حوار مع الشاعر حكمة أسعد

[طارق شفيق حقي]

حكمة أسعد: المشاريع الشعرية الجماعية لا تغيب ولكنها بحاجة إلى دعم المؤسسات الرسمية والخاصة

رسم بالكلمات
الأثنين 12-4-2010م
حوار: صلاح الحسن

حكمة شافي الأسعد, شاعر من مواليد تدمر 22/2/ 1979, معيد في الأدب الجاهلي في جامعة الفرات، نال شهادة الماجستير عن بحثه المعنون «بالأنسنة في شعر الجاهلية».

ويحضّر للدكتوراه. حازت مجموعته «كهف الموتى» المركز الثاني في مسابقة دار سعاد الصباح في دورة عام 2006 / 2007 , وحازت مجموعته «جمع تكسير الأصابع» المركز الثاني في جائزة الشارقة للإبداع الأدبي لهذا العام 2009, شارك في مهرجان خريف صلالة على هامش احتفالات السلطنة ب «مسقط عاصمة الثقافية العربية», شارك في ملتقى الشباب العربي في السودان في احتفالات «الخرطوم عاصمة الثقافة العربية» ونال المركز الأول. فاز بكثير من الجوائز داخل سورية، مثل: مسابقات اتحاد الكتاب في حمص، رابطة الخريجين الجامعيين في حمص، مسابقة ربيع الأدب الأول، مسابقة عكاظ... وشارك بالعديد من المهرجانات. أعد ملف «شعراء العقد الأول من الألفية الثالثة في سورية» المنشور إلكترونياً. ساهم مع بعض شعراء جيله بإطلاق موقع «منازل الشعراء» الالكتروني. مع حكمة دار هذا الحوار:‏‏

‏

- أنت تسلك في قصيدة الشطرين مسلكاً فنياً جديداًً, ما مدى اقتناعك بهذه التجربة إن كانت كذلك, وما رأيك في التشابه والتقاطع الكبيرين بين القصائد التي كتبت في الآونة الأخيرة, وهل يصدق فيها قول أحد النقاد في صفحة الرسم بالكلمات في أحد الأعداد السابقة أنها حائرة فيما تقول؟.‏‏

-- لو لم أكن مقتنعاً بها لما اشتغلت عليها، لكنني بدأت أنظر إليها بشكل مختلف الآن، بسبب ميولها إلى الحيرة واللعب الفني واللغوي أكثر من قدرتها على التماسك، أصبحت أنتقد بعض ما يكتب في هذا الاتجاه، علماً أنني أراه أكثر ما يُكتب إدهاشاً، لكن حيرتها تدفعني إلى تبسيطه، ومن الجدير قوله: إن هذه القصيدة تطورت على يد ثلاثة من الشباب: محمد علي الخضور، وحكمت جمعة، وحكمة شافي الأسعد؛ المخيف في الأمر أنها أصبحت نمطا تقليدياً عند جيل الشباب بسرعة مدهشة، لذلك هي بحاجة ماسة للتقييم النقدي، أخشى أن تكون مجرد ظاهرة، لكنها للأمانة غيّرت في تيار واسع من هذا الجيل مقابل تيار آخر غير معني بخصائصها إنما عنايته بلغةٍ يومية أقرب إلى المحكية، تتحرّر من كل شيء.‏‏

- ما رأيك بحداثة الفن الشعري وأقصد حداثة الشكل واللغة وضياع الموقف؟.‏‏

-- هذا السؤال مرتبط بالسؤال السابق، فقصيدة الشطرين الجديدة بدأت تُعنى بالشكل واللغة وأضاعت الموقف، وأنا أنفر الآن من هذا النمط، أحاول أن أوحِّد المعنى وأجعله على درجة من الوضوح وإن كان ذلك على حساب الشكل، ولكن عليَّ أن أحافظ على بهاءٍ شكليٍّ عالٍ إن استطعت.‏‏

-نجح نصك النثري «تأويل الشارع» في تجاوز اليومي وبلوغ حالة من الشفافية واللغة الرمزية العالية, هل هذا ردة فعل على ما يكتب وينشر في المجاميع الشعرية وصفحات الجرائد التي وجدت كل إمكاناتها الفنية في الحديث عن اليومي الذي يصل أحياناً إلى حد الابتذال؟.‏‏

-- معك حق، هو هذا؛ ما يُنشر اليوم من يوميات لا تخلو من ابتذال بحجة النثر والتجاوز والاقتراب من الشارع، لكن أين الأدب فيما يُكتب؛ كلام لا فن فيه، كلام لا شعر فيه، كثير من كُتَّابه الشباب لا يعرفون الأوزان، ولا يعترفون بأي كتابة أُخرى، ويتسلقون على الصحافة؛ المشكلة الحقيقية في غياب الرقابة الفنية، غياب النقد، اليومي جميل، لكن بحدود الفن، وليس خارجه، نص تأويل الشارع حاول أن يقوم بردة فعل، حاول أن يكون دستورا لي عندما أقرر أن أدخل النثر بشكل جدّيّ.‏‏

- حكمة المشغول بالموت وهدم المدن ماذا لو حدث (مع ملاحظة أنك في شعرك تستخدم لو كثيراً) كل ذلك؟ هل ستكتب شعراً عن الحياة أم يكفي أن تقول (مع ملاحظة أنك تستخدم الفعل يكفي كثيراَ أيضاً): قلت لكم عن الموت والخراب واكتفيت.‏‏

--لا بد أن أفرح بتحقق نبوءتي عن الموت والخراب، وطبعا سأكتب عن الحياة، وهذا موجود في قصيدة «رؤيا عمريت» فهي المهدمة في الواقع، أحييتها في القصيدة، تذكر؟‏‏

(تعقيب: نعم أذكر وأذكر أنه في كل دعوة للهدم هناك نسق مضمر يدعو للبناء ربما يجده القارئ في بعض الأنقاض التي تركتها في قصائدك.. وهذا طبيعي وشعري أيضاً.)‏‏

- هل غابت المشاريع الشعرية الجماعية والفردية وما هو مستقبل قصيدة التفعيلة, وهل فقدت حقاً قدرتها على الاستمرار؟‏‏

-- المشاريع لا تغيب، لكن كيف تستمر إذا لم تُرعَ من قبل جهات رسمية أو خاصة! ولا تنسَ أن الحياة أهم من المشاريع الثقافية، لذلك يهرب الشباب من الالتزام بالمشاريع الثقافية إلى عمل الطيور في تلقيط رزق الحياة؛ وهناك هواجس عند بعض الأدباء عن أن الفردية هي التي تجعلك أديباً مختلفاً، وهناك من يهرب عند أول هبة يأس. للأسف قصيدة التفعيلة متشابهة في كل شيء، وخصوصاً بحالة النواح المتشائم، لكنها لن تفقد قدرتها على الاستمرار، وستعود في ظروف فنية ونقدية أفضل، هي الآن في وقت لا يساعدها على التغيير، وخصوصاً أن كثيراً من كُتَّابها بدؤوا يتخلون عنها، والجيل الشاب يهاجمها بما يشبه الحقد.‏‏

- في البيان الشعري الذي قدمته مع أصدقائك وكان الدستور والمنهج الذي قام عليه منتدى منازل الشعراء, ثم كان أن انهار المنتدى, هل دفعك ذلك لإجراء مراجعات حول ما أصدرتموه وما أنجزتموه على أرض المنازل.‏‏

-- أنت تعرف أن المنازل لم تنهر بسبب خلافات أو تراجعات أو أي مشاكل أُخرى، لكنه انهار بسبب تقني, أظنها مسألة وقت ويعود للوجود. إذا كان علي مراجعة شيء ما فسيكون ذلك مع الآخرين، وربما علينا التخفيف من حدّة البيان قليلا.‏‏

- غبت أنت وكثير من شعراء جيلك عن تظاهرة دمشق عاصمة الثقافة العربية مع أنك شاركت في الخرطوم وصلالة في تظاهرتين ثقافيتين عربيتين؟‏‏

-- لا تذكّرني، كنت أتوقّع هذا الغياب، وكتبت عنه قبل أن تبدأ الاحتفالية، وقلت وقتها إنني شاركت في الخرطوم عاصمة للثقافة ومسقط عاصمة للثقافة وأتوقع ألا ينتبه إلي أحد في دمشق عاصمة للثقافة، على كلٍّ هذا الأمر أصبح من الماضي، لكن هل سيتغير شيء في القريب؟.‏‏

- تعرضت إحدى قصائدك للنقد في هذه الصفحة ما رأيك بما ينشر من قراءات وكيف يمكن الاستفادة من هذه التجربة؟‏‏

-- ستختصر علي مقالاً كنت أنوي كتابته للصفحة؛ الزميلة مشرفة الصفحة مجتهدة، وتحب التنويع وفتح مجال للشباب، حيث فرصهم قليلة، وربما أرادت تطوير القدرة الإبداعية عند الشباب فاستعانت بنقاد لتقييم وتقويم ما يُنشر، لكن هذا العمل القائم على حسن النية أدى إلى تحفّظ بعض الشباب، لأن أغلب من ينشر هنا هم من أصحاب التجارب، ولهم إصدارات، وعند نقد نصوصهم سيفرحون، لكنهم يريدون نقداً منهجياً معمقاً، يتناسب مع كتاباتهم، وليس تلميحا يشبه التعليقات في صفحات الهواة في سائر الجرائد، هذه التعليقات جعل الصفحة تبدأ بالرجوع عن أسبقيتها إلى التشابه مع صفحات أخر ومن ثم بدأ بعض الشباب لا ينشرون هنا، طبعا لسوزان رأيها وأنا أنقل لها رأي الآخرين على بساط أحمدي حمصي، وما قلته عن محبة لهذه الصفحة وليس نقداً.‏‏





عن جريدة الثورة السورية