الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ...

  1. #1 مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    مَكْتَبَةُ
    الأدَبِ الْعَجَائِبِي


    صدر عن دار الساقي بلندن كتاب جديد للناقد والباحث كمال أبو ديب هو كتاب العظمة الذي جمعه وحققه ابو ديب.
    أما مخطوطة الكتاب فتوجد بمكتبة البودليان في أوكسفورد، بريطانيا، وهي غير منسوبة ولا يذكر فيها اسم المؤلف أو الناسخ.
    ويرجح كمال أبو ديب انطلاقا من قراءة العديد من الكتب التي تشترك مع كتاب العظمة إما في العنوان أو على مستوي المضامين الإدهاشية التي يدور حولها السرد، أن يكون مؤلفه أحد اثنين: ابن أبي الدنيا أو القمي الشيعي من القرن الثالث الهجري. صدر الكتاب عن دار الساقي بلندن في طبعتين مختلفتين.
    الأولى تتضمن النص المحقق مصحوبا بدراسة مطولة بالعربية والإنكليزية يقدم فيها كمال أبو ديب استقصاء عميقا في هذا النوع من الأدب، أما الثانية فتحوي إضافة إلى ذلك رسومـــــــــات ورموز توضيحية تحاور العوالم الغرائبية والإدهاشية التي يزخر بها التراث العجيب.
    يدرج كمال أبوديب كتاب العظمة ضمن ما يسميه: الأدب العجائبي أو الأدب الخوارقي، وهي تسمية سبق للباحث أن دافع عنها بقوة في دراسة سابقة نشرت بمجلة فصول حملت عنوان: المجلسيات والمقامات والأدب العجائبي.
    وبالنسبة للقارئ المتابع، ففي هذه الدراسة التي تَكرّست لمجلسيات أبي حيان التوحيدي، ذهب أبو ديب إلى أن نظرية الأنواع الأدبية في العربية لا تزال بحاجة إلى الكثير من التمحيص والتدقيق والاشتغال، وذلك لأن التصورات النقدية التي جري سبكها في الماضي ضمن مفهومي الشعر والنثر، هي على أهميتها، لم يكتب لها الاطراد والتداول الكافي حتى تستقر تصورات مجمع عليها، ويمكن البناء عليها في التأسيس لهذه لأنواع. كما يأخذ كمال أبو ديب على النقد العربي المعاصر تسرعه في الحكم على نصوص ثقافية عربية قديمة انطلاقا من مقاييس وأحكام مستمدة من نظرية السرد الغربية، دون التمحيص والتساؤل حول ما إذا كان لذلك من امتدادات في التراث العربي.
    ونعتقد أن التصور النقدي الذي بلوره هذا الناقد في كتابه هذا، يستند للمعطيات التي سبق وأن شيدها انطلاقا من قراءته للتراث العربي خاصة التوحيدي والهمداني.
    وفي استعادة للاطار الذي وضع كمال أبو ديب ضمنه مجلسيات التوحيدي وهو الأدب المعقلن في مقابل الأدب الجموح، يمكن أن نستشف من خلال الخيال الطليق الذي يتأسس عليه كتاب العظمة أن قراءة كمال أبو ديب تتميز بالعمق والدقة ورصانة في المنهج. وهي خُلالٌ (بضم الخاء أو كسرها) يحتاجها الدرس النقدي والثقافي اليوم، إذا ما أراد أن يؤسس بقوة لمنظورية مغايرة وذات إضافة بالنسبة للثقافة المعاصرة.
    المصدر

    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    صدر للدكتورة سناء شعلان كتاب نقدي بعنوان: السّرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن من 1970-2003م في طبعته الثانية، والكتاب صادر عن نادي الجسرة الثقافي في قطر.
    يقع الكتاب في 282 ورقة من القطع الكبير، ويشغل أربعة فصول، وقد قدّم له الدكتور إبراهيم خليل الذي يقول في تقديمه للكتاب:
    "وأخيراً فإنّ النتائج التي توصّلت إليها المؤلّفة في هذا الكتاب جديرة بأن يُتنبّهُ إليها من حيث أنّها تلفت النظر إلى إمعان كتّاب القصة القصيرة والرواية في الإلغاز، والتعمية، والغموض، وتجنّب المباشرة والوضوح.
    ممّا يدعونا إلى إعادة النظر في سؤال "الحرية" الذي يمهّد لوضوح التعبير، وسؤال "الفنية" الذي يمهّد لذيوع الرمز، والتشكيل،بعيداً عن الأداء الخطابي، والجنوح إلى الإيماء والتلميح عٍوضاً عن البَوْح، والتصريح".
    والكتاب يعرض لدراسة إبداعات كثير من الأدباء الأردنيين مثل: إبراهيم جابر، وإبراهيم زعرور، وإبراهيم نصر الله، وأحمد الزعبي، والياس فركوح، وأحمد النعيمي، وسميحة خريس، وبدر عبد الحق، وجمال أبو حمدان، وخليل السواحري، وزياد بركات، وسامية عطعوط، وسعود قبيلات، وغالب هلسا، وفخري قعوار، ومفلح العدوان، وهاشم غرايبة، ومؤنس الرزاز، ومحمد طملية، ويوسف ضمرة.
    المصدر

    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36
    بنية السرد العجائبي في "ألف ليلة وليلة"

    ملحق ثقافي
    الثلاثاء 13/2/2006
    المصطفى موفـن

    يتأسس السرد في نص "ألف ليلة وليلة" في صور متراصة متماسكة تدور حول حدث عجائبي جهدا لتبيان المشاهد العجائبية في ترابطها، وذلك بهدف خلق علاقة بين القصة والخطاب، محكومة ومبنية على العجيب، لكونها تتمثل النموذج التخييلي الاسلامي أو الفارسي والهندي، فوقائع وأحداث حكايات «ألف ليلة وليلة» تشكل أساس بنية العمل برمته، وإن كان السرد يقوم على خدمة الحدث وذريعة له.
    وهي بنية عجائبية من خلال تعرضها لعالم فوق طبيعي داخل عالم مألوف، وعبر شخوص يتعرضون للتحول والتبدل وفي أحيان أخرى للمسخ؛ فنص «ألف ليلة وليلة» نص قائم على خرق الواقعي لعالم تختلط فيه مخلوقات مختلفة: الجن والإنس، المألوف والخارق؛ الشيء الذي يولد حيرة وترددا عند المتلقي:‏


    والفانتاستيك ما هو إلا هدب من أهداب المخيلة وهو قريب من المتخيل وجزء منه، وأحد تبدياته؛ إذ هو قريب من المتعالي حيث تبدع الصور التي لايمكن إيجاد نظير لها، من حيث البنية والتشكيل والعناصر المؤلفة لها، إضافة إلى أنه قريب من الواقعي، لكونه ينطلق منه نحو المتخيل، وقريبة من الأسطورة التي تضرب بجذورها في الماضي السحيق المقترن بالمتعالي. يعرف تودوروف الفانطيستيك بكونه: "تردد كائن لا يعرف سوى القوانين الطبيعية أمام حادث له صبغة فوق طبيعية".
    كما تكمن أهمية الفانتاستيك في الكشف عن "المناطق المظلمة في اللاوعي الجمعي".
    من هنا تتأسس علاقة المتلقي/القارىء مع النص، على:
    -التصديق بالمافوق طبيعي، انطلاقاً من كونهم يرومون الابتعاد عن التردد.
    - ابتداع شروط جديدة للوقوف على طبيعة الأحداث، عبر الآليات العقلية.
    - التعامل مع الحدث - المافوق طبيعي "في حياد دون مساس بمنطق الفانطستيك، على أساس افتراض إقحام العنصر الفوق طبيعي لعالم خاضع للعقل.
    وهذا ما يضفي على عنصر التردد أهمية شديدة التماسك يقتسمها مجمل الإبداع الفانتاستيكي، في حين نجد روجي كايوا يعرف الفانطستيك "فوضى وتمزيق ناجم عن اقتحام لما هو مخالف للمألوف في العالم الحقيقي المألوف، إنه قطيعة للتماسك الكوني"، كما يؤكد على ضرورة توظيف الفوق طبيعي لتثمين الحبكة وإعطائها بعداً فانتاسيكياً، لأن غياب عنصر الفوق طبيعي "يعني غياب الشيء المولد للحيرة والدهشة، بينما يستلزم حضوره منطقاً ما..
    فهذه الفوضى هي خلق أدبي ثم ترتيبه على تلك الشاكلة" فتعريف كايوا ينطلق من كون المألوف والعادي هو الثابت في حين أن الفانتاستيك هو المتحرك المحمل بالفوضى والذي يبثها في المألوف.
    وعليه، يكون الفانتاستيك أساسياً في أي نص لكونه يبين لنا آليات اشتغال العالم من حولنا، وانطلاقاً من عنصر الخوف يتمفصل الفانتاستيك، عند تودوروف، في ثلاثة عناصر:
    - بإحداثه لأثر ما في القارىء، لم يكن بمقدور الآثار الأخرى إحداثه.
    - بإسهامه في إغناء فعل الحكي لكونه ينظم الحبكة.
    - بالسماح لوصف عالم فانتاستيكي.
    إن تمظهرات الفانتاستيكي في نص «ألف ليلة وليلة» خرجت من رحم التصورات الأسطورية ومن الفلكلور ومن المحكيات الشعبية الشفهية، وبكل ما هو مقترن بالذاكرة الجمعية، في ارتباط مع المتخيل، ودور المخيلة داخل أي تجمع اجتماعي، وخلقها لمواقف تأخذ موقفاً وتتموقع في جانب ما من سلوكات وأنماط المجتمع، وذلك إما عبر الإدانة والرفض، وهو ما يكون في الغالب، أو عبر التزكية والقبول.
    من عمل نص«ألف ليلة وليلة» على استثمار الذاتي والموضوعي والعمودي والأفقي في ارتباطهما، وذلك بغية توهيم الصورة المرجو تبليغها عن واقع مجتمعي معين؛ إنه الواقع العربي في فترة زمنية محددة.
    من هنا نلاحظ ذلك التداخل والتمازج في النص لأشكال تعبيرية مستعارة من التاريخ والقصص الشعبي والصوفي وللماجن ولعوالم الجن والحيوان وللخارق والمألوف والمبتذل.. بهدف هتك حجب الزمني والآني.‏
    المصدر


    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36
    كمال أبو ديب في «الأدب العجائبي والعالم الغرائبي»
    التاريخ في مواجهة المتخيل والسحري


    مع تطوّر علوم الإنسان تحت تأثير العلوم الطبيعية من جهة، وتطوّر النظرة الى الأنا العربية بإزاء غرب الهيمنة والتسلط من جهة أخرى، تبدو الحاجة ملحة الى إعادة تصوّر التاريخ الثقافي العربي انطلاقاً من الأنا العربية المفكرة، والمستقلة بذاتها عن التاريخ الأوروبي الذي صاغ صوراً عن ذاته وعن الآخرين، تتوافق مع أيديولوجيا التفوق العرقي والثقافي والديني، التي بشر بها أرنست رينات ووطدها هيغل، وبعثها من جديد في أيامنا فوكوياما وهاتنغتون.
    قُسّم تاريخ الثقافة العربية الى عصور قياساً على التقسيم الثقافي الغربي، وبخاصة الفرنسي، وقسّمت الثقافة العربية الى ثقافيتين، ثقافة رسمية هي ثقافة البلاط، وأخرى تتعلق بثقافة الناس تماشياً مع التقسيم الغربي، وبذلك حُكم على هذا العصر بأنه عصر انحطاط، وحكم على ذلك التراث بأنه تراث شعبي.

    إن التقسيمات الغربية التي تم الاهتداء بها في النظر الى الثقافة العربية أبعدت هذه الثقافة عن مفهوم الشمول، والتكامل، ودفعتها الى غضّ الطرْف عن ثقافة الحياة اليومية: كشعر الفقر وشعر الجنون والجنس، والتجاوز الأخلاقي، ونثر الرحلة، والأحلام، والمؤلفات العجائبية، والسير الشعبية.
    في ضوء ما تقدّم يبدو عمل الناقد كمال أبو ديب حول مخطوطة «العَظَمة» لعبد الله بن سلام دليلاً فريداً على التفاتته الى الأدب غير الرسمي حيث الخيال يتجاوز المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعيّ ليلامس الماورائي بكل ما فيه من محدود ولا مألوف.
    تكمن البؤرة التصورية لنص مخطوطة «العظمة» في كونه اقتباساً لكتاب سري هو «كتاب الدفائن» لدانيال يقدمه عبد الله بن سلام للخليفة عثمان بن عفان، وفيه مشاهد ورؤى عن العالم العُلوي تبلغ ذروتها الجمالية في وصف الجنة، حيث يُلغى الزمان، ويتبخر المكان، وتعطل آليات الوجود وقوانينه، وتنقلب آليات نشاط الجسد الإنساني، ويتحول العالم إنساناً وسيداً وأشياء، الى كون خارق لكل ما هو مألوف ومدرك.

    وحيث أيضاً تتحقق غرائب الأحلام وتتسربل الأشياء بشهوة الإرادة البشرية: «في كل جنة ثمانمئة ألف مدينة، في كل مدينة ألف ألف قصر من الذهب الأحمر والدرّ والجوهر والياقوت الأحمر والزمرّد الأخضر. في كل مدينة أربعة آلاف ألف ألف ألف باب من الفضة البيضاء مساميرها من الذهب الأحمر. في كل قصر... ألف غرفة... في كل غرفة ألف شباك... على كل شباك... سرير من الذهب الأحمر... على كل سرير ألف ألف فراش جالسة عليها حورية من الحور العين».
    من بين المشاهد العجيبة أيضاً التي يتجلى فيها فعل الخيال المتجاوز، ما يرويه عبد الله بن سلام في المخطوطة عن أرض من الرصاص فيها مدن من الذهب الأصفر. لأهل هذه المدن «سرر، كل سرير منها يسير بصاحبه حيث يشاء إذا أمره، أما الخلق أنفسهم فلهم وجوه مثل وجوه بني آدم، وأبدانهم أبدان طيور، وأرجلهم أرجل بقر ورؤوسهم كرؤوس الآدميين».
    من منظور معرفي خالص تبدو آراء كثيرة مما يطرحه كتاب العظمة جديرة بالتأمل والتحقيق على ما يذكره كمال أبو ديب مؤلف «الأدب العجائبي والعالم الغرائبي».

    فما هي قيمة المادة التي يحتويها النص علمياً مثلاً؟ هل كانت بعض الأفكار التي يطرحها شائعة زمن الخليفة عثمان بن عفان أم متاحة للخاصة من الناس فقط؟ بل هل كانت مما يندرج في إطار معرفة العصر العلمية؟ أم انها جموح إبداعي لخيال خلاّق يبتكر ويفتري يختلق ما شاءت له المتعة ونشوة الافتراء أن يفعل؟ يكتب كمال أبو ديب في هذا السياق: «إن فكرة العوالم المملوءة بمخلوقات لهم مناسكهم وعباداتهم وأنباؤهم، وقيامتهم وقوانين حسابهم الخاصة بهم، ولهم جنتهم ونارهم، ولهم كتبهم السماوية المختلفة عما لنا، مع أنهم لا يعرفون بنا ولا نعرف بهم، لتبدو لي دليلاً على تفتح عقلي وعقائدي بارز».
    هذا ويعتبر مؤلف الكتاب أن المشاهد التي يصفها النص في «حضرة القدس» بين أروع المشاهد الماورائية التي صاغها الخيال والإبداع.
    من بين السمات المميزة لكتاب «العظمة» الذي يحققه أبو ديب ويقدم له، بعض تقنيات السرد الروائي التي تصل الى درجة عالية من النضج والتعقيد.

    فللكتاب عملياً ثلاثة رواة: الراوي الأول، وهو ناطق النص المكتوب أمامنا من ألفه الى يائه، والراوي الثاني، وهو ناطق النص الذي يرويه الحسن بن الحسن البصري، والراوي الثالث، وهو ناطق النص الذي يرويه عبدالله بن سلام. أي اننا أمام بنية سردية هي «بنية الدوائر المتعالقة» على ما يقول أبو ديب، بنية تؤدي الى خلق الحس الدرامي بفعل المسرودات المتنقلة بعفوية ساحرة من راوٍ الى راو، ومن قطاع سردي الى قطاع آخر: «وخلق لهم جنة وناراً».
    فقال عثمان (رضي الله عنه): هل عاينوا تلك الجنة والنار؟ قال عبد الله بن سلام (رضي الله عنه): تعرض عليهم بالغداة والعشي، فقال عثمان: هل لهم ليل؟ قال: نعم ولكنه يسطع البحر الذي على باب كل مدينة فتكشف تلك الظلمة عنهم، فقال عثمان: هل ينامون شيئاً؟ قال عبد الله بن سلام: لا يعرفون النوم إلا القليل، ويميلون الى اليقظة، مطيعين مسلمين غير معرضين».
    إن أبرز النتائج التي تنجزها هذه البنية السردية المتشابكة، وهذا التصور لفن السرد هو تحويل المتلقي من متلقٍ سلبي، يستمع في مكان خفي، الى فاعل حقيقي في النص والى شخصية من شخصياته، بل ما هو أبلغ من ذلك تحويل الراوي أو السارد نفسه الى شخصية من شخصيات النص.

    وقد يكون كتاب «العظمة» يُؤسس لهذا الإنجاز الفني قبل بورخيس وفاولز، من ذلك هذا المقطع الذي يتحوّل فيه ابن سلام الى بطل من أبطال الحدث المسرود يسرده الحسن بن الحسن البصري.
    ويلاحظ مؤلف كتاب «الأدب العجائبي والعالم الغرائبي» بعداً آخر من أبعاد العملية السردية وتقنياتها في كتاب «العظمة»، هو اللعب على الزمن التاريخي والخلط بين الأزمنة خلطاً بارعاً هدفه تعميق صدقية النص وتحويل المتخيل الى ما يملك واقعية الفعلي. ففي بداية النص ينسب الراوي الأول الى الإنسان الأول إخفاء المعرفة في ألواح من الطين خبأها في مغارة «المانعة» في سرنديب في الهند، وقدّم الراوي هنا مكاناً جغرافياً واقعياً موجوداً بالفعل هو جزيرة سرنديب (سيلان) القريبة من السواحل الهندية.

    وهكذا فإن الراوي يلغي التسلسل التاريخي، وينسب لما كان في عهد آدم اسماً لم يصر له إلا بعد آلاف السنين، ويجعل الراوي المنضوي في الرواية الأولى يشير الى ما لم يكن قد كان بعد في زمنه بل كان لا يزال في رحم الغيب.
    تتجلى السيطرة التقنية على تشكيل النص الذي يرويه عبدالله بن سلام في أكثر من دائرة سردية تذكر بكبار الروائيين المعاصرين. هذا التجلي يلتقط خيوطه ببراعة ويظهره أبو ديب في حالة تنامي حركة البنية السردية وانفضاضها، وتتمثل هذه الحركة كما يبيّن أبو ديب في نسق لبابي معقدّ بعيد كل البعد من نمط التنامي السردي البسيط في مثل «كليلة ودمنة» من الحكايات.

    ويتألف هذا النسق من ثلاثة اتجاهات، الأول هو المكوّن السردي الخالص، والثاني الانبثاق للعناصر المسرحية، والثالث هو المنطوق المباشر للسارد الذي يتخذ إما هيئة تعليق مباشر، أو ابتهال متوجه الى البارئ أو استخلاص لعبرة قيمية، دينية المحتوى تمثل تعميماً على الموقف الإنساني عامة.
    لا شك في أن التراث العربي غني بالأدب الخوارقي والغرائبي، من مثل كتاب «العظمة»، و«منامات الوهراني»، و«الدرة الفاخرة» لأبي حامد الغزالي، و«رسالة الغفران» للمعري و«ألف ليلة وليلة»، وهذا الغنى إن دلّ على شيء فإنه يدل على أن بعض الباحثين الغربيين ومن بينهم أرنست رنان الذي وصف الساميين ومنهم العرب بأن لا خيال لهم كانوا على ضلال، ذلك أن ما تظهره نصوص كتاب «العظمة» تثبت أن الخيال ليس حكراً على أمة، وأن الإبداع العربي المنسي والمهمل في حاجة الى من يضيء عتماته.
    موريس أبو ناضر
    الحياة اليوم

    *
    المصدر

    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    عجائبية النثر الحكائي
    أدب المعراج والمناقب
    الدكتور
    لؤي علي خليل

    دمشق - دار التكوين
    2007م

    الكتاب لباحث سوري متخصص في الأدب الأندلسي والمغربي بجامعة دمشق، وجاءت مقاربته لمحكيات 1 المعراج والمناقب انطلاقا من مفهوم العجائبي، وخاصة مما كتبه تودوروف في هذا الباب 2، وما كتبه الدارسون من بعده إضافة وإلغاء أمثال (JACKSON Rosmary، SCHLOBIN Roger C.، MANLOVE C.N، SWINFEN Ann، CORNWELL Neil، RABKIN Eric) وغيرهم (ص13).
    لم تكن مقاربة العجائبي غريبة عن الباحث، فقد سبق أن تناولها بالتحليل والبرهنة في كتابه "تلقي العجائبي في النقد العربي الحديث .. المصطلح والمفهوم"، الصادر عام 2006، عن هيئة الموسوعة العربية بدمشق.
    انطلق الباحث في تداوله للإشكال القائم من شبه يقين بحضور مفهوم العجائبي في بنية الفكر العربي الإسلامي، وفي نصوصه السردية، وفي مقدمتها النموذجين المذكورين، وحتى يتجاوز النمذجة المشرقية، ارتأى أن يتم التطبيق على نصوص من الغرب الإسلامي.
    إن المتتبع للنصوص التي اشتغل عليها المؤلف، وأخضعها لمقاربته، يلاحظ محدوديتها مقارنة مع ما هو متوفر منها في المجال المذكور وخاصة بالنسبة للمؤلفات المنقبية؛ فلم يتناول في المعراج سوى كتابات ابن عربي.
    ولم تتعد الكتابات المنقبية، وهي "التشوف إلى رجال التصوف" لابن الزيات، و"المعزى في مناقب أبي يعزى" للتادلي، و"البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان" لابن مريم، و"الروض العطر الأنفاس" لابن عيشون.
    نحا لؤي في دراسته اتجاهين؛ يبحث الأول في مدى استيفاء محكي المعراج والمناقب لعناصر الأدب العجائبي، ويبحث الثاني في قدرة الجنسين على تطوير الهيكل النظري العام لمفهوم العجائبي، بما يدعو إلى إعادة التفكير في طبيعته، وفي قدرة قوانينه على التعميم لتشمل نصوصا سردية أخرى مهما اختلفت الثقافة التي ينتمي إليها. وعليه، تكون دراسة الباحث، مساهمة في النظرية النقدية الحديثة.
    قسم الباحث كتابه إلى فصلين، خص الأول (ص17-108 لمحكي المعراج، متناولا طبيعة هذا الجنس، ومدى تحقق العجائبي فيه، وموضوعات هذا العجائبي ووظائفه. وأفرد الفصل الثاني (ص109- 216) لعناصر تحقق العجائبي في المناقب، وموضوعات هذا العجائبي فيه، ولم يغفل، كشأن المعراج، وظائف هذا العجائبي في علاقته بهذا الجنس.
    والملفت للانتباه، أن الباحث اتبع التصميم نفسه بالنسبة لكلا الفصلين، وكأنه سقط في نمطية الجنسين المدروسين من حيث لا يدري. هكذا، تناول في العنصر الأول في كلا الفصلين الخاص بتحقق العجائبي فيهما، الطبيعة الحقيقية لعالم شخصيات النص، وما أسماه بتجاور المألوف واللامألوف، ثم قضية التردد التي استوحاها من مفهوم العجائبي عند تودوروف.
    وأفرد موضوعات العجائبي لشبكتي الأنا والأنت، ودرس أربعاً من وظائفه في الجنسين معا؛ الوظيفة الاجتماعية أو ما أسماه باختراق الممنوع، والوظيفة الأدبية، والوظيفة النوعية، وأخيرا الوظيفة المعرفية.
    لا بد من التنبيه إلى أن الباحث وقف في العديد من محطات دراسته عند المقارنة بين محكي المعراج ومحكي المناقب، والتقاطعات والمفارقات الموجودة بينهما، ويلاحظ هذا الأمر أكثر في الفصل الثاني.
    أسفرت مقاربة الباحث لنصوص المعراج والمناقب على العديد من الخلاصات، يمكن تقسيمها إلى قسمين: الأول خاص بالبنية الداخلية للكرامات، والثاني متعلق بالهيكل النظري العام لمفهوم العجائبي وقدرة النصوص المدروسة على تطويره.
    في القسم الأول، أكد على أن الموقع الخاص الذي تحوزه نصوص المعراج والمناقب ضمن النسق المعرفي للحضارة الإسلامية، بعدِّها كرامات، جعل حقيقتها ذات طبيعة متعدية تتجاوز أسوار النص إلى الواقع، مما مكنها من استيفاء العنصر الأول من عناصر العجائبي، المتمثل في ضرورة اعتبار عالم شخصيات النص عالم أحياء حقيقيين، كما أكسبها التميز، بما لشخوصها من حقيقة داخل النص وخارجه، وهذا ما لا يتحقق في غيرها من النصوص الأدبية المحضة.
    ولم يحل اعتماد هذه النصوص على الأحلام في سرد وقائعها المفارقة للمألوف دون إمكانية اعتبار هذه الوقائع ضربا من الحقيقة، وذلك بما للرؤية الصالحة والمبشرات من معنى خاص في الإسلام. وهذا ما اعتبر إضافة جديدة إلى مفهوم العجائبي الذي يرفض قبول الأحلام خوفا من ضياع الحقيقة.
    أما المظاهر التي يمكن أن تقع خارج الحقيقة، فهي ذات طبيعة متحركة تسمح بالانقياد إلى الحقيقة تارة، وإلى اللاحقيقة تارة أخرى، وذلك بحسب المعيار الذي تقاس عليه؛ فإذا كان المعيار هو "القدرة الإلهية"، انضمت هذه المظاهر إلى بوتقة الحقيقة بسبب عدم وقوع الاستحالات على القدرة الإلهية، وإذا كان المعيار هو الواقع الحسي التجريبي، غادرت هذه المظاهر دائرة الحقيقة.
    إن تجاور كل من مظاهر الحقيقة واللاحقيقة في النصوص يبطل قدرة المتلقي على البت في اختيار تفسير مناسب لها، بسبب قابليتها لأكثر من احتمال، وهذا ما بدا متوافقا مع الشرط الأساسي للعجائبي، وهو التردد في تفسير الوقائع، غير أن التردد الذي تثيره نصوص الكرامات بدا أكثر حيوية ورسوخا للاعتبارات التالية:
    إن التردد الذي يقوم عليه العجائبي، عامة، ذو طبيعة مؤقتة لا بد لها من نهاية تنقل النص إلى جنس الغريب أو العجيب، مما يجعل العجائبي جنسا متلاشيا.
    أما التردد في نصوص الكرامات فذو طبيعة ثابتة، ما دام العالم قائما، يؤجل البث فيه إلى العالم الآخر.
    تقدم نصوص المناقب في مجال التردد آلية سردية جديدة على الأدب العجائبي في قضية تمثيل تردد المتلقي لدى شخصية من داخل النص، وهي آلية الامتحان، حين تتماهى إحدى الشخصيات مع تردد المتلقي، فتسعى إلى اختبار الولي في حقيقة ما نسب إليه من وقائع خارقة، لتستفيد من هذا التماهي فيما بعد، فتقود المتلقي إلى أن يتماهى معها في النهاية، حين يسلم النص بحقيقة ما نسب إلى الولي. وكأن النصوص قبلت تردد المتلقي في البداية ليقبل هو التسليم لها في النهاية. أما على صعيد موضوعات نصوص الكرامات، فتكثر فيها مظاهر العبور من المادة إلى الروح. وكذلك العبور من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، والعكس صحيح لكليهما.
    القسم الثاني من الخلاصات، ألح فيه على إمكانية إدراج نصوص المعراج والمناقب ضمن أدب العجائبي. وبحكم موقعها بين الأدبي والمقدس والتاريخي، أثبتت قدرتها على إثراء وتطوير الهيكل النظري العام لمفهوم العجائبي، وهنا تكمن الإضافة النوعية للباحث.
    وأخيرا وليس آخرا، يظل الكتاب بحاجة إلى قراءة متأنية للوقوف عند محطاته المتنوعة، والوقوف عند مجموعة من التفاصيل المهمة، خاصة في الفصل المتعلق بالمناقب. ولا بد للمؤرخ وهو يتعامل مع هذه الدراسة، ويستفيد منها، أن يأخذ مسافة تجعله ينأى عن السقوط في التعميم الذي يخل باستنتاجاته وخلاصاته.
    1- أطلق الباحث على كتب المعراج والمناقب اسم الحكاية والنثر الحكائي لأن الصفة الأدبية ليست أصيلة فيها، إذ هي أخبار عن الصالحين والأولياء، تناقلها الناس شفويا إلى أن تم تثبيها في المرحلة التدوينية، فأخذت شكلا حكائيا.
    2- مدخل إلى الأدب العجائبي، ترجمة، الصديق بوعلام، دار شرقيات، القاهرة، 1994.
    محمد ياسر الهلالي
    كلية الآداب والعلوم الإنسانية
    الدار البيضاء - عين الشق
    المصدر

    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: مَكْتَبَةُ الأدَبِ الْعَجَائِبِي ... 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 ashrakkamel@yahoo.com 
    اشراق كامل
    زائر
    شكر على هدا الموضوع الحيوي والمفيد يااستاد-- انا باحثة في الادب الحديث من العراق اتمنى التواصل معك استاد ابو شامة وسؤالك حول موضوع العجائبي لانه عنوان بحثي وانتظر ردك لي على اميلي هدا مع الشكر والتقدير .؟
    رد مع اقتباس  
     

  8. #8  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Feb 2017
    المشاركات
    2
    معدل تقييم المستوى
    0
    شكرا على هذا القسم الرائع انا طالب دراسات من العراق وبحاجة الى كتاب مدخل الى الادب العجائبي ..تودوروف ...تمنياتي لكم بالتوفيق
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مَكْتَبَةُ الإعْـــرَابِ ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 04/09/2009, 09:09 AM
  2. مَكْتَبَةُ الإبِلِ ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13/07/2009, 07:02 PM
  3. مَكْتَبَةُ الْخَيْلِ ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13/07/2009, 06:52 PM
  4. مَكْتَبَةُ الأدَبِ الإسْلاَمِي ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 07/07/2009, 12:54 PM
  5. مُنْتَهَى الأدَبِ
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18/09/2008, 11:43 AM
ضوابط المشاركة
  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •