للشمس سبعة ألوان
قراءة فى تجربة أدبية
بقلم: محمد جبريل
الطبعة الأولى
كتاب الجمهورية ـ يونيو 2009م.
....................................
إلى ماهر شفيق فريد
تعرفين كم هو صعب وثقيل على المرء أن يكون كاتباً
ديستويفسكى فى رسالة إلى قريبته إيفانوفا
.................................................. ...
هذا الكتاب حصيلة شهادات ، كتبتُها فى مناسبات مختلفة حول التجربة الإبداعية فى حياتى . كتبت فى فترات متباعدة ، وإن كان محورها نظرتى إلى العملية الإبداعية من خلال الأعمال التى أتيح لى كتابتها ، أو ما يمكن تسميته " تجربتى الأدبية " [ نشرت شهادتى عن " الأسوار " فى كتاب " قراءة فى أدب محمد جبريل الذى نشر عام 1984 ، فهى أول ما كتبت عن تجربتى الأدبية ] . قد تبدو كل شهادة مستقلة فى ذاتها ، وقد يتكرر الرأى الواحد ـ وربما الواقعة الواحدة ـ فى أكثر من شهادة ، لكن مجموع الشهادات يمكن أن يقدم للقارئ صورة كلية لآراء الكاتب فى العملية الإبداعية ، من خلال محاولة الإجابة على العديد من الأسئلة التى تشغل الكاتب ، وتشغل قارئه فى آن معاً
أردت بهذا الكتاب ، أو بهذه المجموعة من المقالات التى تتناول وجهة نظرى فى قضايا الأدب والفن ، أن أفسر بعض الأمور ، مستعيناً فى توضيح ما أقول ، بما صدر لى من أعمال إبداعية ، فضلاً عن إبداعات الآخرين ، والشهادات التى تتوافق مع وجهات نظرى ، أو تختلف معها ، محصّلة لقراءات إيجابية فى الكثير من كتب النقد الأدبى والدراسات الأدبية ، والسير الذاتية للأدباء . لم تشغلنى فلسفة الكاتب ولا اتجاهه الأيديولوجى أو الفنى . ما شغلنى فحسب هو الرأى الذى أوافق عليه ، أو أختلف معه ، فأناقشه . ربما أميل إلى رأى يصدر عن كاتب ماركسى الأيديولوجية ، وأختلف مع رأى يصدر عن كاتب يؤمن باليقين الدينى ، لا لأنى أومن بالماركسية ، أو لأنى كاتب غير متدين ، وإنما لأن الرأى المحدد يخاطب قناعاتى ، بصرف النظر عن السياق الذى اقتطعته منه . هذه الكلمات أقنعتنى ذاتها ، فلا شأن لى بهوية كاتبها ، ولا ببحر الكلمات الذى كانت تسبح فيه ..
قد يلحظ القارئ إطالة فى بعض الفقرات ، واختصاراً فى فقرات أخرى ، أو مجرد الإشارة إلى ما كان يستحق الإفاضة .. لكن ملاحظتى ـ كقارئ ـ أن طول مساحة القضايا التى تثيرها المقالات ، أو قصرها ، أو غيابها أحياناً ، لأنها تكمل بعضها البعض . فوجهة النظر المستفيضة فى مقال ، أكتفى بالإشارة إليها ، أو أهملها ، فى المقالات الأخرى ..
هذه المقالات ، تشكل ـ فى مجموعها ـ وجهات نظر واضحة ، محددة ، من قضايا العملية الإبداعية فى أبعادها المختلفة . ثمة رأى أن المبدع هو ـ فى الأغلب ـ أسوأ من يستطيع الحديث عن إبداعه . لكن هذه المقالات تتسم بالعمومية لا بالتخصيص ، تتحدث عن العملية الإبداعية فى عمومها ، وتشير إلى نماذج للكثير من المبدعين ، وحسبت نفسى واحداً منهم . وإذا كنت قد أفدت من آراء الآخرين لتأكيد آرائى ، أو للتدليل عليها ، فليس معنى ذلك أنى أتحاشى المؤاخذة ، أو أحاول نفى نسبة تلك الآراء لنفسى على أى نحو ، ولا حتى لاقتناعى بتلك الآراء . إنها آراء ووجهات نظر أومن بها ، أدعمها ـ هل هذا هو التعبير الأدق ؟ ـ بآراء ووجهات نظر أخرى لكتاب عرب أو أجانب ، بصرف النظر ـ كما أشرت ـ عن انتماءاتهم الأيديولوجية ، أو التيارات الفنية التى يدعون إليها ، أو يعبرون عنها . ما وجدت فيه مرآة لآرائى ، نقلته باعتباره كذلك ، وما اختلفت معه ، عرضته للمناقشة والتحليل واختلاف الرأى ..
والحق أنى ترددت فى نشر هذه المقالات ، إدراكاً منى بأنه ينقصها ما يمكن إضافته .. لكن الكمال مطلب يصعب على المرء ـ ويصعب على كاتب هذه السطور بخاصة ـ أن يبلغه . من هنا ، جاوزت التردد إلى نشر المقالات ، فهى ـ فى المحصلة النهائية ـ تعبير عن آراء ووجهات نظر فى العملية الإبداعية . ربما أضيف إليها فى مقالات تالية [ وقد أضفت بالفعل أسماء روايات وشخصيات من أعمال تلت كتابة هذه المقالات ، ونشرها فى الدوريات المختلفة ] ، وقد أجرى بالحذف والتبديل ، لكن يقينى بالملامح المهمة فيها لم يتبدل منذ أصبحت الكتابة ـ بالنسبة لى ـ قضية حياة .
أخيراً ، فلعله يجدر بى أن أشير إلى أن أنى تناولت قضايا تتصل بمادة هذا الكتاب فى كتب أخرى : مصر فى قصص كتابها المعاصرين ، نجيب محفوظ ـ صداقة جيلين ، آباء الستينيات ، مصر المكان ، مصر : من يريدها بسوء ، مصر الأسماء والأمثال والتعبيرات ، قراءة فى شخصيات مصرية ، حكايات عن جزيرة فاروس ، وغيرها .
وأملى أن أكون قد وفقت ،
محمد جبريل ـ مصر الجديدة 16/2/2008م.