صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 1 2 3
النتائج 25 إلى 29 من 29

الموضوع: شبهات حول الإسلام

  1. #25  
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله نفاخ مشاهدة المشاركة
    شكراً لك سيدي لهذا الموضوع ... و أنا أعترف لك بأني مهتم للغاية بهه القضايا و الشبهات التي يتعمد البعض اليوم إعادة إثارتها بطرق أشنع بكثير من طرق المستشرقين رغبة بإثارة الفتنة بين مسلمي العالم الإسلامي و مسيحييه التي يبدو أنها خطة الأعداء للمرحلة المقبلة ،و لكني كنت أرغب أن تعمدوا إلى توضيح حقيقة الجهاد الإسلامي القائمة على رد العدوان و دفع الخيانة و التسامح و الرحمة و الامتناع عن قتل النساء و الأطفال و الشيوخ و تخريب ممتلكات الغير إلا في حال الاضطرار كما في غزوة بني النضير ، فذلك في رأيي خير من البحث عن ما عند غيرنا و كأننا نعترف بكلامهم علينا و نسعى لتسويغه .... مع خالص الاحترام و الشكر لكم أستاذنا الفاضل

    أخى الكريم أستاذ / عبد الله ..

    أرحب بك بداية ؛ والشكر الجزيل لك أيضا .. كقارىء واع وكاتب واعد ..

    وأسعد بمتابعتك لما أنقل وأكتب .. كما أسعد بإهتمامك بهذا الجانب من جوانب حياتنا ، وما نعانيه بسبب الهجوم على الإسلام العظيم والكيد له ؛ بإثارة الشبهات حوله .. وأتمنى لو تجد الوقت للكتابة فيه ودحض مثل هذه الافتراءات .. وفضح مثل هذا الفكر القاصر الشاذ .

    وعن استفسارك أبشرك بأن رد الأستاذ عماد قد احتوى هذا الجانب الذى تفضلت وأشرت إليه .. وبإذن الله تعالى تجد فى المشاركات القادمة ما يثلج صدرك ..

    لك منى خالص التحية والتقدير ..

    أخوك .

    moneim
    رد مع اقتباس  
     

  2. #26  
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    وكان المحور الثانى الذى اعتمده الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ، فى كتابه : ( شبهات حول السنة والسيرة النبوية ) ، فى معرض تفنيده لشبهة ( نشر محمد صلى الله عليه وسلم للإسلام بالسيف ) : { إن تشريع الجهاد في الإسلام لم يكن لإرغام أحد على الدخول في الإسلام كما زعموا } وإنما كان للدفاع عن العقيدة وتأمين سبلها ووسائلها ، وتأمين المعتنقين للإسلام ، وردِّ الظلم والعدوان ، وإقامة معالم الحق ، ونشر عبادة الله في الأرض ، فلما تمالأ المشركون على المسلمين أمرهم الله بقتالهم عامة ، ثم ماذا يقول هؤلاء المغرضون في قوله تعالى : { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَإِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [ الممتحنة 8 - 9 ] .
    فالإسلام لم يقف عند حدِّ أن من سالمنا سالمناه ، بل لم يمنع من البر بهم والعدل معهم ، وعدم الجور عليهم ، وكذلك كان موقف القرآن كريمًا جدًا مع الذين قاتلوا المسلمين ، وأخرجوهم من ديارهم ، أو ساعدوا عليه ، فلم يأمر بظلمهم أو البغي عليهم ، وإنما نهى عن توليهم بإفشاء الأسرار إليهم أو نصرتهم وإخلاصهم الودِّ لهم ، فإن حاربونا حاربناهم ، وصدق الله { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ } [ البقرة 190 ] .
    ونصوص القرآن والسُنَّة الصحيحة تردان على هذا الزعم وتكذِّبانه ، وقد صرح الوحي بذلك في غير ما آية قال تعالى : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ } [ البقرة 256 ] .
    " فالإسلام وهو أرقى تصور للوجود وللحياة وأقوم منهج للمجتمع الإنساني ينادى بأن لا إكراه في الدين وهو الذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنَّهُم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدين " . ( 1 )
    وقال تعالى : { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين َ} [ يونس 99 ]
    وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام إرادته وفكره ومشاعره وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه وهذه هي أخص خصائص التحرر الإنساني .
    فالله تعالى لم يَبْنِ أمر الإيمان على الإجبار والقسر وإنما بناه على التمكن والاختيار .
    وقضية العقيدة كما جاء بها هذا الدين قضية اقتناع بعد البيان والإدراك وليست قضية إكراه وغصب وإجبار ، ولقد جاء هذا الدين يخاطب الإدراك البشرى بكل قواه وطاقاته يخاطب العقل المفكر والبداهة الناطقة ويخاطب الوجدان المنفعل كما يخاطب الفطرة المستكنة يخاطب الكيان البشرى كله والإدراك البشرى بكل جوانبه في غير قهر حتى بالخارقة المادية التي قد تُلْجِئُ مشاهدها إلجاءً إلى الإذعان ولكن وعيه لا يتدبرها وإدراكه لا يتعقلها لأنَّهَا فوق الوعي والإدراك .
    وإذا كان هذا الدين لا يواجه الحس البشرى بالخارقة المادية القاهرة فهو من باب أولى لا يواجهه بالقوة والإكراه ؛ ليعتنق هذا الدين تحت تأثير التهديد أو مزاولة الضغط القاهر والإكراه بلا بيان ولا إقناع ولا اقتناع .
    فإنه لم يكن المسلمون قبل الهجرة قادرين على مجابَهَةِ الكفار أو إكراههم وبعد أن تقووا في المدينة وعلى مدى القرون الماضية لم يُكْرِهُوا أحدًا على الإسلام ، كما يفعل أتباع الملل والنحل الأخرى ، وقد نزلت هذه الآية في بداية السنة الرابعة من الهجرة حيث كان المسلمون أعزاءً أقوياء .
    ولم يلجأ المسلمون إلى الحرب أو الجهاد إلا لرد العدوان والتمكين من حرية التدين ومنع تعسف السلطة الظالمة الحاكمة من استعمال المسلمين حقهم في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام في أنحاء الأرض بدليل قبول المعاهدات والصلح على دفع الجزية وتخيير العدو بين ذلك وبين الاحتكام إلى القتال .
    ولم يمنع النَّـبِيّ صلى الله عليه وسلم يهوديًّا من دخول النصرانيَّة ولا نصرانيًّا من الدخول في اليهوديَّة ، وكان علي عهد النَّـبِيّ صلى الله عليه وسلم أبناء للأنصار دخلوا في اليهودية ، كما رواه ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ( 2 ) : كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مِقْلَاتًا ( 3 ) فَتَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا لَا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ } .
    قال صاحب ( معالم التنزيل ) ( 4 ) : فقال النَّبِـي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : « قد خير أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فأجلوهم معهم » .
    وأخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال ( 5 ) : نزلت { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ِ} في رجل من الأنصار من بنى سالم يقال له : الحصين كان له ابنان نصرانيَّان وكان هو مسلمًا فقال للنّبِـي صلى الله عليه وسلم : ألا استكرهما فإنَّهما قد أبيا إلا النصرانية ، فأنزل الله الآية .
    وفي رواية أنه حاول إكراههما فاختصما إلى النَّبِـي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أيدخل بعضى النار وأنا أنظر؟ فنزلت الآية فخلاهما .
    ولم يمنع النَّبِـي صلى الله عليه وسلم وثنيًّا دخل في دين أهل الكتاب بل ولا يهوديًّا تنصر أو نصرانيًّا تَهَوَّدَ أو مجوسيًّا دخل في التهوُّد والتنصُّر ، بل جمهور الفقهاء يُقِرُّوَنُه على ذلك كما هو مذهب مالك وأبِي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه .
    وما أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم نصارى نجران يدل على ذلك أيضًا فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال َ( 6 ) : ( صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ نَجْرَانَ ..... عَلَى أَنْ لَا تُهْدَمَ لَهُمْ بَيْعَةٌ وَلَا يُخْرَجَ لَهُمْ قَسٌّ وَلَا يُفْتَنُوا عَنْ دِينِهِمْ مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا ..... ) .
    ---------------------------------
    ( 1 ) سيد قطب ، فى ظلال القرآن : 1/ 291.
    ( 2 ) ( صحيح ) : انفرد به أبو داود 2682، صحيح سنن أبى داود 3/58.
    ( 3 ) قَالَ أَبُو دَاوُد : الْمِقْلَاتُ الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ .
    ( 4 ) تفسير البغوى : 1/ 314.
    ( 5 ) تفسير الطبري : 3/ 14.
    ( 6 ) ( ضعيف ) : انفرد به أبو داود 3041، ضعيف سنن أبى داود 3/167.
    moneim
    رد مع اقتباس  
     

