نداء حار من أهل طنجة
إلى الملك محمد السادس
=========

معلوم بداهة أن الطفل حين يفْزع يلجأ إلى أمّه، وحين يكبر قليلا ويلاحظ قوة أبيه على أمه يفزع إلى أبيه، وحين يصير رجلا ويفزع أو يُظلم يلجأ إلى الحاكم والسلطان.
ونحن سكان طنجة قد أصبنا بالغبن وظُلمنا كثيرا، ومن بين الظلم الذي لحقنا تحويل شاطئ "مرقالة" إلى مستنقع، حوّله المسئولون وشركة "أمانديس" إلى بؤرة للأمراض وحاضنة للأوبئة ضاربين عرض الحائط إضرار الناس وحاجة الساكنة الملحة إلى الشاطئ من الجبل الكبير والدرادب ومستر خوش ومرشان إلى بن ديبان وبني مكادة وحومة الشوك ومغوغة..
فالناس يرتادون شاطئ "مرقالة" في فصل الصيف من أماكن نائية، والأطفال القريبون من الشاطئ والبعيدون عنه ينزلون إليه دون رُفْقة، وقد كان الشاطئ نظيفا لا يتلوّث إلا عند هبوب الرياح الشرقية بحيث تأتي بالمياه العادمة وتنشرها على طول الشاطئ، ومعلوم أن البحر حين يكون هائجا بالرياح الشرقية يحول دون سباحة الأطفال إلا قليلا، وأما عندما تكون الرياح غربية وشمالية وجنوبية فإن الشاطئ يظل نظيفا، وهو بهذه الرياح أنظف من الشاطئ البلدي..
لقد عُبِّدت طريق التفافية من ميناء طنجة لتمر فوق القادوس الضخم الذي بناه الاستعمار لصرف المياه العادمة في الشمال الشرقي للشاطئ رعاية لروّاده وحفاظا على مساحته الرملية، وحين لم يقيموا قنطرة عليه، وحين تركوا المصب على حاله، وحين ضربت الأمطار الطوفانية طنجة في 23 أكتوبر من السنة الماضية عرّت البنية التحتية الهشّة للمدينة، وتصدّع القادوس على بعد مآت الأمتار من مصبّ الوادي، فبقي على حاله، ثم أُتْلف القادوس وهُدم من مصبّه إلى حيث المكان الذي تصدّع منه، وتُرك الماء الحار يجري على الرمال ويصب في وسط الشاطئ فلوَّثه كُليّا، وقد نشرنا منذ حين قريب بيانا باسم جمعية الجيرة للتفاعل الثقافي نضع فيه المسؤولية على عاتق الوالي والعمدة ومسئولي الجماعات، وقد اقترحنا عليهم فيه أن ينقروا جبل "مرقالة" ويحفروا فيه نفقا ويمدّوا فيه القادوس والطريق وسيكون النفق بمئات الأمتار فقط، ثم يتركوا الشاطئ لروّاده من كل أنحاء طنجة ومن غير طنجة، وهو شاطئ جميل مشهور عالميا.
وإذ نرفع نداءنا إلى جلالة الملك نرفقه بتظلُّماتنا بعد أن صُمّت آذان المسئولين عن الإصغاء لنا، ورفضوا إنصافنا خصوصا وأن أطفالنا قد شرعوا يسبحون في المياه العادمة، ويكفي زيارة للشاطئ لتفقُّد ما يجري لفلذة أكبادنا، ولرعاياك أيها الملك الشاب.
ويُذكر أن مصبّ الوادي الحار كان يدخل مباشرة إلى البحر يلامس مياهه، وتتكسّر الأمواج داخل القادوس عند مدّه، وحين يكون البحر عند جزره لا تجري المياه الحارة إلا في متر واحد أو مترين على الأكثر حتى تلتقي بمياه البحر، وهذا يعني أن الروائح الكريهة لا تشمّمها الأنوف، ولا تجدها الحواس إلا إذا اقتربت كثيرا وأشرفت على المصبّ، وإذا هبت الرياح الشرقية توسعُ الروائح محيطها قليلا، ولكنها لا تتجاوز محيط الشاطئ، واليوم حين بدأت المياه العادمة تجري على الشاطئ في مسافة طويلة بمآت الأمتار وُجدت بِرك ونشأ مستنقع للحشرات الضارة فصارت المياه العادمة آسنة تغيض في رمال الشاطئ وتركد فوقها وتنشر الروائح الكريهة في كل مكان من الشاطئ، وإذا هبّت الرياح الشرقية فإنها تصعد بالروائح الكريهة إلى أعلى الجبل الكبير لتصل إلى القصر الملكي لتؤذي الملك وأسرة الملك عند إقامتهم بطنجة بعد أن تكون قد آذت الساكنة..
..................

عن رئيس جمعية الجيرة للتفاعل الثقافي الأديب الباحث والصحافي:
محمد محمد البقاش mohammed_bakkach@hotmail.com
asociacion.aljyra@hotmail.com