النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: لقاء حواري مع الأخ الكريم علي الصيرفي ...

  1. #1 لقاء حواري مع الأخ الكريم علي الصيرفي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    *
    لقاء حواري مع الأخ الكريم
    علي الصيرفي


    *
    "... قال الرجل لقد تركه أخوته في الجب وهربوا، بكوا كثيراً في حضرة الأب وقصوا عليه قصة اختلقوها، عند الفجر مرت العير وانتشلتْ الولدَ الطيبَ، بين يدي امرأة جليلة طار بريقُ الصبي إلى قلبها فأحبته ودفعت ثمنه لأخوة تنكروا له، راحت القافلة وغاب الولد عن ناظر والده المفجوع بفقده ..."
    "قصة البلوطة وسر المغارة والرجل الجليل"
    علي الصيرفي

    *
    أحييك أخي الكريم في رحاب المربد المزهرة بكل حرف عربي أصيل ازدان بتحية الإسلام الخالدة ...
    بحروف من مسك وطيب أجدد لك التحية، وبكلمات من أريج وشذا أهدي إليك هذا اللقاء الحواري، وقبل أن أبسط هذا الجسر الثقافي التواصلي على هذه الصفحة المربدية المشرقة، أرى في ما أرى أن أستهل هذا المقام المعرفي بتمهيد تأملي، وبباقة تليه من ورودك النثرية ...

    بعد إهدائك حروف هذه الدعوة إلى هذا اللقاء الحواري، أستهل هذا المقام الحواري الأزهري بالبدء التالي:
    للحرف العربي العتيق نبض جميل
    لهذا الكائن اللغوي الحي أصوات، وأصداء، ونبر أصيل
    ثم كيف بألق الخيال؟ وكيف بطعم الواقع؟
    أحقا لن تفيد الكلمات المخطوطة والمسموعة في شيء يسير أو كثير؟
    وكيف بالإنسان إذ يسير في ركاب الحق والخير، وقد نأى بنفسه بعيدا عن الباطل
    والشر، وتبرأ من شرور أهوائه ومن متاهات العبث، ومن كل أمر هزيل؟
    ثم كيف بحال المرء إذ يسعى وحيدا في القيظ، يمشي ويمشي ثم يمشي غريباً لا يريد إلا الإصلاح ما استطاع إليه سبيلا، وينادي
    بكلماته وبأعلى صوته في قومه الرحيل الرحيل؟
    *

    وبعد ...
    يستطيع المرء أن يلاحظ في غير عناء ودون مشقة إقبالا، مثيرا للفضول العلمي، على كتابة الأقصوصة والقصة القصيرة، وهذا يبعث المرء على المبادرة إلى السؤال حول هذا المنحى التعبيري الجلي البارز:
    ترى هل الدافع الحقيقي إلى كتابة الأقصوصة والقصة القصيرة، يكمن في ما يسم هذه الكتابة القصصية من قصر الحجم، مما يوفر على القاص الإطالة والإسهاب وشديد العناء؟
    أم أن الاقصوصة والقصة القصيرة أدب ليس من اليسير أو الهين طرق بابه، وأن القليل القليل مما يتلقاه القارئ من هذا اللون الأدبي التعبيري، هو الذي يصل أدب القص والحكي بسبب من الأسباب، في حين أن أكثر ما تتم كتابته ليس من هذا الأدب في قليل أو كثير؟

    سؤال قبل الأسئلة
    إذا سأل أهل المربد الزاهر: من يكون علي الصيرفي جملة وتفصيلا؟ فبما عساك تجيبهم شعراً ونثراً؟
    سؤالي الأول
    ترى ما الباعث لك على كتابة القصة؟ وما الذي يشد اهتمامك فيها؟
    سؤالي الثاني
    كيف تنتقي عناوين قصصك؟ ومتى تثبت عنوان القصة، هل قبل كتابتها أم بعد الكتابة؟
    سؤالي الثالث
    ما هي في رأيك رسالة القاص ووظيفته الحقيقية؟ وكيف ترى علاقة القاص العربي بما ينثر من قصص؟
    سؤالي الرابع
    هل القصة موقوفة على النثر دون الشعر؟ أم أنها قد تتم كتابتها شعرا؟
    سؤالي الخامس
    ما نصيب القصة المكتوبة من بلاغة الواقع؟
    سؤالي السادس
    كيف ترى بداية القصة ونهايتها؟ هل ثمة من خيط رابط بينهما؟
    سؤالي السابع
    هل أدب القصة العربية ضرب من التعبير مستحدث بالفعل؟ أم أنه عتيق ويضرب بجذوره في الماضي؟
    سؤالي الثامن
    كيف ترى مسألتي الرمز والتعمية والغموض في كتابة القصة؟
    سؤالي التاسع
    هل يستطيع العنوان أن يقوم مقام متن القصة المكتوبة؟
    سؤالي العاشر
    ما حقيقة الصلة بين القصة وكاتبها ومتلقيها؟
    سؤالي الحادي عشر
    كيف تنظر إلى محتوى غلاف المجموعة القصصية المطبوعة؟
    سؤالي الثاني عشر
    ترى هل سبق أن قرأت بعض السير الذاتية القصصية العربية؟
    سؤالي الثالث عشر
    ما حظ الصبي علي الصيرفي من كتاباتك عموماً؟ وما عساها تكون آثاره وتجلياته في قصصك بوجه خاص؟
    سؤالي الرابع عشر
    ما الذي يعنيه فعل القص بالنسبة إليك؟ وما الذي يدل عليه في رأيك؟
    سؤالي الأخير
    هل ثمة من سؤال أو أسئلة ترقبت مني طرحها عليك، فلم أبسطها على هذه الصفحة؟ ما عساها تكون؟ وما هي إجاباتك عليها؟

    هذه جملة من الحروف الحوارية، عسى أن تبعث القارئ والقارئة الكريمين، وتحث كل باحث مهتم ودارس كريم على إعمال التفكير وتجديد التأمل في جملة من فضاءات الأدب القصصي، وحسبها أن تكون دافعا إلى طرق بعض الأبواب في رحاب تلقي ما ينبض به الحرف العربي من نبض حكائي، وعساها أخيرا تفضي بالمتلقين الأفاضل إلى إضاءات وإضافات تغني ثقافة أدب القصة.
    في انتظار إجاباتك مسهبة ومقتضبة
    حياك الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم علي الصيرفي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم علي الصيرفي ... 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    14
    معدل تقييم المستوى
    0
    علي الصيرفي كاتب وناقد


    : من سوريا العربية /مدينة (خالد بن الوليد الصحابي الجليل) حمص

    لست إلا عربياً من هذه المفازة الكبيرة ، الخارجة عن كل الحمولات المريبة حملت صمتي عبر السنوات التي غطى وجهي فيها وحل العرب اللزج ، الممزوج بأرواح المناضلين بكل ما يملكون ، أحمل إجازة في الأدب العربي ودبلوم أهلية التعليم الرسمي عملت في حقل التدريس والإدارة للمدارس الثانوية كتبت القصة القصيرة من بداية السبعينات وكتبت النقد بكل أنواعه أهم الكتب التي ألفتها :
    1 – النقد وتقنياته دراسة في القصة العربية والرواية دار التوحيدي للنشر حمص
    2- كتاب النقد ومفهوم النص دراسة نقدية في نقد النقد دار التوحيدي للنشر حمص
    3- كتاب صدى الأقلام دراسة نقدية في القصة العربية المعاصرة دار انانا للنشر دمشق
    4- كتاب منمنمات دراسة نقدية في الرواية العربية دار إنانا للنشر دمشق
    5- كتاب الفعل النقدي وإشكاليات الفكر المعرفي دراسة في نقد النقد دار إنانا للنشر دمشق
    5- الفعل الشعري وإشكاليات القصيدة العربية المعاصرة دار إنانا للنشر دمشق
    6- كتاب أيام فيما بعد دراسة نقدية في القصة العربية قيد الطبع
    7- مجموعة قصصية بعنوان " الحب وعناكب الزمن " قيد الطبع
    8 – رواية بعنوان "ساقية الري " قيد الطبع
    وهناك أعمال كثيرة في الكتابة الأدبية والنقدية

    عليٌ ليس إلا برعمٌ عطشٌ لرياض جنة في شام أجدادي
    ذقتُ الهوى بلبابِ معرفة ٍ راح المداد فداها رغم إقلالي
    لعل القصة في اللغة جاءت من كلمة ( قصَّ )بمعنى التتبع والاقتفاء وذلك وواضح بقوله سبحانه وتعالى في قصة موسى عليه السلام * وقالت لأخته قصيّه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون*"الآية 10" صدق الله العظيم سورة النمل
    ويعني ذلك اتبعي أثره ، فالقصة بهذا المعنى ملازمة للوجود البشري ومن خلالها يتم تحديد الفكر بوضوح عن طريق اللغة ، ومن المبالغة والضعف أن نتمكن من القيام بكتابة أي نوع من القص القصير أو القصير جداً دون فكر ولغة ، فأفكارنا وحكاياتنا غير المنطوقة توضع في كلمات وجمل ونراها في تفكيرنا التأملي الذي لا يحتاج إلى كلمات مباشرة بل هي تدور في اللاشعور ، فالصمت ليس يا صديقي إحجام عن الفكر والكلام بل المضي فيهما إلى أقصى مدى حتى ينقلبا إلى صمت ومع مضي الوقت نتكلم لنعبر ونقص ، فاللغة يبدو أنها ترتبط بالشخص وهي أن كل لغة هي لغة شخص ما ،فاللغة لا تأتي من فراغ ، وإنما هي تنبع من قلب إنسان ناطق ومتكلم واللغة دائماً موجهة إلى شخص ما، واللغة هي تحقيق الاتصال مع الآخرين ،فكانت القصة التي هي إصرار على البعد الشخصي، ووسيلة التواصل بين الناس، فالقصة عندما تحكى تجلب معها الموضوعات التي تتناولها، فتخلق العلاقة معها بالآخر فعندما يكتب القاص حكايته، يجعل اللغة ممكنة، وهي تتحول بدورها إلى السرد القصصي الذي هو لغة بحد ذاته، وهناك بالطبع استثناءات لذلك القص الذي ربما كان في موقع الرداءة والشك، لذلك كان لابد من التمازج مع ما يكتب، ومعرفة ما حصل في نفوسنا من فهم وإعجاب، فالمشاعر التي تأتي بالفهم تجعل التفكير في أعلى مراحله، ونحن نرى بأن القص إذا لم يحرك المشاعر، فمن المستحيل أن نقول بأن هناك قصاً .
    السؤال الأول : ترى ما الباعث لك على كتابة القصة ؟ وما الذي يشد اهتمامك فيها ؟
    الجواب :
    الباعث عندي على كتابة القصة ،إنها التعبير الحقيقي لما نعيشه في هذا العالم، وهي المرآة المتعددة الوجوه، والتي يرى فيها الناظر نفسه في أحد وجوهها، ويمكننا القول بأن القصة هي وجودنا في العالم، ومشاركتنا في أحداثه من خلال تفاعلنا وتأثيرنا فالقصة تهتم بالتحليل السردي للوجود من خلال اللغة، وتقوم على تداخل البيئة والزمن ،وهي تعني عالم الأشياء، لأن الإنسان يعيش في تفاعل مستمر مع غيره من الموجودات .
    ورداً على ما يشد اهتمامي فيها، هو إن القصة عالم كل يوم نقضي فيه وقتنا منشغلين بالاهتمامات العملية التي تجري، فتدفعنا نحو السرد القصصي ،فالقص يصف الأشياء المختلفة، ويحاول دراستها وتحليلها بموضوعية، يفتقر لها عالم الحياة العادية لذلك صارت القصة هي التي تحدد ضروب المفاهيم والمعايير، والحب والكراهية وتبين المفضلات، وتتيح لنا رؤية الأشياء على نحو ما هي عليه في ذاتها .
    السؤال الثاني كيف تنتقي عناوين قصصك ؟ ومتى تثبت عنوان القصة ،هل قبل كتابتها أم بعد الكتابة .
    الجواب :
    غالباً ما يكون العنوان بعد نهاية القصة، حيث يكون هو الجامع لكل خيوط القص والمعبر السردي الأهم لها، فعندما يكتب القاص قصته، يكون الحدث هو الشاغل له فيعمل على بنائه، ويظل يشتغل عليه حتى ينتهي من الكتابة، لذلك نجده يصل إلى العنوان من خلال الانشغال بالحكاية، حتى آخر كلمة فيها، فيقع عند ذلك اختياره للعنوان .
    السؤال الثالث : ما هي في رأيك رسالة القاص ووظيفته الحقيقية ؟ وكيف ترى علاقة القاص العربي بما ينثر من قصص؟
    الجواب :
    رسالة القاص وجدانية، تعمل من خلال مكونات المجتمع الذي تنبعث منه، فتتعرض لمشكلاته في كل المفاصل الإنسانية، فتحيى القصة دائماً بين المتغيرات والتحولات الاجتماعية فتسلط الأضواء عليها، فالقاص يفسر الواقع، ويساعد على حل مشكلاته وذلك من خلال تحليلها ووضعها في مكانها الصحيح، لذلك نرى القاص يحكي ما نكتم من أمورنا ونخفيها فنبصر الحقيقة ونراها في رؤية الكاتب، ومن هنا نجد استقبال القصة من خلال المتلقي إذا أحس بملامستها لما يعانيه، ويمر به ،فالقاص العربي عرف كيف يلامس وجدان الكائن الذي يحكي له ، فالسرد القصصي عند الأغلبية من كتابنا يوصلهم إلى درجة التوافق والتفاعل مع العقل المتلقي حيث أن القصة تمكنت من دخول جوانية الفرد وذاته ، وهذه الظاهرة تنتمي إلى تعقب جذور القدرة عند القاص على نثر ما يراه ضمن رؤيته الفلسفية وثقافته الفكرية .
    السؤال الرابع : هل القصة موقوفة على النثر دون الشعر ؟ أم أنها قد تتم كتابتها شعراً
    الجواب :
    من لي بقلب مساحاته صحراء ينتابه الألم سائراً فيها ظمآن
    القصة موقوفة للنثر لأنها من أعمدته الرخامية الصلبة ، يا من يبوح الزهر بين يديه ،بكل كلمات العشق ،ويدفع أشواك الصحراء ،أن تصبح حريراً ،أراهن أن الحب عندك هو الأكثر تقدماً ، والقصة هي الحب لهذا العالم المتهاوي نحو جرف كأنه لهيب نار ، هنا نرى القصة ترنو بكل جوارحها نحو النثر ، وتهفو بحب همس الشعر وغلالة الذوق في انتقاء البوح، فلم يتمكن الشعر من الابتعاد عن تفكير القاص بل ظل قريباً يضيء مصابيحه من أرض القصة المتشابكة التعاريج والشعاب ،لقد قص لنا امرؤ القيس حبه لابنة عمه عنيزة، وكيف سرق ملابسها وملابس الصبايا المرافقات لها ،وطلب منهن الخروج من الغدير عاريات، بقص ٍ شعري منقطع النظير، وكيف ذبح فرسه لهن، وقدم الشواء طعاماً ليكسب ودّهن ، لقد دخلت القصة في بناء القصيدة إلا إن الشعر بقي الممسك بزمام الشعرية الكتابية فبقيت القصيدة إطار القوة وصارت القصة سجينتها المرصوفة ضمن أبياتها، وبقيت التسمية "القصيدة الشعرية" ولم نقل القصة الشعرية .
    السؤال الخامس : ما نصيب القصة المكتوبة من بلاغة الواقع ؟
    الجواب:
    الواقع هو الصورة الحقيقية لما يجري، ولا تكتب القصة إلا من خلال الواقع بعد مرورها بالخيال المبدع والفكر المنظم ، فتنقلب الموضوعات فيها إلى صور وألوان وتداعيات، تحمل معها أحلامنا وقدراتنا المرئية وغير المرئية، فتصبح الأحلام وقائع َ ويتحول الخيال حقيقة، وتصحح الوجوه، وتتضح المعالم من خلال بلاغة الدقة في استخدام الواقع، وتحالفه مع سلامة تفكير القاص ورؤيته.
    السؤال السادس : كيف ترى بداية القصة ونهايتها ؟ هل ثمة من خيط رابط بينهما .
    الجواب :
    بداية القصة هي عملية تجاذب وانتقال وتوسع وتوترات ،فهي لا تلبث أن تجد مكانها وسط الكثير من المشكلات ،وهنا نجد القاص الماهر، ينتقل من البداية إلى تأسيس الحدث، والتواصل مع توتراته حتى اللحظة التي يشد الخيوط الترابطية بعقدة نهاية القصة، التي ترسم البؤرة المحرقية لمتن السرد في قطع الصورة الأخيرة التي تؤطر القصة .
    السؤال السابع : هل أدب القصة ضرب من التعبير مستحدث بالفعل أم أنه عتيق ويضرب بجذوره في الماضي .
    الجواب :
    إن القصة العربية قديمة ،وهي رديف الشعر وتوأمه فالأحداث المثيرة والهامة، كانت تعيش بين القبائل وتنتقل كالنار في الهشيم فيحملها السامع من مكان إلى آخر ويمكن أن نتعقب جذور القصة عائدين إلى مراحل الأسطورة في التفكير، فقد ظلت مواضيع الأساطير وتفسيراتها تخلب ألباب الناس على مر العصور ،وكان للقرآن الكريم الأثر الأكبر في إتيانه القصص الرائعة عن الأنبياء وأقوامهم، وما جرى من أحداث مثيرة منذ بداية الخلق (فخلق الكون جاء على شكل قصة) ، وقتل قابيل لأخيه هابيل ، وطوفان نوح عليه السلام ،وبلاء أيوب ومصيبة يونس ومناظرة موسى وفرعون وسحرته إلى نهايته غرقا،ً لقد ظلت القصة شفهية متناقلة إلى أن جاءت عملية الكتابة التأليفية، فظهرت ألف ليلة وليلة، وسيرة عنترة، وبني هلال والسيرة النبوية الشريفة، وحي بني يقظان الفلسفية، والكثير من الكتابات القصصية التي ملأت الساحة العربية ،فالقصة عتيق جذرها ، وهي عمل ضارب في عمق الماضي .
    السؤال الثامن : كيف ترى مسألتي الرمز والتعمية والغموض في كتابة القصة .
    الجواب :
    لعل الرمز والشفرات التي تستعمل في القصة ليست إلا معارج يتنقل بواسطتها القاص، إلى الفسحة الكتابية الفكرية، التي يريدها ،فالرمز يكشف الروح القابعة خلف الظواهر، لذلك نجد الكثير من القاصين، اكتفوا بوصف الرمز على نحو ما يظهر عليه، فالرمز يتجه بصورة مباشرة نحو موضوع يراه ،ولكنه يحاول أن يجعل الوعي يبتلع كل شيء آخر، فنرى بوضوح كيف أن الكتابة الرمزية، ترفض أن تبتعد بعلاقاتها عن الوعي ، أي الوعي للموضوعات، لذلك نراها تنشأ من تحديد نقطة البدء في الكتابة، وتبتعد عن التزييف لأنها وعي فكري متكامل للوجود العيني الذي يراها القاص .
    أما التعمية فهي عماء وليست كتابة، وهي تسلك طريق العشوائية والتخبط، وهي كالكوارث لا يضبطها شيء ،فالعماء غاية الحوادث والكوارث التي تتأتى من الطبيعة كثورة البراكين والزلازل .
    وبالنسبة للغموض فهو مرتبط بالشعر وبناء الشعرية عند الشعراء لذلك كانت نسبة الغموض في القصة تلعب دوراً ثانوياً يتلاشى تدريجياً عندما يتم بناء القصة وهذا يتكثف في رصد الحدث وعملية تواتره فعندما يكون الحدث غامضاً تصبح القصة خبزاً فاسداً .
    السؤال التاسع : هل يستطيع العنوان أن يقوم مقام متن القصة المكتوبة .
    الجواب :
    قال المثل العربي:" المكتوب يعرف من عنوانه " والقصة ترتبط دلالة بعنوانها ،لكن العنوان لا يمكن أن يقوم مقام المتن القصصي، فمتن القصة عمودها الفقري، وعليه يبني القاص حدثه، ويرسم خطته فكيف للعنوان أن يقوم مقام المتن ،هناك الكثير من العناوين التي لا علاقة لها بما ورد في متن القصة، بل هي دلالات رمزية لتوليفة يريد القاص التلميح لها، دون أن يجعلها القاسم المشترك في القص ،فتظهر القصة واضحة، رغم ابتعاد العنوان بعض الشيء عن متنها إلا أن الغالب في كتابة القصة أن يكون العنوان القيمة المخبوءة ،وسر الكلمة في القصة، وممر عبورها ..... إذن العنوان صاحب قيمة وأهمية لما يحمل من معيار قيمي، تظهر من خلاله حكائية الكتابة .
    السؤال العاشر : ما حقيقة الصلة بين القصة وكاتبها ومتلقيها ؟
    الجواب :
    القصة هي المثار، وهي الحامل لكل ما يقدمه الكاتب من رؤى وأفكار، والقصة هي الكاتب ذاته ،أي أنها صورة الأديب المعرفية، وبطاقته الشخصية، فكلما كانت القصة ناجحة، كان الكاتب مملوء بالمعرفة والثقافات ، فالقصة فلسفة لمعرفة القاص، وهي تدل عليه من خلال النسيج الكلي للإنسانية، والقصة لا يمكننا النظر إليها على أنها منعزلة، أي لا يمكننا تجريدها وتحويلها، إلى رموز وأرقام، بل القصة والمعرفة والفكر والعقل قوى متداخلة لذلك نرى في القصة عناصر عقلية وانفعالية وإدارية، ولا يمكن وضع فواصل بين هذه القوى المكونة للقص، وهذه المكونات نفسها تشكل شخصية القاص ،إذن هناك تواصل تداخلي بين القصة والقاص .أما علاقة المتلقي فهناك الخاصة من القراء أصحاب الملكات الأدبية الفكرية فهم دون شك على تواصل منسق مع القصة منذ الكلمة الأولى فيها وحتى نهايتها وهذه يؤكد قوة العلاقة بين المتلقي والقصة ،أما النمط الآخر وهو النمط العام للقراء ، وهذا النمط يتطلب الإثارة والتماهي مع الحدث حتى النهاية كي يتمكن من الحكم على ما سمع وتلقى ،فإن استعمل القاص أسلوب الرمز، والصراعات الفكرية والتنظيرية ، ضاع المتلقي وخرج من دائرة المشاركة، ولو طرحت عليه ماذا فهمت ؟ سيقول طلاسم وكلمات مقعرة وغير مفهومة .
    السؤال الحادي عشر : كيف تنظر إلى محتوى غلاف المجموعة القصصية المطبوعة .
    الجواب :
    أصبح للغلاف دور هام في شد نظر المتلقي، فعندما يكون الغلاف مصمم بطريقة مدروسة تتفاعل مع موضوعات القصص المطروحة في المجموعة، سيندفع المتلقي نحو المجموعة باهتمام أكبر وإقدام، ربما بسبب إعجابه بالغلاف وعنوان الكتاب .
    السؤال الثاني عشر : هل سبق أن قرأت بعض السير الذاتية القصصية العربية ؟
    الجواب :
    لعل أغلب الكتابات القصصية هي سير ذاتية لكتابها فنراهم يكتبون ذواتهم فينسجون قصصهم من خلال أنفسهم ومراحل حياتهم ومن هؤلاء الكتاب المبدعين الأديب القاص الدكتور دريد يحيى الخواجة ، ووليد إخلاصي ، ووجيه حسن ، ومحمد محي الدين مينو ، ونبيه اسكندر الحسن ، وعيسى إسماعيل ، وفاديا قراجه ، ووجيهه عبد الرحمن السعيد ،فالدكتور دريد الخواجة نرى شخصيته بارزة في مجموعته رهائن الصمت – وفي وحوش الغابة – ومجموعة التمرير ونرى شخصية الأديب وليد إخلاصي في مجموعته الانتظار، وتظهر ذاتية القاص الأديب وجيه حسن في مجموعته في الباب امرأة أخرى، ويؤكد القاص نبيه اسكندر الحسن وجوده الذاتي في مجموعته الرائعة أحلام مشتتة ونجد روح القاص محمد مينو في مجموعته أوراق عبد الجبار الفارس الخاسرة ونجد شخص الأديب القاص عيسى إسماعيل في مجموعته حدث ذلك اليوم، والقاصة الأديبة فاديا قراجة تكتب ذاتها المجرحة وتبين حالات متنوعة للمرأة في مجموعتها الفائزة بجائزة المزرعة " زقورة مريم" وتبين لنا القاصة وجيهه عبد الرحمن السعيد أهمية الكاتب في بناء القصة وكتابتها ودراسة عمقها الذاتي من خلال مجموعتها "أيام فيما بعد "
    السؤال الثالث عشر :ما حظ "الطفل علي الصيرفي" من كتاباتك عموماً وما عساها تكون آثاره وتجلياته في قصصك
    الجواب :
    صورة الطفولة ،لا يمكن أن تمحوها الأيام، فهي الأكثر التصاقاً وثباتاً وكثيراً ما يكتب القاص نفسه الطفل، في منلوجات سريعة تمر عبر ذاكرته، وهذا ما أقوم به في كثير من الأحيان، فالأديب ابن بيئته وابن ثقافاتها، وهذا الطفل لا بد أن ينمو ضمن تلك البيئة وثقافتها، لذلك لابد له أن يكتب طفولته في الكثير من الأحداث التي صاغها ضمن قصه، فالروح الجمعية عند الطفل القاص، تبدو وتأخذ حيزاً إلا أن ذات الكاتب تطفو وتظهر بصورة تراتبية تمر بكل مراحل حياة القاص ، لذلك أرى بأن القاص ينال من نفسه الكثير وفي كل مراحل تطوراتها .
    السؤال الرابع عشر: ما الذي يعينه فعل القص بالنسبة إليك ؟ وما الذي يدل عليه في رأيك .
    الجواب :
    إن الفعل القصصي هو فعل كتابي معرفي، وهو النشاط الذي نصل بواسطته إلى الهدف عن طريق اللغة المرتبطة بالفكر، لأنها تجسد المعرفة والثقافة، فالفعل القصصي هو فعل عقلي وواقعي، وهو فكر مطلق يفكر في ذاته، ولقد عرف الكتاب بأن الفعل القصصي، هو الذي يفجر أفعال التفكير، وينقل الواقع بطريقة ما، تختلف عن الواقع المصور فوتوغرافياً، والذي ينعكس على الفعل القصصي، بإسقاط المعاني التي تدل على أن كل ضرب من ضروب الفهم، تشتمل على فعل القص وتحوله إلى فعل تأويلي، فالأفعال القصصية أفعال فكرية تأويلية، تحمل طابع التغيير والتجديد والإبداع .
    السؤال الذي كنت أرغب أن تطرحه، هو دور الكتابة النقدية وأهمية الفعل النقدي في تطوير الفعل القصصي، وحل إشكالياته ، فالقصة أفعال فكرية إشكالية، تحمل الكثير من المعاناة والقضايا الهامة ،لذلك كان لابد للنقد من أخذ دوره في إذكاء الكتابة القصصية، وإبراز دورها في عملية البناء المعرفي للمجتمع .

    الناقد القاص : علي الصيرفي
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 شكر وتقدير ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    سلام الله عليك من جديد أخي الكريم
    علي الصيرفي

    ورحمته جل جلاله وبركاته
    وبعد ...
    أحييك في المستهل بتحية الإسلام الخالدة، وهي كلمات طيبات أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين، لا تظلم منه شيئا يسيرا أو كثيرا ...
    ثم لك مسك الشكر وعطر التقدير على إجابة الدعوة إلى مد جسر هذا اللقاء الحواري، وعلى ما جدت ولم تضن به من تبر حروف إجاباتك السنية، وأريج كلماتك البهية، والحق أنك مدحت كل سؤال بما هو أهل له من الإجابة، فسرت سيرة زهير بن أبي سُلمى، الذي كان لا يمدح المرء إلا بما هو أهل له دون زيادة أو نقصان ...
    لا ريب أن الإرتحال من إجابة إلى إجابة كان آسراً في رحاب هذا اللقاء الحواري الزاهر، ومن المؤكد أن الإبحار في يم مباني كلماتك ومعانيها كان ساحراً، إذ أن من البيان ما ينساب سحراً، وعسى أن يكون أهل المربد الأزاهر قد عثروا في ما تم بسطه من أسئلة وإجابات على إضاءة أو إضافة مفيدة ...
    وإلى لقاء حواري جديد قادم بإذن الله عز وجل
    حياك الله


    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: لقاء حواري مع الأخ الكريم علي الصيرفي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. لقاء حواري مع الأخ الكريم فتحي عوض ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02/05/2010, 09:51 AM
  2. لقاء حواري مع الأخ الكريم الناصري ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 14/08/2009, 06:49 AM
  3. لقاء حواري مع الأخ الكريم حسن الأفندي ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 50
    آخر مشاركة: 10/08/2009, 08:44 AM
  4. لقاء حواري مع الأخ الكريم سيد سليم
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 18/07/2009, 12:14 AM
  5. لقاء حواري مع الأخ الكريم .. الصقر ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 21/11/2008, 07:30 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •