها رفضت تغيير ملا بسي وصممت على النوم بها لا ثياب النوم، رغم الحاح والدي .ولكن على غير عادته ذلك اليوم كان مسالما للغاية... فآثر الصمت وتركني أفعل ما أريد.لم يكن رفضي لتغيير ملابسي شقاوة مني . ولكن عطر تلك المرأة كان نفسه عطر والدتي ...كان قد بقي شئ منه عالقا بثيابي لما احتضنتها. فكنت أرغب بشدة في أن أنام بتلك الثياب حتى أستشعر ولو لليلة واحدة وجود أمي من جديد.
    في اليوم التالي على غير عادتها شباك نافذتها كان مغلق. وصوت الصغير كان يفتقده المكان.غادرت سريري فاتجهت كعادتي لتقبيل جدتي الحنون. ففوجئت بها تتحدث مع والدي عن جارتنا كيف أنها رأتها تغادر ليلا مع زوجها المنزل، وكانت حالها يرثى لها من شدة السعال.
    تمنيت لحظتها أن تكون مجرد أزمة عابرة كما اعتدنا على ذلك نحن وكل الجيران....لكن هذه المرة لم تكن كسابقاتها فجارتنا لم تعد تقوى على المقاومة ....وبعد أسبوع فاضت روحها لرب كريم...وعدت مرة اخرى لأحتضن يتمي من جديد.....
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات قسم الشعر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 14/03/2010, 05:26 PM
  2. مشاركات قسم الشعر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 05/12/2008, 12:18 PM
  3. مشاركات قسم القصة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 27/11/2008, 05:21 PM
  4. نقد مشاركات المسابقة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 22/12/2007, 01:05 AM
  5. مشاركات مسابقة المربد (( قسم القصة))
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 01/12/2007, 05:11 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •