أدب الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم على أفصح العرب سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الغر الميامين.
إخواني أعضاء وزوار المربد الكرام

اليوم نفتتح باسمه تعالى قسماً جديداً في منتديات أسواق المربد وهو قسم : " أدب الكلمة" ، وأدب الكلمة هو أدب متخم بالعراقة في تراثنا .

أن رزق الله واسع يقسمه بين عباده كيف يشاء، ويوزعه على أزمان كيف يشاء، ولكل مجتهد نصيب والله لا يضيع أجر العاملين، ونحن الكتّاب عباد الله مطالبين بالعمل والاستثمار في الوجدان العربي ، الذي سينشر وسيراه الله ورسوله والمؤمنون، ولعمري أن أجمل جائزة للعامل هي رؤية الله ورسوله والمؤمنون ، كما هي جائزة الأديب بقراءة أهل الأدب والحرف لنتاجه وتقديرهم لإبداعه وهذا هو السوق الأمثل الذي يقدر و يثمن له بضاعته ، أو تراها كاسدة لا قيمة لها في غير سوقها ، ولذلك أكثر من إشارة منها قوله" إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه"، لأنه الله طيبُ لا يقبل إلا طيباً ، وقوله" وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" ، ملأ يقدر قيمة عمل الإنسان، لا كبني البشر لا تلق في ألف منهم راحلة ، واليوم رزقنا الجميل كان في افتتاح قسم جديد وهو أدب الكلمة " فن الخطابة" وجاء في ترتيبه الزماني بعد افتتاح أدب الجملة ،وإننا نرى أن الجملة الفنية هي نواة كل الأجناس الأدبية بما فيها أدب الكلمة ، وفي معرفة الكاتب لذلك إثراء لفنونه وسيطرة على الفن الأدبي الذي يكتب وتطوير لأدواته وأساليبه ، وهذه المعرفة التي تترسخ يوماً بعد يوم في موقع أسواق المربد يعقبها تطوير للفنون الأدبية التي يتناولها وفق الروح العربية والمفاهيم التراثية وعبقرية الفكر العربي حيث بزَّ بأدواته الفنية زمانه وسابق الأمم في جمال كلمته ورونق حرفه وسلامة فكره وحسن ذوقه.


قيل أن يؤثر خطيب في ألف رجل خير من أن يؤثر ألف رجل في خطيب ، وقد فاقت أمة العرب سائر الأمم بفن الخطابة فوضعوا لها القواعد و الأسس والمطالع الحسنة ،وابتدعوا لها مهارات وأفردوا لها فصولاً في كتبهم ، لأنهم عرفوا ما للكلمة من دور فاعل مؤثر في الجماعات البشرية ، وكيف بأمة تقدر الكلمة وتفرد لها عرشاً من الهيبة والوقار والتقدير، و تأخذ كلمة : " الكلمة " في القرآن الكريم دلالة جدير بنا أن نقف عندها ونستقصي ظلالها ونمتد منها، وكان ذلك في أدب الكلمة ، يقول الله تعالى:

" وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " النساء

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء 24 إبراهيم

ولعل لنا وقفة مستفيضة عند معاني كلمة " الكلمة " في القرآن الكريم.

إننا اليوم في زماننا هذا حيث تلقى ملايين الخطب في الافتتاحيات والمهرجانات واللقاءات ، ناهيك أن ملايين المساجد بملايين الخطباء تنتشر في هذا العالم، ولا نجد عودة لفن الخطابة في فسيح الشابكة، لا أقصد الكم الكبير من المواضيع، إنما الفن الأدبي بقيمته الجمالية وتنافس الأدباء على تجويده واعتلاء عرشه وامتداد فنه.
فن الخطابة فن أصيل في تراثنا ، فن لا استغناء عنه ، فن نعيده بشكله الجديد فن الكلمة كي نمتد من تراثنا ونسد النقص الواضح في حاجات الوجدان العرب المعاصر.

إن الكلمة الفنية الحسنة كالشجرة الطيبة تورق في القلوب و تثمر في العقول وتكون شاهداً على صنعة الله وجماله خلقه في صدور الأدباء والخطباء ، ونحن اليوم نطمح أن نسد حاجة من حاجات الوجدان العربي في ساحة النثر في مقام الكلمة نسأله الله البديع الحكيم التوفيق ونشكره في علياءه ونحمده على نعمه التي لا تحصى ونتقرب إليه - نحن الفقراء - بأدب الكلمة التي هدانا إليها ، إنه جميل يحب الجمال وصل اللهم على أفصح العرب سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


طارق شفيق حقي
16/7/2009
24- رجب -1430