النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قصة قصيرة

  1. #1 قصة قصيرة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    21
    معدل تقييم المستوى
    0
    رمال ثائرة

    خرج يتجول وحيدا بين تلال وهضاب رمال صفراء , كانت قد اكتسبت لونها من ضياء شمس حارقة ألهبت جسدها شواء في عراء , يتخبط بأجنحته جيئة وذهابا , عابثا بنقلها هنا وهناك بتبختر يعكس قوة وجبروت , ألفت هي تلك الحركات حتى باتت لديها عادة عدم الانتماء لبيئة أو أهل وعشير , نعم تقول لبعضها حين تمسي ويسكن الريح إلى بيات , تاركا نسماته تراقب همسات في سمر ليلي , إننا مللنا من كثرة ترحل دون إرادة , وآن لنا أن نحدد موقفا من الريح هذا , لقد تعبنا وهرمنا دون انتماء إلى جذور أرض , كانت ككل مساء تجتمع في لقاء مع أمير الرمل لتلقي تحايا وتعبيرا عن ولاء , زلف تلك الليلة مَن سكن السفر في جوفه فراغا من بقاء في مكان واحد وألزم نفسه ان يتقدم إلى أمير الرمل ليحدثه بخوالج نفسه وما نوى القيام به من ثورة سماها بثورة الرمال , فوجدها لا تتجاوز ومشاورة مع أمير الرمال وخبرة من كانوا قبله , لمعرفة رأيهم بما خطط له درءا ومنعة لمزاجية ملك الريح , كان الليل طويلا وهمسه أطول , تخوفت الرمال من تناقل أخبار وجواسيس همس ليلي , تغير الكثير مما قيل , قد يكون لها الحق في التعبير عن رأيها بحرية واختيار بقعة الأرض التي تعيش عليها , ولكن .. هل لها الحق أن تقرر من سيقوم بنقلها عبر زمن وعصف أجنحة رغبة وتسلط ؟ تدرك الرمال وأميرها أن للجبروت هيلمان يغذي مزاج من بيده السلطة لينقلها إلى ضعفاء الأرض سطوة ليخاف منه من عصى أوامره , كانت الفكرة أن تتحد الرمال مع ملك الغيوم ليسقط من ميزاب السماء مطرا يبلل بل ويغدق في البلل لتسكن الرمال الى بعضها البعض , حتى لا يتسنى لملك الريح نقلها من مكانها لثقلها واتحادها مع بعضها وملك الغيوم من جهة أخرى , راقت الفكرة لأمير الرمال وأشار بالموافقة بعد تشاور وكبار السن ممن خبروا الحياة في تلك الأرض وتنقلوا بين صحاريها وهضابها وسهولها , كانت نسمات الليل قد سمعت كل همس دار , وهمت مسرعة لإيقاظ ملك الريح في صومعته وإخباره ما حدث , ولج الغيض بداخله , وخرج ناثرا أجنحته ليغطي سماء كانت تزهو بضياء نجوم زمجر نافخا صفير أصم رمال دخيلة زعمت أنها غير مسئولة عن اتفاق في جلسة مشاورة مع أمير الرمال , لم تكن موجودة ولم تعلم بما حدث !!! تركها في تلك الليلة تصم أذانا وتلملم بقايا أحلام , وتعمل على سهر طويل تودع من تحب فقد أدركت إنها لا محالة في رحيل ابدي لا عودة فيه أو لقاء مع أهل وعشير , كان فتى الرمل قد أختلس في ظلمة واختلاط أحداث طريقا لمشاورة واتفاق مع ملك الغيوم , الذي أرخى بنفسه ندى شرابا وترحيب في لقاء, راقت له الفكرة وعكر صفوة مزاجه همس ليل واختلاس تنصت , لكن ذلك لم يمنعه عن موافقة واتفاق , بعد أن ذاق هو الأخر مرارة في ترحال وفضاء عريض , ترك في كل بقعة فيه صديق أو صلة قربى , نافثا غضبه سيول أغرقت بشرا كان يسكن هو الأخر في آمان , ولكن حكم من لا قاهر له أسكن الرعب أشباح تملكت نصولا قطع رقاب المستضعفين في الأرض والسماء , هذا ما أتفق عليه الاثنان , سمع ملك الريح بذلك , وجلس يفكر لوحده طويلا في ذلك الليل الأزلي , عكف زغب ريش فتي النيل من الجميع , لكن حنكة وحكمة وتدارك أمر, أيقن بعدها إن ذلك الأمر سيؤدي إلى نهاية سلطانه , وعليه يجب أن يلقنهم درسا في طاعة أولي الأمر سافر لحظتها إلى السلطان شمس وخطب عليه ورغب إليه عن خطته التي أراد فعلها , ضحك السلطان شمس وأدرك أن هذا الأمر سيفرض سلطانه أيضا على الجميع , فعقد اتفاقا مع ملك الريح على نصرته , جاء الصباح نافضا عباءته عن عتمة ليل بأمر من السلطان شمس فأغرق كل أرجاء الأرض نورا , سعى ملك الغيوم وجمع من عانى غربة في رحيل وأخذ ينشرهم في مساحات واسعة طغت على نور صباح وحجبت السلطان شمس من الظهور , دار حول نفسه أراد أن ينفذ ببزوغ إلى أمير الرمال لإحراقه لهيبا , لكن الغيوم وملكها تلملمت عصبة حتى قهرت السلطان شمس من ظهور, وأسقطت أعوانها مطرا على أمير الرمال الذي تلقفها كحسنات بعد نذور عديدة , لكن السلطان شمس أرسل سهاما بقرت بطن غيوم ناشدا عون ملك الريح , وما أن طرقت السهام باب الصومعة حتى خرج بجناحيه مزمجرا نافخاً ملك الغيوم وكل من تأبط شرا به , تناثرت الغيوم بعثرت في اتجاهات مختلفة فقدت اتزانها حتى تلاشت بين السلطان شمس وملك الريح , لم يتسنى لملك الغيوم نثر قرابينه إيفاءً لتلك النذور , شردت الرمال بين لوذ تحت صخور أو هربا قبل إنزال العقوبة فيها تشردا في أرض الله الواسعة , عكس ملك الريح نظره إلى أمير الرمال , أرغمه على ركوع , ترفعت نفسه عن خنوع في ذل كانت الرمال كلها تتطلع إليه وهو يتناثر بكبرياء داركا أن الحياة لن تدوم , والبقاء للأقوى , سحب ملك الريح أجنحته مطبقا إياها على ظهره حاملا أسرار جبروت , ألقت الشمس بإرثها على الأرض استحقاقا لحياة وترك الاثنان لمن يريد البقاء أن يخلص طواعية أن للقوة حدود , والعدل ميزان للحسنات والذنوب , فليغتسل من يريد بمواسم السنين , وليعش كما يشاء فقط عليه أن لا يتجاوز الخطوط الخضراء .

    عبد الجبار الحمدي
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: قصة قصيرة 
    قاص مربدي الصورة الرمزية خليد خريبش
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,114
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    20
    أخي الكريم عبد الجبار الحمدي،قرأت هذا النص جيدا وتفاعلت معه،ولاحظت أنه يمتح من التجربة في جوهره رغم رمزيته الظاهرة،كما لاحظت اعتمادك الطبيعة كوسيط لإيصال رسالة مفادها تفسيرك للعلاقة التفاعلية بين الذات والمحيط،يحضر فيها ما هو سياسي بين الفينة والأخرى،اقتربت باستعاراتك من اللغة الشعرية.تحياتي الأخوية.
    التعديل الأخير تم بواسطة خليد خريبش ; 10/11/2009 الساعة 05:26 PM
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. بيت آدم - قصة قصيرة
    بواسطة أحمد كمال سالم في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12/10/2009, 11:17 AM
  2. قصص قصيرة جدا
    بواسطة محمد بلقاسم الشايب في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16/12/2008, 12:49 PM
  3. قصص قصيرة جدا
    بواسطة لحسن ملواني في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05/11/2008, 09:24 AM
  4. عشر قصص قصيرة جدا
    بواسطة محمد بلقاسم الشايب في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27/03/2008, 08:29 PM
  5. ((رسائل قصيرة جدا)) قصة قصيرة جدا
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 24/03/2007, 09:17 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •