النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: كابوس

  1. #1 كابوس 
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    استيقظ أحمد على بكاء زوجته فاطمة، فرك عينيه، نظر إليها بذهول ، سبحان الله ، ما بك يا امرأة؟، ماذا أصابك؟


    قالت له :إن الدورة الشهرية تأخرت عني، ويظهر أني حامل ، قال لها أحمد :هذه بشرى سارة ينبغي أن تفرحي بهذه المفاجأة،استرسل معبرا عن شعوره وفرحته، مبينا لها أن المرأة لا تكتمل أنوثتها إلا إذا حملت وولدت وأرضعت ، هذه سنة الله تعالى في عباده.


    حدقت فيه جيدا مكشرة عن أنيابها، قطعت كلامه قائلة: انتم الرجال لا تخسرون شيئا، نحن النساء اللواتي نتعب ونشقى مع الأولاد، فأنا لا زلت شابة و الوقت لا زال مبكرا على الإنجاب ، الظروف غير مناسبة، لازلنا في بداية الطريق، لا نتوفر على بيت ، هل هذا البيت الذي نعيش فيه يستحق أن نكون فيه أسرة، قاطعها أحمد قائلا: إن كل هذا الكلام ما هو إلا مبررات واهية للمحافظة على لياقتك البدنية ورشاقتك، ردت عليه : و ما العيب في ذلك إذا كنت أهتم بجمالي ورشاقتي ، فإن ظروف عملي تفرض علي ذلك ، فأنا أشتغل في شركة أجنبية أضطر للسفر إلى الخارج من حين لآخر لنعرض منتجاتنا الصناعية ، كما أنني أحضر معارض لمنتجات منافسة لمعرفة الجديد عندهم.


    أحمد معلم يعرف بأن الأبناء نعمة من الله ، وأن الله استخلفنا في الأرض لتعميرها ، وأن الإسلام يحث على التكاثر في الأولاد،لا بد من إقناع زوجته للمحافظة على هذا الجنين ، حاول معها مرة أخرى لكن دون فائدة، قالت له: إن لم تأخذني للطبيب سأسقطه بالأعشاب التقليدية.


    أمام إصرار فاطمة طأطأ أحمد رأسه، فتح باب السيارة ، ركبت فاطمة بجانبه، ينظر إليها يكلمها، يعاتبها، تكلمي عبري تلفت وجهها يمينا لا تريد سماع رأيه في موضوع الحمل ، كانت مصرة على الإجهاض . تفكير أحمد كان منصبا على هذا الموضوع ، لابد من المحافظة على هذا الجنين البرئ انه هدية من الله تعالى، السيارة تسير بسرعة، تلتف يمينا وشمالا ،يدوس البنزين، تجاوز السرعة القانونية، أوقفه الشرطي، أعطني أوراق السيارة، لقد تجاوزت السرعة المحددة في المجال الحضري، يجب عليك أداء غرامة مالية ، فتش في محفظته، النقود لا تكفيه لأداء الغرامة ، توجه إلى الصراف الآلي ، سحب ما يكفيه من المال، أدى الغرامة المالية، تأخر عن الموعد مع الطبيب ، قال لزوجته: هذا التأخير فيه خير ، وهو دليل على أن الله يحبنا ويريد المحافظة على ابننا .


    ردت عليه فاطمة هذا الكلام لا يهم ماذا سأفعل بالأولاد هل سيدخلونني إلى الجنة، لابد لي من متابعة الطريق و الالتحاق بالطبيب إنه يتأخر في عيادته ، ولو دعت الظروف فإنني سأتصل به هاتفيا .


    جلست فاطمة في قاعة الانتظار، وكانت بجانبها امرأة يظهر عليها علامات الحزن و الأسى، سألتها ما بك يا امرأة؟ قالت لها انني عاقر زرت جميع الأطباء ، وقمت بكل التحليلات و الفحوصات دون فائدة ، انني أبكي عندما أرى امرأة تلاعب أولادها ، إنني أشتاق لسماع كلمة ماما...ماما... تخرج هذه الكلمات من فمها كما تخرج الروح من الإنسان الذي يحتضر.


    التفت أحمد إلى زوجته هامسا في أذنها وقال : الناس يبحثون عن الأولاد وأنت تريدين إسقاط هذا الجنين، ردت عليه بصوت مرتفع: لا يهمك أنت لا تفكر في معاناتي وتعبي مع الأولاد ومشاكلهم.


