النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: يحكى أن

  1. #1 يحكى أن 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية مروان قدري عثمان مكانسي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    405
    مقالات المدونة
    6
    معدل تقييم المستوى
    19
    يحكى أن

    يحكى أن أحد الولاة طلب من أحد عماله في بلدٍ ما أن يفد إليه لمدارسة أحوال رعيته ولمشاورته في الأمور التي تهم الخاصة والعامة وترقى بالبلاد والعباد .
    ولما وصل الخطاب إلى العامل ، قبله و رفعه إلى رأسه وهمَّ مسرعاً ملبياً النداء فحزم أمتعته وأوكل مهام إمارته إلى أحد خلصائه ، ويمم وجهه نحو مركز الخلافة ليشرف بمكرمة الامتثال .
    وصل صاحبنا إلى العاصمة فلم يجد أحداً في استقباله إلا رسالة كتب فيها : إذا وصلت بأمان الله وسلامته ، فتوجه إلى قصر الضيافة ، وهناك تجد ما يسرك ، فلقد أعددنا لك كل متطلبات الراحة وانتظر في الصباح رسولنا إليك ليصطحبك إلينا .
    اضطرب الرجل بادئ ذي بدء ، فهو لا يعرف العاصمة ولم يسبق له أن وطئت قدماه ثراها ، وخشي أن يتوه في زخمها وزحمتها وشوارعها وجسورها لكنه قال في نفسه : مادمت من ناطقي الضاد فعلام الخوف والوجل ؟ ثم تقدم إلى أحد الصارخين الذين يستقبلون القادمين بأصواتهم النشاز ، و سأله : هل تعرف يا أخا العرب قصر الضيافة ؟
    أجاب الصارخ بتعالٍ وكبرياء : أعرف كل شبرٍ في العاصمة ، ثم تناول الأمتعة وقذفها في مؤخرة العربة دون اكتراث أو اهتمام ، وفال بصوته الأجش : هيا اصعد ماذا تنتظر ؟
    صعد صاحبناً مرتبكاً ، فإذ بالرجل يضرب عربته فتنطلق كالسهم المنفلت من القوس ، وكلما ارتقى مرتفعاً أو هبط منخفضاً قرأ الرجل عل روحه فاتحة الكتاب والمعوذات ، ولم يمض من الساعة إلا ربعها حتى أوقف السائق عربته أمام قصر منيف وقال له : تفضل فهذا هو مبتغاك
    نظر الرجل إلى القصر فوجد لوحة كبيرة تحمل اسمه ، فاطمأن ونزل ، ثم دفع للكاري خمسين درهماً وانتظر أن يرد إليه الباقي ، فلم يجد منه سوى بسمة لئيمة وانطلاقة سريعة مع تمتمة أحسَّ أنها ساخرة ( الحمد لله على سلامتك ) .
    وما إن لمست قدماه ردهات القصر حتى ابتدره أحد الخدم مسلماً و مرحباً وحمل عنه أمتعته وأوصله إلى كبير المستقبلين ،عرَّفه بنفسه فعرفه ثم أشار إلى الخادم أن سرْ به إلى الحجرة ( 211 ) وما هي إلا لحظات حتى وجد الرجل نفسه بين أحضان غرفة في غاية الجمال والكمال ، ألقى بجسده المنهك على سريرها ولم يشعر إلا وأذان الفجر المنبعث من المسجد القريب للقصر يوقظه ، قام إلى صلاة الفجر متفائلاً ، ثم غاب في أحلام اليقظة بتصور استقبال الوالي له والموضوعات التي سيطرحها معه ، ولم تدم الأحلام طويلاً حتى جاءه الرسول وحمله إلى الوالي .
    لن تتصور مدى فرحه و غبطته بهذا الشرف العظيم ، لقد كان اللقاء حميماً عطوفاً مثمراً ناجحاً وانتهى كومض البرق ، وهمَّ صاحبنا بالاستئذان ليعود إلى ولايته ، فقيل له : لا بد من عودتك إلى قصر الضيافة أولاً فتنال فيه واجب القِرى والضيافة ، ثم تنطلق على بركة الله .
    كان الغداء فاخراً يليق بمقام السلطان مع ضيوفه .
    وعاد صاحبنا إلى مرابط قومه وبدأ يقص على خلصائه ما رآه وما عاشه وما بهره من جمال العاصمة وكرم ضيافتها ..
    ولم تمض بضعة أيام حتى جاءته رسالة من الوالي : لقد أسعدتنا بزيارتك ، وخصصنا لك مكافأة ألف دينار .
    فرج الرجل بالمكافأة ، وفضَّ خاتم الظرف فلم يجد سوى نصف المبلغ ، سأل نفسه وهو يقرأ الرسالة مراراً و تكراراً ويبحث داخل الظرف لعله يجد الباقي ، فلم يجد بقيته ، لكنه وجد قصاصة صغيرة في زاوية الظرف المهملة كتب فيها :
    لا تبحث عن شطر الألف الآخر
    لأنه تكاليف قِراك .
    مروان قدري مكانسي
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: يحكى أن 
    قاص مربدي الصورة الرمزية خليد خريبش
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,114
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    20
    بسم الله الرحمن الرحيم.تحياتي إلى القاص مروان قدري مكانسي.
    هذه مجموعة من ملاحظات تخص النص القصصي .
    -عقدة النص:استدعاء الوالي للعامل.حدث يشد اهتمام وانتباه القارئ كي يخوض انسياب الأحداث في النص من بدء الرحلة إلى العاصمة حتى رجوعه إلى الديار ووصول رسالة تتضمن قدرا ماليا.
    -ذكر الكاتب العامل والوالي والسلطان،العاصمة توحي أنها مقر السلطان لكن دور السلطان ثانوي في القصة.
    السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو:هل وفق الكاتب في نسج نص سردي تراثي من حيث الشخصيات والأحداث والفضاء القصصي وبناء وتسلسل الأحداث ونمط الحكي واللغة الموظفة؟هل توفق الكاتب في تبليغ مغزى النص القصصي؟ما جدوى توظيف التراث بهذا الشكل؟هل الأمر إحياء أم أنه لا يتعدى أن يكون محاكاة؟ما هي أوجه دمج تقنيات السردي العربي التراثي بتقنيات القصة القصيرة المعاصرة؟.
    إن محاولة بهذا الشكل تتعدى اجترار أنماط الحكي التراثي إلى التنبيه إلى بنى المجتمعات العربية التي مازالت تعيش تقليديتها رغم ما شابها من تغيرات.القبيلة/الجماعة/المحافظة.الوالي/العامل/المحافظ/العمدة.وأساليب التدبير الإداري التي مازالت تعاني من الولاء والتبذير والنفوذ والرشوة والمحاباة بدل تدبير قويم محكم يسوده العدل.
    تحياتي إلى أخي الكريم مروان.
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: يحكى أن 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية مروان قدري عثمان مكانسي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    405
    مقالات المدونة
    6
    معدل تقييم المستوى
    19
    أيها القاص المربدي الحبيب
    السلام عليكم ورحمة الله
    القصة أو إن شئت أن تسميها ( الحادثة ) وقعت فعلا وقبل بضعة أيام مع شخص ما
    وأحببت أن أضفي عليها لبوساً قديماً حتى لا أسيء لأحد ، ولأفرج بها كربة الصاحب الذي كاد ينفجر غيظاً من هذا الكرم الحاتمي .
    وإلا فما هي مهمة الكاتب إن لم تكن إسقاط الواقع الحاضر على الماضب الغابر ؟
    لك تحياتي و ودي .
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: يحكى أن 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية مروان قدري عثمان مكانسي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    405
    مقالات المدونة
    6
    معدل تقييم المستوى
    19
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروان قدري عثمان مكانسي مشاهدة المشاركة
    أيها القاص المربدي الحبيب
    السلام عليكم ورحمة الله
    القصة أو إن شئت أن تسميها ( الحادثة ) وقعت فعلا وقبل بضعة أيام مع شخص ما
    وأحببت أن أضفي عليها لبوساً قديماً حتى لا أسيء لأحد من جهة، ولأفرج بها كربة الصاحب الذي كاد ينفجر غيظاً من هذا الكرم الحاتمي من جهة أخرى .
    وإلا فما هي مهمة الكاتب إن لم تكن إسقاط الواقع الحاضر على الماضي الغابر ؟
    لك تحياتي و ودي .
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. يحكى إن ..... حكمه وموعظه
    بواسطة عماد ابو رياض في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04/08/2008, 11:31 AM
  2. يحكى أن
    بواسطة محمد العطية العلواني في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 22/02/2008, 02:08 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •