حديث الأنا عن صباهـــا .. خليـــد خريبش ...

[أبو شامة المغربي]

حديث الأنا عن صباها
حديث
خليد خريبش
إذا ما دعونا الأخ الكريم خليد إلى أن يحدثنا بما يستطيعه من إسهاب عن الصبي خليد، فيا ترى ما عساه يحدثنا به عن ذاك الصبي؟

الصبي
خليد خريبش
يتحدث إلى أهل المربد الكرام

في انتظار الحديث


د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com

[خليد خريبش]

كتب هذا النص في صيف2007.
وأنا جالس ألعب بالتراب والأحجار، أتحرك،أتزحزح ببطء من مكان إلى مكان.أجلس قرب جدتي التي تمسح جبينها ضاغطة عليه كي تخفف من ألم الرأس الذي يصاحبها منذ مدة،تتأمل ضريح سيدي أحمد العزيز،تتذكر معاركها مع جيرانها،خصلة الشعر التي انتزعت من شعرها بالقوة،نضالها من أجل الدفاع عن أراضي زوجها الذي فقدته في وقت مبكر،تجاوزاتها،تحت التراب سيأخذ كل ذي حق حقه،تضببت رؤيتها بفعل ارتفاع الضغط الدموي،امرأة حديدية تتأمل الضريح تظن أن الناس سيحاسبون في ذلك الضريح عندما يموتون جميعا،لذلك يذهب النساء لإنارته بالشموع،ربما كي يجاملنه،يذهبن في بعض الأحيان للتخلص من آلامهن وتخليص أبنائهن من بعض الأمراض،الألم والموت والمرض والحساب والضريح والعراك والصراع وتتضبب رؤيتها... وتقول:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
سأكبر يا جدتي سأشتري سيارة،شاحنة،آلة حصاد،ستركبين بجانبي ...
وتبتسم كي تعود من إغفاءتها وشرودها ،أنت ولدي،الله يرضي عليك يا ولدي.
وتمر الأيام...
زارت الديار الفرنسية، أكملت جدتي بقية حياتها في الدار البيضاء ،سقطت ضحية شلل نصفي لتقضي نحبها وتدفن في الضريح الذي تأملته مليا،الملقب بمول الطربوش الأحمر.
بما أن جدتي ماتت فلا داعي لتحقيق الأحلام التي وعدت بها،كما أنها غير قابلة للتحقيق،لقد غيرت الخطة صرت أحلم أن أصبح عالم رياضيات بعدما أعجبت بها وبرعت فيها بعض الشيء،لكني تخاذلت في السنة الأخيرة من شهادة الباكلوريا،فتبخر هذا الحلم كذلك.
وتغيرت الأحوال لنغرم بالسياسة ،بالواقع،بالمهمشين،بالاشتراكية،المهدي بن بركة،الواقعية،محمد شكري،وقصة محمد زفزاف ليلة القبض على الذئب الفضي التي مازالت حية في ذاكرتي ونهيم في أطياف التغيير منتشين بسيجارة "ماركيز"،ويبدو التغيير وتقدم الوطن سهل المنال بين العينين.أقلد الزعماء في نظراتهم، في حركاتهم،نقرأ سيرهم ونتبادل أفكارهم ونستفيض في جدالنا حولهم.
قلت لمرافقي:سأحصل على شهادة الدكتورة وأقول كلمتي.
قال مرافقي:لن يتحقق هذا الحلم كذلك، ستذوب طموحاتك مع مرور الزمن .
ويتقدم قطار الحياة ببطء...
وتتآكل الصدور
وتتلاشى الأحلام
بقيت أشلاء منها على أوراق ضائعة
كتبت بريشة جريح
وراء قضبان وهمية
أحلام...
ذابت في دواة الزمن
محيت بكف عفريت
اغتصبت في غفلة موحشة
بقيت آثارها عالقة في الأذهان
شدرة كحل تساقطت
من يد ناعمة
على صفحة بيضاء
امرأة جميلة
تتجمل لماض ضائع
تزيح الستار عن وجهها
وفاة الزمن الجريح تقترب
تؤول مخمصة الألم نحو غرفة مظلمة
تتمزق الجثة
بين الرهبة والعقل المفقود
ومشنقة الحياة
متى نتخلص من قيود الماضي؟
ونطير دون
التفاتة إلى الوراء
و يمر الوقت
نأسى
ولانحن إلى الزمن الضائع.

[أبو شامة المغربي]