    جاء موعد فاطمة ، جلست على الكرسي وجها لوجه أمام الطبيب ، دون أن تؤدي التحية و السلام قالت له بعصبية شديدة: أنا أريد إسقاط الجنين الذي أحمله في بطني ، وكان هذا الطبيب من النوع الذي لا يميز بين الحلال و الحرام ، يريد كسب المال لتأدية الأقساط الشهرية ، لا يعطي اعتبارا للقيم و لا للأخلاق الإسلامية .


    ابتسم الطبيب في وجه فاطمة أشعرها بالاطمئنان ، حرك رأسه بقبول إجراء عملية الإجهاض ، شرح لها مدى خطورة هذه العملية وأن القانون يمنع مثل هذه العمليات ، وأنه سيتلاعب على القانون ويعتبر أن الجنين يشكل خطرا على صحة الأم ، و الأم أهم عندنا من الجنين.


    أخذ الآلة الحاسبة تكتك عليها تكتك تين ، وحسب على فاطمة مليونين ،نجحت العملية خرجت من العيادة ، انطلق لسانها، تتكلم عن الحياة و الحب ،عن المستقبل الزاهر الذي ينتظرها ،إنها تسأل و تجيب ، بينما أحمد غارق في سيل من الهموم و الندم ، إنه يتأسف على هذا العمل الشنيع الذي يغضب الله تعالى ، تساؤلات كثيرة لا يجد لها إجابات ، نزلت دمعتان حارقتان على خذه ، شعر بخفقان سريع في القلب ، ركن السيارة جانبا ، كان آخر كلامه أستغفر الله العظيم ، مات أحمد مهموما مغموما.


    اشترت فاطمة شقة فاخرة في حي من أرقى أحياء المدينة ، أقتنت كل مفروشاتها من الخارج ، استدعت زميلاتها في العمل ، وزعت المأكولات و المشروبات ، فرحة عارمة شعور بتحقيق الذات ، انتصرت على الظروف التي عاكستها طيلة حياتها، الشقة كبيرة أحست بالوحدة و الوحشة بحثت عن مؤنس لها ، أشارت عليها أمها ينبغي ألا تفكري في الزواج لأن الرجال سيطمعون في بيتك ومالك أنا أنصحك بتربية ولد لقيط يؤانسك ويحفظ غيبتك ، استحسنت الفكرة و المشورة ،واشترت ولدا من ممرضة بأحد المستوصفات ، فرحت به، أسمته أحمد على اسم زوجها المرحوم، أرضعته حليبا اصطناعيا ،شب بين أحضان الخادمة ،يشتمه أقرانه بابن الحرام ، روح ابحث عن أمك وأبيك ،لا تربطه بفاطمة إلا كلمة أعطني النقود ، لا تسمع منه كلمة أمي يناديها دائما فاطمة ،ابتلى بتدخين السجائر ثم المخدرات بكل أنواعها و أشكالها .


    وفي ليلة حالكة تناول أحمد علبة من الحبوب المهلوسة، تسلل في جنح الظلام إلى غرفة فاطمة ، انقض عليها مزق ملابسها ، كشف عورتها يريد اغتصابها ، هربت مسرعة إلى المطبخ تريد الاستنجاد بالخادمة ، حاولت ثنيه عن هذا الفعل القبيح الذي يحرمه الإسلام ، ازداد هياجه فقد كان فاقدا للإدراك ،إن الغريزة الحيوانية هي التي تحركه وتدفعه لمضاجعة فاطمة، وأمام إصراره على مضاجعتها ، مدت يدها المرتعشتان إلى درج المطبخ وأخرجت سكينا كبيرة ودقته في صدره بشدة ، رجع إلى الخلف وصاح ماما ...ماما...


    وقع السكين من يدها، ارتمت على ابنها احتضنته وقالت : ليست هذه هي ماما التي أريدها إنني أريد سماعها من ابني الذي أسقطته في يوم من الأيام عند الطبيب وبكت بصوت مرتفع أيقظ أحمد من نومه وهرع إلى المطبخ وأحضر لها كوب ماء وقال لها : نامي إنك تحلمين .



    محمد يوب


    15-12-2009
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: كابوس 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية نرجس
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر
    العمر
    33
    المشاركات
    125
    معدل تقييم المستوى
    15
    كاااااااااااآآآآآآآآآآآآبوس مخيف
    ..........
    أسلوب رااااآآآئع في السرد
    و رسالة جميلة
    بوركت سيدي
    +/
    أحلام طفلة , و قلب محارب
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: كابوس 
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    شكرا ابنتي على هذا الشعور النبيل
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. الغربان السوداء التي حوّلت حلم مصر الى كابوس
    بواسطة ماجدة2 في المنتدى الواحة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 10/12/2012, 08:22 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •