(( عاشقون))

حكايات ملتهبة, نسبت إليها, كتبت عنها.
أساطير, تداولها الأبناء, عن آبائهم.
قالوا:
أنثى طاغية, هي.. تسطر تاريخ العشق بأحرف من جمر.
منحوتة, من نور..و نار.. وحمم, تصطلي الأرواح فيها, فحذار, حذار منها.
فتاكة.. فاتنة, ترمي بسهام سحرها.
فتغوي الرجال بفتنتها.. ببهاء طلتها.. يهيمون فيها.. يشرئبون بأعناقهم نحوها.. وقلوبهم واجفة.. خوفا عليها.. لكنهم لا يشتكون منها.. ولم تنج حتى النساء, من غوايتها!!
ضحاياها شجعان .. بواسل.. جسورون.. لا يهابون الخطوب.. لكنها قاتلتهم .. وهم لا يفتئون يغرمون بها.. ويزدادون حبا لها.. كلما ازدادت نأيا عنهم.. ويعودون مثخنين بالجراح, مثقلين بسلاسل تقيّدهم, وينقشون على الجدران تاريخ, مرور الأسطورة من شوارعهم.
وتنقش في مفكرتها, أسماءهم.. متباهية, بأعدادهم!!
تتماوج بغنج ودلال.. من بعيد .. تخطف الأنفاس بعبق رائحة عطرها .. تسحر الأفئدة.. وتستحوذ على عقول أفذاذ الرجال وأشدهم ذكاء..
وللساعة, لم ينالوها..
وهي, كالحقيقة العارية تتماثل أمامهم.. كالشمس.. تغريهم بنور حسنها المشع .. تستعذب عذاباتهم وهم يصطلون هياما فيها.. والرغبة الجامحة تتوهج في المقل.. فيرسمونها, شمسا, قمرا, وآخرون, تطير الخيالات بعقولهم, فيرسمونها,.. عارية!!
وأفئدة رائيها وقد صارت قريبة منهم.. تزيدهم تحرقا لنيلها.. لكنها عصية عليهم.. تتسربل مثل الرمال من بين أكفهم.. ليزدادوا تشبثا, وتعلقا فيها.
ومرة تجمع كل عشاقها.. ومُعذّبيها!!
اتفقوا عليها..
أن ينالوها..
كانت قريبة منهم.. ودنت أكثر..
صارت بمتناول أيديهم .. أحسوا بها.. رأوها بعيون تصطلي, برغبة محمومة تسري في أبدانهم.. تشعلها ..
وصار الرجال وقودا..
يحترقون بنار حبها الذي سكن أرواحهم فباتوا معذبين.. يطحنهم صخر الأسى.
لكنها, أفلتت منهم.. تبخرت من أمام أعينهم.. بين ليلة وضحاها.
فاضطرمت أرواحهم بلهيب نيران إفلاتها, واستتارها.. وصار الشوق إليها يستعر فيهم.. لا ينامون..
والليل يجمعهم ..!!
يتهامسون.. يشكون منها الهوى لبعضهم.. يكتبون القصائد عشقا أبديا.. يناغونها.. في صحائف تحترق رغبة ولهفة إليها.. للإمساك فيها.. واحتضانها.. وأبياتهم الشعرية الملتهبة.. يخطونها, بحروف نارية من الوجد والغرام.. وأخرى متلظية بجمر النوى .. والهجر.. يواسي بعضهم بعضا.. ويأملون أن يأتي اليوم الذي ستكون فيه تلك الفاتنة بين أيديهم!!
صاح الكثير منهم بصوت واحد مأسورين.. وغضبة في العيون.. يستعر أوارها.
- سننالها.. ستكون يوما بين أيدينا.. وستكون لنا معها ليلة ليلاء.. وسنتقاسمها معا.
وفي ليلة باردة ظلماء, تساقطت, فيها الثلوج غزيرة, تتدثر بالأجساد الملتاعة, فتنصهر, تنهمر على الصدور الفائرة.
تربصوا لها..
ونشبت بين الرجال معركة ضارية.. حامية الوطيس كانت.. كأمواج البحر العاتية, متلاطمة.
غارقون حتى الأذقان في عشقها.. وكارهون لها.. يتقاذفون التهم ..
هذا يريدها.. وذاك لاعنا إياها..
والثلوج البيضاء, اكتست لون الدماء, وما من عقلاء في حرب بين الحب والبغضاء.. ما من وسيط.
كثيرة هي الأجساد التي سقطت.. وجماجم تهشمت.. والدماء اختلطت.
وهي ما تزال تتماوج بفتنتها.. بقلبها الغض.. تتوارى عنهم مرة, وأخرى تدنو, منتشية بينهم..
ومازال عشاقها يقاتلون من أجل.. نيلها.