الهروبّ مِـنَ الكّـفَــنْ
خلف نافذة صغيرة مصلوبة على حائط حجرته ،كان يَرقب هذا الغروب الموحش بضباب أبكم وغيوم قادمه فى الطريق، يتأرجح مع ذرذرة الرياح مُثخن باللاشعور، حنين يلهب أجفانه فتأبى عِناق شقيقتها-لِلقاء نهار كان فى انتظاره ؛فلقد أنهكته عزله الدُّجى التى يُسامرها كل ليله بعد أن أتتّ به إرادته لتطأ قدماه هذا المكان الكئيب.
معانى كثيرة وأشياء سُحقت كانت فى السابق لهامذاق يعشقه؛ لفحته شهقه برق أربكت أعماقه،فاندلقت ذكرياته
بغتة،وتبعثرت الصور فى رأسه لم يتبقَ منها غير صورته، عندما أتاه يرتعد فى هذه الليلة البائسه ؛وبدأ قراءة تقاسيمه التى لم يخطئ فى تفكيكها يوما مُنذُ نعومه أظافرهم ...
زَنرته الدهشه بحبالٍ مِنْ مَسدْ ،فالبردّ ليس السبب ، وإنما لإرتكابه حماقه ما ! ..
لم يتحمل قطرات الرجاء الحارقه المسروقه من دمه،تركه ليذهب إلى مستقبله الباسم.زوجته الحامل وإبنته ...ناشباً فى القلب غصة مازالت تُدغدغ أضلعه...مرت سَّنُونَ عِجاف أشعلت الشيب ذوائِبهُ...
امتنع فيها الآخر لِقائه؛وانثال الجفاء بأخاديد حفرها الزمن؛فسقط بين مخالب فولاذيه مِنَ التساؤلات أدمت عُصلبه بإنغراساتها الحادة ،غامت عيونه بالدمع؛فترنح برهه وأخذ يتوكأ على جدران موبوءة بالعفن وآنفاس كريهه؛
كانت جديرة بسحق عظامه طوال هذه المده ، استقر بزاوية تلوح بضياء سقيم ملتوى؛ وليل يتهدج بلحظات واجمة ترعد فرائصة ؛كلما ينَّق صّرير الماضِى مسامعه من فينه لآخرى...سابحا فى المجهول بين أحلام مُجهضة _وصورمُرعبه تبث تلافيف دماغة؛لترتطم على حصباء أفكاره وروحه التى نخرها الصدأ، فأضحت آيله للسقوط؛حملته غمغمة الشروق خارج هذه البوابة المسيجة بقضبان معدنية،فيتنفس ولأول مرة الآمل القابع فى وجه النهار.
دَسَّ جزعه فى شراينه كما الخَلَّ فِى العِنَبِى، وبخطوات وئيده يمضىَّ كطّريدُ دَرب التّيه بيّن حذاء العابِرينْ، تصلصل بجاربه قطعته التى شاطرته نفحات العسف والقهرلتفثأ من لوعته _ لثمها بين يديه ليلفظ مِنْ نواح روحه
ترنيمة عـزاء .
تمــت....
رغـد اليمينى / فى
7 / 11 / 2009