النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: رحلات عربية .. سبقت كولمبس

  1. #1 رحلات عربية .. سبقت كولمبس 
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    رحلات عربية .. سبقت كولمبس


    لم يكن ( كريستوف كولمبس ) أول من فكر فى استكشاف المحيط الأطلسى ، فقد اتفقت الآراء على أن هناك رحلات سبقته .. ذهب بعضها إلى أن المصريين القدماء والفينيقيين والفايكنج قد حاولوا ذلك ووصلوا إلى الأمريكتين بالفعل .. ولكن ما نحن بصدد مناقشته الآن هو : هل نجح العرب حقا فى الوصول إليهما قبل كولمبس ؟
    الآراء كثيرة بين مؤيد ومعارض .. والشواهد المثبتة لم تنفى احتمال وصول العرب إلى هناك ، وإن اكتنفها بعض الغموض .. وقد تعامل العرب مع المحيط الأطلسى كشىء غامض مبهم ، كانوا يجهلون ما وراءه ، لكن ما وصل إلى أيدينا من كتاباتهم فى هذا الجانب ، لا ينفى احتمال وجود حياة وبشر وجزر وراءه .. وتحت أيدينا مصادر عربية تؤكد ذلك .
    ففى كتابه ( نبذ من كتاب الخراج ) ، قال قدامة بن جعفر : ( هذا البحر المسمى بالمحيط ، فإن السفن لا تجرى فيه ، ولا يعلم أحد من البشر حاله .. ) .. ولم يزد المسعودى ( الجغرافى العربى والمؤرخ ، المتوفى عام 346 هـ / 950 م ) شيئا على هذا القول ، عندما توقف فى كتابه ( أخبار الزمان ) فى حديثه عن البحر المحيط ، لكنه نبه إلى ملاحظة جغرافية مهمة ؛ تتعلق بهذا المحيط فى كتابه ( مروج الذهب ) ، حيث قال : ( إن الشمس إذا غابت فى أقصى الصين ، كان طلوعها فى الجزائر العامرة فى بحر اوقيانوس الغربى ، وإذا غابت فى هذه الجزائر ، كان طلوعها فى أقصى الصين ، وذلك نصف دائرة الأرض ... ) وفى هذا القول اشارة واضحة إلى كروية الأرض ، و دلالة على أن الفكر الجغرافى العربى ، كان على علم ـ منذ القرن الرابع الهجرى ـ بأن من يقطع المحيط الأطلسى سوف يصل إلى الصين .. ولقد أكد البكرى ( 432 هـ / 1039 م ـ 487 هـ / 1094 م ) فى كتابه ( المسالك والممالك ) هذا الإتجاه فقال : ( اوقيانوس البحر المحيط لا يدرى ما وراءه غربا إلى أقصى عمران الصين ، والشمس إذا غابت فى أقصى الصين طلعت فى الجزائر ( الخالدات ) ، وبالضد ... ) .. وعن البحر المحيط قال البيرونى ( 362 هـ / 972 م ـ 440 هـ / 1048 م ) فى كتابه ( تحقيق ما للهند من مقولة ) : ( اوقيانوس ليس بمسلوك ، من ظلام الهواء واضطراب الطرق ، وعظم الغرر ، مع عدم الفائدة .. ) .. أما ياقوت الحموى فقد قال فى كتابه ( معجم البلدان ) : ( لا يسلك شرقا ولا غربا .. ) .
    وبهذا كان القرن الرابع الهجرى / العاشر الميلادى ؛ بداية الإهتمام العربى بالبحث حول هذا المحيط ، وبداية لنضج الفكر الجغرافى العربى حوله .. وإن اكتنف صورته بعض الغموض .. ولكن ما إن جاء القرن الثامن الهجرى / الرابع عشر الميلادى ، حتى تبلورت الصورة العربية أكثر لهذا المحيط .. فى الوقت الذى كان الأوروبيون ينظرون إليه على أنه بحر الظلمات ، وينسجون حوله القصص المرعبة والأساطير المخيفة .. فهذا جغرافى عربى جديد اسمه أبو الثناء محمود بن أبى القاسم الأصفهانى ( المتوفى عام 749 هـ / 1348 م ) يدلى بدلوه فى هذا الشأن ، فيقول : ( لا مانع أن يكون ما انكشف عن الماء من الأرض من جهتنا منكشفا من الجهة الأخرى ، وإذا لم أمنع أن يكون به من الحيوان والنبات والمعادن مثل ما عندنا ، أو من أنواع وأجناس أخرى .. ) ولقد علق الدكتور / أحمد ذكى على هذا النص بأن ( للأصفهانى ( وهو بمصر ) فضل السبق على كريستوف كولمبس ( وهو بالأندلس ) لأنه قال بهذه النظرية قبله بقرن ونصف قرن ، وللأصفهانى فضل كبير على مكتشف أمريكا ، لأنه تخيل وجودها بقوة الفطنة والإستدلال ، وأما كولمبس فتخيل فقط وجود طريق جديد يوصل للهند من جهة الغرب .. ) وبهذا بات الفكر الجغرافى العربى متقبلا لفكرة اكتشاف أراض جديدة إذا ما تم اجتياز المحيط الأطلسى .. وهو ما مهد لبعض البحارة العرب الطريق للتفكير فى عبوره .
    فقد ذكر ثلاثة من الجغرافيين العرب ، هم ( المسعودى ) و ( البكرى ) و ( الحميرى ) أول قصة لرحلة غامضة حاولت استكشاف المحيط الأطلسى ، لبحار عربى اسمه ( خشخاش ) .. قال المسعودى : ( .. رجلا من أهل الأندلس ، يقال له خشخاش ، وكان من فتيان قرطبة وأحداثها ، فجمع جماعة من أحداثها ، وركب بهم فى مراكب استعدها فى هذا البحر المحيط ، فغاب فيه مدة ، ثم انثنى بغنائم واسعة ، وخبره مشهور عند أهل الأندلس ... ) وقد ذهب الدكتور / حسين مؤنس فى كتابه ( الجغرافية والجغرافيون ) إلى أن رحلة خشخاش كانت إلى جزر الكنارى ، ولأن المصادر العربية التى أوردت القصة لم تحدد بشكل قطعى ما وصلت إليه الرحلة ، فيبقى رأى الدكتور مؤنس مجرد تخمين ليس إلا .
    وهذه محاولة عربية جديدة ، حاولت استكشاف المحيط .. ذكر تفاصيلها الادريسى فى كتابه ( نزهة المشتاق ) حول جماعة من المستكشفين العرب اسمهم ( الأبناء المغررين ) .. قال : ( من مدينة لشبونة كان خروج المغررين فى ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه ، وإلى أين انتهاؤه ، كما تقدم ذكرهم ، ولهم بمدينة لشبونة موضع قرب الحمة درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين إلى الأبد .. ) .. ويروى الادريسى تفاصيل كثيرة لرحلة الأبناء المغررين ، حول بداية الرحلة وتفاصيلها وما وصلوا إليه من الجزر ، يحيط الغموض والخرافة بعض هذه التفاصيل ، إلى أن يتم القبض عليهم بإحدى هذه الجزر تم نقلهم إلى شاطىء ببلاد المغرب العربى .. وقد بدت بالقصة بعض الثغرات ؛ كما ذهب إلى ذلك الباحث / صبيح صادق ( * ) ، مما يوحى بأن القصة قد أضيف إليها بواسطة الرواة ، الذين أطلقوا العنان لخيالاتهم فى روايتها ، ومع أن احتمال اختلاق القصة من الأساس يبقى أمرا واردا ، إلا أن مسألة رفض الروايات التاريخية ليس بالأمر السهل أو الهين ، لمجرد كونها تحمل بعض الأحداث المضطربة ، بل يحتاج إلى براهين وأدلة دامغة .. والأرجح أن رواية المغررين حقيقية ، زاد فيها أصحابها أو من رواها عنها ونسجوا حولها ما راق لهم من الأحداث ، لإضفاء بعض التشويق والإثارة حولها .. ويبقى أن نتساءل عن الموضع الذى بلغته الرحلة ؟
    وهذا السؤال ـ أيضا ـ ليس من السهل الجزم فيه برأى ، وقد اختلف الباحثون فى الإجابة عليه ، لأن الرحلة وإن كانت واضحة بالقياس إلى رحلة خشخاش ، لكنها أيضا تبقى غير واضحة تماما بالنسبة للأرض التى وصلوها .. فقد ذهب الباحثان الأوروبيان : ( بيزلى ) و ( رينيه تاتن ) إلى أن رحلة الأبناء المغررين كانت إلى جزر مديرا والكنارى .. وأيدهم فى ذلك الباحث ( باسيل دافيدسون ) فى كتابه عن أفريقيا القديمة .. وفى كتابه ( الرحالة المسلمون فى القرون الوسطى ) ذهب الأستاذ زكى محمد حسن إلى أنهم وصلوا فى رحلتهم إلى إحدى جزر آزور ، ثم اتجهوا إلى ماديرا ، ولعلهم قبض عليهم فى إحدى جزر الكنارى .. ورجح الدكتور حسين مؤنس أن الرحلة كانت إلى جزر الآزور ثم جزر الكنارى ، واستبعد أن يكونوا قد وصلوا إلى ماديرا .
    وأما تفاصيل الرحلة الثالثة ، فقد أورد أحداثها ابن فضل الله العمرى ، المتوفى فى ( سنة 749 هـ / 1349 م ) ، فى كتابه ( مسالك الممالك ) ، عن السلطان موسى ملك دولة مالى المسلم ، أثناء مروره بالقاهرة فى طريقه للحج عام ( 724 هـ / 1323 م ) لابن أمير حاجب ، وفيها حكى عن تفاصيل الرحلة التى قام بها سلفه لإستكشاف المحيط الأطلسى ، على رأس اسطول ضخم قاده بنفسه ، ولم يعد منه أحد ...لتقف أحداث هذه القصة عند أحد احتمالين : إما أن تكون الرحلة نجحت ووصلت إلى جهة لا نعرفها ولم يفكر أصحابها فى العودة فلم تصلنا تفاصيلها ، وإما أن تكون الرحلة فشلت وغرق كل من فيها .. وعلى كل الأحوال فهى لم تحقق الهدف الذى خرجت من أجله ، كما كان الحال مع الرحلتين السابقتين .. لكنها تضع اسم ملك مالى ضمن قائمة المغامرين المسلمين الذين حاولوا اجتياز الأطلسى واستكشافه .

    ----------------------------------
    ( * ) باحث عراقى ، فى كتابه ( صور حية من تراثنا العلمى العربى ) ـ صادر عن دار الشئون الثقافية العامة / وزارة الثقافة والإعلام ـ بغداد 1986 م .
    moneim
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: رحلات عربية .. سبقت كولمبس 
    وريد
    زائر
    موضوع حلو تسلم يدك
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: رحلات عربية .. سبقت كولمبس 
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وريد مشاهدة المشاركة
    موضوع حلو تسلم يدك
    الأجمل مروركم الكريم الذى سعدت به ..
    بورك بك وسلمت من السوء والأذى ..
    أخوك .
    moneim
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. اختراعات عربية
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05/04/2010, 09:47 PM
  2. قمة عربية ؟!
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18/03/2010, 03:47 PM
  3. أسماء عربية لحاجات عربية ...سيجريد هونكة
    بواسطة يوسف أبوسالم في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06/10/2008, 07:55 AM
  4. نريد همم عربية كفانا قمم عربية
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04/04/2008, 08:44 AM
  5. قصايد حب .. عربية .
    بواسطة الشايب في المنتدى الشعر
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 13/04/2006, 10:04 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •