الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف

[أبو شامة المغربي]

الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف

(الجزء الأول)

يحدثنا رسولنا الكريم .. محمد بن عبد الله .. عليه أفضل الصلاة والسلام قائلا:

أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، والخاتم، والعاقب الذي ليس بعده نبي، والمقفى، ونبي الرحمة والتوبة والملحمة، أنا أبو القاسم أقسم بينكم.
أنا عبد الله وخاتم النبيئين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم من ذلك دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت. أنا دعوة أبي إبراهيم، قال وهو يرفع القواعد من البيت: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم، أنا مضري.
إن جبريل ليخبرني أني رجل من مضر، أنا أعربكم، أنا من قريش، ولساني لسان بني سعد بن بكر، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا، ولا ندعى لغير أبينا.
خرجت من نكاح غير سفاح، رأت أمي حين وضعتني سطع منها نور أضاءت له قصور بصرى. قالت: ما شعرت أني حملت بولدي (محمد صلى الله عليه وسلم)، لأني ما وجدت له وحما ولا ثقلا كما تجد الحوامل، ولكني أنكرت انقطاع حيضتي، ولقد رأيت وأنا حامل به نورا أضاء له المشرق والمغرب حتى رأيت قصور بصرى من أرض الشام.
ففي الشهر الأول رأيت رجلا طويلا، فقال: أبشري، فقد حملت بسيد المرسلين، قلت له: من أنت؟ فقال: أبوه آدم، وفي الشهر الثاني قال: أبشري، فقد حملت بسيد الأولين والآخرين، فقلت له: من أنت؟ قال: شيث، وفي الشهر الثالث قال: أبشري، فقد حملت بالنبي الكريم، فقلت: من أنت؟ قال: نوح، وفي الشهر الرابع قال: أبشري، فقد حملت بالسيد الشريف والنبي العفيف، فقلت له: من أنت؟ قال: إدريس.
وفي الشهر الخامس قال: أبشري، فقد حملت بالنبي الهاشمي، فقلت له: من أنت؟ قال: هود، وفي الشهر السادس قال: أبشري، فقد حملت بالنبي الهاشمي، فقلت له: من أنت؟ قال: إبراهيم، وفي الشهر السابع قال: أبشري، فقد حملت بحبيب رب العالمين، فقلت له: من أنت؟ قال: إسماعيل، وفيه انشق إيوان كسرى، وسقط منه أربع عشرة شرافة، وفي الشهر الثامن قال: أبشري، فقد حملت بخاتم النبيئين، فقلت: من أنت؟ قال: موسى، وفيه خمدت نيران فارس، وفي الشهر التاسع قال: أبشري، فقد حملت بمحمد، فقلت له: من أنت؟ قال: عيسى، وفيه سقط التاج عن رأس كسرى.
فلما كانت ولادته، رأيت جماعة قد نزلوا من السماء ومعهم ثلاثة أعلام بيض، فركزوا علما على ظهر الكعبة، وعلما على سطح داري، وعلما على بيت المقدس، ودنت مني النجوم، حتى إني أقول: ليقعن علي، وامتلأت الدنيا نورا، وفتحت أبواب السماء، ثم عكفت على منزلي طيور كثيرة، مناقيرها من الزبرجد، وأجنحتها من الياقوت، ورأيت الديباج قد بسط بين السماء والأرض، ورأيت رجالا في الهواء بأيديهم أباريق الفضة بسلاسل الذهب، وكنت عطشانة، فشربت من أحدها، فبينما أنا أفكر في أمري، وقد ضاق من الوحدة صدري، إذ دخل علي جماعة من النساء لم أر أحسن منهن، معهن آسية امرأة فرعون، وكانت هي القابلة، وأضاء لي ما بين المشرق والمغرب، ثم اشتد بي الطلق، فرأيت طيرا عظيم الجثة، حسن الهيئة، فمسح بجناحيه على بطني، فوضعت ولدي محمدا مستقيما، ثم تكلم بكلام فصيح، وقال: الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الحمد لله رب العالمين.

لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية فترقبوها بإذن الله

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com

[أبو شامة المغربي]

الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف
(الجزء الثاني)

استرضعت في بني سعد بن بكر. حمزة بن عبد المطلب أخي في الرضاعة. كنت ألاعب أنيسة جارية من الأنصار على هذا الأطم، وكنت مع غلمان من أخوالي نطير طائرا كان يقع عليه.. ها هنا نزلت بي أمي، وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله بن عبد المطلب، وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار.
بينما كنت مع أخي في الرضاعة خلف بيوتنا نرعى الغنم، إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوء ثلجا، فأخذاني فشقا بطني، فاستخرجا منه علقة سوداء، فطرحاها، ثم غسلا بطني وقلبي بذلك الثلج حتى أنقياه، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنوني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته، فوزنوني بهم فوزنتهم، ثم قال: دعه فلو وزنته بأمته لوزنها، ثم ضموني إلى صدرهم، وقبلوا رأسي وما بين عيني، ثم قالوا: يا حبيب لا ترع، إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك.
إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا رجل يقول لرجل: أهو هو؟ قال: نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مسا، فقال أحدهما لصاحبه: اضجعه، فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، وقال أحدهما لصاحبه: أفلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقها فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له: أخرج الغل والحسد، فأخرج شيئا كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها، فقال له: أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج يشبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى، فقال: إغد واسلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير، ورحمة للكبير.

ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية فترقبوها

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com

[أبو شامة المغربي]

الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف
(الجزء الثالث)

إني كلما دنوت من صنم ..تمثل لي رجل أبيض، طويل يصيح بي: وراءك يا محمد لا تلمسه، لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان، كلنا قد تعرى، وأخذ بإزاره فجعله على رقبته، يحمل عليه الحجارة، فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر، إذ لكمني لاكم لا أراه لكمة وجيعة، ثم قال: شد عليك إزارك ..فأخذته علي، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي من بين أصحابي.هذا قبر أمي. سألت ربي الزيارة فأذن لي، وسألته الإستغفار فلم يأذن لي، فذكرتها فبكيت.

ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين، كل ذلك والله يحول بيني وبين ما أريد من ذلك، ثم ما هممت بسوء حتى أكرمني الله عز وجل برسالته: فإني قلت ليلة لغلام من قريش، كان يرعى معي بأعلى مكة: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة، فأسمر كما يسمر الشبان، فقال: إفعل، فخرجت أريد ذلك، حتى إذا جئت أول دار من دور مكة، سمعت عزفا بالدفوف والمزامير، فقلت: ما هذا؟ قالوا: فلان بن فلان تزوج بفلانة بنت فلان، فجلست أنظر إليهم، فضرب الله على أذني، فنمت، فما أيقظني إلا مس الشمس، فجئت صاحبي، فقال: ما فعلت؟ قلت: ما صنعت شيئا، ثم أخبرته الخبر، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، فقال: إفعل، فخرجت، فسمعت حين جئت مكة مثل ما سمعت حين دخلت مكة تلك الليلة، وجلست أنظر، فضرب الله على أذني، فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي، فأخبرته الخبر، ثم ما هممت بعدها بسوء حتى أكرمني الله عز وجل برسالته.

جاءني جبريل، وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: إقرأ. قلت: ما أقرأ؟ ما أنا بقارئ، فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: إقرأ. قلت: ماذا أقرأ؟ ما أنا بقارئ، فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: إقرأ. قلت: ماذا أقرأ؟ فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: إقرأ. فقلت: ماذا أقرأ؟ ما أنا بقارئ، ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي، فقال: " إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم "، فقرأتها، ثم انتهى وانصرف عني، وهببت من نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابا.
فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل، سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، فوقفت أنظر إليه، فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي، وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا أعلى مكة، ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرف عني، وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة، فجلست إلى فخدها مضيفا إليها، فقالت: يا أبا القاسم، أين كنت؟ فوالله قد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا أعلى مكة ورجعوا إلي، ثم حدثتها بالذي رأيت، فقالت: أبشر يا ابن عم واثبت، فوالذي نفس خديجة بيده، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.

جاورت في حراء، فلما قضيت جواري، هبطت فاستنبطت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فإذا هو جالس على عرش السماء والأرض، فأتيت خديجة، فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردا، وأنزل علي: " يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر".
ثم فتر عني الوحي، فبينما أنا أمشي، سمعت صوتا من السماء، فرفعت بصري إلى السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض. بينما أنا قاعد ذات يوم، إذ دخل جبريل، فوكز بين كتفي، فقمت إلى شجرة فيها مثل وكري الطير، فقعد في واحدة وقعدت في أخرى، فسمت، فارتفعت حتى سدت الخافقين، ولو شئت أن أمس السماء لمسست، وأنا أقلب طرفي، فالتفت إلى جبريل، فإذا هو كأنه حلس لاطئ، فعرفت فضل علمه بالله، وفتح لي باب السماء، فرأيت النور الأعظم، ولط دوني الحجاب، رفرفه الدر والياقوت، ثم أوحى الله إلي ما شاء أن يوحي.
كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث.إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.قسم الله الأرض نصفين، فجعلني في خيرهما، ثم قسم النصف على ثلاثة، فكنت في خير ثلث منها، ثم اختار العرب من الناس، ثم اختار قريشا من العرب، ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم، ثم اختارني من بني عبد المطلب.
إن الله اختار العرب، فاختار منهم كنانة أو النضر بن كنانة، ثم اختار منهم قريشا، ثم اختار منهم بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم. أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله تعالى لما خلق بني آدم، جعلني في خيرهم أبا، وجعلهم فريقين، فجعلني في خير فرقة، ثم لما جعلهم قبائل جعلني في خيرهم قبيلة، ثم لما جعلهم بيوتا، جعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا.بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه.
كان الوحي يأتيني على نحوين: يأتيني به جبريل فيلقيه علي كما يلقي الرجل على الرجل، فذلك يتفلت مني، ويأتيني في شيء مثل صوت الجرس، حتى يخالط قلبي، فذك الذي لا يتفلت مني.

ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية فترقبوها بإذن الله تعالى

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com

[أبو شامة المغربي]

الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف
(الجزء الرابع)

أنا رسول الله إلى العباد، أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وأنزل علي الكتاب. إن الله قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين. أنا رسول من أدركت حيا ومن يولد بعدي. بعثت إلى الناس كافة، فإن لم يستجيبوا لي، فإلى العرب، فإن لم يستجيبوا لي، فإلى قريش، فإن لم يستجيبوا لي، فإلى بني هاشم، فإن لم يستجيبوا لي، فإلي وحدي، بي ختم النبيون.

بعثت على إثر ثمانية آلاف من الأنبياء، منهم أربعة آلاف نبي من بني إسرائيل. أنا رسول الله، بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله، ولا يشركوا به شيئا، وأنزل علي الكتاب. ما من الأنبياء إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة.

إني رسول الله إليكم: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تطيعوني لا آلوكم خيرا، وأن المصير إلى الله، إلى الجنة أو إلى النار، إقامة فلا ظعن، وخلود فلا موت، إن الله تعالى لم يبعثني معنفا، ولكن بعثنيمعلما ميسرا، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي، إني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.

إن وليي جبريل، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه. إني بعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط. جئت بالحنيفية دين إبراهيم. بعثت بالحنيفية السمحة. إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق. إني رحمة مهداة. بعثت لرفع قوم ووضع آخرين. أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحق، وحسابه على الله. أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل. إني لا أحل إلا ما أحل الله، ولا أحرم إلا ما حرم الله.

إن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي، والذي نفسي بيده، لو أصبح فيكم موسى عليه السلام، ثم اتبعتوه وتركتموني لضللتم. إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين. لو كان موسى وعيسى حيين، لما وسعهما إلا اتباعي.

كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد، حين أخذ مني الميثاق. إن الله تعالى أمرني أن آمركم أن تتقوا الله، وتقولوا قولا سديدا. أنا أعرف لله قدره وعظمته، وأجله الإجلال كله، ولكنني أرفق بكم وبسائر الأمة، أما والله لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنني أصوم وأفطر لأتقوى على الصوم، وأنام لأتقوى على القيام، تلك طريقتي وسنتي، فمن رغب عن سنتي، فليس مني.

المعرفة رأس مالي، والعقل أصل ديني، والحب أساسي، والشوق مركبي، والذكر أنيسي، والثقة كنزي، والحزن رفيقي، والعلم سلاحي، والصبر ردائي، والرضا غنيمتي، والفقر فخري، والزهد حرفتي، واليقينقوتي، والصدق شفيعي، والجهاد خلقي، وقرة عيني في الصلاة، وثمرة فؤادي في ذكر ربي، وغمي لأجل أمتي، وشوقي إلى ربي.

ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية فترقبوها بإذن الله تعالى

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com

[أبو شامة المغربي]

الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف

(الجزء الخامس)

ما بعث الله عز وجل نبيا إلا راعي الغنم .. وأنا رعيتها لأهل مكة بالقراريط، بعث موسى عليه السلام، وهو راعي غنم، وبعث داود عليه السلام، وهو راعي غنم، وبعثت وأنا أرعى غنم أهلي بأجياد. ما أحب أن لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النعم، وأني أغدر به، هاشم، وزهرة، وتيم تحالفوا أن يكونوا مع المظلوم ما بل بحر صوفة، ولو دعيت به لأجبت، وهو حلف الفضول.

إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا. إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر سحورنا، ونعجل إفطارنا، وأن نمسك أيماننا على شمائلنا في صلاتنا. ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء، كما يشتد علينا البلاء، كذلك يضاعف لنا الأجر، إذ كان النبي من أنبياء الله ليسلط عليه القمل حتى يقتله، وإذ كان النبي من أنبياء الله ليعرى، ما يجد شيئا يواري عورته إلا العباءة يدرعها.

أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد، ليس بيني وبينه نبي. بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار.

أنا زعيم لمن آمن بي وأسلم، وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة، وببيت في وسط الجنة... من فعل ذلك، فلم يدع للخير مطلبا، ولا من الشر مهربا، يموت حيث يشاء أن يموت. ما من أحد يسمع بي في هذه الأمة، ولا يهودي، ولا نصراني، ولا يؤمن بي إلا دخل النار.

أنا محمد النبي الأمي، ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكلم، وخواتمه، وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار، وحملة العرش، وتجوز بي، وعوفيت وعوفيت أمتي، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذهب بي، فعليكم بكتاب الله، أحلوا حلاله، وحرموا حرامه.

إن جبريل أتاني، فبشرني: إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله عز وجل شكرا. أتاني الملك فقال: يا محمد، أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول: إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا، قلت: بلى. من صلى علي صلاة واحدة، صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات. إن أبخل الناس من ذكرت عنه ولم يصل علي. أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.

أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا .. وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وكان يبعث النبي إلى قومه، وبعثت للناس كافة. أتاني جبريل فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قلت: الله أعلم، قال: إذا ذكرت ذكرت معي.

إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وإني أعطيت الكنزين: الأبيض والأحمر، وإني سألت ربي عز وجل أن لا يهلك أمتي بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا فيهلكهم بعامة، وأن لا يلبسهم شيعا، وان لا يذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد، وإني قد أعطيتك لأمتك: أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أإسلط عليهم عدوا ممن سواهم، فيهلكهم بعامة، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، وبعضهم يقتل بعضا، وبعضهم يسبي بعضا.

سألت ربي عز وجل ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألت ربي عز وجل أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا، فأعطانيها، وسألت ربي عز وجل أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا، فأعطانيها، وسألت ربي عز وجل أن لا يلبسنا شيعا، فمنعنيها.

دعوت ربي عز وجل أن يرفع عن أمتي أربعا، فرفع الله عنهم اثنتين، وأبى علي أن يرفع عنهم اثنتين: دعوت ربي أن يرفع الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعا، وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض، فرفع الله عنهم الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأبى الله أن يرفع اثنتين: القتل والهرج.

أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة.
أتاني جبريل فقال: يا محمد، إن الله لعن الخمر، وعاصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، وساقيها، ومسقيها.

ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية بإذن الله

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com

[طارق شفيق حقي]

سلام الله عليك أبو شامة
صلى الله على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

جميل جداً

حبذا لو ذكرت المصدر كذلك
تحياتي لك

[أبو شامة المغربي]

الرسول الكريم يتحدث عن نفسه الشريف
(الجزء السابع)

أتاني ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة، فقال: يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعديك. قال: هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: ربي لا أدري، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي، فتجلى لي كل شيء، فعلمت ما في السماوات والأرض، وما بين المشرق والمغرب، فقال: يا محمد، فقلت: لبيك وسعديك. قال: هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم، في الدرجات والكفارات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. قال: ثم فيم؟ قلت: إطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة بالليل والناس نيام، من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه،÷ وقال: يا محمد، إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبدك فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون.

رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه: إضرب له مثلا، فقال: إسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك مثل ملك اتخذ دارا، ثم بنى فيها بيتا، ثم جعل فيها مائدة، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول، ومنهم من تركه، فوالله هو الملك، والدار هي الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد الرسول، من اجابك يا محمد دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها.

أتيت فيما يرى النائم بمفاتيح الدنيا، ثم ذهب بنبيكم إلى خير مذهب. بينما أنا نائم أطوف بالكعبة، فإذا رجل آدم سبط الشعر، يهادي بين رجلين، ينطف رأسه ماء أو يهراق رأسه ماء، فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم، فذهبت، فإذا رجل أحمر جسيم، جعد الرأس، أعور عينه اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال، وأقرب الناس به شبها ابن قطين.

إني رأيت أني في درع حصينة، فأولتها المدينة، وأني مردف كبشا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أن سيفي ذا الفقار فل، فأولته فلا فيكم، ورأيت بقرا تذبح، فبقر والله خير، فبقر والله خير.

بينما أنا نائم، رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إلي في النام أن أنفخهما، فنفختهما، فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان بعدي، فكان أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة.

رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا، فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى، فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرا والله خير، فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد، وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر.

رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر.

بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن، فشربت منه حتى إني لأرى الري يخرج من أطرافي، فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب. رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي.
بينما أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص، فمنها ما بلغ الثدي، ومنها ما بلغ دون ذلك، وعرض علي عمر وعليه قميص اجتره.

رأيت ذات ليلة، فيما يرى النائم، كأنما في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب ابن طاب، فأولت الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب. أراني في المنام أتسوك بسواك، فجذبني رجلان، أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر.إن الشيطان لا يستطيع أن يتلبس بي، فمن رآني في النوم، فقد رآني.

ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية بإذن الله تعالى

مقتطفات من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام الواردة في كتب الأحاديث الستة المعشورة: صحيح البخاري.. صحيح مسلم .. سنن الترمذي .. سنن ابن ماجة .. سنن النسائي .. سنن أبي داود

. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com