في هذه المقالة ......كنت قد سكبت رؤيتي المتواضعة في الكتابة ... ... وحرصت على أن تحمل في أحشائها بعضا من النصائح التي قد تفيد إخواننا حديثي العهد بالكتابة ... ضمن مشروعهم الكتابي أيا كان موضوعه ... وأيا كان توجه
رؤيتي ككاتب بسيط ومتواضع لماهية الكتابة:
إني وَجِلُ من اؤلئك الذين يقرأون ما اكتب ... ذلك أني ما أفتأ أورطهم دائما بقراءة ما أدون ... أو لأنه يتسلل إلى نفسي ذلك الشعور بأني قد أفرض عليهم أجندتي الفكرية ... وأنا بقدر ما أوجل منهم بقدر ما تتوجس نفسي خيفة من فعل الكتابة نفسها .... فأشعر بذلك السيال الكهربائي من الرهبة وقد شل يميني عندما أمتطي صهوة القلم ...
أنا مؤمن تماما بقداسة الفعل الكتابي ... ولعل هذا ما يجعلني اتفصد عرقا عندما أضع الورقة على الطاولة لادلهم في الكتابة .... فتراني وقد ازورت الكلمات عني ازورارا ...فلا أعجب بعد هذا أن أطلقت ساقي للريح هربا إذا أحسست بشيطان الكتابة يدنو مني ...
الكتابة كما أفهمها ... فعل إنساني ... خاضع لقانون الجنايات ... فالكاتب إما أن يُجرّم وإما أن يُكرم من قبل قارئه.... والتجريم هو أدنى الحالين إلى شراك قلم الكاتب !!
إن الكتابة –في أبسط مفاهيمها - فعل ثوري..... وهو إن لم يكن كذلك ... فيجب أن يكون !
خليق بالكاتب – أيا كانت نِحلته ومذهبه – أن يحمل في أحشائه بذور التمرد والثورة في كل مرة يكتب فيها ... حتى لا تأتي كتاباته جنينا مستنسخا من جنين كتابي سابق .... وإلا فليلق ِ دواته وقلمه وليبحث عن شيء أخر يعبث به .
الكاتب هوفي حقيقته موسيقار بلاغي.... يتخير النغم الملائم ليلبسه الحرف المناسب .... حتى تخرج كتابته سيمفونية تعزفها الكلمات فيطرب لها فؤاد المتلقي... وتتلقفها أذنه بالرضا والقبول .... خالعا عليها ثوب الاحترام والتبجيل ....
ولا بد لمن يمارس الكتابة من أن يضع منزلته في منزلة الهاوي ... فينيخ لها ركاب غروره
إن ما يبرر سبب انصراف الكثيرين عن معظم ما يكتب هو شعورهم بعنجهية اللغة المدرسية تطل برأسها فيما يقرأون ... وهذه آفة الكتاب – الكبار منهم والصغار – فجلهم يعاني من تضخم مرض " الاوسطجية " الكتابية ...وهم على أكثرهم قد سيطرت عليهم غريزة حب تلقين الدروس والنصائح .... فلا تلبث أن تلفظها عقول المتلقين .... ولا تلبث أن تطويها رياح النسيان أيضا إلى غير رجعة فتصبح نسيا منسيا ....