هؤلاء ملكوا مفتاح النجاح



بالأمس تلقيت الحكمة والموعظة من أستاذ لي أجله وأحترمه -تجاوز السبعين من عمره –فقال لي:
لم أتوقف عن دراساتي وبحوثي بالرغم من نصيحة الأطباء أن أخلد للراحة بعضا من الوقت ؛ يا أمينة ابنتي خذيها مني نصيحة واعملي بها ولا تترددي ..
مادام القلب ينبض أرى من واجبي أن أتابع ما أنا بصدده ، وسأعمل جاهدا على نشر ما علّمني إيّاه ربي لئلا ينقطع عملي بعد أن ألقى وجه الله ربي عملا بحديث معلم البشرية جمعاء نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :

« إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له » ..

حينها قررت أن أعود لسير العظماء والعلماء والمفكرين من أجدادنا الذين ملكوا مفتاح النجاح وعرفوا غايتهم ومقصدهم ، فأجمع على هذه الصفحة المباركة بعضا من أقوالهم لننهل مواعظ الحكم والكنوز من مدارسهم ، ونعرف كيف وصل هؤلاء الرجال العظام لغاياتهم ..
فرأيت روحي تهفو إلى زمن الدولة الأموية لأدخل بلاط الملك والخليفة العادل أشج بني أمية الذي ناطح السحاب بقوة إيمانه ، وتربع على عرش الدنيا بعدله وإنصافه وقد امتدت أجزاء دولته من حدود الصين شرقا إلى أبواب باريس غربا , ومن حدود سيبيريا شمالا إلى محيط الهند جنوبا جمع منها أموال الزكاة ولم يجد مسكينا بحاجة إليها ...
إنه
الخليفة عمر بن عبد العزيز
تاقت نفسه لمعالي الأمور ولم يرض إلا أن يضعها في أسمى المنازل وأقصى الغايات ما دام يملك أدوات حلمه التي ازدانت بمفاتيح الصدق والإخلاص وعلو العزائم والهمم ...
ومن أجمل ماقاله الأميرالعادل :


"خُلِقَت لي نفسٌ توّاقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلمّا نِلتُها تاقَت إلى الخلافة، فلمّا نِلتُها تاقت إلى الجنّة". (1)



وهبه الله نفسا توّاقة عرفت كيف تملك مفتاح النجاح :

كان جبارا في قدراته ، واثقا من نفسه ، متوازنا في حياته ،صادقا مخلصا لم يخنع ويستسلم إلا لله ربه خالقه ، أورثه الله خصائص أصحاب الهمم والمكارم فكان أعجوبة من أعاجيب الملوك الذين كان لهم الفضل الكبير في تقدم الممالك والأمم ليدّكر الغافلون ،ويشمرّ عن ساعدهم المقصرّون ،ويحسن النظر إلى سير هؤلاء المتبصرّون وكما قاله الله في كتابه العزيز :
{لمثل هذا فليعمل العاملون}
[الصافات61]
(1) المدهش لابن الجوزي /228