  3. #27  
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    وكان المحور الثالث ؛ الذى استند إليه الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ، فى رده لهذه الشبهة هو : { أنه لم تعرف عصور الإسلام أنَّ المسلمين أكرهوا ذميًّا على ترك دينه } .
    والكفر رأس الظلم ، فلا يتوهمن أحد أن حمل الآية على التخيير وعدم الإكراه يشعر بإباحة الكفر أو الرضا به ، حاشا لله أن يكون هذا ، ولعل خوف هذا التوهم هو الذي حدا بكثير من المفسرين على حمل الآية على التهديد والوعيد ، حتى مثَّل علماء البلاغة للأمر الذي يراد به التهديد بهذه الآية ، فالآية بنصها تخيير ، ولكنه تخيير يستلزم تهديدًا ووعيدًا لا محالة في حال اختيار الكفر على الإيمان ، وهي نصوص صريحة في عدم الإكراه على الإسلام .
    وأما السُنَّة فقد جاءت مؤيدة لهذا المعنى : فعن بريدة قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ( 1 ) : « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ » ، وهكذا ترى أن النَّبِـي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالقتال إلا بعد أن تستنفد الوسائل السلمية ، وليس بعد استنفادها إلا أنهم قوم مفسدون أو يريدون الحرب ، و في هذا السياق فإن الجزية ليست للإرغام على الإسلام ، وإنما هي نظير حمايتهم وتأمينهم وتقديم شتى الخدمات لهم ، وليس أدل على هذا مما رواه البلاذري ( 2 ) : أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع ، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لواقعة اليرموك ، ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الجزية وقالوا : ( قد شُغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم ) فقال أهل حمص : ( لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم ، ولندفعن جند هرقل - مع أنه على دينهم - عن المدينة مع عاملكم ) ، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود .
    وقالوا : إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنا عليه ، وإلا فإنا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد .
    وقد يقول قائل فما تقول في حديث ابْنِ عُمَرَ( 3 ) : « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ » .
    قلنا : المراد بالحديث فئة خاصة ، وهم وثنيو العرب ، أما غيرهم من أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم على التخيير بين الأمور الثلاثة التي نص عليها الحديث .
    على أن بعض كبار الأئمة كمالك والأوزاعي ومن رأى رأيهما يرون أن حكم مشركي العرب كحكم غيرهم في التخيير بين الثلاثة : الإسلام ، أو الجزية ، أو القتال ، واستدلوا أيضًا بالحديث السابق .
    وإذا نظرنا بعين الإنصاف إلى الذين حملوا حديث المقاتلة على وثنيي العرب ، لا نجدهم جافوا الحق والعدل ، فهؤلاء الوثنيون الذين بقوا على شركهم لم يدعوا وسيلة من وسائل الصد عن الإسلام إلا فعلوها ، ثم هم أعرف الناس بصدق الرسول ، فهو عربي من أنفسهم والقرآن عربي بلغتهم ، فالحق بالنسبة إليهم واضح ظاهر ، فلم يبق إلا أنهم متعنتون معوِّقون لركب الإيمان والعدل والحضارة عن التقدم .
    هذا إلى أن الشرك مذهب فاسد ، والمذاهب الفاسدة تحارب ويحارب دعاتها بكل الوسائل ، من قتل أو نفي أو سجن ، وهذا أمر مقرر في القديم والحديث . وها هي دول الحضارة اليوم في سبيل سلامتها ، بل وفي سبيل إرضاء نزواتها وأهوائها تزهق الآلاف من الأرواح ، ويغمض الناظرون أعينهم عن هذا ولا يعترض المعترضون ، فهل هذا حلال لهم ، حرام على غيرهم ؟!.
    فالإسلام حينما لم يقبل من مشركي العرب المحاربين إلا الإسلام بعد ما تبين لهم الحق ، وأصبحوا قلة تعتنق مذهبًا فاسدًا بجانب الكثرة الكاثرة من العرب التي أسلمت طواعية واختيارًا لم يكن متجنيًا ولا ظالمًا ، فالحديث كيفما فهمناه لا ينهض دليلًا للمفترين على الإسلام .
    ويرد هذه الفرية ويقتلعها من أساسها ما التزمه الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته من التسامح مع أناس أُسروا وهم على شركهم ، فلم يلجئهم على الإسلام ، بل تركهم واختيارهم .
    فقد أسر سيد بني حنيفة - ثُمامة بن أثال - فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه وأكرمه ، وأبقاه عنده ثلاثة أيام ، وكان في كل يوم يعرض عليه الإسلام عرضًا كريمًا فيأبى ويقول : إن تسأل مالًا تُعطه ، وإن تقتل تقتل ذا دمٍ ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، فما كان من النَّبِـي صلى الله عليه وسلم إلا أن أطلق سراحه .
    ولقد استرقت قلب ثمامة هذه السماحة الفائقة ، وهذه المعاملة الكريمة ، فذهب واغتسل ، ثم عاد إلى النَّبِـي صلى الله عليه وسلم مسلمًا مختارًا ، وقال له : ( يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ َّ) ( 4 ).
    وقد سُر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه سرورًا عظيمًا ، فقد أسلم بإسلامه كثير من قومه ، ولم يقف أثر هذا التسامح في المعاملة عند إسلام ثمامة وقومه بل كانت له آثار بعيدة المدى في تاريخ الدعوة الإسلامية ، فقد ذهب مكة معتمرًا ، فهمَّ أهلها أن يؤذوه ولكنهم ذكروا حاجتهم إلى حبوب اليمامة ، فآلى على نفسه أن لا يرسل لقريش شيئًا من الحبوب حتى يؤمنوا ، فجهدوا جهدًا شديدًا فلم يرَوا بُدًّا من الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم ( 5 ) .
    ترى ماذا كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ؟ أيدع ثمامة حتى يلجئهم بسبب منع الحبوب عنهم إلى الإيمان ؟ لا ، لقد عاملهم بما عرف عنه من التسامح ، وأن لا إكراه في الدين ، فكتب إلى ثمامة أن يخلِّي بينهم وبين حبوب اليمامة ، ففعل ، فما رأيكم أيها المفترون ؟ .
    ولما فتح النَّبِـي صلى الله عليه وسلم مكة ودخلها ظافرًا منتصرًا كان صفوان بن أمية ممن أهدرت دماؤهم ؛ لشدة عداوتهم للإسلام ، والتأليب على المسلمين ، فاختفى وأراد أن يذهب ليلقي بنفسه في البحر ، فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي وقال : يا نبي الله ، إن صفوان سيد قومه ، وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمِّنه ، فأعطاه عمامته ، فأخذها عمير حتى إذا لقي صفوان قال له : ( فداك أبي وأمي ، جئتك من عند أفضل الناس وأبر الناس ، وأحلم الناس ، وخير الناس ، وهو ابن عمك ، وعزه عزك ، وشرفه شرفك ، وملكه ملكك ) فقال صفوان : إني أخافه على نفسي ، فقال عمير : هو أحلم من ذلك وأكرم ، وأراه علامة الأمان و هي العمامة ؛ فقبل برده ، فرجع إلى رسول الله فقال : إن هذا يزعم أنك أمنتني ، فقال النَّبِـي :" صدق " . فقال صفوان : أمهلني بالخيار شهرين ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بل أربعة أشهر ) ، ثم أسلم بعد وحسن إسلامه ( 6 ) .
    فهل بعد هذه الحجج الدامغة يتقوَّل متقوِّل على الإسلام زاعمًا أنه قام على السيف والإكراه ؟!.
    ----------------------------
    ( 1) ( صحيح ) : أحمد 22469، مسلم 1731، أبو داود 2612، الترمذى 1408، ابن ماجة 2858.
    ( 2 ) فتوح البلدان 129.
    ( 3 ) ( صحيح ) : البخارى 25، مسلم 22، أبو داود 1556، الترمذى 2609، النسائى 2443، أحمد 68.
    ( 4 ) ( صحيح ) : البخارى 462، مسلم 1764، أبو داود 2679، النسائى 189، أحمد 9523.
    ( 5 ) راجع قصة إسلامة ، ابن كثير البداية والنهاية 5/45، ابن هشام السيرة النبوية 6/35
    ( 6 ) راجع قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ، ابن كثير البداية والنهاية 4/306، ابن هشام السيرة النبوية 3/213.
    moneim
    رد مع اقتباس  
     

  4. #28  
    كاتب الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    سوريا دمشق
    العمر
    38
    المشاركات
    829
    مقالات المدونة
    3
    معدل تقييم المستوى
    15
    وإذا نظرنا بعين الإنصاف إلى الذين حملوا حديث المقاتلة على وثنيي العرب ، لا نجدهم جافوا الحق والعدل ، فهؤلاء الوثنيون الذين بقوا على شركهم لم يدعوا وسيلة من وسائل الصد عن الإسلام إلا فعلوها ، ثم هم أعرف الناس بصدق الرسول ، فهو عربي من أنفسهم والقرآن عربي بلغتهم ، فالحق بالنسبة إليهم واضح ظاهر ، فلم يبق إلا أنهم متعنتون معوِّقون لركب الإيمان والعدل والحضارة عن التقدم .

    جزاك الله كل خير......
    فهذا المعنى على غاية في الروعة للحديث .............. فهؤلاء المشركون ليسوا مشركين فحسب ........... بل هم الأعداء الذين لا يتركون وسيلة لمحاربة الإسلام إلا يفعلونها ............. و هنا ينبغي ربط الحديث بظرفه التاريخي .............. و بصراحة أنا أتوقف كثيراً عند قوله عليه الصلاة و السلام (أمرت) مع أنه في أحاديثه الأخرى عادة لا يستعمل أسلوب المتكلم المفرد في الأوامر، بل يستعمل صيغة الجمع المخاطب و الجمع المتكلم .......... أرجو أن تصححوا لي إن رأيتم في كلامي خطأ ...... و الرسول عليه الصلاة و السلام قبل الجزية من مجوس هجر كما في صحيح البخاري ......... و كما يقول ابن القيم و ليس دين المجوس بخير من دين مشركي العرب ، بل هو أشنع ، فهؤلاء يعبدون النار ، أما أولئك فيعبدون الله و يجعلون له شركاء ....... على كل لست أهلاً للكلام في هذا و ما أقوله ليس إلا تصورات أرجو تصحيحها منكم إن لمستم فيها أخطاء ............. و كل الشكر و المودة لكم

    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله نفاخ ; 27/05/2010 الساعة 02:40 PM
    ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
    إمام الأدب العربي (الرافعي)
    رد مع اقتباس  
     

  5. #29  
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    وعن المحور الرابع والأخير الذى اعتمده الأستاذ عماد حسن أبوالعينين ؛ فى دحضه لفرية انتشار الإسلام بالسيف قال : ثم { إن من أُكره على شيء لا يلبث أن يتحلل منه إذا وجد الفرصة سانحة له } بل ويصبح حربًا على هذا الذي أكره عليه ، ولكن التاريخ الصادق يكذب هذا ، فنحن نعلم أن العرب - إلا شرذمة تسور الشيطان عليها - ثبتوا على ما تركهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحملوا الرسالة ، وبلَّغوا الأمانة كأحسن ما يكون البلاغ إلى الناس كافة ، ولم يزالوا يكافحون ويجاهدون في سبيل تأمين الدعوة وإزالة العوائق من طريقها حتى بلغت ما بلغ الليل والنهار في أقل من قرن من الزمان ، ومن يطَّلع على ما صنعه العرب في حروبهم وفتوحاتهم لا يسعه إلا أن يجزم بأن هؤلاء الذين باعوا أنفسهم رخيصة لله .
    ثم ما رأي هؤلاء المفترين على الإسلام في حالة المسلمين لمَّا ذهبت ريحهم ، وانقسمت دولتهم الكبرى إلى دويلات ، وصاروا شيعًا وأحزابًا وتعرضوا لمحن كثيرة في تاريخهم الطويل كمحنة التتار ، والصليبيين في القديم ، ودول الاستعمار في الحديث ، وكل محنة من هذه المحن كانت كافية للمُكرَّهين على الإسلام أن يتحللوا منه ويرتدوا عنه ، فأين هم الذين ارتدوا عنه ؟ أخبرونا يا أصحاب العقول !!.
    إن الإحصائيات الرسمية لتدل على أن عدد المسلمين في ازدياد على الرغم من كل ما نالهم من اضطهاد وما تعرضوا له من عوامل الإغراء ، وقد خرجوا من هذه المحن بفضل إسلامهم وهم أصلب عودًا وأقوى عزيمة على استرداد مجدهم التليد وعزتهم الموروثة .
    بل ما رأي هؤلاء في الدول التي لم يدخلها مسلم مجاهد بسيفه ؟ وإنما انتشر فيها الإسلام بوساطة العلماء والتجار والبحّارة كأندونيسيا ، والصين ، وبعض أقطار إفريقيا ، وأوروبا وأمريكا ، فهل جرَّد المسلمون جيوشًا أرغمت هؤلاء على الإسلام ؟ ألا فليسألوا أحرار الفكر الذين أسلموا من أوروبا وغيرها ، وسيجدون عندهم النبأ اليقين .
    لقد انتشر الإسلام في هذه الأقطار بسماحته ، وقربه من العقول والقلوب ، وها نحن نرى كل يوم من يدخل في الإسلام ، وذلك على قلة ما يقوم به المسلمون من تعريف بالإسلام ، ولو كنا نجرد للتعريف به عشر معشار ما يبذله الغربيون من جهد ومال لا يحصى في سبيل التبشير بدينهم وحضارتهم ، لدخل في الإسلام ألوف الألوف في كل عام ، ولن ترى - إن شاء الله - من يحل عروة الإسلام من عنقه أبدًا مهما أنفقوا في سبيل دعاياتهم التبشرية ، وبعثاتهم التعليمية والتنصيرية "( 1 ) .
    " ومن أعظم الردود فى هذا المضمار لغة الأرقام والحصر ؛ فالذى يحصى عدد حروب الرسول صلى الله عليه وسلم فسيجدها عشرين ؛ ما بين سرية وغزوة وبعث ، على مدار عشر سنوات هى عمر الدعوة فى المدينة ، وسيجد أن عدد القتلى من الجانبين ؛ المسلمين والمشركين لا يتعدى 386 قتيلاً !! ، وهذا العدد لا يتعدى قتلى حوادث المرور فى قرية صغيرة فى أمريكا خلال شهر أو شهرين .
    فى حين كان عدد القتلى بين طائفتين فى الديانة المسيحية ؛ وهما الكاثوليك والبروتستانت فى أوربا فى القرون الوسطى وعلى مدى قرنين من الزمان بلغ عشرة ملايين طبقًا لإحصاء فولتير !! " ( 2 ) .
    فأى حديث بعد حديث الأرقام والواقع يمكن أن يقال ؟!!
    ----------------------------------
    ( 1 ) د/ منقذ السقار ، موقع www/haridy.com فى 25/12/2001.
    ( 2 ) هذا الإحصاء مستفاد من د/ محمد عمارة .
    moneim
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مقال: ردود على شبهات وتصحيح لأفكار ومسارات حول (المرأة المسلمة وحجابها )
    بواسطة خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25/12/2010, 02:35 PM
  2. ردود على شبهات وتصحيح لأفكار ومسارات حول (المرأة المسلمة وحجابها )
    بواسطة خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28/11/2010, 05:11 PM
  3. شتلات حب مني ولي !!!
    بواسطة قرنفلة الجبل في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 90
    آخر مشاركة: 10/08/2009, 08:04 PM
  4. الشفاعة في الإسلام.
    بواسطة ابو مريم في المنتدى إسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09/07/2007, 01:32 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •