صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 24 من 32

الموضوع: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي ...

  1. #13 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي السادس
    ما هي العناوين التي بقيت راسخة في ذهنك إلى اليوم بعد القراءة؟ ويا ترى ما سر رسوخها في الذهن؟


    1- نهج البلاغة بنسخة الكاتب محمد عبده
    2- البؤساء فيكتور هيجو
    3-احدب نوتردام
    4-ديوان ابو القاسم الشابي
    5-العبرات للمنفلوطي
    6-ديوان وسيرة المتنبي
    7-كتابات نازك الملائكة ولميعة عباس عمارة
    8-لافتات للشاعر احمد مطر
    أما سبب رسوخها لاأعرف عل أنها اول كتب أقرأها لانها كانت متيسرة تحت اليد في مكتبة الوالد رحمه الله
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  2. #14 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي السابع
    هل يقوم العنوان مقام النص الشعري والنثري المكتوب؟


    لاشك ياسيدي الكريم ولو رجعنا الى أصل كل كتابة في أي موضوع لقسمناها الى:
    أ-العنوان
    ب-التمهيد او المقدمة او الاستهلال
    ج-الغاية
    د-الديباجة او المتن وهو جوهر الموضوع الذي يتناول القضية بأسهاب
    ه-الخاتمة او الخلاصة في بعض الكتابات
    و-الأهداء ان وجد
    من هنا تأتي قيمة العنوان في النص الأدبي على أختلاف أشكاله كرسائل أو نثر أو شعر أو خطابة
    فللعنوان مقام مهم وذو قيمة كبيرة للقاريء في تبيان مايحتويه النص ومايهدف اليه وعلى الكتاب مهمة شاقة وهي كيف يستطيع أن يجمل كل مافي كتابته ببضع كلمات كي يوحي للقاريء ماهية الكتابة.
    التعديل الأخير تم بواسطة عباس الدليمي ; 29/07/2009 الساعة 07:18 PM
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  3. #15 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    أستأذنكم أستاذي الفاضل
    ولي عودة بأذن الله لبقية الاسئلة
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  4. 29/07/2009, 07:14 PM


  5. #16 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    أتابع هذا الحوار الجميل

    وأشكر الدكتور عبد الفتاح أفكوح مدير اللقاءت المربدية على حسن انتقاءه
    لولا أني أجد أن تجميع هذه اللقاءت في وقت واحد ساهم في بعدنا عنها
    وإلا لكانت الأسئلة قد تقاطرت وحمي وطيس الحوار

    بكل الأحوال الشكر موصول
    رد مع اقتباس  
     

  6. #17 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    شكراً لكم أستاذ طارق شفيق للمرور ولكلماتك
    وأحمد الله ان الحوارات مجتمعه ...
    تلافياً للمشاكل التي ستخلفها في البيت!!!!
    لوقتها الطويل.... لولا حنكة الدكتور أفكوح جزاه الله منا كل خير
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  7. #18 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي الثامن
    ما القيمة الأدبية والنقدية التي تنطوي عليها اللوحة أو الصورة الملتقطة بآلة التصوير مقارنة بالمشاهد الكامنة في قلب الأعمال الأدبية الشعرية والنثرية؟
    ج:يؤكد النقاد المعاصرون على قيمة الصورة في حياتنا الأدبية المعاصرة بأنها تمثل القائد الخفي لحراك الثقافة، وقد كشف الناقد صالح أبو إصبع عن أهمية الصورة المعاصرة وخطورتها بقوله: "من سمات عصرنا الراهن بأنه: عصر الصورة، مما يعني هيمنة الصورة وسيادتها لتكون إحدى أدواته المعرفية والثقافية والاقتصادية.. ولا يعني هذا الوصف أن الصورة أمرٌ مستجد في التاريخ الإنساني، وإنما يعني تحولها من الهامش إلى المركز، ومن الحضور الجزئي إلى موقع الهيمنة والسيادة على غيرها من العناصر والأدوات الثقافية.
    وفي ظل العولمة التي توظف إمكانيات الصورة بطريقة محكمة، فقد منح التطور المذهل في عالم التكنولوجيا ووسائل الاتصال الصورة فرصة نادرة للانتشار والصدارة، حتى غدا الإنسان المعاصر يعيش في غابة من الصور، بما في تلك الغابة من تنوع ووظائف خيرة أو شريرة. الصورة "لغة جديدة" تعلو كل اللغات البشرية، تتظاهر بالحياد وأحياناً أخرى تشف عن رسائلها بغموض أو وضوح، وهي لكل هذا محتاجة للتأمل والبحث بوصفها حقلاً جديداً من حقول البحث العابر للتخصصات وباعتبارها صناعة تسيطر على قطاع واسع من مجالات العلم والمعرفة والفن والترفيه والأدب..


    الصورة الفنية الكامنة عند القدماء والمحدثين

    تحتل الصورة مكانة مهمة في الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية القديمة من حيث مجال البحث والاهتمام بتحديد ماهيتها ووظيفتها في العمل الأدبي
    ومن هذه المكانة لها لابد من إعطاء موجز مبسوط من خلال هذا المدخل نتعرف من خلاله على المحاولات الأولى لدراسة الصورة في النقد العربي القديم والحديث , اذ حفلت مصادرنا النقدية والبلاغية القديمة بومضات مشرقة يتضح من خلالها الجهد العربي المبدع الذي لم يغفل هذا الموضوع.
    وان كان النقاد القدامى لم ينهضوا بمفهوم الصورة في المجال الاصطلاحي الدقيق , ولم يخرجوا بها عن مدلولها اللغوي , ولم يتبلور عندهم بعدها النقدي الاصيل باستثناء عبد القاهر الجرجاني الذي ابتدع لنا في استعمال الصورة دلالة اصطلاحية جديدة.
    اذن فالجذور العربية لدراسة الصورة متوافرة وليست مفقودة وان اختلفت وتفاوتت درجة الاهتمام بين اشارات ولمحات بسيطة وعابرة وبين ادراك ووعي عميق لطبيعة الصورة واثرها في النص الادبي مع اهتمام بالنواحي الفنية والجمالية فيها اضافة الى وقفاتهم عند (ماهية الصورة , ومكوناتها كالتشبيه وادواته وانواعه والاستعارة وانماطها)

    وهذا مايدحض ويفند المزاعم التي ترمي الادب العربي القديم بالفقر في صوره لانه حافل بالصورة الفنية في اتجاهها الاول , أي التي تحفل برسم المشاهد الطبيعية ووصفها وصفاً يلم بكل دقائقها وابعادها ..
    واشار الدكتور عبد الاله الصائغ في هذا الصدد الى (تفضيل ام جندب شعر علقمة غريم زوجها على شعر زوجها امرىء القيس , ولم يغب عيار الصورة عن النابغة الذبياني حين اعترض نصاً لحسان بن ثابت )
    ومع ماذكرنا من اهتمام نقدنا العربي بموضوع الصورة الا اننا نعترف بان هذا النقد قد عالجها معالجة تتناسب مع ظروفه التاريخية والحضارية , فاهتم كل الاهتمام بالتحليل البلاغي للصورة القرآنية , وتمييز انواعها وانماطها المجازية وركز في دراسة الصورة الفنية عند الشعراء الكبار امثال ابي تمام والبحتري وابن المعتز , وانتبه الى الآثارة اللافتة التي تحدثها الصورة في المتلقي , وقرن هذه الاثارة بنوع من اللذة , والتفت نوعاً ما الى الصلة الوثيقة بين الصورة والشعر , باعتبارها احدى خصائصه النوعية التي تميزه عن غيره

    ولعل من المفيد ان نشير هنا قبل ان نستعرض جهود بعض النقاد والعلماء العرب في موضوع الصورة الى مسالة مهمة تتعلق بعدم تحديد هؤلاء العلماء الدقيق او ذكرهم الصريح للخيال واهميته في اعادة خلق الاشياء في صور فنية غير مألوفة لدى المتلقي , ولنا ان نلتمس لهم العذر في ذلك بسبب انشغالهم بقضايا استنفذت طاقاتهم وطبعت دراساتهم بطابع التجزئة , وكانت ثمة قضية اللفظ والمعنى وما يتصل بها من الاستفاضة في بيان خصائصها , وما بينهما من وشائج وروابط , وقضية الطبع والصنعة , وقضية الصدق والكذب

    وهذا لايعني عدم ادراكهم الواعي واحساسهم العميق بان وراء الصورة يقف عامل مهم يزيد فاعليتها ويقوي اجزائها وان لم يشيروا اليه صراحة . وسنعرض لبعض هذه الجهود ونظرة هؤلاء العلماء الى الصورة واولهم في هذا المضمار

    الجاحظ (ت 255هـ)
    لقد اشار ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت255هـ) الى الصورة من خلال نظرته
    التقويمية للشعر , والاشارة الى الخصائص التي تتوافر فيه فراى ان (المعاني مطروحة في الطريق يعرفها الاعجمي والعربي والبدوي والقروي والمدني , وانما الشأن في اقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء , وفي صحة الطبع وجودة السبك فانما الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير

    أذن في هذا النص قد تحدث الجاحظ عن التصوير الذي يعد من اقدم النصوص في هذا المجال , وبمثابة انه قد توصل الى اهمية جانب التجسيم واثره في اغناء الفكر بصور حسية قابلة للحركة والنمو, تعطي الشعر قيمة فنية وجمالية , لايمكن للمتلقي الاستغناء عنها , فحينما يكون الشعر جنساً من التصوير يعني هذا ( قدرته على اثارة صور بصرية في ذهن المتلقي , وهي فكرة تعد المدخل الاول او المقدمة الاولى للعلاقة بين التصوير والتقديم الحسي للمعنى )

    وقد افاد البلاغيون والنقاد العرب الذين جاءوا من بعد الجاحظ من فكرته في جانب التصوير (وحاولوا ان يصبوا اهتماماتهم على الصفات الحسية في التصوير الادبي واثره في ادراك المعنى وتمثله , وان اختلفت آرائهم وتفاوتت في درجاتها )
    ابو هلال العسكري (ت 395هـ)
    فنجد ابا هلال العسكري (ت 395هـ) قد اشار الى الصورة في موضوع الابانة عن حد البلاغة بقوله (والبلاغة كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه لتمكنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن, وانما جعلنا المعرض وقبول الصورة شرطاً في البلاغة لان الكلام اذا كانت عبارته رثة ومعرضه خلقاً لم يسم بليغاً وان كان مفهوم المعنى مكشوف المغزى) .
    وفي هذا النص اشارة من ابي هلال العسكري باهمية الصورة في النص الادبي وما يفعله ويتركه من اثر في قلب السامع , وهو بهذا يكون قد تأثر وافاد من فكر الجاحظ كغيره .
    واشار العسكري نص للعتابي عن المعني والالفاظ واثرها في افساد الصورة (الالفاظ اجساد والمعاني ارواح وانما نراها بعيون القلوب فاذا قدمت منها مؤخراً او اخرت منها مقدماً افسدت الصورة وغيرت المعنى)


    عبد القاهر الجرجاني (ت471 هــ)
    وعندما نتوقف عند الجرجاني (ت 471 هـ) نجد ان منهجه في دراسة الصورة هو منهج متميز عما سبقه من العلماء العرب على الرغم من افادته الكبيرة من جهودهم فقد افاض في حديثة عن الصورة في كتابيه "اسرار البلاغة" و"دلائل الاعجاز" فمن اشارته اليها قوله (ومن الفضيلة الجامعة فيها انها تبرز هذا البيان في صورة مستجدة تزيد قدره نبلاً , وتوجب له بعد الفضل فضلاً)
    ذكر ذلك وهو يتحدث عن الاستعارة المقيدة ثم نراه في نص آخر يربط الصورة بدوافع نفسية بالاضافة الى الخصائص الذوقية والحسية حيث تجتمع هذه الخصائص جميعاً عبر وشائج وصلات حية لتعطي الصورة شكلاًورونقاً وعمقاً مؤثراً لان (التمثيل اذا جاء في اعقاب المعاني او ابرزت هي باختصار في معرضه , ونقلت عن صورها الاصلية الى صورته كساها ابهة وكسبها منقبة , ورفع من اقدارها وشب من نارها وضاعف قواها في تحريك النفوس ودعا القلوب اليها واستثار لها اقاصي الافئدة صبابة وكلفاً , وقسر الطباع على ان تعطيها محبة وشغفاً)
    فعبد القاهر الجرجاني لم يهمل الاثر النفسي واهميته في تكوين وتشكيل الصورة فأتسام تحليلة العميق للخلق والابداع الشعريين على الذوق الفني المرهف وما تشيره مفردات البيان العربي او ضروبه الفنية من استجابة فنية في نفس متلقيها , فبدا البيان العربي عند قائماً على الذوق والتذوق
    ويبلغ الجرجاني ذروة إبداعه الفني والنقدي في دراسته للصورة حينما ينظر إليها نظرة متكاملة لاتقوم على اللفظ وحده او المعنى وحده بل انهما عنصران مكملان لبعضهما ما اذ يقول في ذلك (واعلم ان قولنا الصورة انما هو تمثيل وقياس لما نعلمه بعقولنا على الذي نراه بأبصارنا)
    ويرى احد الباحثين ان مفهوم مصطلح الصورة عند الجرجاني قد استقر على أركان ثلاث
    اولهما: تناول الصورة والتصوير في خضم البحث البلاغي

    وثانيهما : هضم معاني الصورة لغةً واصطلاحاً من شتى مصادرها الأصلية وربطها بالنظرية الأدبية العربية التي ترى ان القول صناعة في عملية خلقها وفي غايتها

    وثالثهما : يتلمس مصادر الصورة الأدبية ووسيلة خلقها ومعيار تقويمها في الواقع بابعاده الموروثة ومقوماته الحيوية
    فدراسة الصورة عند عبد القاهر هي دراسة متميزة ونظرته نظرة تغاير المفاهيم التي سبقت دراساته مما يحفزنا الى اعتداده الناقد الاول الذي بسط القول في الصورة مفهوماً واصطلاحاً

    فالتراث العربي قد عرف الصورة مصطلحاً ومفهوماً ولم يبخس حقها , وان اختلفت تسمياتها لدى النقاد والبلاغيين العرب القدامى
    وقد شغلت دراسة الصورة حيزا ًواسعاً ومهماً من اهتمامات النقد العربي الحديث واختلفت الاتجاهات بين ناقد متاثر بالتراث العربي , وبين آخر حاول الافادة مما درسه وتوصل اليه النقاد الغربيون بشأن الصورة واهميتها وعناصر تكوينها وبين هذا وذاك حاول نقاد آخرون ان يوفقوا في دراساتهم وبحوثهم في موضوع الصورة بين تراثنا الخالد وما خلفه لنا الاجداد من ارث نقدي وبلاغي على جانب كبير من الاهمية وبين الدراسة الجديدة والموضوعية عند الغرب ووقوفهم على مسائل مهمة لاغنى للباحث والدارس عنها ابداً
    فالنظريات النقدية القديمة والمعاصرة تؤكد(على الخصائص النوعية للادب باعتباره نشاطاً تخيلياً متميزاً من الانشطة الانسانية)
    ( ومن خلال هذا التأكيد يعمل النقد المعاصر على النفاذ الى نسيج العمل الشعري باعتباره بنية من العلاقات كشفت تفاعلها عن معنى القصيدة )
    وتبتغي اثراء المتلقي من خلال اسلوبها المميز(فظل الاهتمام قائماً مادام هناك شعراء يبدعون ونقاد يحـاولون تحليل ماابدعوه وادراكه والحـكم عليه)

    ومن خلال هذا المفهوم على التاكيد على الخصائص النوعية للآدب والنفاذ في نسيج العمل الشعري تظهر للناقد المعاصر اهمية الصورة وفهمها (فهي وسيلته التي يكشف بها القصيدة وموقف الشاعر من الواقع)
    والى مدى (قدرة الشاعر على تشكيل الصورة في نسق يحقق المتعة والخبرة لمن يتلقاها )
    اذن فالصورة هي الجوهر الثابت والدائم في الشعر , فهي تسير مع الشعر وهي خاضعة بتغير متى ما خضع الشعر في تغير مفاهيمه ونظرياته فهي بالتالي متغيرة في مفاهيمها ونظرياتها ايضاً وهذا الامر يعود الى الاهتمام بها , لانه ثمة ابداع في الشعر وهذا الابداع ناتج من ابداع الصورة على مدى تطور مفاهيم الشعر منذ القدم وحتى الوقت الحاضر
    على الرغم من التعريفات الكثير لها فان الصورة الفنية واحدة من مكونات هذا البناء في القصيدة بل لقد عرفها النقاد بانها (صورة كلية ) للقصيدة او انها تلك التركيبة اللغوية المتحققةمن امتزاج الشكل بالمضمون في سياق بياني خاص وحقيقي موح كاشف ومعبر عن جانب من جوانب التجرب الشعرية.
    فان قيمتها الحقيقية تتاتى من سياقها ضمن القصيدة , اذ تحمل دلالات غير محددة للكشف عن جوهر التجربة الابداعية فهي طريق خاصة من طرق التعبير او وجه من اوجه الدلالة تنحصر اهميتها فيما تحدثه في المعاني من خصوصية وتأثير , ولكن اياً كانت هذه الخصوصية , او ذاك التأثير(فان الصورة لن تغير من طبيعة المعنى في ذاته انها لاتغير الا من طريقة عرضه وكيفية تقديمه) .
    فهي كيان فني متميز قيم في ذاته وخارج ذاته , فالشعر لايكون شعراً كما نعتقد- من غير صور – فهو في جوهره نسيج صوري يترسم الشاعر ملامحه باللغة منها واليها معها وضدها , ولذا فكل معنى شعري هو صورة لامحاه وكل صورة هي موقف من العالم يتضح ويتوهج من خلال اللغة ,والمرآة لاتعكس الخصوصية والوجه الابداعي للشاعر فحسب , بل انها تحمل سمات المرحلة الشعرية التي يعد الشاعر جزءاً منها فابداع الشاعر في الصورة ليس قائماً على طبيعة الموضوع ونوعه وانما توازناً بين المجهول والمعلوم للوصول الى الدهشة المبتغاة او القيمة الفكرية المطلوبة حيث تنبق من احساس عميق وشعور مكثف يسعى الى ان يتجسد في تركيبة لغوية ذات نسق خاص .
    ويذهب بعض النقاد الى انها الصوغ اللساني المخصوص الذي بوساطته يجري تمثل المعاني تمثلاً جديداً ومبتكراً بما يحيلها الى صور مرئية معبرة, وذلك الصوغ المتميز والمتفرد هو في حقيقة الامر , عدول عن صيغ آحالية من القول الى صيغ ايحائية , تاخذ مدياتها التعبيرية في تضاعيف الخطاب الادبي , وماتثيره الصورة في حقل الادب يتصل بكيفيات التعبير لابماهياته , وهي تهدف الى تحويل غير الرئي من المعاني الى المحسوس , وتعويم الغائب الى ضرب من الحضور , ولكن بما يثير الاختلاف ويستدعي التاويل بقرينه او دليل , الامر الذي يغذي المعنى الادبي بفرادته المخصوصة لدى المتلقي , اذ تنحرف الالفاظ في التشكيل الصوري عن دلالاتها المعجمية الى دلالات خطابية صافية وجديدة , ومن ثم يمنح النص هويته التي تتجدد دائماً مع كل قراءة
    وبهذا نكون قد تعرفنا على ماهية الصورة الشعرية , وطبيعتها الفنية التي تضم حشداً فاعلاً من العناصر المؤثرة لكي تجعل منها تشكيلاً جمالياً (تستحضر فيه لغة الابداع الهيأة الحسية او الشعورية للاجسام او المعاني بصياغة جديدة تمليها قدرة الشاعر وتجربته على وفق تعادلية فنية بين طرفين هما المجاز والحقيقة دون ان يستبد طرف آخر) .
    ويعتبر التطبيق في النص الشعري(القصيدة) هو المحك في منح الفرصة لدراسة هذه الصور وتحليلها والتعرف على مواطن الابداع فيها, تلك الصور التي خلدت ذكر صاحبها بقصائد فهو مازال يطل علينا ابداعاً عن تراث عصراً مازال التاريخ يصفح به على مر الزمن .
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  8. #19 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي التاسع
    ما هو آخر كتاب، أو آخر مقال قرأته، وما هو تلخيصك لمحتواه بعبارات وجيزة؟

    ج: أخر كتابِ فرغت منه هو ديوان أيليا أبو ماضي (احد شعراء المهجر)وأعتذر منكم مقدماً للأيلاج المسهب في حياة وشعر هذا الرجل.

    أيليا أبو ماضي
    ـــــــــــــــــــــــ
    تاريخه
    ولد ايليا أبو الماضي في قرية المحدثة من قضاء المتن بلبنان ، وكانت مدرسة القرية أول بيت علم دخله ونال من علمه ما استطاع نيله ؛ وفي سنة 1902 حدثته نفسه بالهجرة إلى اميركة ، فترك قريته وتوجه أولا إلى الإسكندرية حيث كان له عم يتعاطى بيع السجاير .
    قال أبو الماضي في ذلك : (( وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجاير في النهار في متجر عمي ، وفي الليل كنت أدرس النحو و الصرف وتارة على نفسي ، وتارة في بعض الكتاتيب )) .
    وهكذا راح الفتى يحصل من العلم ما استطاع التحصيل ، إلى أن كانت سنة 1911 فأصدر ديوانه الأول بعنوان (( تذكار الماضي )).
    إلا أن الحياة في مصر لم تقدم له كل ما كان يصبو إليه ، وفي سنة 1912 يمم الولايات المتحدة التي جذبت الألوف من أبناء وطن ، واستقر في مدينة سنسناتي إلى جانب أخيه مراد يعمل في التجارة ويملأ أوقات فراغه بالدرس والمطالعة و نظم الشعر . وفي سنة 1916 انتقل إلى نيويورك وإلى حياة الصحافة والأدب ، فعهد إليه في تحرير ((المجلة العربية )) ، وفي سنة 1918 عهد إليه في تحرير مجلة ((مرآة الغرب )) لصاحبها نجيب دياب ، و في سنة 1929 أنشأ مجلة (( السمير )) وقد حولها سنة 1936 إلى جريدة يومية . وكان في سنة 1920 قد اشترك في تأسيس (( الرابطة القلمية )) وكان شاعرها الفذ الذي غزا صسته العالمين القديم والجديد . وفي سنة 1957 توفاه الله وهو لا يزال في أوج نشاطه الصحفي والشعري .


    أدبه
    لإيليا ماضي عدة دواوين شعر نشر منها في حياته (( تذكار الماضي )) {1911} ، و ((ديوان ايليا أبي الماضي )) {1918} ، و ((الجداول )) {1927} ، و ((الخمائل)) {1946} وبعد وفاته ، أي في سنة 1960 نشرت له دار العلم للملايين في بيروت ديوانه الأخير بعنوان ((تبر وتراب)) .


    شعر ايليا أبي ماضي
    تطور شعر أبي ماضي مع الزمن والبيئة ، فكان في مصر تقليداً للشعر القديم ، وجارياً على خطة شعر البار ودي وشوقي و حافط ، وعندما انتقل الشاعر إلى العالم الجديد ، وقد ازداد نضجاً وثقافة آفاق ، راح يواكب رفاقه في الرابطة القلمية ، ويقدم للعالم شعراً جديداً يعبر عن نفسية العصر وروحية البيئة . قال زهير مبرزا في مقدمة المجموعة التي أصدرتها دار اليقظة لشعر أبي ماضي : (( إذا نظرت في ديوانيه ( الجداول والخمائل ) فلن تجد المطالع الفخمة التي تذكرك بالمعلقات أو بلاميتي العرب والعجم وما اتصل بذلك . وإنما تجد لوناً جديداً ليس فيه إلا محاولة التعبير عن أفكار جديدة هي وليدة التي عاشها مع زملائه أعضاء الرابطة القلمية )) .
    فلسفة الحياة في شعر أبي ماضي : الحياة في نظر ايليا أبي الماضي سانحة من سوانح الوجود يجدر بالإنسان أن يغتنمها منفحاً على جمالها ومستمتعاً بما تقدمه له من نعمة ، وما توفره له من متعة :

    إن الحياة قصيدة أعمارنا أبياتها والموت فيها القافيه
    متع لحظك في النجوم وحسنها --------- فلسوف تمضي والكواكب باقيه

    وفي هذه الفلسفة التي تبدو مشرقة والتي تسمعها على ألسنة الكثيرين من الناس تلمس في أعماقها مأساة الوجود ، ويصعقك (( المضي )) الذي تنتهي إليه ، فهي فلسفة الموت تحت غطاء كثيف من الورود والابتسامة والتفاؤل ؛ وهكذا فأبو ماضي يحاول أن يخرج الإنسان من هاوية حقيقية الزوالية ، إلى أجور التفاؤلية التي تجعله يعيش غارقاً في جمالية الموجود .
    وقبل أن يعلن هذه الفلسفة عانى الشاعر ما يعانيه كل إنسان عندما ينظر بعمق إلى مصيره ، ولا شك أنه واجه في داخله الصراع الذي يقوم بين عوامل التشاؤم وعوامل التفاؤل ،ولا شك أنه تقلب بين هذه وتلك ، ورأى في آخر المطاف أن الاستسلام للتشاؤم مموت مبكر ، وأن العيش في أجواء التفاؤل إبعاد للملل واليأس والانتحار المعنوي .
    أما الحياة الاجتماعية في نظر ايليا أبو ماضي فهي حياة الواقع الإنساني التي يجب على الإنسان أن يلبسها كما هي ، فيقتنع بما تقدمه له ، ولا يطلب من الناس أكثر مما يستطيعون أن يعطوا ، على أن الشاعر يريد أن يعرف الناس أنهم جميعاً من طينة واحدة ، وان للجميع الحق في العيش ، وان التغطرس والجشع والظلم تجاوز للحدود الإنسانية ، وخروج على النظم الكوني ، وإساءة إلى الطبيعة التي وزعت الطاقات ومنهل السعادة على جميع الناس .
    والسعادة الحقيقية (( عنقاء )) وشبح وهمي ، فلا هي في الغنى ، ولا هي في المتعة ، ولا هي في ا شيء خارجي. إنها في رضى و الاقتناع بما قسم لكل واحد منا ؛ إنها انطواءة إلى سواه :


    فتشت جيب الفجر عنها والدجى ------ ومددت حتى للكواكب إصبعي
    ولكم دخلت إلى القصور مفتشاً -------- عنها وعجت بدارسات الأربع
    إن لاح طيف قلت يا عين انظري، ------- أو رن صوت قلت يا أذن اسمعي
    حتى إذا نشر القنوط صبابة ------------- فوقي فغيبني وغيب موضعي
    عصر الأسى روحي فسالت أدمعاً ----- فلمحتها ولمستها في أدمعي
    وعلمت حين العلم لا يجدي الفتى ----- أن التي ضيعتها كانت معي


    ومن أنجع عوامل السعادة الإنسانية في هذه الحياة أن يكون الإنسان ، في قناعته ، مصدر عطاء ، أي أن يشرك الناس فيما يرضاه لنفسه ، وأن يكون عطاؤه اندفاقاً ذاتياً كأنفاق الماء من الينبوع والنور من الشمس .
    وايليا أبو ماضي يقف من حقيقة الوجود ، في مصادره ومصايره ، وفي تركيبه ، موقفاً لا أدريا مشهوراً ، وقصيدته ((نضلاسم )) من أشهر ما دار على . فهو ، وإن مؤمناً وبعيداً عن الكفر ، لا يحجم قسمه عن بعض الفلتات التي لا من الشك والقلق العقائدي .

    ميزات شعر ايليا أبي ماضي
    تظهر في شعر أبي الماضي قوة الحياة متدفقة العاطفية ، فيشعر الناس على طبقاتهم ومذاهبهم وعلى تباعد أوطانهم ومشاربهم أنهم يرون فيه صورة عن نفسهم نوازعهم وآماهم وتفكيرهم .
    وأول ما يستلفت النظر هو أن أبا الماضي يسير في شعره نحو أهداف تنبع من المجتمع وتستمد قوتها وعمقها من صدق صاحبها وإخلاصه ، ومن اتصال وشغف بالطبيعة بحيث يأخذ مواضيعه وأمثلته وإهامه من نباتها وجمادها ، من أشواكها من مائها وسمائها ، ومن حيوانها وطيرها .
    ويصطبغ شعر أبي الماضي بالصبغة الفلسفية . هو يحب الحياة ويجب إلا ويصورها لهم نقية حلوة ويستهف سعادة المجتمع ، ويدعوه إلى تنقية الحياة من والأدران .
    أما أسلوبه الشعري فهو صاف رقراق كفقسه نقرأه بثغور مشرقة وقلوب والأمل . هو أسلوب البساطة والوضوح الذي يحمل أبعد معاني الحياة .
    والذي يزود شعر أبي الماضي بعناصر الحيوية والتأثير هو أن شعره ينبع من قلبه ما يقرب هذا الشعر إلى النفوس نواح ثلاثة : النزعة الإنسانية ، والدعوة إلى محبة واستلهام الطبيعة .
    وتعجبك عند أبي الماضي هذه الثورة التي تمزق الأقنعة المزيفة وتكشف للإنسان ذاته في عريها الجميل ، في براءتها وأصالتها ، في حقيقتها التي لا تعرف التشويه والخداع ؛ إنها عملية غوص على الجوهر المدفون تحت ستاءر الوهم والضياع ، إنها الدعوة الصادقة إلى الإعراض عن التوافه والتخلي عن بشاعة الغرور والادعاء ، للوقوف بنصاعة أمام مجهر الحقيقة ، أمام وجه الشمس التي تحرق بأشعتها كل البراقع ولا يكبر في عينيها إلا الذين طهرت نفوسهم وسمت عن لأدران الكذب والبغض والاستبداد .
    وأبي الماضي في محاولته الإنسانية ، قد لا يكون من الذين قبضوا على الرؤى البعيدة الكامنة في أعماق الإنسان ، ولكن استطاع ، بالجدل والاستفهام والخبر ، أن يجسد الفكرة التي رمى إليها ، وأن يكون مؤثراً ومقنعاً في آن واحد . فالأمثل التي عرضها والتأكيد على ضعف الإنسان وحقارته تشير إلى براعة أبي الماضي في استنفاد المعنى وتطويقه من كل جوانبه بحيث يسمي الغرض واضحاً والغاية مقيدة.
    يغلب على أسلوب أبي الماضي طابع الجمود ، فهو على متانة اللفظة وأصالتها ، لا يقبض على الكلمة ذات المضمون النغمي الذي يذيب النفس ويحملها في نشوة الذهول إلى عوالم السمفونيات الشعرية الخالدة . الكلمة عند أبي الماضي مقيدة بالمعنى شأن الكلمة العلمية ، إنه يكتب تعقاه لا بشروده وانخطافه ، يكتب بوعيه لاباغترابه خلف جدران الصمت والتجربة النفسية المزلزلة .
    شعر أبي الماضي يهز النفوس ويطربها ولكنه لا يترك فيها الجرح الذي تبغيه الأعمال الشرعية العظيمة ، ولا النشوة التي يعيشها القارئ في إيجاره خلف الصورة وغرقه في بحور الضوء والظل واللون والرموز .
    إنه يكثر من الاستفهام والجواب والنفي والنداء ملبياً بذلك حاجة مباشرة في النفس تزول حالما ينتهي وقعها .
    ومهما يكن من أمر يظل أبي الماضي من الرواد الذين فتحوا صدر الشعر لغير الغنائية الذاتية فورعوا فيه مواسم جديدة لموضوعات شعرية جديدة تتناول الإنسان ، في شتى صوره ، وتتناوله فكرة وجوهراً ، نفساً وعقلاً ، تطل عليه بغير المنظار الذي ألفناه وتعالجه بغير الرؤية التي قزمته.
    أبي الماضي الشاعر الإنساني واحد من القلائل الذين كان لهم شرف المحاولة في تطويع الشعر العربي للإغراض الإنسانية الكبيرة..
    عذراً للأطالة.
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  9. #20 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي العاشر
    هل بالفعل صار أدب الرواية ديوان العرب في العصر الحديث؟ أم أن الشعر ما يزال السيد في هذا الباب دون منازع أو منافس؟



    مقولة (الشعر ديوان العرب).. مقولة اختص بها الشعر ووقفت عليه دون غيره من أنواع الكتابات والإبداعات الأخرى فلماذا يريد الأخوة الروائيون الاستيلاء على هذه المقولة شكلاً ومعنى، واللغة العربية بين أيديهم بحر يتلاطم.. لماذا لا (يستنبط) الروائيون عبارة غير (ديوان العرب) التي هي عبارة خاصة بالشعر.. فقط دون غيره؟ ولماذا يريدونها (مطبوخة وجاهزة للسطو والاستيلاء)، هذا غير استقراء المفهوم العام لدى العقل العربي بأن كلمة (الديوان) لا تذهب، ولا تنصرف، ولا تُؤل إلاّ إلى الشعر.. فقط..
    ثم أن هذا العصر الذي يتوارى ويضمحل فيه الشعر الحق.. والشعراء الحقيقيون.. هو عصر (الشعر الأجوف، والمزيف، والفارغ، وشعر الشعراء السكارى الذين يهرفون كثيراً بما لا يعرفون أبداً) وهو، وهم.. من استسهلوا الكلمة الشعرية وبالتالي أخذ الأخوة الزملاء في الجانب الآخر من الشاطئ، وأقصد زملاء النثر (ينّطون) على (حائط الشعر والشعراء المعاصرين الذي بات منخفظاً.. فكانت مقولتهم المسروقة (الرواية - لا سمح الله - ديوان العرب)..
    وأخيراً، أختم هذه السطور بهذه المداخلة للشاعر (هاشم الهاشم) يقول: كان الشعر وما يزال فن العرب الأول بلا منازع. هذا الفن الذي يعتبر هاجس يعتمل في دواخلنا أو دهشة تعترينا من هذا الكون الفسيح، محاولاً سبر أغواره من منظور فلسفة الشاعر الخاصة وحسه المرهف ورؤيته لكينونة الأشياء وما ورائها. هذا الإرث الأدبي الضخم الذي توشح به تاريخنا العريق، لا يمكن أن يتنازل عن عرشه بهذه السهولة أمام بعض أشكال الأدب الأخرى. هذا الفن الذي أصبح سمة وسليقة في أنفسنا على مدى القرون الماضية، حتى قيل إن كل عربي شاعر وإن لم يكتب حرفاً. هذه المقولة وإن كانت تنطبق على شيء من المبالغة؛ إلاّ أن فيها الشيء الكثير من الحقيقة. لذلك يقع في مغالطة كبيرة من يدعي بأن الرواية قد سحبت البساط من تحت الشعر وأخذت مكانه. ذلك أننا نؤمن بأن قاعة الإحلال لا تنطبق على الأدب وأجناسه المختلفة، فكل جنس أدبي يؤدي دوره الخاص به وله مريدوه الذين يعتبرونه القالب الفني الذي يجدون فيه أنفسهم. وكل هذه القوالب المختلفة تصب في مسيرة تكامل الأدب وسمّوه بالإنسان.
    ربما تكون الرواية قد تصدرت المشهد الحالي؛ لاحتوائها على هامش كبير من الحرية والتنوع والانفتاح وقبول ما ترفضه الأجناس الأدبية الأخرى، لكن لا لأنها أقوى وأقدر على التعبير عما يختلج في صدورنا، بل لأن هذا زمنٌ انتهى فيه سادة الشعر وعمالقته ورواده الذين أبرزوه وأعطوه موقعه الحقيقي في الصدارة، وبرز أدعياء الشعر وعوام المثقفين أو أنصافهم أصحاب (النثائر المتشاعرة) على حد تعبير (القصيبي) حتى المتلقي يمل من هذه الرطانة والطنطنة، وهذه الصور الضبابية بل المعتمة حد الاستغلاق التي لا تمت لجوهر الشعر الحقيقي بصلة.
    لكن نقول كل هذه الطحالب لا تغري الناظر الذي إن حدق مليّاً سيجد الجوهر الحقيقي للشعر. والدنيا تدول
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  10. #21 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي العاشر
    هل بالفعل صار أدب الرواية ديوان العرب في العصر الحديث؟ أم أن الشعر ما يزال السيد في هذا الباب دون منازع أو منافس؟



    مقولة (الشعر ديوان العرب).. مقولة اختص بها الشعر ووقفت عليه دون غيره من أنواع الكتابات والإبداعات الأخرى فلماذا يريد الأخوة الروائيون الاستيلاء على هذه المقولة شكلاً ومعنى، واللغة العربية بين أيديهم بحر يتلاطم.. لماذا لا (يستنبط) الروائيون عبارة غير (ديوان العرب) التي هي عبارة خاصة بالشعر.. فقط دون غيره؟ ولماذا يريدونها (مطبوخة وجاهزة للسطو والاستيلاء)، هذا غير استقراء المفهوم العام لدى العقل العربي بأن كلمة (الديوان) لا تذهب، ولا تنصرف، ولا تُؤل إلاّ إلى الشعر.. فقط..
    ثم أن هذا العصر الذي يتوارى ويضمحل فيه الشعر الحق.. والشعراء الحقيقيون.. هو عصر (الشعر الأجوف، والمزيف، والفارغ، وشعر الشعراء السكارى الذين يهرفون كثيراً بما لا يعرفون أبداً) وهو، وهم.. من استسهلوا الكلمة الشعرية وبالتالي أخذ الأخوة الزملاء في الجانب الآخر من الشاطئ، وأقصد زملاء النثر (ينّطون) على (حائط الشعر والشعراء المعاصرين الذي بات منخفظاً.. فكانت مقولتهم المسروقة (الرواية - لا سمح الله - ديوان العرب)..
    كان الشعر وما يزال فن العرب الأول بلا منازع. هذا الفن الذي يعتبر هاجس يعتمل في دواخلنا أو دهشة تعترينا من هذا الكون الفسيح، محاولاً سبر أغواره من منظور فلسفة الشاعر الخاصة وحسه المرهف ورؤيته لكينونة الأشياء وما ورائها. هذا الإرث الأدبي الضخم الذي توشح به تاريخنا العريق، لا يمكن أن يتنازل عن عرشه بهذه السهولة أمام بعض أشكال الأدب الأخرى. هذا الفن الذي أصبح سمة وسليقة في أنفسنا على مدى القرون الماضية، حتى قيل إن كل عربي شاعر وإن لم يكتب حرفاً. هذه المقولة وإن كانت تنطبق على شيء من المبالغة؛ إلاّ أن فيها الشيء الكثير من الحقيقة. لذلك يقع في مغالطة كبيرة من يدعي بأن الرواية قد سحبت البساط من تحت الشعر وأخذت مكانه. ذلك أننا نؤمن بأن قاعة الإحلال لا تنطبق على الأدب وأجناسه المختلفة، فكل جنس أدبي يؤدي دوره الخاص به وله مريدوه الذين يعتبرونه القالب الفني الذي يجدون فيه أنفسهم. وكل هذه القوالب المختلفة تصب في مسيرة تكامل الأدب وسمّوه بالإنسان.
    ربما تكون الرواية قد تصدرت المشهد الحالي؛ لاحتوائها على هامش كبير من الحرية والتنوع والانفتاح وقبول ما ترفضه الأجناس الأدبية الأخرى، لكن لا لأنها أقوى وأقدر على التعبير عما يختلج في صدورنا، بل لأن هذا زمنٌ انتهى فيه سادة الشعر وعمالقته ورواده الذين أبرزوه وأعطوه موقعه الحقيقي في الصدارة، وبرز أدعياء الشعر وعوام المثقفين أو أنصافهم أصحاب (النثائر المتشاعرة) على حد تعبير (القصيبي) حتى المتلقي يمل من هذه الرطانة والطنطنة، وهذه الصور الضبابية بل المعتمة حد الاستغلاق التي لا تمت لجوهر الشعر الحقيقي بصلة.
    لكن نقول كل هذه الطحالب لا تغري الناظر الذي إن حدق مليّاً سيجد الجوهر الحقيقي للشعر. والدنيا تدول
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  11. #22 شكر وتقدير ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    رد مع اقتباس  
     

  12. #23 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18

    سؤالي الحادي عشر
    كيف تنظر إلى ضمير المتكلم "أنا" في الأعمال الأدبية شعرها ونثرها؟

    ج: يرد ضمير المفرد المتكلم منذ بداية الشعر العربي الى استعمالات بديلة ، وخاصة في مطلع القصائد:
    امرؤ القيس:
    ألا رب يوم لك منهن صالح ولاسيمـا يومـا بداره جلجـل
    ويوم دخلت خـدر عنيـزة فقالت: لك الويلات انك مرجلي
    الأعشى الأكبر:
    ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا؟
    علقمة:
    طحا بك قلب في الحسان طروب بعيد الشباب عصر حسان مشيب
    واستمر هذا التقليد الشعري في العصر الأموي والعباسي:
    أعشى همدان:
    طلبت الصبا إذ علاك المكبر وشــاب القــذال ومـا تقصـر
    أبو نواس:
    بادر صبوحك وأنعم أيها الرجل واعص الذين بجهل في الهوى عذلوا
    وقد ترسخ هذا الاستعمال حتى وجدنا امرأة شاعرة هي الخنساء، تعبر عن نفسها بضمير المذكر:
    قذي بعينك أم بالعيـن عـوارأم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
    وبعد بيت أو عدة أبيات يعود الشاعر إلى استعمال ضمير المتكلم استعمالاً أصوليا.فهل يكون عدول الشاعر عن ( أنا ) في مطالع القصائد محاولة منه لاعتباره ضميراً محايداً لا يقصد به شخص معين ؟ أم هي محاولة فنية ترمي إلى دمج الوعيين: وعي المرسل بوعي المتلقي؟
    (أنا) محول إلى (هو): يستعمل هذا الانزياح على أوسع مداه في رسم الصورة الذاتية سواء في الشعر أو النثر. وهو الضمير الذي يستخدمه الكتاب المحدثون في رواية سيرتهم الشخصية، فيروون أحداثها مستخدمين كلمة " الفتى " – طه حسين في الأيام أو " الصديق " – سامي الدهان في دروب الشوك .. ولا يمكن تحديد الوظيفة الإنشائية لهذا العدول منقطعاً عن الدور والوضعية للشاعر أو الكاتب.
    كثير عزة:
    سيهلك في الدنيا شفيق عليكم إذا غاله من حادث الدهر غائله
    ويخفي لكم حباً شديداً ورهبة وللناس أشغال وحبك شاغله
    كريم يميت السر حتى كأنه إذا حدثوه عن حديثك جاهله
    فالشاعر ينظر إلى تجربته مختفياً وراء " الآخر " لئلا يتناقل الناس اسمه أو يشيع حبه.
    العكوك:

    ذاد ورد الغي عن صـدره فارعوى واللهو من وطره
    وأبـت إلا الـوقـار لـه ضحكات الشيب في شعره
    ندمي أن الشبـاب مضـى لـم أبلغـه مـدى أشـره
    ذهبت أشيـاء كنـت لهـا صارفا حلمي إلى صـوره
    يبدأ الشاعر قصيدته بضمير الغائب ثم يضيق دائرة الرؤية فيتراجع تدريجياً إلى ضمير المتكلم. وهذه الفسحة الزمانية ضرورة أساسية للتأمل، وركيزة هامة للذكرى.
    سعد بن ناشب:

    عليكم بداري فاهدموها فإنها تراث كريم لا يخاف العواقبا
    إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ونكب عن ذكر العواقب جانبا
    هذه اللقطة التصويرية معاكسة للأولى، تبدأ بضمير المتكلم ثم تنفصل عنه لتصف وصفاً موضوعياً شخصية أخرى لها قسمات ثابتة قد يجهلها الأعداء ولكن الحديث عنها بضمير الغائب يوحي بقدمها ورسوخها.
    وقد يجمع الشاعر بين عدد من الضمائر المعدولة عن (أنا) ليرسم صورته كما يتخيلها وليس ضروريا أن يكون ذلك في مجال الفخر أو الغزل. كما في المثالين:
    أبو دلامة:

    ألا أبلغ إليـك أبا دلامـةفلست من الكرام ولا كرامه
    إذا لبس العمامة كان قردا وخنـزيرا إذا نزع العمامه
    إن دور الشاعر ووضعيته كمهرج في بلاط الخليفة سمحتا له بأن يهجو ذاته على اعتباره شخصاً آخر. وكأنه بذلك يحمي نفسه من الآخرين ويمنح لنفسه الحرية المطلقة في هجائهم والنيل منهم بعد أن بدأ بنفسه.
    قد تكون (الأنا) بؤرة لعدد من التحولات المعقدة. كما في قصيدة المتنبي:

    كل خصاله أرق من الخمر بقلب أقسى من الجلمود
    جمعت بين جسم (أحمد) والسقم، وبين الجفون والتسهيد أحمد هو أنا
    هـذه مهجتـي لديـك لجيتـي فانقصى من عذابها أو فزيدي
    أهل ما بي من الضنى ( بطل ) صيـد بتصفيـف طره وبجيد بطل هو أنا
    ولعلي مـؤمل بعـض ما أبلـغ باللطيف من عزيز حميد
    (سري) لباسـه خشـن القطـن ومروي مرو لبس القرود سري هو أناعش عزيزاً أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود
    فهذا البيت موجه إلى القارئ كما يراه الشراح . ولكن إذا وضعناه في سياقه التركيبي من القصيدة وجدناه موجهاً من " المرسل" إلى نفسه، ولا يصل إلى " المتلقى " ألا منقطعاً عن بقية الأبيات. وسنحاول إعادة كتابته:
    عش عزيزاً ( يا احمد ) أو مت وأنت كريم ( يا احمد )
    لا عش عزيزاً ( انا ) أو لا مت كريماً ( انا )
    هذه التحويلات كلها تقوم بوظيفة أساسية في قصيدة المتنبي هي تعظيم الذات التي بلغت من التضخم بحيث انفصلت عن حاملها واكتسبت وجوداً ذاتيا يدعوه الشاعر: أحمد أو بطل أو سري.


    (أنا) محولا إلى (نحن)- الوظيفة الأولى لإنتقال ضمير المتكلم بالمفرد إلى الجمع هي تعظيم الذات. ونعتقد أنه مقتصر على "الذات العلية" كما ورد في القرآن الكريم " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .. " ولم يستعمله الرسول (ص) أو الخلفاء الأوائل. والله عندما يتحدث عن ذاته يقول (نحن)، ولم ترد مخاطبة الناس له بضمير (أنتم) إلا في عصور متأخرة. ولا نعرف تاريخا محدداً لعودة العرب إلى استعمال ضمير المفرد بصيغة الجمع، لكن المؤكد ان هذا الاستعمال أصبح متداولاً في الشعر الأموي وشائعاً في العصر العباسي شعراً ونثراً:
    الحارث بن خالد (ت/ بعد 100هـ):
    ما ضركم لو قلتم سدادا إن المنية عاجل غدها

    ولها علينا نعمة سلفت لنا على الأيام نجحدها
    لو تمت أسباب نعمته اتمت بذلك عندنا يدها
    التعديل الأخير تم بواسطة عباس الدليمي ; 01/08/2009 الساعة 08:18 AM
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

  13. #24 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم عباس الدليمي .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عباس الدليمي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    951
    معدل تقييم المستوى
    18
    سؤالي الثاني عشر
    ما حظ الصبي عباس الدليمي من كتاباتك؟ وما هي تجلياته في سائر ما تقرأ من أدب؟

    ج: أعتبر أن حظ الصبي عباس الدليمي أوفر من غيره من أقرانه .حيث أنه الأبن الأصغر لأب يهوى الأدب والشعر ويقرأ كل ماتقع عليه يده من مكتبتة الوالد رحمة الله.
    وأيضا كانت هناك مغريات وهدايا لكل كتاب أقرأه حيث تتم مناقشة ماقرأت لأحصل على الهدية.
    ولاأخفيكم سراً وبعد هذا العمر وأنا في الأربعين أحن الى أيام الصبا .أيام البراءة والعاف .
    ولا زلت أحتفظ ببعض الخرابيش من عمر العاشرة وأتصفحها بين الحين والآخر وأتمتع جداً بقراءتها وكأني أعيش هاتيك الأيام.وأحيانا ألعب مع الصغار من أبناء أخوتي و
    أعيش تلك الفترة بكل تفاصيلها.
    ولي كتابات محتفظ بها ،،للحسن،، وبعض الكتب
    وأأمل أن يسير على نفس الخطى لي ولوالدي رغم توافقنا في حب الأدب ولكن لكل منا طريقه في الحياة .
    الوالد رحمة الله عليه كان في السلك العسكري وأنا الطب ولاأدري الحسن ماذا سيختار.
    ولا زال الصبي عباس الدليمي يحب ان يقرأ كل ماتقع عليه يده الا كتاب واحد
    لم أحصل عليه لحد الان .كان في مكتبة الوالد وفقد
    هو( ديوان العرائس)لشاعر بحريني لاأذكر اسمه في الثلاثينيات من القرن الماضي. كان من أروع الكتب التي قرأتها سابقاُ ولازلت أبحث عنه وأمني النفس بأن أجده.
    عراق الامل والحب
    عبـــاس الدليمـــــي
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. الكتاب المربدي لتكريم الأخ عباس الدليمي ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى الواحة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 18/09/2011, 10:18 PM
  2. لقاء حواري مع الأخ الكريم فتحي عوض ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02/05/2010, 09:51 AM
  3. لقاء حواري مع الأخ الكريم الناصري ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 14/08/2009, 06:49 AM
  4. لقاء حواري مع الأخ الكريم حسن الأفندي ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 50
    آخر مشاركة: 10/08/2009, 08:44 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •